على حين غفلة ِ من الزمان وفي لحظة خوف ِ عاصفة ِ امتدت يدي إلى أغلى ثروتي إلى حيث تسكن أوجاعي وحرائقي ونزف شراييني . بذات الألم الذي ينتاب المرء إذ يطلق الرصاص - مرغما ً – على فلذة كبده وبعض نفسه كان تمزيق أعز أوراقي وقذفها في غياهب النسيان .
سيطر علي حينها هاجس الخوف المقيت في زمن كانت اليد الطولى فيه للتعسف والظلم ومطاردة أنفاس البشر . أي جريمة ِ اقترفت ُ ! ربما كان الحديث حينها أخطر من أن أفكر في عواقبه وأشفق على نبضي الذي وأدته بكلتا يدي ّ هاتين .
هذي الأصابع التي احترفت عناق الأسطر . كم بكت بين جنباتها وعلى روابيها أجزلت ُ بث همومي وأحزاني . توأمة ٌ راسخة ٌ وعشق سام ِ وطيد . غير أن ومضة جبن وشهقة تأمل بالواقع المرير الذي لا يرحم جعلتني أنسى أن ما أحرقته وأودعته الجحيم هو نبضي ووجع جوارحي .
لا أرثي الكلمات فهي لا تموت وتحيى دوما ً في أروقة الروح وبين أمكنة قصية ِ في الضمير .
أنعيه هذا الزمن الذي يغتال ألق الأحرف وتهجم الكلاب فيه على آخر أشرعة الصدق و البراءة ومناغاة العذوبة .
ما عاد في الدنيا أمان . هو اليتم يجتاح كل تفاصيل حياتنا فيكبلها بالتشاؤم ويضفي عليها سوادا تقيأت من أوزاره وتقرحت نسائم تشتاق لتعبق بالحرية .
ذبحت ٌ نفسي الشقية بيدي ّ . ما أصعب أن تموت بسكين نصلها من أضلعك !
تصرخ من ظلمك لنفسك وما من مجيب . كانت الكلمات تستغيث والنبض ملأ صراخه المدى غير أن ليس إلا الموت حاضرا ً .
يا رماد كلماتي اعذريني . لم أدرك قبح ما جنيت إلا ساعة أفقت ولم أجدك ِ بين أحضاني . كيف للقوافي أن تسلمني أمرها بعد اليوم . طوّعتها بين يدي وعجنت سحرها كيفما شئت وبذات الأنامل أوديت بها مهاوي الردى ؟
يا زمنا ً نكتوي بلسع جوره ونحترق بلهيب تناقضاته . قد ماتت كل مقومات الحياة فينا . هلكت كل مقدراتنا نحن الأمة التي سطّرت اسمها بين الأمم ولم يبق لها سوى الكلام .
يا أيها الزمن العربي اليتيم .... زحفت فيالق الأحزان واستلت كل الأعادي سيوفها وأُغمدت النخوة في الصدور فاجنح نحو الجنون .
لا أعلم بأي الحروف أرد على هذه الكلمات..فقد انتزعت كل مابداخلي من قطرات ألم لا بل من بحور..أظهرت لي العالم كماهو فعلا..وضعت لي نقاطاً تاهت مني منذ زمن ..
أحرقتني كلماتك كما لم تفعل غيرها من قبل...
ما أبشع ما بات عليه هذا العالم...وما أروع الأقلام التي تمت لقلمك بصلة..