بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ محتسبين الاجر عند الله
سؤال 1
لماذا لم يخلق الله حواء مع آدم عليهما السلام في وقت واحد ؟
السؤال:
كنت أتحدث مع أحد الملحدين فسألني عن خلق حواء قائلاً : لماذا لم يخلق الله حواء إلا بعد آدم بوقت طويل ، في حين أنه كان يعلم حاجة آدم الى رفيق يؤانسه؟ فإذا كان الله يعلم كل شيء ، فلماذا لم يخلقهما معاً في وقت واحد؟ أرجو تزويدي بالإجابة كي أردّ عليه.
الجواب :
الحمد لله أولا :
لا بد أن نعلم أن الله تعالى فعال لما يريد ، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ، وليس للعبد أن يسأل الرب عن فعله لم فعله ؟
قال الإمام إسحاق بن إبراهيم رحمه الله :
" لا يجوز الخوض في أمر الله كما يجوز الخوض في أمر المخلوقين ؛ لقول الله تعالى (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الأنبياء/23 ، ولا يجوز أن يتوهم على الله بصفاته وأفعاله بفهم ، ما يجوز التفكر والنظر فيه من أمر المخلوقين " انتهى من "الاستقامة " لابن تيمية (1 /78).
وليس ذلك لمجرد أنه القادر القهار الفعال لما يريد ، فحسب ؛ بل لأن فعله سبحانه كله حكمة ، وعدل ورحمة : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/14 .
ثانيا:
قول هذا الملحد : " إن الله تعالى لم يخلق حواء إلا بعد وقت طويل من خلق آدم " !!
يقال له : من أين عرفت ذلك ؟!
إن هذا من أمر الغيب الذي لم تشهده أنت ، ولم يبلغه علم تاريخك ، وتاريخ أمثالك .
فإن كنت قد بلغك شيء من أخبار الأنبياء ، فصدقهم أولا في وحدانية الله وعظمته وجلاله ، وما أخبروا به من غيبه ووحيه ، وجنته وناره ، ثم بعد ذلك انظر ؛ فإن وجدت لمثل سؤالك هذا موضعا ، فاسأل !!
وإلا، فنحن نطالبك بالدليل على صحة كلامك الذي ادعيته ؛ فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين!!
وأما نحن فليس عندنا موضع لهذا السؤال من أصله ، لما قدمناه أولا من أن أول أصول هذا الدين : أن نستسلم بكليتنا لرب العالمين .
على أننا نقول لك : إن الظاهر إنه لم يكن هناك ذلك الزمان الطويل الذي تدعيه بين خلق آدم وخلق حواء ، وأن الله خلقها له من قبل أن يسكنه الجنة .
روى البخاري (3331) ومسلم (1468) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ . فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ )
قال الحافظ رحمه الله :
" قَوْلُهُ : ( خُلِقَتْ مِنْ ضِلَع ) أَخْرَجَهُ اِبْن إِسْحَاق وَزَادَ : ( الْيُسْرَى مِنْ قَبْل أَنْ يَدْخُل الْجَنَّة ، وَجُعِلَ مَكَانه لَحْم ) انتهى من " فتح الباري " (6/368) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" أَمَرَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَسْكُنَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ الْجَنَّةَ فَقَالَ ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) .
وقال في الأعراف ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) وَقَالَ تَعَالَى ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ) وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم الجنة ؛ لقوله ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ) وهذا قد صرح به ابن إسحاق ، وَهُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَاتِ " انتهى باختصار من "البداية والنهاية" (1/ 81) .
ثالثاً:
ما المانع من أن تكون هناك حكمة لم يبلغها عقله ، ولم نقف عليها نحن ، وهل وقفت علوم البشر وعقولهم على كل ما في الكون ، علويه وسفليه من أسرار ؟!
هل كل ما عجز العلم عن اكتشافه ، والوقوف على حقيقته وسره حتى الآن ، أمر غير موجود ، ولا أمل في الوصول إليه ؟!
إذا ، ما حاجة العلماء إلى علومهم ، ومعاملهم ، وأبحاثهم ، وأرصادهم ؟!
ثم ما الذي يمنع من أن تكون لهذا فائدة أخرى ؛ حين يشعر آدم بالوحشة ، ليعرف بعدها قيمة الأنس بزوجه التي خلقها الله له ؟!
وما الذي يمنع من أن يكون ذلك دافعا له للحاجة إلى ربه والافتقار إليه في حاجته ، ودعائه أن يؤنس وحشته ؛ وهذا عبودية يحبها الله من خلقه ؟!
فسبحان من له الحكمة التامة والحجة البالغة .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (145808) .
هذا السؤال وجوابه ليس من ثوابت العقيدة وليس من ضرورات الدين
وهو يدخل في باب اللهو والجدل العقيم
لانه من علم الغيب ومن امر الله الذي يريد ان يقيسه الجاهل بأسبابنا البشرية
قال تعالى: لا يسال عما يفعل وهم يسالون.
سورة الانبياء (آية 23)
هذا السؤال وجوابه ليس من ثوابت العقيدة وليس من ضرورات الدين
وهو يدخل في باب اللهو والجدل العقيم
لانه من علم الغيب ومن امر الله الذي يريد ان يقيسه الجاهل بأسبابنا البشرية
قال تعالى: لا يسال عما يفعل وهم يسالون.
سورة الانبياء (آية 23)
الآن قرأته كله
هذه هي المرة الاولى التي ادخل فيها الى هذا القسم
ويبدو انني بمجرد ان رأيت السؤال اعتقدت انها سلسلة لا تنتهي من التفاهات التي اراها يومياً على الفيسبوك وغيرها
فأخذت اتمتم واهمهم وعيناي تقدحان شرراً ويبدوا ان استعجالي اثر على مشاركة اخرى لي في هذا القسم
الاسراء (آية:11): ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا
صدق الله العظيم
وبارك الله بكم
السؤال :
إن الله جميل يحب الجمال ، فقولوا لي أين الجمال من فتاة داكنة البشرة ، يملأ وجهها حب الشباب والبثور، وتطالعك أسنانها المنحرفة كلما نظرت في وجهها..!
هذا هو وصفي ، فأين الجمال هنا ..! هل يكرهني الله حتى جعلني على هذه الهيئة ؟ لقد سمعت الكثير من التهكم بمنظري وعانيت وما زلت أعاني من الكثير من الضغوط الاجتماعية جرّاء ذلك ، وأحياناً يُطلقون عبارات القلق على مستقبلي وصعوبة أن أجد زوجاً يقبل بي ، وأنا لا ألومهم في هذا فالإسلام هو من حثّ على الزواج بالجميلة ، فما ذنب فتاة مثلي لم يكن الأمر إليها لتختار هيئتها وملامحها..؟! أيعقل أن قبح منظري مبرر لكل هذا الرفض الذي ألاقيه ، سواءٌ على المستوى الاجتماعي أو العملي أو حتى الزواج..؟! أين العدالة الإلهية في كل هذا؟! ألم يُخلق البشر كلهم سواسية؟!
الجواب :
الحمد لله
اعلمي أيتها السائلة أن كل خلق الله حسن ، ولكن قد يبتلي الله عبده بما يبتليه به من مرض أو عاهة أو دمامة ونحو ذلك لحكمة يعلمها ومصلحة يحب حصولها .
إن الجمال أو الدمامة ، مثله مثل الصحة والمرض ، والغنى والفقر ، والنجاح والفشل ؛ فكل ذلك رزق قسمه الله بين عباده ، بحكمته البالغة ، ورحمته التامة ، وفضله السابغ على عباده ؛ فليس العطاء في كل ذلك أو غيره دليلا على محبة الله من أعطاه ورزقه ، وليس المنع من ذلك دليلا على سخط الله على من منعه وحرمه ؛ قال الله تعالى : ( فَأَمَّا الإنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِي * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِي * كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) الفجر/15-20 .
يقول الشيخ السعدي رحمه الله :
" يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان من حيث هو ، وأنه جاهل ظالم ، لا علم له بالعواقب ، يظن الحالة التي تقع فيه تستمر ولا تزول ، ويظن أن إكرام الله في الدنيا وإنعامه عليه يدل على كرامته عنده وقربه منه ، وأنه إذا { قدر عَلَيْهِ رِزْقُهُ } أي: ضيقه ، فصار بقدر قوته لا يفضل منه ، أن هذا إهانة من الله له ، فرد الله عليه هذا الحسبان بقوله { كَلا } أي: ليس كلُّ مَنْ نَعَّمْتُه في الدنيا فهو كريم عليّ ، ولا كلُّ من قدَرْت عليه رزقه فهو مهان لدي ، وإنما الغنى والفقر، والسعة والضيق ، ابتلاء من الله ، وامتحان يمتحن به العباد ، ليرى من يقوم له بالشكر والصبر، فيثيبه على ذلك الثواب الجزيل ، ممن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل .
وأيضًا : فإن وقوف همة العبد عند مراد نفسه فقط ، من ضعف الهمة ، ولهذا لامهم الله على عدم اهتمامهم بأحوال الخلق المحتاجين... " انتهى من "تفسير السعدي" (924) .
لو جرى الناس مجراك في قولك وتفكيرك وتسخطك على تقدير ربك وقضائه فيك – غفر الله لك – لما وجدت في الأرض إلا شاكيا متسخطا .
فالمريض يقول لم أمرضتني وسلّمت الناس ؟ والفقير يقول : لم أفقرتني وأغنيت الناس ، وصاحب البلاء يقول : لم ابتليتني وعافيت الناس ؟
والمؤمن يرضى ويصبر ويحتسب ، وغيره يسخط ويضجر ويشكو ربه .
ألا ترين أن الله قد عافاك مما ابتلى به كثير من الناس من الأمراض والأوجاع والأسقام التي لا حصر لها والتي يعاني منها كثير من الخلق ؟
ألا ترين أن لك عينين ترين بهما وملايين الخلق لا يبصرون ؟!
ألا ترين أنك تمشين على رجليك وتذهبين وتجيئين حيث شئت وخلق لا يحصون مشلولون مُقعدون ؟!
وهب أنك فقدت ذلك كله ؛ أفلا ترين منة الله عليك بالإسلام ، واختصاصك بهذه النعمة العظيمة التي لا تعدلها نعم الدنيا ، دون أكثر الخلق ؛ فإن أكثر الخلق لا يؤمنون بالله ، ويوم القيامة ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ ! فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ . فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ ! قَالَ : وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ).
رواه البخاري (3099) ومسلم (327) .
فتأملي هذه القصة يا أمة الله :
روى الأوزاعي ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ :
خَرَجْتُ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مُرَابِطًا وَكَانَ رَابِطُنَا يَوْمَئِذٍ عَرِيشَ مِصْرَ ، قَالَ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى السَّاحِلِ فَإِذَا أَنَا بِبَطِيحَةٍ [ مكان متسع من الأرض ] ، وَفِي الْبَطِيحَةِ خيمة فِيهَا رجل قد ذهب يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَثقل سَمعه وبصره ، وَمَا لَهُ من جارحة تَنْفَعهُ إِلَّا لِسَانه ، وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ أَوْزِعْنِي أَن أحمدك حمدا أكافىء بِهِ شُكْرَ نِعْمَتِكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ وَفَضَّلْتَنِي على كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْتَ تَفْضِيلا !!
أرأيت حال هذا العبد يا أمة الله ، أرأيت حمده ، ورضاه عن ربه ؟ أرأيت كيف أن نعمة الله على في دينه ، هي أعظم من كل ما فقده ؟ أرأيت أنه بقي للحمد وشكر الرب المنعم عليك ، وعلى غيرك من العباد مواضع ، لا تستطيعين أن تعديها ؛ فضلا عن أن تقومي بواجب شكرها ؟؟
فلا تحرمي نفسك يا أمة الله من تلك المنازل العالية ، بتسخط على قدر الله ، أو سوء ظن به ، أو لسان يفتر عن ذكر الله وشكره وحمده ، وينصرف إلى لوم ربه ، وسوء الظن به !!
وإذا لم تكوني على قسط من الجمال فماذا فعلت بجمالها الكافرة التي حرمها الله الإسلام ومنّ به عليك ؟ وأين هي الآن إذا كانت قد ماتت ؟ وأين ستكون غدا إذا ماتت على الكفر ؟ وهل سينفعها جمالها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؟
وهل فعلا ترضين بالبدل ؟ فتكونين أنت الجميلة ولكن الكافرة ، وتكون هي الدميمة ولكن المسلمة ؟!
كثيرة جدا تلك الأسئلة التي يجب عليك أن تطرحيها على نفسك وتجيبي عليها في ظل هذا الواقع الذي تسخطين فيه على ربك .
يقول الله عز وجل :
( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) طه/ 131.
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" أي : لا تمد عينيك معجبا ، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والممتعين بها ، من المآكل والمشارب اللذيذة ، والملابس الفاخرة ، والبيوت المزخرفة ، والنساء المجملة ، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا ، تبتهج بها نفوس المغترين ، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين ، ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة - القوم الظالمون ، ثم تذهب سريعا ، وتمضي جميعا ، وتقتل محبيها وعشاقها ، فيندمون حيث لا تنفع الندامة ، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا في القيامة ، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا ، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها ، ومن هو أحسن عملا كما قال تعالى : ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا * وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ) .
ورزق ربك العاجل من العلم والإيمان وحقائق الأعمال الصالحة والآجل من النعيم المقيم والعيش السليم في جوار الرب الرحيم خير مما متعنا به أزواجا في ذاته وصفاته وأبقى لكونه لا ينقطع ، أكلها دائم وظلها كما قال تعالى ( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى )
وفي هذه الآية إشارة إلى أن العبد إذا رأى من نفسه طموحا إلى زينة الدنيا وإقبالا عليها أن يذكّرها ما أمامها من رزق ربه وأن يوازن بين هذا وهذا " .
انتهى "تفسير السعدي" (ص 516) .
إن سعادتك في حسن ظنك بربك ، وربك جل جلاله عند حسن الظن به ؛ فهو أولى بالجميل ، وهو أهل التقوى وأهل المغفرة .
إن سعادتك في أن ترضي باختيار الله لك ، وتعلمي أنه خير لك من اختيارك لنفسك ، وأن تسألي الله من فضله ، وتعلمي أنه شاكر عليم ، حكيم رحيم .
فسارعي يا أمة الله ، بالتوبة إلى ربك ، مما ألقاه الشيطان في قلبك ، وأجراه على قلمك أو لسانك ، من التسخط على قدر الله ، وعدم الرضا بقسمه ، وسوء الظن به سبحانه ؛ واعلمي أن نعم الله عليك وعلى غيرك أكثر من أن يبلغها عدك وحسابك :
قال الله تعالى : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) إبراهيم /34 . وقال تعالى : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) النحل/18 .
وللفائدة يراجع جواب السؤال رقم (34170) ، (100942) .
والله تعالى أعلم .
يقدم له شخص طعاما وهو يشك في كونه يريد به السوء ، فماذا يفعل ؟
السؤال :
سؤالي كالآتي ، لو قدم إليك شخص طعاما أو شرابا ، ولديك خلفية سيئة عنه أو له اعتراض عليك ، وتشك أنه يريد إيذاءك بسحر أو ضرر في بدنك ، فما الذي ينبغي عليك فعله ، هل عليك أن ترفض الطعام أو الشراب المقدم لك ؟ ، وهل رفضك الطعام أو الشراب يشير إلى ضعف الإيمان أو اليقين بالله ؟ أم ماذا يعتبر أو يشير إليه ذلك الفعل ؟ وما هو حد اليقين ، لو كان هناك أي يقين ، وإلى أي حد يرتبط هذا السؤال بالرسول صلى الله عليه وسلم لما وضعت له السم المرأة اليهودية ، ولم يتوقف عن أكل الطعام حتى بعد أن علم أن بها سم - على ما أظن - فأريد إجابة واضحة عن ذلك .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الأصل سلامة جانب المسلم ، وحمل أحواله على أحسن محاملها ، ومراعاة حسن الظن به في كل ما يقول ويفعل وعدم سوء الظن به ؛ لأن الظن أكذب الحديث ، إلا أن يبدو منه خلاف ذلك فالمسلم أخو المسلم ، يحب له ما يحب لنفسه من الخير ، ويكره له ما يكره لنفسه من الشر، فإذا قدم المسلم طعاما أو شرابا فالأصل إحسان الظن به حتى يتبين خلافه ، ولا عبرة بالوساوس والشكوك التي لا تعتمد على برهان صحيح .
وروى البيهقي في " الشعب " (8344) عن جعفر بن محمد قال : " إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره ، فالتمس له عذر واحدا إلى سبعين عذرا ، فإن أصبته ، وإلا قل : لعل له عذرا لا أعرفه "
وقال العلامة ابن باز رحمه الله :
" المشروع للمؤمن أن يحترم أخاه إذا اعتذر إليه ويقبل عذره إذا أمكن ذلك ، ويحسن به الظن حيث أمكن ذلك ، حرصا على سلامة القلوب من البغضاء ورغبة في جمع الكلمة والتعاون على الخير ، وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (26 /365) .
فكُلْ من طعام أخيك ، واشرب من شرابه ، ولا تلتفت إلى الوساوس والشكوك ولا تسيء الظن به ، حتى يتبين لك خلاف ذلك بدليل واضح ، أو بظن غالب ، تساعد عليه قرائن الأحوال التي تقول لك إن ها هنا أمرا ينبغي أن تنتبه إليه ، وتحترز منه .
وأما مجرد اتباع الوساوس والشكوك ، فلا شك أن ذلك من ضعف اليقين ، واتباع نزغات الشيطان بين المؤمنين .
ثانيا :
اليقين عامة هو اعتماد البرهان الجلي فيما يعرض للإنسان من الأمور العلمية والعملية جميعها ، ونبذ الشك وطرح الوسواس ، ولذلك يقول الفقهاء عبارتهم المشهورة : " اليقين لا يزول بالشك ".
وعند الدارمي (67) : فَأَهْدَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ شَاةً مَصْلِيَّةً فَتَنَاوَلَ مِنْهَا وَتَنَاوَلَ مِنْهَا بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ ، ثُمَّ رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّ هَذِهِ تُخْبِرُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ )
وعند البزار (6675) قال : ( إن عضوا من أعضائها يخبرني أنها مسمومة ) فامتنع رسول الله صلي الله عليه وسلم وامتنع من معه .
وعند ابن إسحاق : " فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع ، فلاك منها مضغة، فلم يسغها " .
"البداية والنهاية" (4 /240) ، وينظر : "دلائل النبوة" للبيهقي (4/353) .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم (112196) ، (130499) .