كتيبة الفطابيل في مقاومة الوطن البديل - كتيبة الفطابيل في مقاومة الوطن البديل - كتيبة الفطابيل في مقاومة الوطن البديل - كتيبة الفطابيل في مقاومة الوطن البديل - كتيبة الفطابيل في مقاومة الوطن البديل
من بي بي سي وإم بي سي إلى الجزيرة .. مشاهدات مريض يخشى الوطن البديل
*د. طارق طهبوب .
. .وأنا في إجازة مرضية منذ ثلاثة أيام لإصابتي بأنف العنزة (أي الانفلونزا) حيث الحمى صدق فيها قول المتنبي:
وزائرتي كأن بها حياء فليس تزور إلا في الظلام
فرشت لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي
وهذه الخواطر ليست من هذه الحمى ولكن من المشاهدة الإجبارية للتلفاز، وبدأت بقناة بي بي سي الإنجليزية حيث رافق نبأ خطبة الأمير ويليام تقريرا عن تواجده مع القوات البريطانية المحتلة في أفغانستان وكان التقرير الرئيسي لجورج ألاغايا المذيع الرئيسي لأخبار العاشرة وهو سيرلانكي الأصل عن سبب احتلال أفغانستان والتقدم الهائل الحاصل هناك، ودليل جورج الرئيسي على أسباب الغزو والتقدم هناك لفتاة تلعب كرة القدم وتخبره أن امنيتها هي أن تلعب ضمن المنتخب النسوي الأفغاني الجديد.
شعرت حينها بالاطمئنان الشديد على وطني الأردن وفشل مشروع اريه إلداد عضو الكنيست وصاحب اقتراح الوطن البديل في الأردن، فقد رافق ذلك عودة المنتخب الأردني النسوي لكرة القدم بعد هزيمته من الصين (10-1) وبذلك ثبت أن "إسرائيل" وأمريكا لن تستطيعا غزونا لإقامة الوطن البديل فنحن لدينا فريق كرة قدم نسوي كامل، بل أدركت دهاء الخطة وراء الهزيمة المنكرة حيث إن العالم الغربي عادة ما يتعاطف مع الفريق الضعيف (underdogs) المهزوم ويناصره وهكذا أفسدت الفطابيل (جمع فطبول) مشروع الوطن البديل، وأبارك لوزير الشباب والرياضة "شايط الفطابلة" (اسم وهمي تيمنا بالانتخابات العشائرية الأخيرة ذات الدوائر الوهمية) بهذا الإنجاز الضخم وعقبال زميله وزير الخارجية "سلام الصوالحة" الذي سيحقق سلام الشجعان بالاشتراك مع زميله الفلسطيني "مشروع الوزير" متعرق خائب صاحب المفاوضات حياة.
ومع هذه النشوة لفشل مشروع الوطن البديل تنقلت بين القنوات العربية (اللبنانية) خصوصا والخليجية وحتى صحيفة القدس العربي لم تنج من ذلك، لأكتشف أن موضوع الساعة هو المثلية وأن السبب في تأخرنا بل وربما نكية 67 وهزائمنا المتكررة هو غياب اعتراف المجتمع عندنا بالمثلية ومحاربتها، وأن الحل الكامل لمشاكلنا يكمن في تقليد الغرب حتى لو دخلوا جحر ضب، وهنا انبثقت إلى ذهني الخطة (ب) في حالة فشل كتيبة الفطابيل في مقاومة الوطن البديل والخطة تكمن في تشكيل كتيبة مغاورير الشميساني (مرتع المثليين المفضل في عمان) حيث أثبتت أبحاث الحرب الكيماوية وجود غاز يشغل الجنود بعضهم ببعض شهوة وشبقا عند اطلاقه، وما على هذه الكتيبة إلا أن تذهب إلى الحدود وتكشف الأدبار وتطلق الغاز، وفي حالة نجاح التجربة فأقترح تخزين 10 أمتار مكعبة في خزانات خاصة استعدادا للقوات الإسرائيلية التي سترابط في الأغوار في الاتفاق الذي فاحت رائحته، وأقترح إلغاء تعبير "متلك متايل" أي (مثلك مثايل) كناية عن التصغير، تحية لكتيبة المغاوير الجديدة، وعلى الأمة تجنيد كافة الطاقات خصوصا أن رجالها شيبا وشبانا لا يتقنون استخدام أي سلاح نتيجة إلغاء الخدمة الإجبارية وحظر أي سلاح تحت طائلة حكم الإعدام في ظل القوانين العرفية التي توحد العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، ومع ذلك يوصف العربي بالإرهاب في الوقت الذي يمتلك أي مغتصب في الضفة الغربية ما يكفي لتسليح كتيبة، بل إن الكيان الغاصب سمح لهم لأول مرة بامتلاك طائرات تمهيدا لغارة يقوم بها "مجنون" لقصف المسجد الأقصى من الجو.
وبالمناسبة عذر المثلية هو العذر المفضل والمقبول -بعد رفض طلبهم للجوء سياسي في بريطانيا- من الإيرانيين حيث يدعون أن إرجاعهم لإيران يعني اغتصابهم أولا ثم قتلهم، وما على إيران إلا أن تذهب إلى مجلس الأمن لتدعي بأن الحرس الثوري مشغول بمباشرة الغلمان وليس بمنظومة الصواريخ والمشروع النووي الإيراني (أين المشروع السني الصاروخي والنووي بالمناسبة؟ ولكن تلك فصة أخرى).
ثم هربت من التلفاز إلى الصحافة لأجد ما يتفوق على بي بي سي، حيث كان غلاف مجلة التايم في عددها قبل شهرين يظهر صورة امرأة أفغانية مجدوعة الأنف مع وصف مفصل لمحكمة طالبانية حكمت عليها بتلك العقوبة نتيجة خلافها مع أهل زوجها، وليس مهما أن الطالبان يقيمون الحدود بحرفية ولا يوجد حد جدع الأنف في الإسلام، بل صرحت نفس المرأة لصحفية استرالية أن أهل زوجها ضربوها ولا علاقة للطالبان بذلك من قريب ولا من بعيد، وكان تعليق الصحيفة الرصينة على الصورة أنه من أجل هذه المرأة كان غزو أفغانستان، وقيل قديما: لأمر ما جدع قصير أنفه. وأما البترول وإذلال الشعوب وتجارة السلاح والحروب الصليبية باعتراف بوش نفسه فليست أسبابا تذكر!
أنهيت قراءة المقال وتصورت فرح القاعدة وهي تنشر أن سبب قتالها لأمريكا هو سيجار الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون وما استغله من جسم مونيكا لوينسكي كما اعترفت بمذكراتها (راجع اعترافات كلينتون ومذكرات لوينسكي) وأبشري يامونيكا! فعندنا العذر ليس لقتال أمريكا فقط بل ولغزوها في عقر دارها:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم
وإذا أردنا عذرا آخرا، فقد لكم الرئيس نيكسون زوجته حتى أفقدها البصر نتيجة انفصال الشبكية (راجع وثائق البيت الأبيض) وعذرنا لغزو بريطانيا فهو اختباء كاميليا في صندوق السيارة لتهريبها من القصر عندما كبست الراحلة ديانا على العشيقين فجأة.
وأما قناة الجزيرة وخصوصا جمال ريان (و أنا من المعجبين به) وفيصل القاسم ، مولعين بإطلاق لقب دكتور على كل من لا يحمله، على سبيل المثال لا الحصر نبيل عمرو، جبريل الرجوب، وليد فارس، صالح المطلق، مجدي خليل وغيرهم كثر.
بل إنني أدحض في شرعية استعماله لمن يحمل الدكتوراة الفخرية تكريما وبعضهم كرام وأكثرهم لئام، فكل طغاة العالم (وزوجاتهم) يحملون الدكتوراة الفخرية، وتفوق عليهم جميعا المرحوم عيدي أمين الذي أطلق على نفسه لقب آخر ملوك اسكتلندا كونه كان مولعا بارتداء التنورة الاسكتلندية، ولكن هناك أمل في الإصلاح، فبعد ثلاث سنوات من الاعتراض عدلت الجزيرة (والقنوات الأخرى) لقب الدكتور المصري عمرو حمزاوي (الشهير بشبك يديه أمام الكاميرا كماركة مسجلة من كبير الباحثين إلى لقبه الحقيقي باحث أول وهي الترجمة الأقرب للقبه (senior associate) ولم يوقف طوفان الألقاب إلا اثنان، الأول كان منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية الذي قال لمذيعة ما وراء الخبر عندما دكترته بأنه لا يحمل لقب الدكتوراة، والثاني شاب يدعى الياس رشماوي، قال لغسان بن جدو "أنا مش دكتور" عندما دكتره. والغريب في الأمر أن الذي لا يخاطب بلقبه الصحيح في القنوات الأجنبية بما فيها الجزيرة الإنجليزية هو الدكتور أحمد يوسف من غزة بينما تكتب وتنادي ألقاب ممثلي الكيان الغاصب بالكامل وأحيانا بلقب بروفيسور دون وجه حق.
وكثيرا ما تكون الترجمة غير دقيقة ولا علاقة لها بالموضوع ففي فيلم فرانكلين الذي يروي قصة الرئيس السابق فرانكلن روزفلت على أم بي سي وهو الوحيد الذي تولى منصبه لثلاث دورات بعد إصابته بالشلل تقول له المعالجة الحكمية ((physiotherapist إن عضلة الردف الكبرى -الألية- وهي منطقة أسفل الظهر أو المقعدة" (Gluteus Maximus) قوية وممكن أن تساعده في التحكم بقدمه، وكانت الترجمة أن لزوجة الدم باعتبار كلمة (Glue) ستساعده في المشي، وكله عند العرب لزج، وكله عند العرب صابون. إذا كان ترجمة برنامج ما وراء الخبر في الجزيرة (In Depth ) فما هي ترجمة برنامج علي الضفيري في العمق.
ولا يقف الأمر عند الدكترة والترجمة بل تعداه إلى خلط النوع (gender) حيث قالت أخبار الجزيرة في العام الماضي إن الوزيرة هيلاري بين وهي تعني الوزير العمالي هيلاري بن ابن نوني بن وهو أحد أشهر المدافعين عن قضايانا وقد غضب غضبا شديدا لذلك ما استلزم ذهاب جاهة عربية كبيرة تعترف أمام توني بن بأن ابنه هيلاري ليس فقط راجل من ظهر راجل بل دكر (بالدال) على رأي إخواننا المصريين وهي مرحلة متقدمة من الفحولة لست أدري إن كان لذلك علاقة بوجبة (دكر البط) وهي الوجبة المفضلة في مناسبات الأعراس لإخواننا المصريين، ويا عمتنا الجزيرة يوجد هيلاريات كثر (ذكور وإناث) غير هيلاري كلينتون.
وبالرغم من اتفاقية السيداو لا يزال الفرنجة من أهل بريطانيا يودعون العزوبية بليلة تدعى ليلة الفحل (stag night) بينما لدى النساء ليلة الفرخة (hen night) فأين المساواة بين الفحل والفرخة؟
وعلى ذكر الفرنجة وبما أنني أكره مصطلح "الجالية" كرها شديدا فإنني دائما أدعو العرب والمسلمين هنا إلى اعتبار أنفسهم أهل البلد من غير الفرنجة وبداية الوصول إلى التأثير السياسي والاقتصادي الذي يناسب حجمهم ويحقق اندماجهم من غير ذوبان هو وعيهم بأنهم مواطنون كاملو المواطنة بكل الحقوق والواجبات وليسوا حمولة زائدة أو كرة مطاطية يتقاذفها دعاة العنصرية أمثال غيلبرت فلدرز الهولندي ونيك جريفين البريطاني أو لوبان الفرنسي، وكنا دائما نقول لزملائنا في المستشفى أثناء مباريات كأس العالم بأن سبب فشل المنتخب ببريطانيا الدائم هو عدم وجود لاعبين مسلمين فيه.
ومعنى الاندماج دون الذوبان الذي أذكره هو وجود هؤلاء اللاعبين مع حرصهم على أداء الصلاة ولبس الشورت المناسب والزوغان من شامبانيا حفلة الفوز إلى واجبات الشكر لله، ومن ظن أن ذلك صعبا أو خيالا فليجوجل (أي يبحث في جوجل) عن لاعب إشبيليا فرد "عمر" كانوتيه الذي كان خير ممثل لدينه وأمته الإسلامية في الدور الإسباني الصعب، وينطبق هذا على جيوش الأطباء والعلماء والمدرسين والقضاة والأدباء والإعلاميين التي يجب أن تنتجها الأمة إذا أرادت تحقيق مشروع المواطنة الكاملة بحق وحقيق، وبالمناسبة منتخب فرنسا يضم خمسة لاعبين مسلمين ومباراة انتر ميلان وريال مدريد الأخيرة ضمت سبعة لاعبين مسلمين. كما ترون لا بأس بثقافتي الكروية حيث إنها الموضوع الثاني المفضل بعد أحوال الطقس في حوارات المستشفى.
وأخيرا فالعلاج المفضل للحمى لدى ابنتي الدكتورة ديمة (أستاذة الأدب الإنجليزي) والتي تلازمها لهجتها الفلسطينية القروية من طرف والدتها حتى النخاع بعد خمسة وسبعين عاما من الطب بيني وبين والدتها الدكتورة نادية مناصفة، هو أن تقول لوالدتها عند ارتفاع الحمى (ادهكتشيني يما بنام بعرك بفكتش) أي ادهنيني يا أمي لأنام وأتعرق وأفتك من الحمى. وكانت هذه العبارة أشد ما يضحك زوجها الشهيد طارق أيوب مراسل الجزيرة رحمه الله. ولفشل الأدوية واستمرار الحمى فإنني سأنهي المقال لأجرب الوصفة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية والتحرير وتقبل الله الطاعات وكل عام وأنتم بخير.
د طارق طهبوب
نقيب الأطباء الأردنيين سابقا
السبيل الاردنية