عندما كنت في السجن زارتني أمي وهي تحمل الفواكه والقهوة . ولا أنسى حزنها عندما صادر السجان إبريق القهوة وسكبه على الأرض , ولا أنسى دموعها . لذلك كتبت لها اعترافا شخصيا في زنزانتي , على علبة سجائر , أقول فيه : أحنُ إلى خبز أمي .. وقهوة أمي .. ولمسة أمي .. وتكبر فيَ الطفولة .. يوما على صدر أمي .. وأعشق عمري لأني ... إذا مت .. أخجل من دمع أمي . وكنت أظن أن هذا اعتذار شخصي من طفل إلى أمه , ولم أعرف أن هذا الكلام سيتحول إلى أغنية يغنيها ملايين الأطفال العرب ...
محمود درويش
******************
( 2 )
في أثناء استقبال إمبراطور ألمانيا غليوم الثاني عام 1898م في دمشق , لاحظت الإمبراطورة حمارا أبيض , فاستلفت نظرها وطلبت إلى الوالي أن يأتيها به , لكي تأخذه معها ذكرى , فراح الوالي يبحث عن صاحبه . فعلم أنه يخص أبا الخير أغا . وكان الأغا من وجوه بلدته , ويفاخر دائما بأن له حبيبين : الحمار وحفيده حسني ! . استدعى الوالي أبا الخير , وطلب إليه إهداء الحمار إلى الإمبراطورة , فاعتذر . فعرض عليه شراءه منه , فأصر على الرفض , ولما اشتد الوالي في الإلحاح , أجابه أبو الخير : يا أفندينا , إن لدي ستة رؤوس من الخيل الجياد , إن شئت قدمتها كلها للإمبراطورة هدية مني , أما الحمار فلا ! . استغرب الوالي هذا الجواب , وسأله : لماذا ؟ قال : سيدي إذا أخذوا الحمار إلى بلادهم ستكتب جرايد الدنيا عنه , ويصبح الحمار الشامي موضع نكتة وربما السخرية , فيقول الناس , إن إمبراطورة ألمانيا لم تجد في دمشق ما يعجبها غير الحمار , ولذلك لن أقدمه إليها , ولن أبيعه !. و نقل الوالي الخبر إلى الإمبراطور وزوجته , فضحكا كثيرا , وأعجبا بالجواب , وأصدر الإمبراطور أمره بمنح أبي الخير وساما , فسمَاه ) وسام الحمار).
محمود درويش تمتع دائماً بأسلوب مميز فى كتابة خواطره وأشعاره .. ورغم ان قصائده لم تكن مقفاه إلا أن تدفق كلماتها وروعة وزنها كانت تضفى على القصيدة كل الجمال
اعتذاره لامه وحبه لها جعل فعلا من كلماته لحناً يرتبط بالوطن أولا ولا ننساه
أما لطرحك التالي فربما ظهرت الطرافه في مذكرات البارودي للبعض ولكن بالمعنى الحقيقي فستحمل لنا أكثر من معنى ومغزى للحكايه
ألم يعجبهم الا الحمير في بلادنا ؟؟..سؤال محير فعلاً..الا يوجد عندهم حمير في بلادهم
كان حكيم وذكي في تصرفه فلم تهن كرامته وكرامة بلاده عليه أما وسام الحمار فلا يليق الا بهم فقط
هناك ذكاء حاد وحب الوطن عند ابو الخير برأيي
لو كان تفكيرنا مثل تفكيرهذا الرجل لكانت بلادنا من افضل البلاد
دمت بحفظ الله اخي