قبل قليل، أخذت جولة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوقفت عند ظاهرة باتت تتكرر كثيراً: منشورات مديح متبادلة بين بعض الكتّاب والإعلاميين، يُثنون فيها على بعضهم بكلمات تُسكب كما لو كانت من ماء الذهب والفضة، وكأننا أمام مناقب رجال صدقوا ما عاهدوا عليه.
الأغرب من ذلك أن الممدوح لا يكتفي بالشكر، بل يعيد نشر المدح على صفحته، ويزيد عليه بردّ أدبي مصقول، وكأن المشهد يحتاج لمزيد من الزينة اللفظية.
لكن المتأمل قليلاً يعرف أن كثيراً من هؤلاء – إلا من رحم ربي – كانوا وما زالوا من أسباب تأجيج الفتنة بين الجماهير الرياضية، يُشعلون النيران حين تتاح الفرصة، ثم يتظاهرون بالحكمة حين تهدأ العاصفة.
هنا يحضرني المثل البدوي العميق: "امدح العير تطول اذانه"؛ فحين يُمنح المدح لمن لا يستحقه، لا ينتج عنه تواضع أو إصلاح، بل مزيد من الغرور والادعاء، ومزيد من الضجيج اللفظي الذي لا يُطعم خبزاً ولا يُصلح واقعاً.
لقد بات المديح اليوم عند البعض أداة لتلميع الذات والآخر، لا لأجل التقدير الحقيقي، بل لإعادة تدوير الصورة أمام جمهور بدأ يملّ من التكرار، ويفهم – وإن صمت – أن البهرجة لا تصنع القيم، وأن الذهب الحقيقي لا يحتاج لمن يصرخ بلمعانه.