للإعراس نكهة خاصة جدآ عند شعبنا برغم تعبها و مصاريفها و مع وجود منغصات لا بد منها مثل الطوش و الحرد و مشكلة توزيع كروت الدعوة .
يقف والد العريس في زاوية الصيوان الإولى و يقف اعمام العريس و أخوته في الزوايا الأخرى متربصين للداخل و الخارج و بعد كل سهرة يجتمعوا لمناقشة من حضر و من تخلف و من قصر و من احضر معه شوال سكر و من حضر و كأنه لم يحضر .
و عند غداء يوم الجمعة تتفتح العيون على الحضور أكثر و تدون الملحوظات في العقول و تبدأ مرحلة جني الثمار و سداد الدين و هنا يختبر الرجل و يسجل موقفه في ذاكرة لا يمحيها الزمن .
بعد إنتهاء العرس يجتمع العريس و أبوه وأعمامه و أخوته و معهم دفتر النقوط و ملحوظات دونت في العقل و الذاكرة و يبدأ الحديث :
( كافة الكلام أدناه باللهجة العامية )
و الله أبو فلان زلمه جاب شوال سكر و نقط عشر نيرات
لا و الله علان احسن نقط خمسين و متغداش
شوفتوا يا جماعة دار ابو فلان ما أهملهم نقطوا خمس نيرات و أجو عشرين زلمه
يا رجل الأدهى من هيك ولاد فلان أجو من ورا البيت و ما نقطوا والله ابوهم كان زلمه محترم
انا الي أزعلني و سطحني لما شفت علان طيب مهو محداش عزمو
شفتوا ابو فلان قديش اكل هو و القردين الي معو
الطباخ سرق نص اللحمات
في قطبه إنسرقت من الشارع لما الأكل راح للنسوان
كله ولا دار ابو فلان الي مرضوش يعطونا كهربا
بس والله ولاد ابو فلان زلام لأنهم واقفونا من أول يوم
و ينتهي العرس و لا تنتهي الأحاديث و تبقى الذكريات عالقة في جدار المخ و لها آثر في القلب لا يزول
من البدايه نسيت تتكلم عن ليلة السهره والشباب والفرح والاب كيف بقاتل ابنه يا ولد انت قلت انك عزمت
10 صاحب بس شايف الليله بالسهره كلهم شباب والله ما شفت ولا حطه ولا عقال يا خوفي بكره على الغدا
قجدام الناس يتسود وجهنا وتنقص اللحمه علينا احنا عملنا حساب 300 زلمه وخلينا نقول 50 ولد الله يستر
ان شاء الله اللحمات يكفوا ما ننفضح قدام دار فلان هذول فضايح يا رجل اصلن هم جايين يتشمتوا ويشفوا مين احسن فرحنا ولا فرح ابنهم محمد بعدين الليله الشاي كان يجي بارد زي وجهك هذا الاب بقول لابنه المسؤل عن الترتيبات والقهوه الساده الناس كانت تيجي وتروح وما تشرب فنجان قهوه
تاني يوم على الغدا بتبلش الحركات الكل عامل حاله معلم يا زلمه حط طاولتين هون لا طاوله بتكفي اسمع تقولك ترى بتقعدوا كل 5 ولا 6 على المنسف مش الاقي كل اثنين وبعدين لصغار بتوزعوهم مع الكبار مش اشوف ولدين حاطين راسهم بمنسف
والباقي كما تفضلت اخي هشام والله الاعراس حلوه والله لما اتجوزت احلى ما في العرس الغدا والسهره
صدقت اخي هشام
استغرب روعة قلمك في بعض الاحيان
ولكن مع ذلك اعشق كل ما يكتب
اخي هشام اعراسنا رائعه ولكن هنالك نفسيات مريضه هي من تنغص علينا فرحنا
ولكن صدقني بكل ما فيها من احداث سيئه الا انها لن تفقد ما بها من هيبه مهما كان
دمت بحفظ الله ودام قلمك الحر
من البدايه نسيت تتكلم عن ليلة السهره والشباب والفرح
اخي الكبير جنيدي
بصراحة ردكـ اثرى موضوعي وفتحت شهيتي للكتابة عن بعض الاشياء
لكن لا اخفيك كنت و في المنتدى السابق وقبل الافول كتبت موضوع الافراح كما تحدثت
وهذه نسخة عن المقال :
افراح في الحارة
بقلم : هشام ابراهيم الاخرس
الاعراس ( الافراح ) هي من أجمل ذكريات حارتنا الجميلة حيث كان يبدأ العرس ( الفرح ) منذ يوم الاحد او الاثنين حتى مساء يوم الجمعة الذي يليه وكان العرس هو فوضى خلاقة و ركض بلا فائدة وتعب ومناشف توضع على الكتف و ( شوفيني يا خالتي ) .
ويكون اول يوم بنصب بيت الشعر ( وهو البيت البدوي المصنوع من شعر الماعز والذي يقومه اعمدة خشبية مثبته بمناطقه الوسطى ) وكان كل شباب الحارة يجتمعون لنصب البيت واعلان الفرح وكانت الزغاريد تنطلق ابتهاجاً بإنشاء البيت من بعض العجائز اللواتي يخترقن حصون الرجال بغير حياء لعلمهن المسبق بأنهن أمهات للجميع وخالات الجميع وعمات الجميع وتبدأ سهرة اليوم الاول بفتور ويأتي اليوم الثاني والثالث وتشتد حرارة الفرح ويعج البيت بالزائرين المهنئين وبشلة من الشباب قد تجمعوا خارج البيت في حلقة تشبه الدبكه واصوات تشبه الاغاني المزعجة وطبلة قد جاوز عمرها الخمسون فرح .
يأتي يوم الخميس الذي يكون يوماً مميزاً ذو بهجة لا تقاوم وتتكدس اكياس الارز والسكر بجانب البيت على سبيل النقوط وكنت اشاهد في بعض الاحيان صغار الماعز مربوطه بجانب البيت وتكون جزئاً من النقوط وتكون سهرة الخميس ذات طابع مختلف ويزداد عدد الشباب العابثون خارج البيت ويعبئ صوتهم الغير منسق ارجاء المكان ويكون سمر الختايرة و الرجال داخل البيت على فراش عربي جميل ويتباهى كل والد عريس بعدد الاكياس التي جمعها لابنه وبالاغلب يتركها بجانب مدخل الزوار ليتفاخر بها ويحرج الزوار قليلي الحيلة و يعطيهم انذار مبكر بأن النقوط يجب ان لا يقل عن كيس سكر او ارز او ما يعادلهم ملاً .
كان يأتينا الزوار من الطيبة مبكرون لانهم اقرب لنا ومن ثم يأتينا باص المنشية الذي كنَّا ننتظره بشغف غريب , وكان ينتظر الضيوف عشاء خاص أعد مسبقاً للضيف البعيد .
و عند منتصف الليل تبدأ مرحلة الذبح حين يجتمع كل شباب الحارة على مجموعة من الذبائح وبالعادة تكون بلدية للمقتدر ورومانية لمتوسط الحال و استرالية لفقير الحال و يبدأ شباب الحارة بالذبح والسلخ ويصبح كل شباب الحارة لحامين وجزارين و يكون متروكـ في ( الجاعد ) رطلاً من اللحم ويسرق الشباب الكلى وانا منهم , كنت اهوى الكلى النيئة كثيراً , و اسرق اجزاء من الكبد والطحال واشياء اخرى .
ما أجمل سهرة الذبح وكل الشباب يحملون السكاكين و تتسخ ملابسهم بالدم عمداً و تغطي رقابهم مناشف على سبيل شوفيني يا خالتي , ويكثر الصراخ والازعاج ويسلم الجميع على الجميع ويصرخ احدهم من بعيد :
هات مي هان يا محمود وقيم الدم لينشف .
ويصرخ أخر :
هات طنجرة يا حموده و ودي المعاليق لام محمد عشان العشا
ومن هنا تبدأ مرحلة عشاء الذبيّحة والجزارين الطارئون على المهنة ويكون العشاء كل المعاليق التي خرجت من احشاء الذبائح بأستثناء ما خبته ام العريس للصباحية وما سرق من الاخوات والاخوة , يكون العشاء قلاية معاليق بالفلفل الاسود والبهارات ويجتمع الشباب عليها مثل الوحوش و لا يبقى منها
شيء يذكر .
ويجمعون اللحم في طناجر كبيرة ويجهزون اللحم للصباح مغسولاً ويعين على كل طنجرة حارس قوي خوفاً من القطط و الطامعين البسطاء , وفي الصبح يكون دور الطباخين الطارئون ايضاً وتجهز القدور والطناجر و الحطب و تنك الماء والبربيش ويضع احمد ابو بسام وشوكت وسميح المناشف على رقابهم و تبدأ عملية الطبخ على نار هادئة , وتجهز المناسف على روية و بالعادة لا تقل عن مائة منسف .
و بعد صلاة الجمعة يخرج المصلون جميعاً صوب بيت الشعر ويكون اهل العريس قد جهزوا كنباية خاصة للعريس وكرسي بلاستكي بجانبة من أجل أن يسجل ماجد سعادة كل اسماء المنقطين ولا ينفع لهذا المقام سوى ماجد وذلك منعاً للأحراج لانه الوحيد الذي يعرف كل البستنجية من كل المناطق .
وبعد الغداء وعند انصراف الناس يبدأ اهل العريس التجهيز للزفة والتي تعطى لاحد الاقارب حيث تخرج زفة العريس من بيته والزفة تكون تجمع لنفس الشباب الذين كانوا يدبكون خارج بيت الشعر ويرددون كلمات واهازيج تراثية و غير ممنهجة ولا علاقة لها لا بشعر ولا بنثر ومنها :
ام العريس نصابة -- تصلح قايد عصابة
يا ويل اللي نحاربه -- بالسيف نقطع شاربه
تلولحي يا دالية -- يا ام عصون العالية
وكلام من هذا القبيل كثير وكان اكثر قائدي الزفات هم من أل طه وكان اجملهم القائد الذي تقاعد خالد طه .
ولا ننسى الفارده وهي عملية احضار العروس من بيت أهلها لبيتها الجديد حيث كانت تقودها نساء الحارة وهن مجللات بالملاحف الملونة ويسرن مثل العسكر ويرددن اهازيج جميلة ولها ايقاع خاص لا زال مزروع في الذاكرة , واذا كانت العروس من خارج الحي فتكون الفارده بالسيارات والبكبات و الشاحنات والتنكات وباصات مستأجرات لغايات ارضاء الجميع وعدم حرد اي أمرأة وقت الفاردة لانها اذا حردت تكون قد قلبت موازين العرس رأساً على عقب .
انتهت هذه الصور في حارتنا منذ زمن ودمر افراحنا الصيوان وكراسي السامبا واللحم الجاهز والفرقة التي تصدع الاذان و الالعاب النارية التي تحرق اموالنا في الهواء والدبيكه الذين تغيرت احوالهم واشكالهم ومضمونهم .
ذهبت افراحنا الجميلة
و أمنية حياتي ان يعود بنا الزمن برهة كي استمتع اكثر بماضي لن يعود و أحداث لن تتكرر .
صدقت اخي هشام
استغرب روعة قلمك في بعض الاحيان
ولكن مع ذلك اعشق كل ما يكتب
اخي هشام اعراسنا رائعه ولكن هنالك نفسيات مريضه هي من تنغص علينا فرحنا
ولكن صدقني بكل ما فيها من احداث سيئه الا انها لن تفقد ما بها من هيبه مهما كان
دمت بحفظ الله ودام قلمك الحر
حنان عز
شكراً لكلماتكـِ الجميلة و اهتمامكـِ
فأنتِ اخت عزيزة و غالية
ابقاكـِ الله لنا وحفظكـِ من كل مكروه