امرأة من فلسطين - امرأة من فلسطين - امرأة من فلسطين - امرأة من فلسطين - امرأة من فلسطين
امرأة من فلسطين
نهضت بقامتها الطويلة بخفة ،ووقفت بقوامها الممشوق باستقامة (كالسنديانة ) شامخة الرأس تودعنا بعد أن أبهرتنا بجلستها الممتعة وحديثها الشيق وكنوز المعرفة التي تمتلكها خبيرة في شؤون الحياة ، في الزراعة ، في الدين ومخافة الله ، وعلاج الأمراض..
في الذوق..و الأدب ، في الحب والتسامح، في الصبر والشجاعة، تعرف الكثير من قصص الأنبياء والعظماء تتكلم بلطف وثقة ..بطلاقة لسان .. وسرعة بديهة
تتمتع بذاكرة قوية نقية، وإيمان مطلق بقضاء الله .
(ضيفة من فلسطين ) جاءت لزيارتي مع زوجة ابنها من حي غير قريب مشيا على الأقدام...!
مع أن عمرها كما أخبرتنا وأجبرتنا على الدهشة تجاوز ال85 عاما
حدثتنا عن مواسم الزرع والحصاد..عن اليهود وعن الصمود وعن الأولاد. .!
عن أهلنا هناك، وكيف تزرع أرضها بنفسها
(أمية) لكنها مثقفة تفقه بقلبها وعقلها ،ترتدي الزى الفلسطيني الجميل القديم الذي تحن له نفوسنا الزي الذي كدنا ننساه (الثوب الأبيض والطرحة البيضاء على الرأس المشدود بعصبة أجمل )(منديل صغير) منقوش بألوان الورد
مزنرة بحزام أحمر عريض على خصرها ، ،شد ظهرها أكثر ، نقشت في ذاكرتي أجمل الصور وأحلى الألوان..و ذكرتني بسيدات فلسطين.. أيام زمان..!
عرضت عليها أن أوصلها بالسيارة فنظرت مذعورة وقالت باستغراب: ماذا ؟ من هنا إلى بيت ابني ؟ انتم لا تتحركون إلا بالسيارات؟!
انتن نساء اليوم وحتى الأطفال مثل دجاج المزارع؟ تحركوا.. الحركة بركة .. امشوا كثيرا كلوا قليلا تخلصوا من الضغط والدهون والسكري وأمراض صنعتموها لأنفسكم .
أنا عندي خمسة دونمات أقوم بزراعتها بنفسي وأشرف على كل أمورها، لذلك أنا مصرة على السفر صباحا اشتقت للأرض وللزرع وللبلاد
إصرارها وقوتها وثقتها بنفسها ذكرتني بالمرأة الفلسطينية التي احتضنت شجرة الزيتون بقوة وتعلقت بها تعلق الروح بالجسد ،فأثارت إعجاب العالم كله
طرحتها البيضاء ( اليانسة) ذكرتني بيانسة جدتي ورائحتها الأزكى من المسك والعنبر تفوح منها رائحة زهر الليمون واللوز والبرتقال.
ذكرتني بثوب جدتي الأبيض الذي كان يحمل في ثناياه الطيب والحنان وعطر الزعتر وعبق الطابون...!
ذكرتني بكل النساء العربيات (القرويات) وصحتهن البدنية والنفسية وصفاء أذهانهن .
قارنت بينها وبيننا نحن نساء اليوم المثقفات المثقلات بالهموم فهي تحتفظ بشبابها بلا مقويات، بلا سيارة تنتظرها على الباب وبلا أدوية سكري وأدوية ضغط . ! لا خطوط موضة تشغل بالها.. ولا كريمات تقاوم التجاعيد..!
فتية ،واثقة، صلبة، صابرة .لاحظت نظرات الإعجاب بعيني زميلتي أيضا ، فقلت لها:
هذه هي المرأة الفلسطينية الحقيقية.وهذه هي السيدة (القروية العربية ) في كل مكان
الأصيلة التي تعتز بالله وبالزوج والولد وتتشبث بالأرض .إنها الجذور القوية،هي جذور الوطن وهي الأصول.
وهذه السيدة النموذج من السيدات الفلسطينيات
إيمانهن القوي وحبهن للأرض والوطن هما مصدر قوتهن وثقافتهن
هي سيدة العالم
على الرجال أن يخجلوا منها، وعلى القمر أن يتوارى..
أنحني وأقبل يد كل امرأة فلسطينية..
الفقيرة اليتيمة الأرملة الثكلى أم الشهيد والجريح والأسير.. .