اول اسم انا راح اشارك فيه وهو الارهابي مناحيم بيجين
هو إرهابي مع سبق الإصرار والترصد بل هو أحد كبار عتاة الإرهاب الصهيوني تشهد عليه مذابحه الدموية في فلسطين وعصاباته الوحشية التي كان يتزعمها لتصفية الوجود الفلسطيني على الأرض في الأربعينيات من القرن الماضي وعلى الرغم من محاولاته تجميل صورته، بعد ارتدائه عباءة السياسيين كرئيس الوزراء السادس في تاريخ الكيان الصهيوني، وفوزه بجائزة نوبل للسلام، بعد توقيعه معاهدة سلام مع مصر في كامب ديفيد، إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، حيث لم تنجح في إخفاء صورة الإرهابي الكامنة داخله.
وقد أورد أ. هابر مؤلف كتاب "مناحيم بيغن الرجل والأسطورة" الصادر في نيويورك عام 1979 في الصفحة 385 على لسان بن جوريون إن بيجن ينتمي دون شك إلى النمط الهتلري فهو عنصري على استعداد لإبادة كل العرب "لتحقيق حلمه بتوحيد إسرائيل، وهو مستعد لإنجاز هذا الهدف المقدس بكل الوسائل".
ولد مناحم بيجين عام 1913 في مدينة بريست لتوفيسك في روسيا, وبعد أن أكمل تعليمه الأول سافر إلى بولندا والتحق بجامعة وارسو؛ حيث حصل فيها على شهادة عليا في الحقوق, وفي ذلك الوقت انضم إلى حركة البيتار الصهيونية في بولندا، وفي عام 1940 اعتقلته السلطات السوفييتية بتهمة التجسس, ثم أُطلق سراحه والتحق بالجيش البولندي العامل في الاتحاد السوفييتي.
سافر إلى فلسطين عام 1942 وتولى قيادة فرع المنظمة هناك، وفي العام التالي أصبح رئيسًا لحركة الأرجون (إحدى المنظمات الإرهابية الصهيونية).
في عام 1944 أعلنت الأرجون معارضتها لسياسة الانتداب البريطاني في فلسطين, لأنها كانت تفرض شروطًا على الهجرة اليهودية إليها.
في 9 أبريل عام 1948- قبل شهر وبضعة أيام من إعلان قيام إسرائيل- أقدمت منظمة الأرجون برئاسة مناحم بيجين بالاشتراك مع منظمة شتيرن ليحي برئاسة إسحق شامير على القيام بمذبحة في قرية دير ياسين من أجل السيطرة على الأوضاع في فلسطين تمهيدًا لإقامة الدولة اليهودية, وكان العرب في ذلك الوقت يحرزون الانتصارات المتوالية على اليهود بزعامة البطل الفلسطيني عبد القادر الحسيني لذلك فقد كان اليهود في حاجة لانتصار "من أجل كسر الروح المعنوية لدى العرب ورفع الروح المعنوية لدى اليهود" على حد قول أحد ضباط اليهود.
دخلت القوات اليهودية في فجر ذلك اليوم إلى قرية دير ياسين- وهي قرية صغيرة تقع على بُعد بضعة كيلو مترات من القدس يقطنها 400 شخص ولا يملكون إلا أسلحةً قديمةً يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الأولى حيث دخلت قوات الأرجون من شرق وجنوب القرية، بينما دخلت قوات شتيرن من الشمال ليحاصروا القرية من كل جانب باستثناء الجانب الغربي وليفاجئوا السكان وهم نائمون، وقد لاقى الهجوم مقاومة من سكان القرية في البداية وأدى إلى مصرع 4 وجرح 40 من المهاجمين.
ولمواجهة صمود أهل القرية تم قصفها بمدافع الهاون لتسهيل مهمة المهاجمين, ومع حلول الظهيرة أصبحت القرية خاليةً تمامًا من أي مقاومة, ثم قامت قوات الأرجون وشتيرن "باستخدام الأسلوب الوحيد الذي يعرفونه جيدًا وهو الديناميت" على حد قول الكاتب الفرنسي باتريك ميرسييون، وتم تفجير القرية بيتًا بيتًا, وبعد نفاذ المتفجرات قاموا "بتنظيف المكان" من العناصر المتبقية من المقاومة عن طريق القنابل والمدافع الرشاشة حيث كان يتم إطلاق النيران على كل من يتحرك داخل المنازل من رجال أو نساء أو أطفال أو شيوخ، وتم إيقاف العشرات إلى الحوائط وإطلاق النار عليهم بلا رحمة.
وعلى مدى يومين متتاليين قامت القوات اليهودية بأعمال تعذيب سادية، وتم منع مبعوث الصليب الأحمر من دخول القرية لأكثر من يوم، وقام أفراد الهاجاناه الذين احتلوا القرية بتفجير الجثث لتضليل الهيئات الدولية والإيحاء بأن الضحايا لقو حتفهم في صدامات مسلحة!!
وأرسل مناحم بيجين برقية تهنئة إلى رعنان قائد الأرجون المحلي, قال فيها: تهنئتي لكم على هذا الانتصار العظيم قل لجنودك إنهم صنعوا التاريخ في إسرائيل، وفي كتابه (الثورة) كتب بيجين: إن مذبحة دير ياسين أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى في تفريغ البلاد من 650 ألف عربي، وأضاف: "لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل".
كما قامت قوات الأرجون برئاسة بيجين بنسف فندق الملك داود- مقر قيادة القوات البريطانية- عام 1946، واشتركت مع منظمة شتيرن في اغتيال الكونت السويدي فولك برنادوت من العائلة السويدية المالكة ورئيس الصليب الأحمر السويدي الذي اختارته الأمم المتحدة ليكون وسيطًا للسلام بين العرب والإسرائيليين.
وتعد عملية نسف الفندق من العمليات الخطيرة، التي نفذها بيجين وعصاباته لأسباب تتعلق بخطة تستهدف الإسراع باغتصاب فلسطين، بعد دفع الانجليز بالخروج منها وتفاصيل الهجوم، ومن قبلها توقيته تدل على ذلك.
فقد اهتزت مدينة القدس اهتزازاً عنيفاً ومدوياً عندما انفجرت شحنات ناسفة في فندق الملك داود، بعد ظهر أحد أيام صيف عام 1946 وتم تدمير جناح كامل من الفندق، ولقي 91 شخصا مصرعهم، وأصيب46 آخرون في تلك العملية الإرهابية التي خطط لها مناحم بيجين زعيم عصابة أرجون الصهيونية وانفرجت أسارير بيجين لنجاح عمليته الإرهابية، ولوح بقبضة يده وهو يصرخ قائلا: "أنا أقاتل فأنا إذن موجود", ثم كتب بخط يده المخضبة بالدماء تفاصيل عملية نسف الفندق في كتابه الشهير الثورة وأسهب في وصف جريمته، عندما ذكر أن قطع الحجارة تطايرت لقتل المارة, وأصابتهم بإصابات بالغة وقذفت الأنقاض المتطايرة أحد المسئولين البريطانيين, فارتطم بحائط المبني المقابل للفندق.
وكان مناحم بيجين قد خطط ودبر عملية نسف فندق الملك داود, ليوجه ضربة لسلطة الانتداب البريطاني في فلسطين, ذلك أن المسئولين البريطانيين كانوا يتخذون من جناح بالفندق مركزا إداريا لهم وقد استهدف بيجين دفع سلطة الانتداب لكي تغادر فلسطين, وتتركها فريسة للصهاينة وهو ما حدث بعد نحو عامين من ذلك الحادث المروع.
ولم يتردد مناحم بيجين في ارتكاب هذه الجريمة الإرهابية, التي أزعجت بريطانيا برغم أنها صاحبة وعد بلفور الصادر عام 1917، والذي يعد أول تآمر وتواطؤ من جانب دولة أوروبية وغربية كبري بمنح وطن لليهود في فلسطين ولكن بيجين لم يطق صبرا علي ما كان يعتبره مماطلة في رحيل سلطة الانتداب البريطاني ولذلك دبر عملية نسف الفندق وهي تكشف عن منهج العنف الدموي لزعماء الصهيونية وهو عنف كان يجاهر به فلاديمير جابوتنسكي ويحض عليه صباح مساء, وهو صاحب القول الشائع: إن التوراة والسيف أنزلا علينا من السماء.
أما تزعم بيجين لعملية اغتيال الوسيط الدولي للأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت وتنفيذ عصاباته للعملية بالاشتراك مع عصابات الهاغاناه فقد جاءت بسبب اقتراح برنادوت وضع حد للهجرة اليهودية ووضع القدس بأكملها تحت السيادة الفلسطينية فكان مصيره القتل على يد بيجين وعصابة أرغون التي يتزعمها.
وكان الكونت برنادوت -وهو من العائلة المالكة في السويد- قد ترأس الصليب الأحمر السويدي، واكتسب سمعة طيبة داخل القارة الأوروبية أهلته لأن يقوم بمهمة نقل عرض الاستسلام الألماني إلى الحلفاء عام 1945، وشارك في عمليات تبادل الأسرى في الحرب العالمية الثانية.
واختارته منظمة الأمم المتحدة بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وسيطاً بين العرب واليهود، واستطاع أن يحقق الهدنة الأولى في فلسطين في 11 يونيو عام 1948، وتمكن بعد مساع لدى الجانبين العربي والإسرائيلي من الدعوة إلى مفاوضات رودس التي جرت نهاية عام 1948 وقدم عدة اقتراحات للأمم المتحدة في 27 يونيو 1948 أغضبت اليهود وكان من أهمها:
ينشأ في فلسطين بحدودها التي كانت قائمة أيام الانتداب البريطاني الأصلي عام 1922 (وفيها شرق الأردن) اتحاد من عضوين أحدهما عربي والآخر يهودي، وذلك بعد موافقة الطرفين اللذين يعنيهما الأمر.
تجرى مفاوضات يساهم فيها الوسيط لتخطيط الحدود بين العضوين على أساس ما يعرضه هذا الوسيط من مقترحات، وحين يتم الاتفاق على النقاط الرئيسية تتولى لجنة خاصة تخطيط الحدود نهائياً.
يعمل الاتحاد على تدعيم المصالح الاقتصادية المشتركة وإدارة المنشآت المشتركة وصياغتها بما في ذلك الضرائب والجمارك، وكذا الإشراف على المشروعات الإنشائية وتنسيق السياسة الخارجية والدفاعية.
يكون للاتحاد مجلس مركزي وغير ذلك من الهيئات اللازمة لتصريف شؤونه حسبما يتفق على ذلك عضوا الاتحاد.
لكل عضو حق الإشراف على شؤونه الخاصة بما فيها السياسة الخارجية وفقاً لشروط الاتفاقية العامة للاتحاد.
تكون الهجرة إلى أراضي كل عضو محدودة بطاقة ذلك العضو على استيعاب المهاجرين، ولأي عضو بعد عامين من إنشاء الاتحاد الحق في أن يطلب من مجلس الاتحاد إعادة النظر في سياسة الهجرة التي يسير عليها العضو الآخر، ووضع نظام يتمشى والمصالح المشتركة للاتحاد، وفي إحالة المشكلة إذا لزم الأمر إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ويجب أن يكون قرار هذا المجلس مستنداً إلى مبدأ الطاقة الاستيعابية وملزماً للعضو الذي تسبب في المشكلة.
كل عضو مسؤول عن حماية الحقوق المدنية وحقوق الأقليات، على أن تضمن الأمم المتحدة هذه الحقوق.
تقع على عاتق كل عضو مسؤولية حماية الأماكن المقدسة والأبنية والمراكز الدينية، وضمان الحقوق القائمة في هذا الصدد.
لسكان فلسطين إذا غادروها بسبب الظروف المترتبة على النزاع القائم الحق في العودة إلى بلادهم دون قيد، واسترجاع ممتلكاتهم.
وضع الهجرة اليهودية تحت تنظيم دولي حتى لا تتسبب في زيادة المخاوف العربية.
بقاء القدس بأكملها تحت السيادة العربية مع منح الطائفة اليهودية في القدس استقلالا ذاتيا في إدارة شؤونها الدينية.
إضافة بعض التعديلات الحدودية بين العرب واليهود، منها ضم النقب إلى الحدود العربية والجليل إلى الدولة الإسرائيلية.
وقد أثارت تلك الاقتراحات حفيظة اليهود فاتفقت منظمتا أرغون التي يرأسها مناحيم بيغن وشتيرن برئاسة إسحق شامير على اغتياله، ونفذت بالفعل عملية الاغتيال في 17 سبتمبر 1948 فمات عن عمر يناهز الـ 53 عاماً.
وقد سار بيجين علي درب جابوتنسكي واتخذ منه معلما وزعيما ولذلك هرع فور فوزه في انتخابات عام 1977, ووصول حزب الليكود اليميني المتطرف للسلطة لأول مرة لزيارة قبر جابوتنسكي وكان الجنرال أرييل شارون سعيدا ومبهورا بهذه الزيارة.
وبعد صدور وعد بلفور في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1917 كانت استراتيجية الصهيونية الرئيسية هي خلق إنسان يهودي جديد يكون البذرة الرئيسية للدولة اليهودية في فلسطين، ويواجه كلا من البريطانيين والعرب بالقوة، ليرهب أعداء اليهود أنى وجدوا وأنشأ جابوتنسكي تنظيمين عسكريين عملا سراً في فلسطين قبل وخلال وبعد الحرب العالمية الثانية، وهما الهاجاناه «الدفاع»، والأرجون تسفاي ليومي (المنظمة العسكرية الوطنية).
وضمت قوة الهاجاناه بقايا الفيلق اليهودي الذي شكله جابوتنسكي بنفسه ليحارب في صفوف البريطانيين في الحرب العالمية الأولى ضد العثمانيين في الشرق الأوسط بعد أن أعادت الوكالة اليهودية في فلسطين تنظيمه وتسليحه لحماية المستوطنات الاستعمارية والتوسع فيها.
أما الأرجون تسفاي ليومي فهي عصابة إرهابية صرفة تمثل الجناح المسلح للحركة الصهيونية المتشددة، وكرس رئيسها (مناحم بيجين) جهوده لتكون قوة ضاربة لترويع الفلسطينيين وشن حرب نفسية ضدهم تقترن باجتياح قراهم واغتيال المئات من سكانها دون تفرقة بين رجل أو امرأة أو طفل، ونسف وتدمير منازلهم والتهجير الجماعي للآلاف من الفلسطينيين إلى خارج وطنهم بحدوده التاريخية المتعارف عليها منذ ما قبل بدء الحكم العثماني في القرن السادس عشر الميلادي وشكل مناحم بيجين قوة ضاربة للاغتيالات الفردية والقتل الجماعي والتدمير بقيادة (إسحاق شامير) تحت اسم شتيرن، وهي التي نسفت فندق الملك داوود في القدس واغتالت لورد موين في القاهرة.
واستلهم اليمين السياسي في إسرائيل أفكار وأساليب جابوتنسكي ومناحم بيجين وشامير وحافظ عليها وتطرف فيها حتى اليوم.
ويقول شاهد عيان إن شارون إثر عودته من إحدى زياراته لواشنطن هرع إلي قبر مناحم بيجين ووضع علي ضريحه سيفا وتذكارات قديمة من فندق الملك داود.
وكشف كتاب صدر أخيرا في إسرائيل, النقاب عن أن الغزو الإسرائيلي للبنان الذي قاده السفاح شارون كان نتيجة حالة اكتئاب مزمنة عاناها رئيس الوزراء مناحم بيجين في ذلك الوقت مما أدي إلي نشوء حالة فراغ ملأها وزير دفاعه أرييل شارون وأكد عوفر جروز برد الطبيب النفسي ومؤلف كتاب مناحم بيجين سيرة قائد أن القابلة التي استقبلت ميلاد بيجين هي جدة شارون.
في عام 1949 وبعد قيام إسرائيل شكَّل بيجين حزب حيروت الذي ورث شعارات بيتار والأرجون وليحي وفحواها أن الحد الأدنى لأرض إسرائيل هو ضفتا نهر الأردن, وأن القوة العسكرية هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الحد الأدنى لأنها اللغة الوحيدة التي يفهمها العرب وأصبح بيجين عضوًا في الكنيست الإسرائيلي.
وأتيح لبيجين دخول الوزارة الائتلافية برئاسة ليفي أشكول عشية اندلاع حرب 1967 كوزير بلا حقيبة "بدون وزارة", ثم انضم ثانيةً إلى حكومة جولدا مائير الائتلافية عام 1969 ليشغل منصب وزير الدولة، واستقال من الحكومة عام 1970 ورأَس حزب الليكود كائتلاف بين عدد من الأحزاب والحركات، وقاده حتى فاز برئاسة الوزراء في العشرين من يونيو عام 1977.
وحضر بيجين مباحثات مع الرئيس المصري أنور السادات والرئيس الأمريكي جيمي كارتر في منتجع كامب ديفيد في سبتمبر 1978, ووُصفت المفاوضات بأنها شاقة ومتعبة وكادت تفشل أكثر من مرة، وأعلن الرؤساء الثلاثة اتفاقهم على وثيقتين أساسيتَين معلنتَين: الأولى "إطار عمل للسلام في الشرق الأوسط", والثانية "إطار عمل لعقد معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل"، ووقَّع على الوثيقتين كلٌّ من بيجين والسادات كطرفين وكارتر كشاهد وفي نفس العام حصل بيجين على جائزة نوبل للسلام مناصفةً مع أنور السادات.
وفي واشنطن في مارس من عام 1979 وقَّع بيجين مع السادات معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، وفي عام 1981 قامت حكومتُه بضرب المفاعل النووي العراقي, وأشاد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان بهذه العملية ووصفها بأنها اتسمت بالجسارة والمهارة.
وفي عام 1982 قام باجتياح لبنان بحجة ضرب قواعد المقاومة الفلسطينية، ثم وقعت مذبحة صابرا وشاتيلا التي ارتكبتها الكتائب اللبنانية اليمينية، ووقف بيجين أمام الكنيست ليعلن في استهانة جوييم قتلوا جوييم (غرباء قتلوا غرباء), فماذا نفعل وثبتت مسئولية بيجين وأعضاء حكومته ووزير دفاعه أرئيل شارون عن هذه المذبحة.
قدم بيجين استقالته في سبتمبر من عام 1983 بعد أن توفيت زوجته وتدهورت حالته الصحية وأصيب بالإكتئاب وعاش بقية حياته منعزلاً في شقته حتى وفاته عام 1992.
وكشفت وثائق مخابراتية سرية بريطانية أفرج عنها مؤخراً عن ان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيجن كان إرهابيا حاول تضليل أجهزة الأمن البريطانية باللجوء الى عملية جراحية تجميلية لتغيير هويته هربا من المطاردة الأمنية.
وكشفت تلك الوثائق كيف تلقت وكالة المخابرات الداخلية البريطانية (ام اي 5) معلومات عن ان بيجن (الذي حاز فيما بعد على جائزة نوبل للسلام إثر مفاوضات كامب ديفيد للسلام مع مصر) كاد ان يقضى عليه في نهاية الأربعينيات.
وبحسب تلك الوثائق فقد عارض بيجن الدور البريطاني في فلسطين وانضم الى منظمة (ايرجن) المسلحة التي شنت حملة من أعمال العنف ضد قوات الانتداب البريطانية في فلسطين.
كما كشفت تلك الوثائق التي حفظت في الارشيف الوطني البريطاني كيف كانت تنظر أجهزة الأمن البريطانية لبيجن اذ كانت تشتبه بانه ربما كان عميلا للاتحاد السوفييتي السابق.
وذكرت إحدى الوثائق المؤرخة في عام 1949 ان بيجين كان يصف نفسه بالعدو رقم واحد للحكومة البريطانية.
وكشفت الوثائق السرية البريطانية النقاب أيضا بان الإرهابيين اليهود خططوا في الأربعينيات من القرن الماضي لاغتيال وزراء بريطانيين في حكومة رئيس الوزراء الأسبق كليمنت اتيلي وعدد من الشخصيات البارزة في لندن.
وأشارت إلى أن شن عمليات اغتيال جماعية في فلسطين وإرسال عدد من المتطرفين الى العاصمة البريطانية لندن لتنفيذ عمليات كانت تشكل قلقا كبيرا لأجهزة الأمن البريطانية.
وقالت إن العمليات المسلحة التي تستهدف الانتداب البريطاني في فلسطين شملت اغتيال الوزير البريطاني المقيم في القاهرة اللورد موين في 1944 علي أيدي عصابات منظمة (شتيرن) اليهودية المتطرفة.
وأحد أكثر زعماء صهيون عداًءً وكرهاً ليس فقط للعرب، و إنما للمسلمين بشكل عام.. وهو أكثر من حاولوا الربط بين الإسلام والإرهاب، لتأليب الغرب على المسلمين، وكسب تأييدهم لإسرائيل، وتغاضيهم عن جرائمها ضد العرب والمسلمين !!
ولد نتنياهو 1949 في فلسطين المحتلة لأم تدعى زيلا وأب يسمى بن زيون الذي كان يعمل مدرسًا للتاريخ ومحررًا سابقا للموسوعة العبرية، وقد تزوج في السابق مرتين وله ابنة ( نوا) من زوجته الأولى، ثم تزوج زوجته الثالثة سارة وأنجب منها طفلين وله أخوان: الأكبر جوناثان والأخ الأصغر إدو كاتب، وخدم هؤلاء الثلاثة في "سيريت ماتكال" وهى وحدة عسكرية خاصة في الجيش الصهيوني قامت بالعديد من العمليات خارج فلسطين المحتلة، وفقد نتنياهو أخاه الأكبر جوناثان عام 1976 نتيجة اقتحام الطائرة الإسرائيلية المخطوفة في مطار مدينة "عنتيبى" الأوغندية.
أقام مع والديه في الولايات المتحدة في السنوات 1958-1956 ومرة أخرى في السنوات 1967-1963, حيث عاد إلى (إسرائيل) للخدمة في الجيش الإسرائيلي في السنوات 1967 - 1972. وصل إلى رتبة نقيب في وحدة الاستطلاع التابعة للأركان العامة (سيريت ماتكال) وبعد إنهائه لخدمته العسكرية عاد إلى الولايات حيث حصل من جامعة M.I.T على شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية .
وخلال دراسته عاد إلى (إسرائيل) للمشاركة في حرب أكتوبر ( 1973 ). وفي عام 1976 حصل من جامعة M.I.T ماشاشوستس للتكنولوجيا على الماجستير في إدارة الأعمال, حيث بدأ بالعمل في شركة الاستشارة الدولية "Boston Consultant Group "
وفي هذه السنوات كان نشيطًُا في الإعلام الإسرائيلي في الولايات المتحدة وفي عام 1980 أقام وترأس معهد جوناثان للإرهاب الذي حمل اسم أخيه, إلى جانب عمله مديرًا للتسويق في شركة الأثاث "ريم" في القدس ثم شغل منصب القنصل العام في السفارة الإسرائيلية في واشنطن وفي السنوات 1984-1982, وبعدها عمل سفيراً لـ إسرائيل في الأمم المتحدة حتى عام 1988. وحاز نتنياهو شهرة في الإعلام الغربي أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991، عندما كان المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإسرائيلية وفي العام نفسه عين في مكتب رئيس الوزراء بدرجة نائب وزير واشترك بهذه الصفة في مؤتمر مدريد 1991، وكان الناطق الرسمي بلسان الوفد الإسرائيلي.
تزوج ثلاث مرات، آخر زوجاته هي سارة وهي مضيفة قابلها في إحدى سفراته, وقد اعترف بخياناته الزوجية المتكررة، وسلوك سارة نفسها أصبح موضوعاً متداولاً في صحف الكيان الصهيوني, كان له أخ يدعى يوناثان وهو يعد كبير الأسرة مات في الغارة على مطار عنتيبي ويقال أنه كان قائد الحملة, أما أبوه فيدعى بنزيون نتانياهو والذي يبلغ السابعة والثمانين ولا يزال نشيطاً، فهو شخصية صهيونية متسلطة.
ونتنياهو هو أول رئيس حكومة في الكيان الصهيوني في انتخابات مباشرة وأول رئيس حكومة يولد بعد إعلان قيام الكيان الصهيوني أقام مع والديه في الولايات المتحدة في السنوات 1958-1956 ومرة أخرى في السنوات 1967-1963 حيث غير اسمه إلى بنجامين نيتاي. هو أول مدير لمعهد يوناثان المتخصص في مكافحة الإرهاب. شغل منصب ملحق سياسي في سفارة الكيان الصهيوني في واشنطن عام (1982 ـ 1984)، وخلال هذه الفترة أسند إليه مهام السفير نظراً لنقل السفير موشيه أرينز إلى الكيان الصهيوني، وعين نتانياهو سفيراً للكيان الصهيوني في الأمم المتحدة (1984 ـ 1988).
وقد انتخب نتنياهو عضوا في الكنيست الثانية عشرة ممثلا لليكود, وقد تم تعيينه نائبا لوزير الخارجية في حينه موشيه أرينس. وبعد سقوط حكومة الوحدة الوطنية ودخول دافيد ليفي إلى وزارة الخارجية, عمل نتنياهو كنائب وزير في مكتب رئيس الحكومة.
في هذا المنصب اشترك في مؤتمر مدريد, وكان الناطق المركزي بلسان وفد الكيان الصهيوني. إنضم نتنياهو إلى المؤيدين المتحمسين القلائل في الليكود للانتخاب المباشر لرئيس الحكومة, وفور فوز حزب العمل في الانتخابات للكنيست الثالثة عشرة في عام 1992, أيد إجراء الانتخابات التمهيدية لانتخاب زعيم الليكود وقائمته للكنيست. وفي الانتخابات التمهيدية التي أجريت في الليكود في الخامس والعشرين من مارس عام 1993, تم انتخاب نتنياهو بأغلبية مطلقة (بنسبة 52.1%) لزعامة الليكود, في هذه الفترة أعرب عن شجبه لاتفاقيات أوسلو واعلن ان القدس عاصمة ابدية موحدة للكيان الصهيوني.
وقبيل الانتخابات للكنيست الرابعة عشرة تمكن نتنياهو, بمساعدة أرييل شارون, من إقناع رفائيل إيتان ودافيد ليفي ألا يتنافسا في الانتخابات على رئاسة الحكومة, وذلك مقابل حجز سبعة مقاعد لأعضاء تسوميت وكذلك سبعة أماكن لأعضاء جيشر في قائمة مشتركة مع الليكود.
وقد مكنت هذه الخطوة من أن يتنافس في الانتخابات رئاسة الحكومة مرشحان فقط - شمعون بيرس وبنيامين تننياهو, وبعد حملة انتخابية في أسلوب أمريكي انتخب نتنياهو رئيسا للحكومة بأغلبية (بنسبة %50.49).
ويعتقد نتانياهو أن الضفة الغربية ليست أرضاً محتلة وإنما هي أرض قومية توراتية وعلى اليهود الاحتفاظ بها ولا يحق لهم التنازل عنها أو التفاوض بشأنها. وقد صرح نتانياهو قائلاً: "ليس هناك أي نهر أو بحر يفصل الضفة الغربية عن باقي الأراضي الإسرائيلية إنها جزء من إسرائيل ".
وشغل منصب نائب وزير الخارجية (1988 ـ 1992) وعمل نائباً لوزير الإعلام في مكتب رئيس الحكومة عام 1993، وأصبح رئيساً لحزب الليكود عام 1993، خلفاً لإسحاق شامير. وفي الانتخابات التي أجريت في 29 مايو 1996انتخب رئيساً للوزراء، خلفاً لشيمون بيريز. ونتانياهو هو أول رئيس وزراء صهيوني يُنتخب بالاقتراع المباشر، وحسب طريقة الانتخاب المباشر لا يمكن تنحية رئيس الوزراء إلا إذا وافق 81 عضواً في الكنيست من مجموع 120 عضواً على قرار عزله، على أن تجرى انتخابات جديدة خلال 60 يوماً.
كما يمكن سحب الثقة من رئيس الحكومة ومجلس الوزراء بأغلبية 61 عضواً في الكنيست، على أن تجري انتخابات جديدة خلال 60 يوماً، وهذا الإجراء الأخير لا يتطلب استقالة رئيس الوزراء.
وخسر بنيامين نتانياهو منصب رئيس الوزراء في الانتخابات التي أجريت في شهر مايو 1999، أمام منافسه رئيس حزب العمل أيهود باراك فاستقال من رئاسة حزب الليكود وأعلن انه سيعتزل العمل السياسي نهائياً.
غير أنه عاد بعد، ذلك وقبل منصب وزير الخارجية في حكومة شارون بعد انسحاب حزب العمل، ونافس شارون في الانتخابات الداخلية في الليكود علي زعامة الحزب، فهزمه شارون.
ويُعرف عن نتنياهو ـ رئيس حزب الليكود السابق ـ تعصبه الشديد ضد العرب عامة والفلسطينيين بصفة خاصة وكان نتنياهو قبل انتخابه من أكبر المعارضين لاتفاقية أوسلو التي أبرمتها حكومة رابين مع منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي الانتخابات التمهيدية التي أجريت في الليكود في الخامس والعشرين من مارس عام 1993، وتم فيها انتخاب نتنياهو بأغلبية (بنسبة 52.1%) لزعامة حزب الليكود، أعرب عن آراء سياسية يمينية متشددة وخصوصًا ضد اتفاقات أوسلو.
وكان شعاره الانتخابي مع الفلسطينيين: "لو أعطوا سيأخذون، وإذا لم يعطوا لن يأخذوا شيئًا".
واتسمت هذه الحملة بالأسلوب الأمريكي حيث قادها الخبير الأمريكي آرثر فلنكشتاين وكانت أحد الأسباب المهمة في انتخابه رئيسًا للحكومة بأغلبية بنسبة %50.49 (وهو نفس الأسلوب الذي اتبعه باراك في الانتخابات التالية وأدى إلى فوزه عندما كلف جيمس كارفل – المسئول عن الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي كلينتون - بقيادة حملته الانتخابية عام 1999).
وفي عهد نتنياهو توقفت تمامًا مباحثات السلام في المسارين: السوري واللبناني وتعثرت بدرجة كبيرة في المسار الفلسطيني بسبب مواقفه المتعنتة وبسبب سياساته الاستيطانية التي تهدف إلى إقامة مستوطنات يهودية داخل المناطق العربية .
وفي عام 1996 اتفق نتنياهو مع رئيس بلدية القدس على الاستمرار في حفر نفق تحت السور الغربي للمسجد الأقصى مما أشعل شرارة انتفاضة البراق التي استمرت 3 أيام وسقط خلالها كثير من القتلى والجرحى الفلسطينيين.
وهدد بالاستقالة عام 2004 في حال تنفيذ خطة شارون للانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة، وبالفعل قدم هذه الاستقالة في 7 من أغسطس 2005 بعد موافقة الحكومة (17 مقابل خمسة) على خطة شارون ثم حاول في أواخر سبتمبر (2005) تقديم موعد الانتخابات التمهيدية في حزب الليكود رغبة في انتخابه رئيسًا للحزب وبالتالي تقديم موعد الانتخابات البرلمانية إلى فبراير المقبل بدلا من نوفمبر 2006، لكن مركز الحزب صوت لغير صالحه حيث فاز شارون على منافسه نتنياهو بفارق 104 أصوات.
وقد قام نتنياهو بتأليف العديد من الكتب منها: "محاربة الإرهاب" كيف تستطيع الديمقراطيات هزيمة الإرهابيين المحليين والدوليين (1996) و"مكان بين الأمم " وغيرهما.
ويذكر عن نتنياهو أنه ضمن سعيه للحفاظ على تصاعد شعبيته في ظل تهاوي شعبية خصومه السياسيين، شرع زعيم حزب الليكود الإسرائيلي المعارض بنيامين نتنياهو في حملة إعلامية لإقناع الإسرائيليين بدوره الرئيسي في خفض نسبة الولادات في أوساط فلسطينيي 48 على اعتبار أن ذلك خطوة يتطلبها "النضال من أجل الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة" على حد تعبيره.
وفي مقابلاته مع قنوات التلفزيون الإسرائيلي، قال نتنياهو إنه عندما تبوأ منصب وزير المالية في حكومة شارون (2003 -2005) تعمد تقليص مخصصات الضمان الاجتماعي التي تمنحها الدولة للأطفال وللعائلات كثيرة الأولاد لإقناع العائلات في أوساط فلسطينيي 48 بتقليص عملية الإنجاب بعد أن يدركوا أن زيادة الولادات لن يكون لها مردود اقتصادي جيد عليهم.
وزعم نتنياهو أن خطوته كان لها تأثير مباشر على خفض نسبة الولادات في المدن والبلدات والقرى التي يقطنها فلسطينيو 48 بشكل كبير.
وقال إن بحثا أجرته وزارته أظهر أن الفارق بين نسبة ولادات فلسطيني 48 وولادات العائلات اليهودية انخفض من 3% إلى 1% خلال عامين.
ومضى موضحا أنه قبل توليه مهام وزير المالية كانت نسبة ولادات فلسطينيي 48 إلى نسبة ولادات العائلات اليهودية 4 أطفال إلى طفل واحد، لكن عندما استقال من منصبه أواخر العام 2005 وصلت النسبة لـ 4.1 أطفال إلى 3.1 أطفال.
وشدد نتنياهو الذي شغل منصب رئيس الوزراء من 1996 إلى 1999، على أن سياسته هذه تمثل أحد الردود بالغة الأهمية على الخطر الديموغرافي الذي يتمثل في إمكانية أن يفقد اليهود أغلبيتهم الديموغرافية في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن وحوض البحر الأبيض المتوسط.
كما شدد على مساهمة هذه السياسة في توفير المزيد من الموارد المالية التي تمكن الدولة من توظيفها في خدمة قطاعات جماهيرية أخرى في المجتمع الإسرائيلي.
وكان نتنياهو إبان شغل منصبه كرئيس للوزراء الإسرائيلي قد فاوض الرئيس الراحل ياسر عرفات في المفاوضات المشهورة بـ "مفاوضات واي ريفر" والتي حاول نتنياهو فيها إعاقة أي تقدم في سير المفاوضات وأظهر عداء للسلام ما بعده عداء !!
ولم يخل عهد نتنياهو من بعض العمليات الاستشهادية الفلسطينية داخل فلسطين المحتلة, وفي عام 1996، اتفق نتنياهو مع رئيس بلدية القدس المحتلة على الاستمرار في نفق السور الغربي للمسجد الأقصى مما أشعل شرارة فلسطينية استمرت 3 أيام سقط خلالها العديد من الشهداء الفلسطينيين.
ولكنه استقال من منصبه على خلفية خطة شارون للانسحاب من غزة وقام نتنياهو على تأليف العديد من الكتب منها : "محاربة الإرهاب" و "مكان بين الأمم".
وقد ظل بنيامين نتنياهو منذ فترة طويلة تقارب العشرين عاماً يعكف على تطوير نظرية حول "الإرهاب الإسلامي الدولي" وتخويف العالم من المسلمين والإسلام، وإقناعه بشتى السبل بإعلان الحرب علي العالم الإسلامي !!
وفي كتابه المعنون محاربة الإرهاب كيف تستطيع الديمقراطيات هزيمة الإرهابيين المحليين والدوليين الصادر عام 1996، يقول بصراحة واضحة إنه يهدف إلى كسب الرأي العام في الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص إلى جانب إسرائيل في المعركة المشتركة ضد الإرهاب الدولي الإسلامي.
وفي هذا الكتاب يصف نفسه بأنه كان مشاركاً في المعركة ضد الإرهاب معظم سنين حياته أولاً كجندي في القوة الخاصة للجيش الإسرائيلي ثم كأحد مؤسسي معهد متخصص في دراسة الإرهاب، ثم كدبلوماسي ينشد تشكيل تحالف للأمم الحرة في جهد نشط لهزيمة الإرهاب الدولي, ويقول إنه كان طرفاً في جهد دولي واسع لإقناع مواطني وقادة الأمم الديمقراطية بأن هذا الإرهاب يمكن القضاء عليه، وإنه سبق وأعد كتاباً حول نظرية مضادة للإرهاب بعنوان الإرهاب كيف يمكن للغرب أن ينتصر؟ صدر عام 1986، وكان نتاج المؤتمر الثاني لمعهد جوناثان لدراسة الإرهاب الذي عقد في واشنطن عام 1984، وساهم في تطوير استراتيجية عامة لمحاربة الإرهاب الدولي، وإن كثيراً من المبادئ الواردة في ذلك الكتاب تبنتها الولايات المتحدة في عهد إدارة ريغان وساهمت في الحد من الإرهاب الدولي.
ففي هذا الكتاب يشرح نتنياهو جوهر نظريته القائمة على ظهور قوى جديدة للإرهاب المحلي والخارجي، أهمها على الإطلاق في رأيه (الإسلام النضالي) الذي يتجه حتماً إلى مواجهة مع الغرب، ويعتقد بأن هناك قصوراً لابد من سده في فهم مدى الخطر الذي يشكله هذا الإرهاب الجديد على أمريكا وبقية العالم، وما يمكن أن يتخذ حياله، ويقدم عرضه لإرشاد العالم إلى هذا الخطر والإجراءات الضرورية للقضاء عليه.
هذان الكتابان هما استمرار لجهد تنظيري متواصل لتطوير نظريته حول الإرهاب الإسلامي الدولي، وهما مكملان لكتاب أعده كتجميع لدراسات نوقشت في المؤتمر الأول لمعهد جوناثان الذي عقد في القدس عام 1979 وصدر عام 1981 بعنوان الإرهاب الدولي: تحد واستجابة، وكذلك كتابه الذي صدر عام 1993 بعنوان مكان بين الأمم إسرائيل والعالم.
ومن خلال كتبه بصفة عامة يؤكد بنيامين نتنياهو أنه منذ تأسيسه لمعهد جوناثان لدراسة الإرهاب ـ والذي أطلق عليه اسم شقيقه الذي قتل في عملية عنتيبي عام 1976 ـ ثم في حياته الدبلوماسية ظل يؤمن بأن الأساس في القضاء على الإرهاب الدولي هو كسب الولايات المتحدة لقيادة المعركة، لأن هذه القيادة الأمريكية ستستقطب دول العالم الأخرى إلى هذا الاتجاه ويستطرد قائلاً إنه لم يكن من السهل إحداث تغيير في تفكير صانعي الرأي الأمريكيين حول هذا الموضوع لأن وجهة النظر المهيمنة في الولايات المتحدة في السبعينيات والثمانينيات كانت تقول إن الإرهاب هو نتيجة اضطهاد سياسي واجتماعي وإن الإرهاب لا يمكن القضاء عليه من دون إنها هذه الأوضاع لكنه ورفاقه الذين كانوا يرفضون معه وجهة النظر هذه بذلوا جهوداً لتغيير الموقف الأمريكي وإقناع المسؤولين بأن الإرهاب الدولي هو نتيجة تعاون سري بين دول دكتاتورية وشبكة إرهاب دولي وهو تعاون يمكن أن يحارب ويهزم.
وفي مجمل هذه الكتب يظهر بوضوح الخط الأيديولوجي العنصري والمتطرف الذي يستمده نتنياهو من الاتجاه اليميني الأكثر تطرفاً للفكر الصهيوني الذي عبر عنه صهاينة مثل جابوتنسكي وبيغن وشامير، والنابع من عدم القدرة على تخيل بقاء إسرائيل من دون أن تكون إسرائيل الكبرى القوة الإقليمية المهيمنة وهو ينتقد اتفاقية أوسلو لأنها حولت قطاع غزة إلى مأوى للإرهاب، ويحذر من خطر قيام دولة فلسطينية ليس فقط على إسرائيل بل كذلك على الأردن والسعودية وكل الغرب والسلام في رأيه ليس عملاً من أعمال الاعتراف والقبول المتبادل ولكنه عمل قوة وردع وهيمنة، وهنا يدعو الشعب اليهودي إلى السير بإسرائيل عبر القوة لتأخذ مكانها بين الأمم.
ويرى أيضاً أن الموقف المعادي الذي تواجهه إسرائيل يمثل صعوبات أساسية في فهم التغير الجذري في وضع اليهود، وكذلك عدم قدرة أعداء إسرائيل وأصدقائها على السواء على التعايش مع القوة اليهودية والمشكلة الرئيسية في الشرق الأوسط بحسب وجهة نظره هي أن العرب والمسلمين، أو القومية العربية والأصولية الإسلامية طرفان معاديان للغرب ويكرهان إسرائيل لأنهما يكرهان الغرب وليس العكس.
وبعد أن يعرف نتنياهو الإرهاب بأنه (الاعتداء المتعمد والمنتظم على المدنيين لنشر الخوف لأغراض سياسية)، يعرف الإرهاب الدولي بأنه (استخدام العنف الإرهابي ضد أمة معينة من قبل دولة أخرى تستخدم الإرهابيين لخوض حرب بالنيابة كبديل للحرب الشاملة) ويتجه للقول بأن وجود جاليات إسلامية كبيرة في الولايات المتحدة والدول الأوروبية يعتبر بيئة جيدة للإرهاب الإسلامي الذي يهدد هذه الدول، وينصح بقوة بأن تقوم هذه الدول بحماية نفسها مسبقاً بتضييق الحريات المدنية التي يجب ألا تكون مطلقة على حد قوله.
يقول نتنياهو بوضوح إن الاختراق الإسلامي لأوروبا بكلا اتجاهيه السني والشيعي تم تجاهله في النقاش العام، ومعظم الحكومات الأوروبية مترددة وغير راغبة في مواجهة المشكلة ولا تفعل ذلك إلا في حالة حدوث عمل عنف معين.
والأهم بالنسبة له أنه لكسب الغرب المعركة ضد الإرهاب الإسلامي لابد من كسب الولايات المتحدة التي تنفرد وحدها بالقدرة على جر بقية الدول وراءها في هذه الحرب، ولكنه يرى أن أمريكا لن تقتنع بضرورة محاربة الإرهاب الدولي إلا إذا تعرضت مصالحها لخطر هجمات مباشرة.
ويقول إنه اجتهد لإقناع الحكومة الأمريكية بتحويل سياستها إلى معارضة أكثر عنفاً للإرهاب، ويفتخر بما حققته من إنجازات في هذا الخصوص، حيث يدعي أن الرئيس رونالد ريغان قرأ كتابه الإرهاب كيف يمكن للغرب أن ينتصر؟ عندما كان في طريقه لحضور قمة طوكيو حول الإرهاب، وبناءً على توصياته باتخاذ إجراءات عسكرية ضد الدول الإرهابية، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا تعاونتا في عملهما العسكري ضد ليبيا عام 1986.
ومن طرائف كتابه أنه يتأسف لأن حرب الخليج عام 1991 لم تعاقب سوريا وإيران اللتين أصبحتا قوة محركة وراء الإرهاب الدولي والتخوف الرئيسي لديه وهاجسه الذي يؤرقه هو إمكانية وقوع سلاح نووي في يد الإرهاب الإسلامي. فهو يشدد على أثر القنبلة الإسلامية في ميزان القوى في الشرق الأوسط، لأن الإسلام في رأيه هو أيديولوجيا غير عقلانية وفي مقارنة بين الإسلام والشيوعية يرى أن الشيوعية أيديولوجيا غير عقلانية، ولكنها اتبعت بأسلوب عقلاني، أما الإسلام فهو أيديولوجيا غير عقلانية وتتبع بأسلوب غير عقلاني، ولذلك فهو أشد خطرا لأنه يضع الأيديولوجيا قبل الحياة نفسها.
وهكذا فإن خلاصة أفكار نتنياهو المطروحة في كتبه هي أن الإسلام يشكل تهديداً لإسرائيل، وأنه لهزيمة الإرهاب الإسلامي الدولي لابد من إشراك الغرب في الحرب ضده، وإن إشراك الغرب لن يتم إلا بدخول أمريكا كقائد لهذه المعركة، وإن أمريكا لن تدخل هذه الحرب إلا ذا تعرضت مصالحها لهجمات إرهابية مباشرة. وهنا يمكننا أن نتساءل: هل أرادت إسرائيل إقناع أمريكا بتولي قيادة الحرب ضد الإرهاب الدولي عن طريق الإيحاء لبعض الجماعات أو حتى بالإيعاز لأجهزتها السرية بمهاجمة المصالح الأمريكية، لتوجيه اللوم لدول أو حركات إسلامية، وبالتالي تقوم الولايات المتحدة بإمكانياتها كقوة عظمى وبتعاون حليفاتها في الغرب بشن حرب ضد هذه الحركات والدول التي لم توقع سلاماً مع إسرائيل أو تحاول الحصول على أسلحة تعتبر محظورة بتهمة إيواء الإرهاب؟
إن العودة إلى الماضي لفهم الحاضر قد تكون ذات جدوى هنا، فإذا تذكرنا ما عرف بقضية لافون عام 1954، فإننا قد ننظر بعين الشك إلى بعض أعمال العنف ضد المصالح والمواطنين الأمريكيين والغربيين التي نسبت فوراً وعن طريق مكالمات هاتفية أو اتصالات غامضة بوسائل الإعلام إلى جماعات إسلامية متعددة الأسماء والهدف من ورائها, وقضية لافون هي قضية شغلت الرأي العام الإسرائيلي في الستينيات وحتى بعد سنوات من وقوعها، وخلاصتها أن بنحاس لافون وزير دفاع إسرائيل عام 1954 وبالتعاون مع رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي، قررا القيام بأعمال عنف وتفجيرات ضد المصالح البريطانية والأمريكية (ضد سفارتيهما والأماكن التي يتردد عليها الأجانب) في مصر عن طريق خلية سرية مكونة في معظمها من يهود مصريين، لكي يتم توجيه اللوم إلى حركة الإخوان المسلمين وخلق مناخ شك وعدم ثقة في قدرة عبدالناصر على حماية الأجانب، وبالتالي يتحقق هدف إسرائيل في منع تنفيذ الاتفاقية المصرية ـ الإنكليزية القاضية بانسحاب الجنود البريطانيين من سيناء الذين ترى إسرائيل في انسحابهم خطراً على وجودها وأمنها، ولكن كشف السلطات المصرية للجناة أفشل الخطة وبَيَّن مدى استعداد إسرائيل للقيام بأي عمل تعتقد أنه يخدم استراتيجيتها حتى ولو كان ضرب مصالح دول حليفة لها، وتعريض مواطنيها إلى الخطر.
في نهاية كتابه التحريضي العجيب والخطير محاربة الإرهاب يعلن نتنياهو حله السحري للمشكلة، فينصح الغرب قادة وشعوباً باتباع وصاياه العشر التي يحددها في الآتي:
فرض عقوبات على الدول التي تزود الدول الإرهابية الإسلامية بالأسلحة والتقنية النووية.
فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية على الدول الإرهابية نفسها.
تحييد المعاقل الإرهابية.
تجميد الأرصدة المالية الموجودة في الغرب للمنظمات والأنظمة الإرهابية.
تبادل المعلومات الاستخبارية.
مراجعة التشريعات لإتاحة حرية العمل ضد المنظمات الإرهابية.
المتابعة النشطة للإرهابيين.
عدم إطلاق سراح هؤلاء الإرهابيين.
تدريب قوات خاصة لمحاربة الإرهاب.
تدريب وتنوير وتوعية المواطنين بهذا الخصوص.
شارون قد يكون الأكثر وحشية وإجراماً في المائة سنة الماضية هذا القول قد لا ينطوي على أية مبالغة فقد تفوّق هذا المجرم على هتلر وموسيليني، وتفوق على بيجين ورابين أيضاً، وأكثر من ارتكبوا جرائم كبرى في حق الفلسطينيين و العرب ، في حروبه و مذابحه !!
شارون يتفوق في الجريمة على الجميع هو الإرهابي الإسرائيلي الأكبر وتاريخ شارون يُعادل تاريخ الكيان الصهيوني كله وهو تاريخ مليء بشتى أنواع الشرور من تعذيب إلى قتل إلى إبادة جماعية، وتنفيذ مشروع التصفية الصهيوني الموجه لكل ما هو فلسطيني أو عربي أو مسلم في فلسطين.
ولم يقتصر ذلك المشروع على المذابح فحسب، بل إن مخططات التهجير والترانسفير ظلت الشغل الشاغل للمجرم حتى آخر يوم في حياته السياسية، قبل أن يسقط صريع المرض منذ ما يقارب ستة أعوام في غيبوبة لا يدري عن الدنيا شيئاً، وها هم الأطباء يستأصلون جسده قطعة قطعة وجزءاً جزءاً، نتيجة العفونة التي أصابته، فكلما تعفن جزء استأصلوه، حتى أمسى هيكلا عظميا منزوعا عنه اللحم، ويتنفس تنفساً اصطناعيا، فما هو بميت ولا بحي، ليكون آية يضرب الله بها الأمثال للمجرمين والظالمين.
نعم هذا هو ما حدث مع المجرم السفاح شارون بعد أن تسبب في قتل الزعيم الفلسطيني عرفات بفرضه حصاراً مميتاً عليه في مقره في رام الله، ليرغمه على الاستسلام والخضوع لشروطه، ولكن أبو عمار صمد صموداً أسطورياً.
ورغم أن شارون هدم جميع أجزاء المقاطعة ولم يبق إلا على غرفتين منها، وقطع الكهرباء والماء والطعام عنها, إلا أن عرفات ومن معه بقوا صامدين متحدين، وكان معه حوالي أربعمائة رجل جميعهم مطلوبون من جانب شارون، ورفض أبو عمار التخلي عنهم، أو تسليمهم مقابل فك الحصار عنه، وكان يقول: "نعيش معاً أو نستشهد معاً، فأنا لست من الذين يتخلون عن رجالهم في المعركة".
وأمام عجز شارون عن فرض الاستسلام على عرفات رغم استخدامه كل الوسائل قال قولته المشهورة والتي تعبر عن عقلية إجرامية "سأساعد الرب على قتل عرفات", ثم أعلن موت عرفات بعد ذلك وراحت أصابع الاتهام تطول شارون وأنه قتله بالسم بمساعدة عملاء له داخل رام الله، و لم يمض عام واحد حتى كانت إرادة الله له بالمرصاد.
وقد ولد هذا السفاح أحد أشهر مجرمي المذابح في تاريخ العالم عام 1928 في فلسطين المحتلة في قرية ميلان لأسرة بولندية نزحت إلى فلسطين، وعندما بلغ من العمر 17 سنة انضم إلى عصابة الهاغانا الصهيونية، ومارس الإرهاب من خلالها، شارك في حرب 1948، وجُرح وفقد إحدى خصيتيه، والبعض يفسر إرهابه على أنه رد فعل على فقدانه تلك الخصية، ولكن الحقيقة أنه إرهابي مارس الإرهاب قبل حرب 1948، وربما زادته تلك الحادثة إرهاباً على إرهاب، ولكنه إرهابي بالسليقة.
وفي عام 1952 شارك في مذبحة قرية شمال غربي مدينة القدس حيث تم حبس الرجال "حوالي 400 رجل" في المسجد، ومنعوا عنهم الطعام والشراب، وقدموا لهم البول بديلاً عن الماء، ثم أخرجوهم وداسوهم جميعاً بالدبابات، واغتصبوا النساء ثم قتلوهن.
وفي عام 1953 تقدم شارون بطلب تشكيل وحدة خاصة للإرهاب تتكون من المحكوم عليهم جنائياً في السجون الإسرائيلية، وقامت تلك الوحدة بقيادة شارون بتنفيذ خمس مذابح ضد المدنيين الفلسطينيين من 1953 ـ 1956، منها مذبح قرية قبية على الحدود الأردنية حيث قُتل كل أفراد القرية رجالاً ونساء وأطفالاً.
ومنها أيضاً مذبحة "بدو العزازمة"، ومذبحة البريج ثم مذبحة قلقلية عام 1956، ثم ارتكب شارون مذبحة ضد الأسرى المصريين في حربي 1956 - 1967، مما أدى إلى مصرع ثلاثة آلاف أسير أعزل, بالاشتراك مع آخرين من ضباط الجيش الصهيوني.
وقد تباهى المجرم شارون بذلك، واعترف به، وقال: لو عادت الأيام لفعلت نفس الشيء، لقد كنت آمر الجنود الأسرى بحفر قبورهم بأيديهم.
وتُعدّ مذبحة صبرا وشاتيلا من أهم المحطات في حياة المجرم شارون، فقد صممها وأمر بتنفيذها وسهل للجناة فعلتهم وفتح لهم الطريق بعد احتلال بيروت عام 1982، وقد حدثت المذبحة يوم 10 سبتمبر 1982، وكان شارون يشغل منصب وزير الدفاع الصهيوني في ذلك الوقت، وكانت مذبحة مروعة قتل فيها الآلاف، وتم التمثيل بالجثث، وقطع الأطراف، وبقر بطون النساء.
وقد أدانت لجان التحقيق شارون نفسه في تلك المذبحة كنوع من امتصاص غضب الرأي العام الذي أذهلته وقائع المذبحة.
بالطبع لا يمكن حصر كل جرائم شارون، وقد وصفته الكتابات الصحفية في كل مكان بما فيها إسرائيل ذاتها بأنه البلدوزر، الذئب الجائع، دراكولا مصاص الدماء، وغيرها من الأوصاف التي تؤكد على حالته المعروفة والمشهورة، بل إنه عندما أصبح رئيساً للوزراء عام 2001 مارست حكومته كل أنواع الاغتيال والقتل والاعتقال والمذابح في مدن الضفة وغزة، وهو صاحب فكرة الجدار العازل الذي التهم المزيد من أراضي الفلسطينيين وعزل أبناء الشعب الفلسطيني.
وُيعتبر مناحيم بيجن مُعلم المجرم والسفاح شارون في عالم الإجرام، وهو الذي كان يرعاه صغيراً عندما كان يحبو في عالم الجريمة، وكان دائما يشجعه على ذبح الفلسطينيين وارتكاب المجازر ضدهم، ويكيل المديح لهذه الجرائم والمذابح، وهو الذي أعطاه الأوامر بارتكاب مذابح صبرا وشاتيلا وهو الذي اتخذ قرار اجتياح لبنان والقضاء على الوجود الفلسطيني فيه عام 1982 حيث كان حينذاك رئيسا لوزراء الكيان اليهودي.
وتعد السيرة الذاتية لشارون من وجهة نظر الكثير من الباحثين استثناءً بحال من الأحوال من فكرة التعامل "التقليدي" مع سير حياة العديد من الشخصيات السياسية, باعتبار أنَّ السيرة الذاتية لشارون لا تعني مسيرة حياة شخص أمضى جُلَّ سنوات عمره في القتل ونشر الدمار، ولكنها تُعتبر مرآةً حقيقيةً للمشروع الصهيوني في فلسطين وما حولها، وطبيعة هذا المشروع القائمة على أساس اعتماد تراث العنف والدم أساسًا.
والمتتبع للسيرة الذاتية لشارون يجد فيها الكثير من التكثيف والتركيز لملامح هذا المشروع، فشارون التحق بعصابات الهاجاناه، وهو لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره، وكان في العشرين من عمره أحد مجرمي العصابات الصهيونية في حرب فلسطين في العام 1948 حيث قاد قوات كبيرة نسبيًّا مقارنة مع سنه, وحارب في اللطرون على مشارف القدس في مواجهة البطل العربي الشهيد عبد القادر الحسيني، وأصيب فيها شارون بإصابة قيل إنَّها لعبت دورًا بارزا في رسم شخصيته وعدائيته الشديدة للعرب.
ومما يسجله التاريخ هو أن شارون مجرم منذ طفولته الأولي، فقد كانت أول جرائمه هو التعرض لرجل فلسطيني ثري وسرقة سيارته الفخمة، ومن السيارة الفخمة إلى الحرب الضخمة في فلسطين من أجل ما يدعونه إسرائيل العظمى، حيث أصيب برصاص في بطنه وفخذه وكذا خصيتيه بعدها حل به مرض الملاريا ولمعالجته حسب ما ذكر في مذكرته لجأ إلى أقاربه في لندن وباريس وكذا نيويورك، فسافر إلى تل أبيب مع أبيه لشراء أول جاكيت وزوج من الأحذية التي يلبسها أصحاب المدن، وبعد عودته شعر بأنه ينتمي إلى المجتمع الراقي كما عبر في مذكرته.
لقد عين شارون رئيس إستخبارات في المنطقة الشمالية العسكرية للقيام بمهمته الأولى والمتمثلة في اختطاف رهائن من الأردن من أجل إستغلالهم في عملية تبادل الأسرى، وتمت العملية بخسارة كبيرة فما يهم شارون هو الدولة وليس البشر.
إن شارون إسم لامع مصدر لمعانه نيران الشرر التي تنبعث من أحقاده التي تسكن أعماقه المتعفنة، فشارون الطفل لا يختلف عن هؤلاء الأطفال الذين بعثوا رسالة وجهت من طفل إسرائيلي إلى طفل فلسطيني جاء فيها: "شارون سيقتلكم جميعا إنه قادم إليك في الليل ومعه عقارب و أفاع" وأخرى نشرها باحث إسرائيلي خاصة بميول التلاميذ أهم ما جاء فيها "أريد أن أشرب من دمك حين أراك"، إن صورة شارون حملها الطفل الإسرائيلي في ملصق مصور فيه هذا الشيطان وهو يحمل رأس طفلة مغمور بالدماء.
إن سيرة هذا الشيطان الإرهابي الذي قال له بن جوريون أنت لا تصلح إلا للقتل وقائع تطرق لها الكاتب إبراهيم داود تسرد أن شارون الذي ولد في مزرعة جماعية تسمى موشاف، من أب فلاح ينتمي إلى المهاجرين من روسيا وهولندا وأم ممرضة، مهمتها تقديم العلف للماشية، أنجبا مولودا سنة 1928 يقوم بسرقة قرون الخروب التي تضاف إلى العلف، ولترسيخ صورة الشر فيه أهداه والده خنجرا وهو في سن الثالثة من عمره، وكانت أول جرائمه هو التعرض لرجل فلسطيني ثري وسرقة سيارته الفخمة.
وقد كلف شارون بمهمة الكلاب وهي الجري واللهث من أجل مطاردة الفدائيين العرب فشكلت الوحدة 101 على رأسها شارون السفاح الذي نال إعجاب بن جوريون لجرأته في سفك الدماء العربية، هذا الأخير وصف شارون بالجاهل و كان ينصحه قائلا: "لا تقرأ يا أرئيل فأنت لا تصلح إلا للقتل ونحن نريد قتلة أكثر من مثقفين".
وحقق شارون رغبته في سنة 1967 وهذا بإشرافه على المذابح الجماعية ضد المصريين في سيناء، ولأن بارليف لا يريده فقد أجبر على ترك الخدمة بعد الحرب، فقرر الجاهل أن يشتغل بالسياسة والتي تقوم على أساس تشييد بناء الدولة الإسرائيلية حسبه بالإبادة التعسفية بسفك الدماء, وفي فندق الملك داود حدث اللقاء بين المتطرف شارون ومناحيم بيجين والذي يعد أكثر تطرفا من شارون، ويشير المصدر أن جدة شارون كانت الداية التي سحبت بيجين للعيش في أرض الشتات، وجده كان صديقا حميما ومقربا لوالد بيجين مما سهل له حمل الحقيبة الوزارية الخاصة بالزراعة و الاستيطان وهذا بعد أن رفض رئاسة الموساد.
في عام 1977 يقسم من لا وفاء له أن يكون وفيا لدولة إسرائيل، وكان هذا القسم بداية لتوسيع المستوطنات، حيث بلغت بعد أشهر قليلة 64 مستوطنة في الضفة الغربية، وكذا 65 مستوطنة في الخليل، وبعدها تولى قيادة المجزرة المشهورة صبرا وشاتيلا سنة 1982 حيث فاق عدد المقتولين عدد السنة حيث بلغ 2000 ضحية من ضمنهم أطفال ونساء وكذا المسنين، وكان من بين ما استهدفته طائرات 16F حافلة ناقلة لفتيات لم تتجاوز سن العشرين، ويستشهد المصدر بشهادة أحد الأطباء السريلانكيين وهذا ضمن تقرير الحملة الدولية لمحاكمة شارون أن أفراد المليشيات قتلوا كل الفريق الطبي الفلسطيني، كما قامت قوات الإرهابي بتدمير مركز الأبحاث الفلسطينية وسرقة كل الوثائق المهمة كونها متعلقة أساسا بالمهمة الفلسطينية قبل 1948.
إن شهادة الصحفي الفرنسي جان جانييه، حملتنا إلى أموات آخرين، هؤلاء ليسوا من ذبحوا وقصفوا بالدبابات والطائرات وإنما هم الأموات الذين قصفوا في مقابرهم فرمت بهم القذائف خارج الأرض، فهو لا يكتفي بعدد الأموات الذي تسبب فيه.
وفي مذكرات المتقاعد الينورى مارن وهو ضابط في الموساد، أن شارون كان يطلب منهم القيام بأفعال يندى لها الجبين، وما عجز عنه هؤلاء يتولاه شارون الذي تلذذ باختطاف الفلسطينيين، كما أكد أن شارون فضل أن يحتفل بعيد ميلاده عن طريق إطفاء شموع خاصة وهي قتل 20 طفلا، وفي طريقه وجد امرأة تحمل رضيعا فقام بالاعتداء عليها بالسكين حتى فصل رأسها عن جسدها، وبعدها أمر بإشعال النار وقذف فيها الرضيع الذي كلما تعالت صراخاته تتعالى ضحكات هذا الحقير، وبعد أن احترق الرضيع، أشار شارون إلى أن هذا لا يدخل في حساب العشرين طفلا وحل دور الخمسة الذين قادتهم براءتهم إلى اللعب في الشارع ليس بعيداً عن منطقة الجليل فأمر جنوده البطاشين بأن يختطفوهم وهم لا يتجاوزون ست سنوات، حيث أمر بتعذيبهم وبعدها حرقهم كما فعل بالرضيع ويضيف المصدر أنه خلال ساعة ونصف تم القضاء على 15 طفلا فلسطينيا.
وما أكثرها جرائم شارون، فما سرد هنا لا يعبر حقا عن كل الوقائع الإجرامية والوحشية لهذا النذل، لأنه مهما قيل ومهما كتب فإن وحشية شارون لم تذكر كلها لأنها تفوق الخيال.
على ذكر الصهاينة يجب علينا لا ننسى المتصهينين الممولين للمذابح التي تعرض ويتعرض لها شعبنا لغاية الان فهم على ما اعتقد أشد عنفا و اجراما
في القانون حسن من يخطط ويمول عقوبته أكبر من المنفذ
قال تعالى : ( ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون )
لكن مالذي جعل هاؤلاء الجرذان يسيطرون على الارض ويقوموا بكل هاذه المذابح ؟
الجواب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي حدثنا بشر بن بكر حدثنا ابن جابر حدثني أبو عبد السلام عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت
على ذكر الصهاينة يجب علينا لا ننسى المتصهينين الممولين للمذابح التي تعرض ويتعرض لها شعبنا لغاية الان فهم على ما اعتقد أشد عنفا و اجراما
في القانون حسن من يخطط ويمول عقوبته أكبر من المنفذ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عدي داوود
قال تعالى : ( ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون )
لكن مالذي جعل هاؤلاء الجرذان يسيطرون على الارض ويقوموا بكل هاذه المذابح ؟
الجواب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي حدثنا بشر بن بكر حدثنا ابن جابر حدثني أبو عبد السلام عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت
بني صهيون بيخطط للمستقبل يعني عندهم خطة 100 سنة وعلى سبيل المثال فإن سعيد بن يوسف الفيومي ذكر أن اليهود شعب من أجل التوراة أو بسببها وبذلك جعل الشعب أداة، أما آحاد هعام فيرى أن كل شيء أداة لتأكيد هوية الشعب حتى الدين نفسه.
صحيح أن الصهيونية سعت إلى تكريس نفسها كحركة قومية تبني أمة على غرار قومية أوروبا الوسطى في القرن التاسع عشر بهدف تحرير الإنسان اليهودي من حالة المنفى من خلال بناء الدولة ونفي المنفى، وليمسي اليهود شعباً كبقية الشعوب.. وصحيح أنه كان هناك جانب ثقافي ديني متعلق بنظرة الأنجليكانية الرسمية لمهمتها التاريخية، إلا أن تبني الاستعمار للصهيونية، (وتبني الأخيرة له ولأهدافه) يتسم بأبعاد أخرى مختلفة تماماً تتعلّق برؤيته الإستراتيجية للمنطقة لا فلسطين وحدها.
الشعب الفلسطيني عندو الارادة بس حاليا الارادة لوحدها لا تكفي امام السيطرة والقوى والسلاح لو نرجع للماضي كيف دخل اليهود وكيف عمل جرام لليوم الشعب الفلسطيني والعربي بيذكرها وما بينساه اليهود دخل بمساعدة الانكليزي بس حاليا الدنيا بتعيد نفسها والان الدول الاوروبية صارت تعترف بفلسطين وهاد له تاثير على القضية الفلسطينيه التخطيط والارادة والسلاح راح تتحرار فلسطين بس الارادة لوحدها لا تكفي
لويس برانديز
أحد زعماء ما يسمى "الصهيونية التوطينية", وُلد في الولايات المتحدة لأبوين مهاجرين من تشيكوسلوفاكيا من أصل ألماني ومن أتباع اليهودية الإصلاحية (وكانت أمه من أسرة من أتباع يعقوب فرانك), لم يتلق برانديز أي تعليم ديني تقليدي إذ دخل مدرسة ألمانية في الولايات المتحدة ثم التحق بجامعة هارفارد.
وقد حقق برانديز شأنه شأن معظم الأسر الأمريكية اليهودية من أصل ألماني، معدلات عالية من الاندماج, ورُشِّح للوزارة عام 1914 ولكن ترشيحه رُفض لا بسبب يهوديته وإنما لأن بعض القوى المالية التي كانت لا توافق على آرائه المعادية للاحتكار كانت تخشى تعيينه.
ألف برانديز كتاباً بيَّن فيه كيف أن المصالح المالية تتحكم في السياسة، وفي عام 1916 رشحه الرئيس ويلسون لعضوية المحكمة العليا الأمريكية (وكانت هذه أول مرة يُرشَّح فيها يهودي لهذا المنصب). وقد أثار ترشيحه عاصفة لا لأنه يهودي وإنما بسبب أفكاره الراديكالية, وقد تم تعيينه في نهاية الأمر ليظل في منصبه حتى تقاعد عام 1939.
ويُعَدُّ برانديز من المصلحين الاجتماعيين في الولايات المتحدة، فقد شن حرباً ضد الاحتكارات، وعمل من أجل تحديد ساعات عمل المرأة, وكان يرى ضرورة أن يكون النظام الرأسمالي مُكوَّناً من وحدات صغيرة متنافسة وكان برانديز يؤمن بأن القانون يجب ألا يكون أمراً ثابتاً أو نهائياً، وإنما يجب أن يُعاد تفسيره دائماً حسب الملابسات التاريخية، ولا يختلف فكره في الواقع كثيراً عن الفلسفة التي استند إليها برنامج نيو ديل New Deal الذي تم تطبيقه بعد عام 1933.
ويرجع اهتمام برانديز بالصهيونية إلى خبرته في نيويورك حيث شهد بعض آثار الاستغلال الموجه ضد عمال النسيج من يهود اليديشية، وهو استغلال تتعرض له عادةً جماعات المهاجرين الذي يتحولون إلى عمالة رخيصة, ولكن يبدو أن برانديز تصوَّر أن معاداة اليهود لعبت دوراً في عملية الاستغلال هذه.
كما التقى برانديز بجيكوب دي هاس، سكرتير هرتزل الذي عرَّفه بالفكر الصهيوني, وقد كان برانديز من المؤمنين بأن هناك تماثلاً كاملاً بين المثل العليا الأميركية والصهيونية وأن كلاً منهما يغذي الآخر، ولذا فلا يوجد مجال لازدواج الولاء بالنسبة ليهود أمريكا إن تبنَّوا العقيدة الصهيونية, فمُثُل أمريكا (على حد قوله) هي نفسها مُثُل اليهود عبر تاريخهم, وكي يصبح الأمريكي اليهودي أكثر يهودية عليه أن يصبح صهيونياً. ومن ثم فعلى كل يهودي أمريكي أن يساعد المُستوطَن الصهيوني رغم أنه يعرف أنه لا هو ولا نسله سيعيشون هناك قط.
وقد طالب برانديز بإعادة صياغة فلسطين (أرض الأجداد) على حد قوله لا باعتبارها مكاناً للاستيطان وإنما باعتبارها مركزاً تُشعُّ منه الروح اليهودية وتعطي اليهود المبعثرين في كل أنحاء العالم هذا الوحي الذي ينبع من ذكريات ماض عظيم وأمل مستقبل عظيم.
وببساطة شديدة، فإن كل هذه العبارات الرنانة تعني أن يهود أمريكا أمريكيون حققوا الاندماج في مجتمعهم في وطنهم القومي أما فلسطين فهي الوطن الأم الذي يساعدهم على الحفاظ على هويتهم ولكنهم لن يهاجروا إليه قط، فهذا أمر مقصور على اليهود الآخرين، عادةً يهود اليديشية.
انضم برانديز للمنظمة الصهيونية عام 1912 في لحظة حرجة، إذ أن الحرب العالمية كانت قد همَّشت المنظمة في أوروبا تماماً فإضطلع صهاينة أمريكا بمهمة دعم المُستوطَن الصهيوني، وخصوصاً أن الولايات المتحدة بدأت تتبوأ مكان القيادة فتم تنظيم لجنة تنفيذية مؤقتة لشئون الصهيونية العامة في الولايات المتحدة (1914 ـ 1918) وعُيِّن برانديز رئيساً لها، غير أنه رفض رئاسة المنظمة الصهيونية العالمية واكتفى بأن يكون رئيساً فخرياً لها في الفترة 1920 ـ 1921.
وقد ساهم برانديز في تحديد اتجاه عملية دعم وغوث المُستوطَن الصهيوني، كما ساهم في توسيع المنظمة الصهيونية وزار فلسطين بين عامي 1917 - 1919.
وترأس برانديز الوفد الأمريكي في مؤتمر لندن الصهيوني عام 1920، وهو أول اجتماع للمنظمة الصهيونية بعد الحرب العالمية الأولى.
ساهمت اللجنة التنفيذية المؤقتة في إدارة المُستوطَن الصهيوني وفي إرسال العون للمستوطنين، وقامت البحرية الأمريكية أيضاً بالمساعدة في ذلك. وكان السفير الأمريكي في القسطنطينية على اتصال دائم بالمُستوطَن الصهيوني بإيعاز من برانديز ويمكن القول بأنه حتى دخول الولايات المتحدة الحرب عام 1917 كانت اللجنة التنفيذية المؤقتة هي الدعامة الأساسية للمُستوطَن, وقد نجح برانديز في الاحتفاظ بحياد المنظمة الصهيونية أثناء الحرب متبعاً في ذلك السياسة الأمريكية.
وكانت قيادة الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة آنذاك من أصل ألماني، ولذا كانت عواطفهم تتجه نحو ألمانيا وحاولوا دَفْع المنظمة نحو اتخاذ خط ممالئ للوطن الأصلي، ولكن برانديز نجح في وقف هذا الاتجاه.
ومع انتصار الحلفاء، قرر برانديز تعديل السياسة الصهيونية واتصل بالرئيس ويلسون الذي عبَّر عن تعاطفه مع الصهيونية ثم اتصل بالسفيرين الفرنسي والإنجليزي في واشنطن وعرض عليهما المشروع الصهيوني, وقد رتب الرئيس ويلسون لاجتماع بين بلفور وبرانديز وفي هذه الآونة أيد برانديز إنشاء الفيلق اليهودي ولعب دوراً في حث الحكومة الأمريكية على قبول وعد بلفور.
قام برانديز بعد ذلك بإعداد ما يُسمَّى (برنامج بتسبرج) 1918 الذي دعا إلى الملكية العامة للأرض في فلسطين (لمنع السمسرة والمضاربة) وإلى الموارد الطبيعية والمرافق وإلى تشجيع الخطوات التعاونية في تطوير الزراعة والصناعة, وفي عام 1920، عشية مؤتمر سان ريمو الذي أعلن الوصاية البريطانية على فلسطين، نجح برانديز في التأثير على ويلسون لتعديل حدود فلسطين الشمالية بحيث اختلفت عن تلك التي نص عليها اتفاق سايكس بيكو.
وبعد مؤتمر سان ريمو، ظهرت التناقضات بين برانديز بنزعته التوطينية واتجاهاته الاندماجية من جهة، ومن جهة أخرى ممثلي الصهيونية الاستيطانية التي تحاول أن تستفيد من كل يهود العالم ولا تتركهم وشأنهم، وكذلك ممثلي الصهيونية الإثنية (الدينية والعلمانية) التي تحاول أن تفرض على يهود العالم هوية يهودية محددة تتناقض مع طموحاتهم الأمريكية نحو الاندماج الكامل وهو التناقض الذي سماه أحد الصهاينة (الصراع بين واشنطن ومنسك).
وقد قدَّم برانديز عدة اقتراحات جوهرها فك الاشتباك تماماً بين صهاينة الخارج التوطينين وصهاينة الداخل المستوطنين بحيث يصبح كل فريق فيهم حراً تماماً عن الآخر، على أن يتم التواصل بينهم من خلال حكومة الانتداب (الممثل الرسمي للاستعمار الغربي).
ويظهر مدى إلحاح رغبة برانديز في فك الاشتباك بين التوطينين والاستيطانيين في تأييده مشروع نوردو الخاص بنقل عدد ضخم من اليهود إلى فلسطين لخلق أغلبية سكانية فورية تتمتع بعد قليل بالسيادة الكاملة على أن تتم العملية برمتها تحت إشراف حكومة الانتداب وداخل إطار المصالح الغربية.
ويتلخص اقتراح برانديز في محاولة تحديد مهمة الصهاينة التوطينين ونطاق عملهم على المستويين الدولي الخارجي والفلسطيني الداخلي:
في المجال الدولي، كان برانديز يرى أن مهمة الصهيونية السياسية أو الدولية قد انتهت تماماً مع صدور وعد بلفور إذ أن حكومة الانتداب ستستوعب كل مهام الصهيونية السياسية الدولية, ولذا يستطيع الصهاينة التوطينيون إسقاط هذا الجانب من نشاطهم, ويجب على كل قيادات الحركة الصهيونية باستثناء (سوكولوف ووايزمان) تَرْك النشاط الاستيطاني والدولي وأن يركزوا على محاولة تأسيس منظمة صهيونية قوية ليس لها طابع سياسي تضم اليهود غير الصهاينة الذين ينضمون إليها في إطار حكومة الانتداب بهدف جَمْع رأسمال يموِّل المشاريع التي ليس لها عائد.
أما على الصعيد الفلسطيني، فقد اقترح برانديز أن تمثل المنظمة الصهيونية في فلسطين مجموعة تكنوقراطية بعيدة تماماً عن السياسة، متخصصة في المشاريع التي ليس لها عائد مثل الصحة العامة والزراعة (إصلاح الأراضي) والصناعة، وتتخذ قراراتها خارج أي إطار عقائدي ولا تلتزم إلا بالعمل داخل نطاق حكومة الانتداب, ويقوم المستوطنون من الناحية السياسية بتمثيل أنفسهم من خلال مجالس تمثيلية تشرف عليها حكومة الانتداب وبذا تنتفي العلاقة المباشرة مع يهود وصهاينة العالم, ولا يختلف الأمر كثيراً من الناحية الاقتصادية إذ طالب برانديز بأن يصبح المستوطنون مستقلين تماماً يديرون شئونهم على أسس رأسمالية سليمة بهدف أن يصبحوا معتمدين على أنفسهم ومكتفين بذاتهم ويشجعوا الاستثمارات الفردية الرأسمالية.
إن جوهر اقتراح برانديز هو إسقاط الخصوصية الصهيونية من المشروع الاستعماري الصهيوني وتحويله إلى مشروع استعماري غربي لا يختلف من قريب أو بعيد عن المشاريع الأخرى ومن ثم لا يتحرك التوطينيون إلا في نطاق حكومة الانتداب ولا يتحرك الاستيطانيون إلا في النطاق نفسه ولا يلتقي الطرفان إلا داخله.
ولم يوافق وايزمان وقيادات يهود اليديشية وممثلي الصهيونية الاستيطانية على اقتراحات برانديز للأسباب التالية:
ذهب وايزمان إلى أن برانديز لا يعرف طبيعة الاستيطان الذي يتطلب الدعم الدائم، ومن ثم فإن إدارة المشروع الصهيوني الاستيطاني على أسس رأسمالية ستطيح به.
ما بين مؤتمر سان ريمو وإعلان الدولة كان الاستيطانيون يعرفون أنهم يحتاجون إلى دعم الصهاينة التوطينين سياسياً ومالياً، وهو ما يحاول برانديز وضع نهاية له.
إسقاط الديباجات القومية اليهودية كان يُعَدُّ ضربة في الصميم لمحاولة تأكيد الصلة بين المستوطنين ويهود العالم، وهي صلة كان يحرص عليها المستوطنون لتوظيفها لصالحهم, ولذا أصر الاستيطانيون على أن تظل المنظمة الصهيونية العالمية منظمة للشعب اليهودي بأسره تعبِّر عن إرادة هذا الشعب ومن ثم يمكنها أن تبتز أمواله.
وقد وُصف مشروع برانديز بأنه (صهيون بدون صهيونية) أي أنه مشروع استيطاني في فلسطين ليست له خصوصية يهودية وهو خلاف (الصهيونية بدون صهيون) وهي الصهيونية (الإقليمية), ويمكن القول بأن الاستيطانيين أدركوا أن طبيعة المرحلة تتطلب استمرار التشابك بينهم وبين التوطينين ويهود العالم.
ولذا فقد سمحوا بدخول العناصر غير الصهيونية إلى الوكالة اليهودية لكن داخل الإطار الصهيوني، وتم تأسيس الصندوق التأسيسي (كيرين هايسود) وأُنفقت بعض أمواله المخصصة للأعمال الخيرية والمشاريع التي لا عائد لها على مشاريع استثمارية، فاعترض برانديز فيما يُسمَّى (مذكرة زبلاند) التي قدِّمت للمنظمة الصهيونية في أمريكا 1921.
وقد رُفضت اقتراحات برانديز وأُخذ بوجهة نظر وايزمان، فاستقال برانديز هو وبعض الصهاينة وقطع علاقته بالمنظمة الصهيونية، ولكنه ظل يمارس ما سماه النشاط التعاوني وأسس شركة فلسطين الاقتصادية لتصب فيها الهبات والمنح ومعنى ذلك أنه استمر في نشاطه الخيري التوطيني.
وقد أدلى برانديز ببعض التصريحات التي يُفهَم منها رفضه الرؤية الصهيونية بقضها وقضيضها وقد سُمِّيت جامعة برانديز باسمه.
ويمكن القول بأن برانديز أدرك طبيعة المشروع الصهيوني من البداية وأنه جزء من المشروع الاستعماري الغربي، كما أدرك طبيعة العلاقة بين الاستيطانيين والتوطينين، وكل ما في الأمر أنه طرح رؤيته في مرحلة مبكرة للغاية.
ولكن التطورات اللاحقة سواء في المُستوطَن الصهيوني أو بين الصهاينة التوطينين أثبتت صدق رؤيته، إذ أن الدولة الصهيونية أصبحت جزءاً أساسياً من المشروع الاستعماري الغربي، مدينة له بوجودها واستمرارها وهي لا تعتمد على مساعدات يهود العالم التي لا تشكل سوى نسبة مئوية ضئيلة من المساعدات التي تصلها من الولايات المتحدة, والعلاقة بين الصهاينة المستوطنين والصهاينة التوطينين تتم في إطار المصالح والأولويات الإستراتيجية الغربية.