الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
سنقف معكم إخواني في هذا الموضوع الهام عن ( علم الجرح والتعديل ) ،، ونبين فيه معناه
وأهم رجالاته الذين تناقلوه ومن هم علماء الأمة في هذا العلم ...
:: علم الجرح والتعديل ::
هو علم يعنى بالرجال الناقلين لحديث النبي صلى الله عليه وسلم والآثار والأخبار، والنظر في شرائط قبولهم، وأسباب ردهم، فما استوفى من الأسانيد شروط الصحة حكم بقبوله، وما كان فيه سبب أو أكثر من أسباب الرد رد. وهو علم جليل ثمرته معرفة حديث النبي صلى الله عليه وسلم صحة وضعفاً قبولاً ورداً، وكذلك الآثار والأخبار.
لما جاء عصر التابعين وحدثت الفتن وظهرت الفرق كان ذلك مبدأ ظهور وضع الحديث من أهل البدع والأهواء فانتدب علماء التابعين للمحافظة على الحديث، واجتهدوا في ذلك متبعين أقصى وأحكم ما يمكن من وسائل البحث والفحص الصحيحة، فقد أخرج مسلم في مقدمة صحيحه عن محمد بن سيرين أنه قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم، فينظر إلى حديث أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم. وكانوا يقولون: إنما هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذونها، وإن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم.
علماء الجرح والتعديل كثيرون يتجاوز عددهم 150 عالماً على مر القرون ، ولكنني في هذا الموضوع سأذكر أشهرهم وأبرزهم في هذا الفن العظيم ( علم الجرح والتعديل ) .
1 - محمد بن سيرين ، أبو بكر البصري ( ت 110 هـ ) :
متفق على ثقته وجلالته وإتقانه ، قال الذهبي : ( الإمام الرباني ... كان فقيها إماما غزير العلم، ثقة ثبتا، علامة في التعبير، رأسا في الورع )
2- أيوب بن أبي تميمة السختياني، أبو بكر البصري ( ت 131 هـ ) :
متفق على ثقته وجلالته وإتقانه ، قال ابن سعد : ( كان أيوب ثقة ثبتاً في الحديث ، جامعاً ، عدلاً ، ورعاً ، كثير العلم ، حجة ) المصدر : الطبقات الكبرى ( 7 / 246 – 251 ) .
وقال أبوحاتم : ( ثقة لا يُسأل عن مثله ) ، المصدر : الجرح والتعديل ( 2 / 255 – 256 برقم 915 ) .
وقال شعبة : ( شكُّ أيوب ويونس وابن عون أحب إلي من يقين قوم كثير ) ، المصدر : تاريخ مدينة دمشق ( 31 / 340 ) .
وتقدم قول ابن رجب : ( فالجهابذة النقاد العارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جداً ، وأول من اشتهر في الكلام في نقد الحديث ابن سيرين ، ثم خلفه أيوب السختياني ... ) .
3 – شعبة بن الحجاج ، أبو بسطام الواسطي ثم البصري (ت 160 هـ ) :
قال ابن رجب : ( وهو أول من وسع الكلام في الجرح والتعديل ، واتصال الأسانيد وانقطاعها ، ونَقَّبَ عن دقائق علم العلل ، وأئمة هذا الشأن بعده تبع له في هذا العلم ) ، المصدر : شرح علل الترمذي ( 1 / 172 ) .
وقال ابن أبي حاتم : ( باب ما ذكر من معرفة شعبة بعلل الحديث صحيحه وسقيمه وما فسر من ذلك ) ثم سرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن ، انظر : تقدمة الجرح والتعديل ص 157 .
5 – إسحاق بن راهويه أبو يعقوب النيسابوري ( ت 239 هـ ) :
قال النسائي : ( لم يكن في عصر أحمد مثل هؤلاء الأربعة : أحمد ، ويحيى ، وعلي ، وإسحاق ، وأعلمهم علي بالحديث وعلله ، وأعلمهم بالرجال وأكثرهم حديثاً يحيى ، وأحفظهم للحديث والفقه إسحاق ، إلا أن أحمد بن حنبل كان عندي أعلم بعلل الحديث من إسحاق ، وجمع أحمد المعرفة بالحديث والفقه والورع والزهد )
6 – أحمد بن حنبل أبو عبد الله المروزي نزيل بغداد ( ت 241 هـ ) :
وقد كتبوا في الإمام أحمد مؤلفات ودراسات كثيرة جداً تزيد على تسعين دراسة ، أكثرها في الحديث وعلومه ، تُنظر في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ، وكذلك في فهارس كتابي محمد خير رمضان ( دليل مؤلفات الحديث الشريف المطبوعة ) و ( المعجم المصنف لمؤلفات الحديث الشريف ) .
قال ابن أبي حاتم : ( باب ما ذكر من معرفة أحمد بن حنبل بعلل الحديث بصحيحة وسقيمة وتعديله ناقلة الأخبار وكلامه فيهم ) وسرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن ، انظر : تقدمة الجرح والتعديل ص 314 .
وتقدم قول ابن أبي حاتم أيضاً : ( سمعت أبي يقول : الذي كان يحسن صحيح الحديث من سقيمه وعنده تمييز ذلك ويحسن علل الحديث أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ، وبعدهم أبو زرعه كان يحسن ذلك ، قيل لأبي : فغير هؤلاء تعرف اليوم أحداً ؟ قال : لا ) .
وقال ابن رجب – مبيناً مكانة أحمد بن حنبل في العلم – : ( واختص عن أقرانه من ذلك بأمور متعددة منها : سعة حفظه وكثرته ، ومنها : معرفة صحيحه من سقيمه : وذلك تارة بمعرفة الثقات من المجروحين ، وإليه كانت نهاية المنتهى في علم الجرح والتعديل ، وتارة معرفة طرق الحديث واختلافه ، وهو معرفة علل الحديث ، وكان أيضا نهاية في ذلك ، وهذا وإن شاركه كثير من الحفاظ في معرفة علل الحديث المرفوعة ، فلم يصل أحد منهم إلى معرفته بعلل الآثار الموقوفة ، ومن تأمل كلامه في ذلك رأى العجب العجاب ، وجزم بأنه قل من وصل إلى فهمه في هذا العلم ) الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة ص 41
7 – محمد بن إسماعيل الجعفي أبوعبدالله البخاري ( ت 256 هـ ) صاحب ( الجامع الصحيح ) :
له مصنف في ( العلل ) ، قال الترمذي : ( ولم أر أحدا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد كثير أحد أعلم من محمد بن إسماعيل ) العلل الصغير مع شرح ابن رجب ( 1 / 32 ) .
وصناعة العلل واضحةٌ في كتابَيْهِ ( التاريخ الكبير ) و ( التاريخ الأوسط ) ، وهو ممن استفاضت شهرته بهذا الفن ، وللفائدة : راجع ما ذكر عند عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي .
:: أشهر علماء الحديث من لدن الصحابة الى عصرنا هذا ::
فممن كانت له عناية ظاهرة بالحديث وروايته من الصحابة الخلفاء الراشدون الأربعة ، ثم أبو هريرة سيد الحفاظ ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، ومعاذ بن جبل أعلم الأمة بالحلال والحرام ، وأبي بن كعب ، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، وأنس بن مالك ، وجابر بن عبد الله ، وعائشة ، وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم .
ثم من طبقة التابعين سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، ومحمد بن سيرين ، وعكرمة ، ونافع ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، وخارجة بن زيد ، والقاسم بن محمد ، وعروة بن الزبير ، وبكر بن عبد الله المزني ، وسليمان بن يسار ، وطاووس ، وعبد الله بن شقيق ، والزهري ، وإبراهيم النخعي ، وعمر بن عبد العزيز .
ثم علماء الحديث من أتباع التابعين الذين كان لهم بصر به وهم في الجملة أول من نظر في الإسناد وتكلم عن أحوال الرواة ، فمنهم مالك بن أنس ، وشعبة بن الحجاج ، وأبو إسحاق الفزاري ، والأوزاعي ، والأعمش ، ومعمر بن راشد ، وعبد الله بن المبارك ، وغيرهم .
ثم من أخذ عن هؤلاء من أئمة الحديث وعلماء الجرح والتعديل كيحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، ويحيى بن معين ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو عبيد ، ونعيم بن حماد ، وهناد بن السري ، وعمرو بن علي الفلاس .
ثم البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجة ، والذهلي ، والدارمي ، وأحمد بن سنان القطان ، وأحمد بن منصور الرمادي ، وحجاج بن الشاعر ، وإبراهيم الحربي وعباس الدوري ، وابن أبي خيثمة ، وزكريا بن يحيى الساجي ، وأبو حاتم الرازي ، وأبو زرعة الرازي .
ثم ابن خزيمة ، وابن حبان ، والعقيلي ، والطبراني ، وأبو سعيد بن يونس ، وابن النجاد ، وابن الأخرم النيسابوري ، وحمزة الكناني ، وأبو بكر الجعابي ، وأبو بكر الشافعي ، وأبو بكر بن السني ، وأبو أحمد بن عدي .
ومنهم أيضا
ابن تيمية ، وابن القيم ، والمزي ، وابن عبد الهادي ، وابن كثير.
ثم العراقي ، والهيثمي ، وابن حجر العسقلاني ، والسخاوي ، والسيوطي .
ثم حصلت ندرة واضحة في علماء الحديث خاصة ، وكان من أبرزهم في العصور المتأخرة المباركفوري ، والسندي ، وجمال الدين القاسمي ، وإسماعيل بن محمد العجلوني .
ثم أحمد شاكر ، والألباني ، وعبد العزيز بن باز ، ومقبل بن هادي الوادعي .
هو العلم الذي حفظ الله به الدين وبه ميز المسلمين عن غيرهم ،، ومن خلاله لم يحرف الاسلام ولم يبدل
قال صلى الله عليه وسلم : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين "
ومن اشهر كتب الرجال ، كتاب " سير اعلام النبلاء " للأمام الذهبي رحمه الله