مواقف من حياة "سلطان العلماء" و"بائع الملوك" " العز بن عبد السلام رحمه الله
مواقف من حياة "سلطان العلماء" و"بائع الملوك" " العز بن عبد السلام رحمه الله - مواقف من حياة "سلطان العلماء" و"بائع الملوك" " العز بن عبد السلام رحمه الله - مواقف من حياة "سلطان العلماء" و"بائع الملوك" " العز بن عبد السلام رحمه الله - مواقف من حياة "سلطان العلماء" و"بائع الملوك" " العز بن عبد السلام رحمه الله - مواقف من حياة "سلطان العلماء" و"بائع الملوك" " العز بن عبد السلام رحمه الله
سيرته بإيجاز سريع
هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم المغربي أصلاً، الدمشقي مولداً، ثم المصري داراً ويلقب : سلطان العلماء لقـَّبه به تلميذه الإمام ابن دقيق العيد كما لقبه بشيخ الإسلام، ولقب أيضا بعز الدين، ولقب ببائع الملوك والأمراء، وشاع بين الناس الإمام العز.، فقيهٌ عالمٌ بالحديث والتَّفسير، درَّسَ وأفتى وصنَّف وتولَّى القضاءَ بمصرَ مدَّةً.
قال المنذري -رحمه الله-: " كان مهيبا، حسن السمت، مجلسه وقار وسكينة، ويبالغ في الإنصات إلى من يقرأ عليه".
كان -رحمه الله- شجاعا جريئا لا يخاف في الله لومة لائم، لا يخشى سلطانا، ولا يهاب الموت في سبيل الله.
ومن المواقف التي تدل على شجاعته:
حدث يوما ما موقفا بينه وبين حالك دمشق ( الصالح اسماعيل ) فغضب عليه الحاكم وعزله من منصب الخطابة واقعده قيد الاقامة الجبرية في بيته –
فارسل الحاكم يوما بعض من انباعه الى الشيخ يسليسونه ويداهنه ويعده بالمناصب وغيرها إن ترك ما هو عليه، ويتوعده إن استمر على ذلك؛ فكان مما قال له:
"بينك وبين أن تعود إلى مناصبك وما كنت عليه وزيادة أن تنكسر للسلطان، وتقبل يده لا غير"!!
فقال الشيخ: "يا مسكين ما أرضاه أن يقبل يدي فضلاً أن أقبـِّل يده، يا قوم أنتم في وادٍ وأنا في واد، والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به".
فقال له: "لقد رسم لي إن لم توافق على ما يطلب منك أن أعتقلك".
فقال الشيخ: "افعلوا ما بدا لكم".
نصحه للملوك:
دخل الشيخ يوما
على نجم الدين أيوب ( حاكم مصر ) في القلعة يوم العيد وهو في كامل زينته، وجنوده بين يديه فناداه باسمه المجرد:
"يا أيوب ما حجتك عند الله إذا قال لك: ألم أبوِّئ لك مصر فتبيح الخمور؟
فقال: هل جرى هذا؟!
فرفع الشيخ صوته، وقال: نعم الحانة الفلانية يباع فيها الخمور وغيرها من المنكرات، وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة.
فقال: يا سيدي هذا ما عملته أنا، هذا من زمن أبي!
فأجاب الشيخ: أنت من الذين يقولون: {إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]".
فيأمر السلطان بإبطال الحانات، ويتساءل الناس عن سر هذه الجرأة والشجاعة، فيسأل الشيخَ تلميذه الباجي عن سر ذلك فيقول: "استحضرت هيبة الله فصار السلطان أمامي كالقط.
هذا الجانب أيضًا مما تميّز به الشيخ وبلغ فيه مبلغًا عظيمًا حتى اشتهر به، فلا يُذكر العز بن عبد السلام إلا وتُذكر الهيبة التي يهبها الله للعاملين المخلصين من عباده، لا يُذكر العز (رحمه الله) إلا وتُذكر معه الجرأة على كل مخالف لشرع الله، مهما علا مكانه، وارتفعت بين الناس مكانته.
ونظرة في أي مرحلة من حياة الشيخ نجد هذا الأمر ملازمًا له لا ينفك عنه بحالٍ من الأحوال، وله مواقف خالدة كثيرة في ذلك، منها:
حينما تولى (الصالح إسماعيل الأيوبي) أمر دمشق - وهو أخو الصالح أيوب الذي كان حاكمًا لمصر - فتحالف مع الصليبيين لحرب أخيه نجم الدين أيوب في مصر، وكان من شروط تحالفه مع الصليبيين أن يُعطي لهم مدينتي صيدا والشقيف، وأن يسمح لهم بشراء السلاح من دمشق، وأن يخرج معهم في جيش واحد لغزو مصر. وبالطبع ثار العالم الجليل العز بن عبد السلام، ووقف يخطب على المنابر ينكر ذلك بشدة على الصالح إسماعيل، ويعلن في صراحة ووضوح أن الصالح إسماعيل لا يملك المدن الإسلامية ملكًا شخصيًّا حتى يتنازل عنها للصليبيين، كما أنه لا يجوز بيع السلاح للصليبيين، وخاصةً أن المسلمين على يقين أن الصليبيين ما يشترون السلاح إلا لضرب إخوانهم المسلمين. وهكذا قال سلطان العلماء كلمة الحق عند السلطان الجائر الصالح إسماعيل، فما كان من الصالح إسماعيل إلا أن عزله عن منصبه في القضاء، ومنعه من الخطابة، ثم أمر باعتقاله وحبسه.
ومن مواقفه الشهيرة أيضًا والتي اصطدم فيها مع الصالح أيوب نفسه، أنه لما عاش في مصر اكتشف أن الولايات العامة والإمارة والمناصب الكبرى كلها للمماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب قبل ذلك؛ ولذلك فهم في حكم الرقيق والعبيد، ولا يجوز لهم الولاية على الأحرار؛ فأصدر مباشرة فتواه بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد. واشتعلت مصر بغضب الأمراء الذين يتحكمون في كل المناصب الرفيعة، حتى كان نائب السلطان مباشرة من المماليك، وجاءوا إلى الشيخ العز بن عبد السلام، وحاولوا إقناعه بالتخلي عن هذه الفتوى، ثم حاولوا تهديده، ولكنه رفض كل هذا - مع أنه قد جاء مصر بعد اضطهادٍ شديد في دمشق - وأصرَّ على كلمة الحق.
فرُفع الأمر إلى الصالح أيوب، فاستغرب من كلام الشيخ ورفضه. فهنا وجد الشيخ العز بن عبد السلام أن كلامه لا يُسمع، فخلع نفسه من منصبه في القضاء، فهو لا يرضى أن يكون صورة مفتي، وهو يعلم أن الله عز وجل سائله. وركب الشيخ العز بن عبد السلام حماره ليرحل من مصر، وخرج خلف الشيخ العالم الآلافُ من علماء مصر ومن صالحيها وتجارها ورجالها، بل خرج النساء والصبيان خلف الشيخ تأييدًا له، وإنكارًا على مخالفيه. ووصلت الأخبار إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب، فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه، فقال له العزُّ: إن أردت أن يتولى هؤلاء الأمراء مناصبهم فلا بد أن يباعوا أولاً، ثم يعتقهم الذي يشتريهم، ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء قد دفع قبل ذلك من بيت مال المسلمين، فلا بد أن يرد الثمن إلى بيت مال المسلمين. ووافق الملك الصالح أيوب، ومن يومها والشيخ العز بن عبد السلام يُعرف بـ(بائع الأمراء).
وقد وُصف الشيخ (رحمه الله) أيضًا بالزهد والورع الشديدين، كما وُصف بالبذل والسخاء والكرم والعطاء، والعطف على المحتاجين، مما يجعل من شخصيته (رحمه الله) نموذجًا رائعًا يُقتدى به في كل ميادين الحياة المختلفة.
ممَّا يدلُّ على منزلته الرَّفيعة عند ذوي السُّلطان أنَّ الملك الظَّاهرَ بيبرسَ لم يبايع الخليفةَ المستنصرَ والخليفةَ الحاكمَ إلاَّ بعد أن تقدَّمه الشَّيخُ عزُّ الدِّين للمبايعة، ثم بعده السُّلطانُ، ثمَّ القضاةُ. وكان ذا شأنٍ عظيم بين النَّاس، وضربوا به المَثَلَ فكانت العامَّةُ تقول: ما أنت إلاَّ من العوام، ولو كنْتَ ابنَ عبد السَّلام.
توفِّي بمصر في جمادى الأولى فحضر جنازتَه السُّلطانُ الظَّاهرُ بيبرس فَمَنْ دونَهُ، ودُفِنَ بالقرافة، ولمَّا بلغَ السُّلطانَ الظَّاهرَ خبرُ موتِه قال: «لم يستقر مُلْكي إلا السَّاعةَ لأنَّه لو أمر النَّاس بما أراد لبادروا إلى امتثال أمره». قال فيه الشَّيخُ جمالُ الدِّين أبو الحسين الجزَّار:
بعد وصول قطز لسدة حكم مصر، وظهور خطر التتار ووصول أخبار فظائعهم، وللاستعداد لملاقاة التتار الزاحفين، أمر قطز بجمع الأموال للإعداد للحرب، فوقف العزّ بن عبد السلام في وجهه، وطالبه ألا يأخذ من الناس شيئا إلا بعد إفراغ بيت المال، وبعد أن يخرج الأمراء وكبار التجار من أموالهم وذهبهم المقادير التي تناسبب غناهم حتى يتساوى الجميع في الأنفاق، اذ وقف بوجه السلطان قطز حين أراد جمع الاموال من الشعب وفرض الضرائب واصر على ان يخرج كبار رجال الدوله وعلى راسهم الامراء ما معهم من اموال ولا يتبقى معهم الا بيوتهم واحصنتهم ودروعهم وسيوفهم التى سيحاربون بها ويصبحون متساوون مع الشعب حينها يمكن فرض الضرائب على الشعب فنزل قطز على حكم العزّ, وقد قدم الامراء المماليك ما لديهم من أموال ولم يتخيل أحد أن تكون بهذا الحجم .
توفي العزّ بن عبد السلام في العاشر من جمادى الأولى سنة ستين وستمائة للهجرة.
رحم الله الشيخ العز بن عبد السلام الذى كان يقول الحق ولا يخشى السلطان او عقابه ونستفيد من هنا أن رجل الدين يجب الا يخشى من أحد لانه مؤتمن وليس رجل الدين وحده بل كل فى تخصصه عليه الا يخشى شيئا وأن يقول كلمه الحق .
ونرى هنا امتثال الحاكم لما قاله الشيخ وهذا درس أخر فلم يتعنت قطز او باقى رجال الدوله بل نفذوا ما أمر به الشيخ واستعدوا جيدا ومن ضمن الاستعداد الاستعانه برأي علماء الدين فكان النصر باذن الله .
رحمه الله رحمة واسعة يجب ان نفهم السياق الذي تحدث به هذه المواقف ..!!!! هناك ضوابط وشروط وضعها اهل العلم للتعامل مع الامراء ماخوذه من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيها الهدى والطريق الرشيد في هذا الامر ..
أما الذين يعادون الأمراء فيستدلون بالاستدلالات الكثيرة في غير محلها ولا بسياقها .. وهذا لا يجوز بل انكار المنكر لا يعني العداء وبهذا الجانب يطول الكلام ولاحمد بن حنبل مواقف مع الامراء يجب ان يطلع عليها كاتب السطور ..
واخيرا العز بن عبدالسلام من ائمة الاشاعرة .. فهو ليس بفضل الائمة الكبار ولقد كان له صوله وجولة ضد اهل السنة وبالذات في توحيد الأسماء والصفات
العز بن عبد السلام من لايعرفه.. سلطان العلماء وبائع الأمراء
تولى حكم مصر الصالح أيوب وكان صالحا وتولى حكم دمشق الصالح إسماعيل ولم يكن صالحا بحال بل باع دينه ووطنه للصليبيين واتفق معهم على أن يترك لهم صيدا والثقيف وثار العالم الرباني ووقف على المنبر ينكر على الصالح إسماعيل ذلك قائلا إن بلاد المسلمين ليست ملكا شخصيا أو ميراثا ليتنازل عنه الملك فعزله السلطان ومنعه من جميع المناصب ومنعه من الخطابة وسجنه مدة ثم أفرج عنه بشرط لاخطب لاتدخل في أمور الدولة - فترك بلده متوجها إلى بيت المقدس ففوجئ بعد وقت بالسلطان الصالح إسماعيل يأتي هو والصليبيون يقصدون مصر لاحتلالها فهاج وماج وبدأ يذكر الناس بالجهاد ومكانته في الإسلام فأرسل السلطان إليه رسولا يقول له فقط قبل يد السلطان وهو سيعيد إليك جميع المناصب فقال والله يامسكين ما أرضاه أن يقبل يدي فضلا أن اقبل يده.
فحبسه السلطان مرة أخرى وقال للصليبيين لقد حبست اكبر عالم في الدولة من أجلكم فقالوا لو كان قسيسا عندنا لغسلنا رجله كل يوم ولشربنا ماءها بعد وقت انتصر الملك الصالح نجم الدين أيوب وحرر بيت المقدس من الصليبيين سنة 643 هجريه وقرب إليه العز بن عبد السلام حتى صار المفتى الرسمي.
في الحرب وعند قيام الدولة بجمع الأموال من الناس علم العز بن عبد السلام أن الأمراء الذين يحكمون الدولة إنما هم مماليك اشتراهم السلطان من مال الدولة فأفتى بأن يباعوا لأنهم رقيق وتوضع أثمان بيعهم بيت مال المسلمين فتوى أحدثت ضجة رهيبة فقال الصالح أيوب هذا الكلام لا دخل لك فيه وغير مسموح لك فركب مغادرا مصر فسار وراءه شعب مصر الطيب يحاولون إقناعه بالعدول عن قراره - اضطر الصالح أيوب أن يركب إليه بنفسه واعدا إياه أن يبيع المماليك ويتولى بنفسه بيعهم.
وأثناء جلسة البيع اضطر السلطان أن يشتريهم بماله وهم كذلك دفعوا ماعندهم لشراء أنفسهم وصاروا أحرارا وامتلأ بيت المال.