وماذا عن حركة المقاومة الإسلامية «حماس»؟ - وماذا عن حركة المقاومة الإسلامية «حماس»؟ - وماذا عن حركة المقاومة الإسلامية «حماس»؟ - وماذا عن حركة المقاومة الإسلامية «حماس»؟ - وماذا عن حركة المقاومة الإسلامية «حماس»؟
السبيل//
في ديسمبر 1987م أعلنت جماعة الإخوان المسلمين ميلاد حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، إلا أنها كانت قد فكرت جديا في ممارسة الجهاد ضد الصهاينة قبل ذلك بعدة سنوات؟! فهاهم الصهاينة يلقون القبض على الطبيب إبراهيم المقادمة بمخيم البريج سنة 1982م وهو يشتري السلاح من جنود «إسرائيل» وقد حكم عليه بالسجن عشر سنوات، وهو قيادي مؤسس بارز في حركة حماس، وله كتابات مهمة وفتاوى حول مقاومة العدو وقد استشهد الرجل في غزة سنة 2003م، وقبله بشهور استشهد القائد صلاح شحادة، وكان تنظيم حماس يعرف لدى «إسرائيل» والشعب الفلسطيني باسم «التكتل الإسلامي»، وبقي يمارس نشاطه الاجتماعي والسياسي من خلال هذا الاسم إلى أن قامت الانتفاضة الفلسطينية. ويُرجع البعض سبب التأخر في قيام حماس وممارستها الكفاح المسلح كالآخرين إلى عامل أساسي، ألا وهو وجود قادة التنظيم جميعا داخل الأرض المحتلة؛ وبالتالي فهم معروفون للجميع من خلال مطاردة نظام جمال عبد الناصر لهم، وسجنهم في الواحات والحربي، أو من خلال بروزهم في المساجد كأئمة وخطباء، ومن السهل على العدو أن يصل إليهم ويعتقلهم لذلك كان عملهم بطيئا، وتم التخطيط لعملهم ببطء وعناية؛ مما مكن القيادة من بناء قواعد قيادية لهم وكوادر شابة جديدة وسرية بحيث بات يمكن الاعتماد عليهم في العمل في ظل السرية والكتمان وقيادة السفينة بأمان فيما لو تعرض قادة الجماعة الكبار للاعتقال.
وهذا ما حدث يوم قام إسحاق رابين باعتقال قيادات حماس (أكثر من 400 عنصر) وقذف بهم إلى ما وراء الحدود لفلسطين المحتلة جنوب لبنان، ولكن العمل النضالي ضد الصهاينة استمر ولم يتأثر سلبا، وهذا يفسر سر تنامي وتعاظم حركة حماس خلال فترة وجيزة، ثم إن حركة حماس هي جناح فلسطين في جماعة الإخوان المسلمين، وهؤلاء لهم امتداد تاريخي وإسلامي عميق واسع الانتشار في فلسطين، وفي كل الأقطار العربية والإسلامية، وفي العالم أي إن العمق موجود بكل معانيه وأبعاده.
ولا شك أن الخبرات متوفرة والطاقات البشرية أيضا متوفرة، وفوق كل هذا وذاك، فإن الإمكانات المادية وهي ضرورية متوفرة بشكل يكفل للعمل الدعم والاستمرارية والنجاح ولا داعي للاتهام، بأن هذه الجهة أو تلك تقف وراء حماس وتمولها! ولقد تميزت حركة حماس بالعمل الجريء والمتواصل بأضعاف ما قام به تنظيم الجهاد الإسلامي، والشيء المثير أن تعهد جماعة الإخوان للأخ المجاهد الشيخ أحمد ياسين من مخيم شاطئ غزة بزعامة وقيادة «حماس» وهو مشلول مقعد، حيث قام بتشكيلها هو والأخوة عبد الفتاح حسن دخان– مدير مدرسة في وكالة الغوث، وهو يقارب الشيخ أحمد ياسين في السن مواليد 1934م، ويقيم في مخيم النصيرات، والشيخ صلاح شحادة (45 سنة) من سكان بيت حانون، وهو إمام مسجد وكان يعمل في الجامعة الإسلامية وقد استشهد بغزة سنة 2003م، والمهندس عيسى النشار (40 سنة) من سكان رفح، والطبيب إبراهيم اليازوري (48 سنة) والدكتور عبد العزيز الرنتيسي (45 سنة) ويعمل طبيبا وكان يعمل ناطقا باسم المبعدين الفلسطينيين إلى جنوب لبنان وقد استشهد سنة 2004م، والمدرس محمد شمعة ويعمل في مدارس مخيم الشاطئ بغزة وعمره آنذاك (53 سنة).
وقد أعلنت الجماعة عن نفسها وميلادها من خلال منشورات وزعتها في قطاع غزة منتصف ديسمبر 1987م، وتم الاتصال بالإخوان المسلمين في الخارج؛ مما أدى إلى تنسيق جماعة الإخوان بالضفة الغربية مع حركة حماس بغزة بواسطة الأخ جميل حمامي الذي تعهد بإنشاء خلايا للحركة في الضفة، وكان يتم الاتصال به عن طريق الأخوين روحي مشتهى وفايز عبد العال.
وبرز من قادة حماس في الضفة كل من الإخوة: جمال منصور، وجمال سليم، والشيخ حسن يوسف، والدكتور عزيز دويك وكثيرون غيرهم، وذكر الأخ أحمد ياسين أنه كان يتصل بالإخوان في الخارج ليزودوا الحركة بالمال عن طريق جميل الحمامي الذي كان يتصل بعمان، وكذلك عن طريق الأستاذ منير العشي بلندن.
ولا شك أن انتشار جماعة الإخوان المسلمين في كل أنحاء العالم كان العامل الرئيسي في سرعة تنامي حركة حماس، وتطور قدراتها الحركية والجهادية بشكل جعلها تخطف أنظار كبار قادة دول العالم ورجالات الإعلام فيها وصارت لهم قيادة فلسطينية في الخارج، وأصبح الدكتور موسى أبو مرزوق رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس، وقد خلفه الأخ خالد مشعل في هذا الموقع بعد إصرار الولايات المتحدة على إبعاده منها، ووافق الملك الأردني حسين بن طلال على استضافته في الأردن، والأمر المحير الذي يقض مضاجع قادة الصهاينة وأعوانهم هو أن حركة حماس لم تتأثر كما توقعوا بحركة الاعتقالات الواسعة في صفوف قادتها وكوادرها، ولم يزدها إبعاد 350 من حماس و50 من الجهاد الإسلامي من القادة، إلا صلابة وعنفا في المواجهة!
فلأول مرة في تاريخ وجود دولة الصهاينة، يقتل 17 ضابطا وجنديا في شهر واحد (مارس 1993م) من جيشها؛ مما جعل الذعر يدب في صفوف بني «إسرائيل»، وراح الكثيرون ينادون بضرورة التخلي عن احتلال قطاع غزة. حدث هذا وقادة حماس مبعدون يرابطون فوق ثلوج جبال لبنان الجنوبية المحاذية فلسطين؛ ذلك لأن البناء التنظيمي السري بدأ يعطي ثماره! كل ذلك يرجع كما قلنا إلى حنكة قادة حماس الذين عركتهم تجاربهم الجهادية في فلسطين سنة 1948م، وخلال مطاردات رجال المخابرات في عهد عبد الناصر حيث شكلوا تنظيما مسلحا محكم الانضباط والسرية! فهناك حرية في الحركة وحرية في التنظيم وحرية في التصرف في ظل لا مركزية فريدة جعلت من شبه المستحيل على جهاز المخابرات الإسرائيلي اختراق صفوف هذا التنظيم المسمى «كتائب عز الدين القسام»، ولحق بهم وبنفس الأسلوب تنظيم الجهاد الإسلامي بقيادة الدكتور فتحي الشقاقي، ولا غرابة في ذلك فكلاهما وليدان من رحم جماعة الإخوان المسلمين التي عركتها الحياة.
السبيل//
لا شك أن اعتقال قادة حماس وبشكل مكثف، ثم القيام بإبعادهم إلى مرج الزهور بينما يستمر الكفاح المسلح ويتعاظم، قد ضاعف من تعاطف الجماهير معها، فبات المتعطشون للنضال يجدون فيها ضالتهم، بينما دفعت مسيرة المفاوضات من أجل الحل السلمي بقيادة الدكتور حيدر عبد الشافي وتعثرها، وعدم وجود نتائج إيجابية ملموسة لها، رغم مرور عام ونصف العام، قد دفع هذا حركة فتح إلى دهليز صعب ومخيف؛ فهي التي تبنت شعار السلام وشاركت في مسيرته منذ بدأ في مدريد من خلال وفد الأردن وبات عليها ألا تمارس أعمالا نضالية عسكرية قد تنعكس سلبا على رهان المفاوضات، حتى لو قام رجالها في الداخل بأعمال فدائية شجاعة، فإن الإعلان عن ذلك يسبب لحركة فتح الحرج، ولن يخلصها من هذا المأزق إلا الخروج من المفاوضات بحل مشرف، أو جزئيا لا يحقق الهدف المنشود .
ولقد زاد من حرج قيادة فتح الموقف الصلب لرئيس الوفد الفلسطيني الدكتور حيدر عبد الشافي، الذي كان بعناده سيفقأ عين شامير في المفاوضات وهو رئيس الوفد الإسرائيلي، ولقد اعترف بذلك قادة الصهاينة من كل الأحزاب وها هو حيدر عبد الشافي يتخذ من المواقف الجريئة وبصفة شخصية؛ ما جعله يسبب حرجا شديدا لقيادة منظمة التحرير، ولقد توفي الرجل في شهر نوفمبر سنة 2007م بعد أن وقعت القيادة الفلسطينية مع «إسرائيل» اتفاق أوسلو 1993م، ثم إن قيادات حركة حماس تعيش في ظل الاحتلال، وهي تمارس الجهاد بكل معاينة وتتعرض لبطش العدو وملاحقاته، في حين تعيش قيادات كل فصائل الثورة الفلسطينية في الخارج؛ حيث البذخ والترف وحياة الفنادق والأمن والأمان والطمأنينة! في حين يشارك أبناء قادة حماس آباءهم في الجهاد والمقاومة وملاحقة «إسرائيل» لهم، في ظل خنوع وسكوت قادة أوسلو وصمتهم إزاء ما يفعل الإسرائيليون، فهم بخيبتهم يتدثرون.
فهذا ابن أحمد ياسين يسجن معه، ويعذب أمام أبيه بشراسة وهمجية، وهذا طارق ابن عبد الفتاح دخان يسقط شهيدا في مواجهة مع قوات الصهاينة جنوب رفح عام 1992م، ولا يمر شهر حتى يسقط ياسر ابن حماد عليان الحسنات شهيدا في معركة مع قوات الأعداء بحي الصبرا بمدينة غزة، بينما يبعد الأبوان بعد ذلك بستة شهور عن خارج ديارهم، وهذا زيد ابن عبد الفتاح دخان يسقط شهيدا سنة 2006م، وهذا أيمن ابن محمد طه يبعد مع أبيه إلى مرج الزهور بعد ان سجن طويلا مع أبيه إبان سنوات الانتفاضة، وهذا صلاح ابن عمه عز الدين طه يسقط شهيدا في معركة غربي نهر الأردن 1992م، تاركا خلفه طفلته البكر التي لم تتجاوز الشهور الثلاثة، وكل الآباء الذين ذكرتهم هم من أبناء حماس وقادتها، بينما الشعب المجاهد المسحوق يتابع ويرى ويلتف في حب وحنان حول من يشاركونه قلة الزاد وقسوة المسيرة ووحشة الطريق.
أبناء هنا يقتلون، وآباء يسجنون أو يبعدون، بينما هناك في فتح وكل الفصائل أبناء كما الآباء في الترف غارقون، بل إن معظمهم في أمريكا وأوروبا يتعلمون أو يتفسحون، مكتفين بما قدمه الآباء من جهود في بدايات الثورة منذ عام 1965م، وحين واصلوا الجهاد بعد الاحتلال اليهودي كل فلسطين في صيف 1967م في أعقاب حرب 1967م وتعاظم جهادهم في سنوات 1968م و1969م و1970 و1971م، ليواصلوه في جنوب لبنان حتى عام 1982م، ولا شك أنها معجزة يسجلها شعب فلسطين لنفسه حتى يتواصل الجهاد من جيل إلى جيل، ومن حركة إلى حركة، فقد يتعب هؤلاء ليرفدهم أولئك بآخرين يمارسون النضال، ولا يتعبون ويواجهون الأعداء بطوفان آخر من المجاهدين غير المرهقين، وتلك إحدى معجزات النضال الفلسطيني المتواصل الذي لم يتعبه النضال، وسيظل يحمل لواءه على كاهله عبر الأجيال حتى تتحرر كل فلسطين، وتعود لأهلها الطيبين في القدس وأكناف بيت المقدس كما شاء لهم الله رب العالمين.
فهم يتواصلون من أبناء حركة الرواد في فتح وعاصفتها وحركة الجبهة الشعبية والصاعقة إلى الجهاد المقدس إلى حركة حماس إلى أن يتم التحرير من اليهود الغاصبين. فها نحن نشاهد بأم أعيننا نتائج هذا التواصل النضالي العجيب بين أبناء شعبنا الفلسطيني، حيث نجده يواصل مسيرته النضالية الشجاعة بحماسة منقطعة النظير، وإيمان بحتمية النصر على العدو الغاشم مهما كانت الصعاب وطالت هذه المسيرة ولفتها غلالة الظلام الحالك.
ها هي معركة الفرقان قبل أربع سنوات (2008م) في قطاع غزة بما رافقها على امتداد أكثر من عشرين يوما من أسلحة الفتك والدمار والتخريب، وأحدث أساليب القتل والحصار وقطع المياه والخنق والتجويع، لم تنجح إلا في قتل حوالي ألف ونصف، ثلثهم من المقاتلين ومعظمهم من النساء والشيوخ والأطفال الأبرياء العزل من السلاح، وحوالي خمسة من قادة الصف الأول، ها هي هذه المعركة ترغم بني يهود على الاندحار مجللة بالهزيمة والعار، وبات اليهود الصهاينة يفكرون في إقامة قبة حديدية سماوية تقيهم الخطر الفلسطيني الداهم، وباءت طائراتهم وصواريخهم ومدرعاتهم بالخسران المبين.
وها هي معركة «حجارة السجيل» التي أرادها الجنرال باراك أن تصعد به إلى الفوز في انتخاباتهم الأخيرة عام 2012م، ما جنت عليه وشعبه إلا الخوف والهلاك والاندحار، وبكل الهوان لجؤوا إلى مصر كي تتوسط لدى حركة حماس بأن توقف إطلاق صواريخها، وأن تعقد هدنة طويلة تنقذها من الهزيمة والخسارة، وبشروط مصر وحماس، وظهرت لـ»إسرائيل» أسلحة متطورة لدى حماس زرعت الرعب في قلوب بني يهود، فيما وراء «تل أبيب» والقدس وقلب «إسرائيل». ومن رأى المعركة يعرف بكل يقين قرب نهاية «إسرائيل» على أيدي شعب فلسطين، وبمساندة مصر العروبة والإسلام، ولعلنا نكون نحن من جيل هذا النصر القريب إن شاء الله.