بوركت بوركت أبو عمر على هذه المادة الرائعة بحق
وهذه القراءة المستبصرة بالاضافة الى دراسات نهاد جرار وصلاح الخالدي هي من المبشرات العظيمة لقرب النصر باذن الله حتى أن كل دوائر الاستخبارات الأمريكية تؤكد أنه لا وجود لدولة اسرائيل في 2022
لكن كل هذا يجب أن يكون حافزا لنا جميعا للعمل الجاد ولاخلاص العمل
في أول حلقة من برنامج نظرات قرآنية والذي يعرض على قناة اليرموك الفضائية قال الدكتور أحمد نوفل بأن زوال دولة إسرائيل بات قريباً جداً من خلال البحث في الإعجاز العلمي والرقمي في آيات القرآن الكريم والنسق الوارد فيها وفي بدايات ونهايات السور، وقال بأنه سيوضح كل ذلك ويثبته بكثير من الأدلة مع تواصل حلقات هذا البرنامج، وقال فإن إقتنعتم بما قلته فشكراً لكم وإن لم تقتنعوا فأنتم أحرار ولكن لا تبغضونا ولا تقولوا ما يحلو لكم..
وأنا بإنتظار تلك الحلقات التي سيوضح فيها نهاية دولة إسرائيل التي باتت قريبة كما وضح غيره من العلماء هذا الشيء..
المعجزة الإحصائية الكبرى بسورة الإسراء - المعجزة الإحصائية الكبرى بسورة الإسراء - المعجزة الإحصائية الكبرى بسورة الإسراء - المعجزة الإحصائية الكبرى بسورة الإسراء - المعجزة الإحصائية الكبرى بسورة الإسراء
المعجزة الإحصائية الكبرى بسورة الإسراء
( 1 )
تـمـهـيـد
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) ).
يقول شيخنا الإمام محمد متولى الشعراوى وغفر له فى خواطره حول تلك الآيات ما يلى :
" يقول الحق : فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ . . ومعنى هذا أن المسجد الأقصى سيضيع من المسلمين ويصبح تحت حكم اليهود فيأتي المسلمون ويحاربونهم ويدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة في عهد عمر بن الخطاب " تفسير الشعراوي - (ج 1 / ص 170).
ثم يقول :" والمتأمل لسورة الإسراء يجدها قد ربطتهم بالإسلام ، فيبدو أن المراد بالمرتين أحداثٌ حدثتْ منهم في حضْن الإسلام "
و ما يهمنا بيانه هنا بالدرجة الأولى أن شيخنا الإمام الشعراوي وغفر له يربط هذه الآية بآية أخرى وردت فى خواتيم سورة الإسراء ، وهي قوله تعالى ( وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا )
[الإسراء/104] حيث يقول:
جاء قوله تعالى اسْكُنُواْ الأَرْضَ هكذا دون تقييد بمكان معين ، لينسجم مع آيات القرآن التي حكمتْ عليهم بالتفرُّق في جميع أنحاء الأرض ، فلا يكون لهم وطن يتجمعون فيه ، كما قال تعالى : وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً / الأعراف: 168
ثم يقول : " وقوله تعالى: فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً [الإسراء:104]والمراد بوَعْد الآخرة هو : الإفساد الثاني لبني إسرائيل ، وهذه الإفسادة هي ما نحن بصدده الآن ، حيث سيتجمع اليهود في وطن واحد ليتحقق وَعْد الله بالقضاء عليهم ، وهل يستطيع المسلمون أن ينقضُّوا على اليهود وهم في شتيت الأرض؟ لا بُدَّ أن الحق سبحانه أوحى إليهم بفكرة التجمُّع في وطن قومي لهم كما يقولون ، حتى إذا أراد أَخْذهم لم يُفلتوا ، ويأخذهم أخْذ عزيز مقتدر ، وهذا هو المراد من قوله تعالى:جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً [الإسراء:104] أي:مجتمعين بعضكم إلى بعض من شَتّى البلاد ، وهو ما يحدث الآن على أرض فلسطين "
وإلى نفس هذا القول أو قريب منه ذهب العديد من العلماء المعاصرين غير شيخنا الشعراوى ، منهم :فضيلة الدكتور العلامة فضل عباس فى كتابه " المنهاج ، نفحات من الإسراء والمعراج "، والدكتور صلاح الخالدي في كتابه الماتع " حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية "، والدكتور عمر سليمان الأشقر فى " زبدة التفاسير "، والدكتور أحمد نوفل ، والدكتور طارق سويدان ، وفضيلة الشيخ صالح المغامسى ، والدكتور مصطفى محمود فى العديد من كتبه ، والدكتور جمال أبو حسان فى بحثه القيّم " طلائع الإعجاز الغيبي في طوالع سورة الاسراء ".والشيخ بسام جرار فى كثير من كتاباته
كل هؤلاء الأفاضل - على سبيل المثال لا الحصر - ذهبوا إلى أن الإفساد الثاني لبنى إسرائيل ينتمى إلى عصرنا الحالى ، وأننا نعيش إرهاصاته
وهكذا نرى أن هذا الرأى يُعد رأياً مشهوراً بين المتخصصين والمفسرين من المعاصرين
ومن الجدير بالذكر أن الخلاف الذي وقع بين السلف الصالح في تحديد موضع الإفسادين هو الذى أتاح المجال للباحثين المعاصرين للاجتهاد في تحديدهما .
فإن السلف الصالح قد اختلفوا في هذا الأمر إختلافا كبيرا ، فمن قائل بأن الإفساد الأول هو قتلهم " زكريّا "، ومن قائل بأنه قَتْلهم " شعيا "،ومن قائل بأنه قتْلهم " يحيى بن زكريا " .وفي تفسير العباد " أولي بأس الشديد " أكثر من خمسة أقوال منقولة عن السلف .(انظر : زاد المسير، لابن الجوزي،ص:734) .
وقد اختلفوا كذلك في تفسير الإفساد الثاني على أقوال عديدة .(انظر المرجع السابق) .
وبهذا يتضح أن السلف الصالح رضوان الله عليهم قد اختلفوا فى تفسيرهم لهذه الآيات اختلافا واسعا ؛ مما يعنى أن الأمر فيه فسحة للإجتهاد في تفسيرها .لأن الخلاف إذا وقع لا يمكن رفعه ، وتبقى المسألة محل اجتهاد ، ولكن هذا لا يلزم عنه أن السلف لم يفهموا معنى الآية ، بل نقول إنهم قد فهموا المعنى العام منها ، وليس شرطاً ولا ضرورياً أن يحيطوا بتفسيرها على وجه التفصيل والقطع ،لا سيما وأن اليهود فى عصور السلف لم تكن لهم دولة أو وطن يجمعهم ، ومن هنا جاء تصورهم أن الإفسادتين قد وقعتا قبل نزول القرآن ، حيث نظروا إلى ذلّة اليهود وضعفهم فى ذلك الوقت وشتاتهم فى الأرض خارج الأرض المباركة ، فلم يخطر ببال أحدٍ من المتقدمين إمكان أن يعود اليهود إلى المسجد الأقصى وأن يبسطوا سلطانهم عليه تارة أخرى ، وأن يسيطروا على ما حوله سيطرة تامة ، فكان الأقرب إلى تصورهم أن الآيات إنما تقص أحداثاً خلت فيما سلف من تاريخ بنى اسرائيل
وينبغى القول بأن ترك قول المتقدّمين إلى قول المعاصرين لا يقلل من شأنهم بالمرة ، حيث أجاز أهل العلم ترك قول الفاضل إلى المفضول إذا اقتضى الدليل ذلك ، فكيف الحال ولدينا هنا أكثر من دليل كما سنوضح لاحقاً ؟!
ونخلص من هذا التمهيد الضرورى أنى سوف أعتمد فى هذا البحث فهم شيخى الشعراوى - ومن تابعه من العلماء المعاصرين ممن سبق ذكرهم - للآيات الكريمة المتعلقة بإفساد اليهود مرتين ، وبخاصة تفسيره لـ ( وعد الآخرة ) فى خواتيم سورة الإسراء على أن المراد به قيام دولة اسرائيل فى سنة 1948 بعد ميلاد المسيح ، والتى توافق سنة 1367 من الهجرة الشريفة ، كما توافق سنة 5708 من تقويم بنى اسرائيل أنفسهم المعنيين بالخطاب فى تلك الآيات ، وستكون تلك التواريخ هى لب المعجزة التى سنعرض لها فى هذا الموضوع ، والله الموفق
( 2 )
قبسات مضيئة من تفاسير المعاصرين حول هذا الرأى
فيما يلى أورد نقولاً مما كتبه بعض العلماء المعاصرين تُسلط الأضواء على دلائل صحة الرأى الذى رجحناه ، وننقل أولا عن العلامة الدكتور فضل عباس ، إذ يقول :
(( إن أي تفسير لكتاب الله جدير بالقبول حري بالأخذ ، لا بد أن يكون منسجماً مع السياق أولاً ، متفقاً مع اللغة ثانياً ، غير مخالف للمأثور الصحيح عن سيدنا رسول الله ثالثا ، والأقوال التي ذكرت في كتب التفسير على كثرتها لا تستند إلى أي دليل من الأثر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه سلم من جهة ، وهي غير منسجمة مع السياق من جهة أخرى ، وإن ما ذكره المفسرون من أن إفساد بني إسرائيل كان قبل الإسلام - أياً كان زمنه - لا ينسجم مع السياق ، ومع روح الآيات وتوجيهها "
وقد عرض الدكتور فضل بإسهاب وتفصيل للأدلة التي ترجح أن الإفساد الأول هو ما كان في عصر النبي ، وان الإفساد الثاني هو ما نحياه الآن
ثم نأتى إلى تلميذه النجيب الدكتور جمال أبو حسان لننقل عنه ما يلى :
ذهب جمهور المفسرين المتقدمين منهم والمتأخرين إلى أن هاتين الإفسادتين قد وقعتا من تاريخ بني إسرائيل المتقدم قبل الإسلام، واختلفوا في تعيين هاتين المرتين اختلافاً لا يحمل على الجزم بأي شيء مما ذكروه ؛ لأنه لا دليل عليه...وبعد أن كتبت ما كتبت وقع في يدي كتاب المرحوم الشيخ سعيد حوا "الأساس في التفسير "فإذا هو يُجوّز ما قطعت به ورجحته من أن المراد بالكتاب القرآن ، وأن الإفسادتين هما ما حصل من اليهود بعد البعثة إلى اليوم الحاضر ، ورغم أنه جَوّز هذا الوجه ، ولم يرجحه ، فإنه قد أشار إلى أنه لم يجد في التاريخ قوماً بأعيانهم قد سلطوا على اليهود مرتين في حال اجتماع العلو والفساد ، وهو رأي وجيه لو تابعه المؤلف ورجحه.لكن الكمال لله وحده ، وهذا هو رأيه في الوجه الثاني ، قال : " ويمكن أن نفهم المسألة فهماً آخر بأن نعتبر الإفسادة الأولى هي محاولاتهم الوقوف في وجه الدعوة الإسلامية، وتسليط الله تعالى المسلمين عليهم وعلى ديارهم حول المدينة.والإفسادة الثانية هي الإفسادة الحالية، ويكون المسلمون الذين غلبوهم أول مرة هم الذين سيغلبونهم المرة الثانية ، إذ اجتمع لهم العبودية لله ، والبأس الشديد ،فيكون معنى الآيات : ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا ) هم الصحابة ( أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ) أي سيطروا عليها سيطرة تامة ، ( رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) على المسلمين بأن جعلنا لكم الغلبة عليهم ، ( وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ) كما هو الآن فهم أغنياء ويستطيعون استنفار العالم ضدنا ( إِنْ أَحْسَنتُمْ ) بالدخول في الإسلام ( أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ ) برفض الإسلام ( فَلَهَا ) فنفع أعمالكم عائد إليكم ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ ) أي فإذا جاء وعد الإفسادة الآخرة ليسوء المسلمون وجوهكم ( وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ ) أي الأقصى مستردينه منكم (كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) كما أخذوه الأخذة الأولى يوم فتح القدس عمر ( وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً ) وليهلكوا في علوهم إهلاكا ( عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ) بأن يجعلكم مسلمين ( وَإِنْ عُدْتُمْ ) إلى الإفساد في الأرض ( عُدْنَا ) إلى التسليط عليكم كما سيفعل الله تعالى يوم يأتون مع جند الدجال .وفي هذا ما يقوي هذا الاتجاه في الفهم ؛ لأن الآية تشير إلى أنهم كافرون ، ولا نحكم بكفرهم إلا بعد رفضهم رسالة المسيح ، ثم رسالة النبي ، فالإفسادتان متأخرتان على بعثة المسيح . وهذا الاتجاه يقوي أن تركيب ( عِبَاداً لَنَا )يُشعِر بأنهم مسلمون ، فهم العباد الحقيقيون لله ( وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) تُشعر بأنهم المسلمون ، فهم أصحاب المسجد ، وهم وإن لم يأخذوه من اليهود مباشرة فقد أخذوه ودخلوه المرة الأولى فاتحين .
قلت ( والكلام لا يزال للدكتور جمال ) : والمتأمل في سياق الآيات على وفق ما بيناه يقطع بأن المراد بالمرتين مرتان تخصان الأمة الإسلامية الخاتمة، وإلا فما معنى التنصيص على اثنتين وقد أفسد بنو إسرائيل عشرات المرات.أوليس قتل الأنبياء من أعظم الجرائم بل إن النبي قال ( إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من قتله نبي أو قتل نبيا ) وقد قتل بنو إسرائيل عدة أنبياء لله تعالى كما هو منصوص عليه في القرآن الكريم .وقد حاول اليهود جاهدين قتل النبي ، وتآمروا على ذلك وكان هذا أعظم الفساد منهم . وقد أعقب هذا أن أمر النبي بإخراجهم من جزيرة العرب، فأخرجهم الصحابة رضى الله عنهم في زمان عمر .وهذه هي الإفسادة الأولى بلا ريب ، والإفسادة الثانية هي ما حصل في فلسطين في سنة 1948 م إلى اليوم بعد أن ضعفت شوكة المسلمين ، وتقهقروا عن عقيدتهم ودينهم ، فسلط الله عليهم تأديبا لهم هذه الشراذم من اليهود يسومونهم سوء العذاب، وماذا يلاقي أهلنا في فلسطين ، وماذا يلاقي المسلمون في سائر الأرض من هؤلاء المتسلطين ؟ إن الجواب لا يخفى على ذي عينين، فمعايشة الناس لهذه الأحداث وتألمهم بها أكبر شاهد على ما نقول والله المستعان "
وفى موضع آخر من بحثه يقول الدكتور جمال أبو حسان :.
أطبق من نقلنا أقوالهم في المواضع المشار إليها سابقاً أن المراد بوعد الآخرة أي موعد الإفسادة الثانية ، وهذا التفسير يقطع الطريق على جماعة من المخذلين الذين رأوا أن وعد الآخرة هو وعد يوم القيامة ، مما يترتب عليه بقاء اليهود في فلسطين إلى قرب قيام الساعة الحقيقي ، وهذا أيضاً معناه تقاعس الناس عن الجهاد لأنهم يرون هذا قدراً مقضياً وحتماً لازماً لن يزول. والجهاد لن يجدي شيئاً أمام قضاء الله تعالى وقدره ، مع أن هناك أحاديث صحيحة وصريحة مؤداها أن الخلافة الإسلامية ستكون في القدس ، فأى معنى لهذه البشارة إذا بقي اليهود على صدورنا إلى قيام الساعة ؟!!
ثم يقول : وبعد فإن هذا التفسير لم يكن وليد أفكاري وحدي ، ولكن سبق إلى القول بخلاصة ما تقدم اثنان: أولهما - ولعله أول من قال بهذا القول على الإطلاق من المعاصرين - هو فضيلة الشيخ الجليل عبد المعز عبد الستار فى مقالة له عنوانها ( سورة الإسراء تقص نهاية إسرائيل ) ونُشِرت بمجلة الأزهر عدد 28 ص 689 - 1376هـ / 1956 م ، والثاني:هو الأستاذ الدكتور فضل عباس في كتابه "المنهاج نفحات من الإسراء والمعراج ".
وعن المراد بالآخرة في قوله تعالى ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً) وكونه يعنى الكرة الآخرة من الإفسادتين فيرى الدكتور جمال أن السياق يحتمل هذا المعنى احتمالا بينا ، ويقول أن هذا الرأي نجده عند الألوسي والشوكاني وأبي السعود.ْ
ثم نأتى إلى الدكتور صلاح الخالدى ، ونقتبس من كتابه " حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية " ما يلى :
نؤكد أن الإفسادين متعلقان بالمسلمين بعد بعثة نبينا محمد . إفسادهم الأول في المدينة " فإذا جاء وعد أولاهما " : " إذا " ظرف لما يستقبل من الزمان ، أي أن المجيء يأتي بعد نزول آيات الإسراء المكية ، وبالتالي فإن عباد الله الربانيين سيكونون أيضاً بعدها." بعثنا عليكم " : التعبير بالبعث مقصود ومراد ، فالله بعث الصحابة بعثاً من العدم فلم يكن للعرب في الجاهلية أية منزلة.
كما أن كلمة " بعثنا " توحي أن مجيء هؤلاء الربانيين لم يكن متوقعاً فقد بعث الله الصحابة بعثاً فأزالوا إفساد اليهود وورثوا قوة اليهود ، الصغيرة في المدينة، وقوة فارس والروم الكبيرة في العالم ." عباداً لنا " هذه الجملة لا تنطبق إلا على الصحابة لأن الله سماهم " عباداً " وأضافهم إليه " لنا "، إن كلمة " عباد " لا تنطبق على الذين نسب لهم المؤرخون إزالة الإفسادين مثل بختنصر وغيره
" فجاسوا خلال الديار": الجوس هو تخلل الشيء والتغلغل فيه ، وقد دخل الصحابة ديار اليهود ، واحتلوها وجاسوا خلالها في ديار بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وفي خيبر وفي وادي القرى وفدك وتيماء ، لقد أزالوا كيانهم في حياة الرسول ، ثم أجلى الفاروق بقاياهم عن جزيرة العرب.وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الجوس بقوله تعالى : " وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً - وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديراً ". سورة الأحزاب : 26-27.
وتحت عنوان : نحن نعيش الآن الإفساد الثاني لليهود ، يقول الدكتور صلاح : إذا علمنا أن إفساد اليهود الأول كان في المدينة ، وأن المسلمين هم الذين قضوا على ذلك الإفساد ، نعلم أن الكَرّة تعود لليهود في الإفساد الثاني على الأجيال اللاحقة من المسلمين ، وهي الأجيال التي تعيش في هذا الزمان ، " ثم رددنا لكم الكرة عليهم ":ولم تكن لليهود كرة على الأقوام السابقين الذين حاربوهم ."وأمددناكم بأموال وبنين " و " جئنا بكم لفيفاً….." : لقد مضى على اليهود أكثر من قرن وهم يأتون ملتفين في هجرات متتابعة إلى فلسطين، ولن يتوقف ذلك حتى يتم تجميع كل اليهود في هذه المنطقة تمهيداً للقضاء عليهم ، "وجعلناكم أكثر نفيراً " أي أن الله سيجعل اليهود الأكثر أعواناً ومؤيدين ، وهذا يبدو واضحاً من مواقف العالم معهم.
ثم يقول : تحدث القرآن عن الإفساد الثاني لليهود بقوله :" فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم " وبقوله : " فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً "، فكلمة " الآخرة " لا يراد بها يوم القيامة ، فليست هي المقابلة للدنيا ، وإنما الآخرة هنا هي المقابلة للأولى ، الأولى في قوله " فإذا جاء وعد أولاهما " أي المرة الأولى ، والآخرة فى قوله " فإذا جاء وعد الآخرة " أي المرة الثانية في الإفساد ، وتدل على أنه سيكون الإفساد الأخير.
ومن موقع نون نقتبس ما يلى للشيخ بسام جرار:
" في بداية سورة الإسراء تمّ تفصيل الحديث حول الإفسادين.وفي خواتيم سورة الإسراء تمّ إجمال الحديث عن المرتين ، "وقلنا من بعده لبني إسرائيلَ اسكنوا الأرض فإذا جاءَ وَعدُ الآخرةِ جئنا بكم لَفيفا " أي قلنا ، من بعد غرق فرعون ، لبني إسرائيل:اسكنوا الأرض المقدّسة. وبذلك يتحقّق وعدُ الأولى. وأمّا قوله تعالى: ( فإذا جاءَ وعدُ الآخرةِ جئنا بكم لَفيفاً )، فإنّه يشير إلى أن اليهود بين وقوع المرّة الأولى ، ووقوع المرّة الثانية يكونون في الشّتات، بدليل قوله تعالى :(جئنا بكم ) والمعنى: عندما يأتي زمن وعد المرّة الأخيرة نجمعكم من الشتات ، (كما دخلوهُ أولَ مرةٍ ):تكون نهاية كل مرّة بدخول المسجد الأقصى، وسبق أن بيّنَا أن نهاية المرة الأولى كانت عام 586 ق.م ، إذ دُمّرت دولة يهوذا ، وسقطت القدس في أيدي الكلدانيين.أما اليوم فقد اتخذ الإسرائيليون القدس عاصمة لهم ، ولا شك أن سقوط العاصمة ، والتي هي رمز الصراع ، سيكون أعظم حدثٍ في المرة الثانية ، والتي وصفتها الآيتان بـ (الآخرة)، مما يشير إلى أنّها الأخيرة "
وأخيراً نقتبس ما يلى من موقع اسلاميك ويب :
سياق هذه الآيات الكريمة في حديثها عن "العباد أولي البأس الشديد"كلها تتحدث عن صراع أمة واحدة فقط مع اليهود ، و هذه هي الأمة الإسلامية.وهذا أقوى ما نحتج به على المفسرين القدامى ، فلم يحصل لقوم أنهم غزوا إسرائيل مرة ثانية.فهي للأمة الإسلامية قطعاً
( 3 )
نأتى الآن إلى الحديث عن الإعجاز العددى فى سورة الإسراء
ومن الملاحظ أن سورة الإسراء بوجه خاص كانت موضع إهتمام كثير من الباحثين فى الإعجاز العددى ، وذلك بسبب ما إنطوت عليه من إشارات إلى وقائع تاريخية متعلقة ببنى إسرائيل ، وهذا بحد ذاته قد يبدو أمراًً عادياً ومألوفاً ، ولكن الأمر الملفت للنظر هو توزع تلك الإشارات ما بين مطلع السورة وختامها ، وإتخاذها مواقع فى غاية الدقة من جسم السورة ، وهذا هو الذى أتاح المجال للباحثين فى الإعجاز العددى للقيام بعمليات العد والإحصاء بين تلك المواقع لسبر أغوارها والوقوف على أسرارها البعيدة
والمعجزة التى بين أيدينا اليوم تُعد معجزة عجيبة بحق ، لأنها تستخدم منهجين مختلفين فى الإحصاء ، ومع ذلك تأتى النتائج فى كل منهما هى هى دون أدنى إختلاف على الإطلاق !!
وإذا كان القرآن الكريم " كتاب لا تنقضى عجائبه " ، فتلك بلا ريب هى إحدى عجائبه الكثيرة ، والتى لا ينقضى العجب منها !!
قلنا أن تلك المعجزة تستخدم منهجين مختلفين ، هذان المنهجان هما :
الأول : إحصاء الكلمات ما بين موقع محدد فى مطلع السورة ، وموقع محدد فى ختامها
وتم الكشف عن وجه الإعجاز فيه الدكتور سليمان محمد فضل ، فى كتابه " الإنهيار الوشيك لإسرائيل وأمريكا فى القرآن والتوراة والإنجيل " والصادر عن دار عكاظ فى لندن سنة 2001 م
الثانى : إحصاء الحروف ما بين نفس الموقع السابق فى مطلع السورة ، ونفس الموقع السابق فى ختامها
وتم الكشف عن وجه الإعجاز المتعلق به على يد الفقير كاتب هذه السطور سنة 2003 م ، ولكنى لم أنشره بعد فى كتاب ، وإنما أُقدّمُه هدية إلى هذا الملتقى الكريم ، ليكون أول من يذيعه وينشره
أما موطن العجب فى هذه المعجزة فيتمثل فى كونه إعجازاً مزدوجاً لعدد الكلمات وعدد الحروف فى نص واحد من سورة الإسراء يكاد يستغرقها كلها ، فالنص واحد ، ولكن عدد الكلمات فى هذا النص يعطينا إعجازاً ، ثم يأتى عدد الحروف فى نفس النص بقضه وقضيضه وبكل حذافيره ليعطينا إعجازاً مؤكداً للإعجاز الأول ، وقاطعاً بصحته وصوابه بشكل عجيب !!
أى أن الشطر الثانى الجديد من هذه المعجزة ( والمتعلق بعدد الحروف ) يأتى ليؤكد الشطر الأول منها المتعلق بعدد الكلمات ، ويؤدى إلى نفس النتيجة التى إنتهى إليها !! وبذلك يزداد الشطر الأول قوة ، إلى جانب قوته الأصلية البينة فى ذاتها
وسوف أبدأ بعرض الشطر الأول من هذه المعجزة والذى أبان عنه الدكتور سليمان فضل ، ولكن قبل هذا أرى أن أعرض أولاً لأهم أركان نظريته فى إفسادتى بنى إسرائيل ، ورؤيته الخاصة لزمنيهما ، وكذلك لبعض نظراته الثاقبة من خلال تأملاته فى سورة الإسراء ، وبالأخص مطلعها وختامها
فلنبدأ السير على بركة الله
( 4 )
يبدأ الدكتور سليمان تأملاته فى سورة الإسراء بطرحه لعدة ملاحظات ، اتخذت شكل أسئلة
وهى كلها تؤكد أن الإفسادة الثانية لبنى إسرائيل تنتمى إلى العصر الحالى ، وتحديداً منذ عام 1948 م الذى شهد قيام ما يُسمى بدولة إسرائيل ، ونقتطف من أسئلته العديدة ما يلى :
......
السؤال الخامس : لماذا جاءت أفعال وعد المرة الأولى بصيغة الماضى ، بينما جاءت أفعال وعد المرة الآخرة بصيغة الإستقبال ؟
السؤال السادس : لماذا جاء التخيير ما بين الإحسان أو الإساءة ، بعد إكتمال مظاهر العلو الثانى ، ولم يأت عقب الحديث عن وعد الأولى ؟
السؤال السابع : لماذا أُخرِجَت كيفية مجيئهم عند مجىء وعد الآخرة من نص النبوءة ، بينما أُفرِدَت فى نهاية السورة ؟ ( يقصد بذلك قوله تعالى : جئنا بكم لفيفاً )
السؤال الثامن : لماذا أُعيد ذِكر بنى إسرائيل وقصتهم مع فرعون فى نهاية السورة ، بينما كان من الأنسب إلحاقها بالحديث عنهم فى مطلع السورة ؟
ومن مجمل هذه الملاحظات يستنبط الباحث أن المرة الأولى من مرتى إفساد بنى إسرائيل قد وقعت قبل الإسلام ، وأنها تتمثل تحديداً فى غزو الملك البابلى ( نبوخذ نصر ) لمدينة القدس سنة 586 ق م ، وتدمير هيكلها المقدس ، وسبى أهلها وإجلائهم إلى بابل ، وأنه لهذا السبب ( أى وقوعها فى الماضى ) جاء التعبير عنها بصيغة الماضى ( بعثنا .. فجاسوا )، بعكس أسلوب الحديث عن المرة الثانية الذى جاء بصيغة الإستقبال ( ليسوءوا ..وليدخلوا ..وليتبروا )
كما أنه عقب ذِكره للمرة الأولى قال: " وكان وعداً مفعولاً " ، بينما لم يقل مثل ذلك عقب ذكره للمرة الثانية ، مما يدل على تحقق الأولى ووقوعها دون الثانية
أما عن السؤال الثامن المتعلق بحكمة إعادة الحديث عن بنى إسرائيل فى نهاية السورة ، فيرى الباحث أن ذلك يرجع إلى سببين :
السبب الأول : إظهار الإعجاز العددى فى القرآن الكريم بوجه عام ، وفى تلك السورة الكريمة بوجه خاص ، الذى سنُظهره بإذن الله لاحقاً
السبب الثانى : للتعقيب على الوعد الثانى بعد نفاذه ، وما سيكون ممن علموا بتفاصيل هذا الوعد قبل نفاذه ، وما سيكون منهم بعد تحققه ، وذلك على النحو التالى :" وقُلنا من بعده لبنى اسرائيل اسكنوا الأرض ، فإذا جآء وعدُ الآخرةِ جئنا بكم لفيفاً (104) وبالحقِ أنزلناه ، وبالحقِ نزل ، وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً (105) وقرآناً فرقناهُ لتقرأه على الناس على مُكثٍ ونزلناه تنزيلاً (106) قل آمنوا به أو لا تؤمنوا ، إن الذين أُوتوا العلم من قبله إذا يُتلى عليهم يخرون للأذقان سُجداً (107) ويقولون سبحان ربنا ، إن كان وعدُ ربنا لمفعولا (108) ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً (109)"
والباحث يرى - ونوافقه على رأيه - أن الآيات من 105 حتى 109 إنما جاءت تعقيباً على ذكره تعالى لوعد الآخرة فى الآية 104 ولكى تصف ما يكون من المؤمنين بالقرآن حال وقوع هذا الوعد وحين إنزال العقاب الإلهى ببنى إسرائيل جراء إفسادهم وعلوهم الكبير فى الأرض ، فهو سبحانه يقول للناس كافة على وجه التبكيت والتهديد شديد اللهجة :" قل آمنوا به أو لا تؤمنوا .. " من أمر هذا الوعد وهذا القرآن الذى جاء به ، فإن هذا الوعد لا محالة واقع ، وإيمانكم به وبالقرآن وعدمه سواء ، وأن من كانوا قد علموه ، وسبق لهم الإيمان به وتصديقهم له قبل تحققه سيكون حالهم عند تحققه :" إذا يُتلى عليهم يَخرون للأذقانِ سُجّداً (107) ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا (108) أى أنهم إذا تُلى عليهم ذِكر هذا الوعد ( عند وبعد تحققه ) خروا للأذقان سُجَّدا ، قائلين :" سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا " ، وسيكون هذا حالهم مرة تلو مرة ، كلما تُليت عليهم آيات هذا الوعد " ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا " (109) وما أن يقوموا ، حتى لا تكاد تحملهم أرجلهم ، وتغلب عليهم مشاعرهم ، من شدة يقينهم وإيمانهم ، فيعودوا ليقعوا ساجدين خاشعين ، لمن لا يُخلف وعده ، سبحانه !!
معانى فى غاية الروعة !! وهى توحى بقوة أن هذا الوعد (وعد المرة الآخرة ) لم يك قد وقع بعد حين نزل به القرآن
وعليه يمكن القول أن الإفسادة الثانية لبنى إسرائيل هى نبوءة قرآنية تنتمى إلى الإعجاز الغيبى للقرآن الكريم ، وأنها تتعلق بالمستقبل لا بالماضى من تاريخ بنى إسرائيل
لم يبق لنا الآن إلا أن نعرض لجانب الإعجاز العددى الذى يؤكد صدق هذا الكلام ، فيتلاقى بذلك كلا الإعجازان :الغيبى والعددى ليؤلفا معا ًمنظومة إعجازية رائعة !!
فهيا معاً لنشهد هذا الأمر العجيب
( 5 )
ذكرنا فيما سلف أن من أسباب إعادة الحديث عن بنى إسرائيل فى خاتمة سورة الإسراء فيما يرى الدكتور سليمان هو إظهار الإعجاز العددى للقرآن والذى وعدنا بإظهاره لاحقاً
وها قد جاء أوان هذا الوعد ، فلنستمع إليه وهو يقول :
قرأت فيما سلف بعضا من كتب الإعجاز العددى فى القرآن ، وكان من بينها كتاب للباحث بسام جرار ، حيث قال فيه : " كنت أقرأ سورة الكهف ، فخطر ببالى أن أحصى الكلمات من بداية قصة الكهف ، أى من قوله تعالى : ( أم حسبتَ أن أصحاب الكهف والرقيم ) ففعلت ذلك ، وعندما وصلت إلى الآية 25 ( ولبثوا فى كهفهم ) وإذا بالكلمة التى تأتى بعد هذه العبارة مباشرة هى الكلمة رقم 309 فى ترتيب العد ، وهو نفس عدد سنى لبثهم كما نصت على ذلك الآية 25 نفسها بعد إنتهاء العد مباشرةً " !!
ويعلق الدكتور سليمان على ذلك قائلاً :
عندما قرأت هذه المعلومة ، أحببت أن أتأكد من صحتها ، فقمتُ بإجراء الإحصاء آنذاك ، فتبين لى صحة الخبر !!
أى أن عدد كلمات القصة حتى ذِكر مدة لبثهم جاء موافقاً لعدد السنين التى لبثوها بالفعل ( 309 كلمة ، تقابل 309 سنة ) ، سبحانك اللهم !!
بل والعجيب أن بعض الآيات التى وردت ضمن القصة ، قد دخلت كلماتها فى العد ، مع أن علاقتها بالقصة ليست ظاهرة ، كالآيتين 23 ، 24 مثلاً !!
وبالتالى نستطيع القول بأن هذا التركيب اللغوى لقصة أصحاب الكهف ، كان مقصوداً ليلفت انتباهنا إلى ما جاء فى هذه القصة من إعجاز عددى لُغوى !
ثم يذكر الباحث أن هذا النموذج قد أغراه لتطبيقه على سورة الإسراء ، للكشف عن موعد هلاك بنى إسرائيل فى المرة الثانية من مرتى علوهم ، وخاصة بعد أن لفت إنتباهه تكرار ذكر بنى إسرائيل فى بداية السورة ونهايتها ، وكذلك تكرار تعبير ( فإذا جاء وعد الآخرة ) فى بدايتها ونهايتها كذلك ، وهو بالفعل أمر ملفت للنظر بشدة ، وخاصة إذا علمنا أن هذا التعبير المتكرر قد انفردت به سورة الإسراء وحدها ، ولم يأت فى القرآن فى غير هاتين المرتين
ثم يقول :"قمتُ بإحصاء الكلمات التى تلت مباشرة عبارة :" فإذا جاء وعد الآخرة " فى الآية السابعة ، وحتى آخر كلمة فى نفس هذه العبارة فى الآية 104 ، فوجدت أننى قد توقفت بالعد عند العدد 1367 تماماً ، ثم اكتشفتُ أن هذا العدد - ويا للعجب - هو موعد قيام دولة إسرائيل بالتقويم الهجرى !!!
وهو كذلك موعد تجمع بنى إسرائيل من شتى بقاع الأرض فى فلسطين ، كما تشير إلى ذلك العبارة التى تلت مباشرة نهاية العد والإحصاء ، وهى قوله تعالى :" جئنا بكم لفيفاً " !
يا الله !! سبحانك ربنا !!
قرأت هذا الكلام للدكتور سليمان وتملكنى العجب الشديد ، وكان من الطبيعى أن أتأكد بنفسى من صحة كلامه هذا ، فقمتُ بإجراء الإحصاء بنفسى ، فماذا كانت النتيجة ؟
كانت تلك هى النتيجة :
يخرون للأذقان سُجداً (107) ويقولون سبحان ربنا ، إن كان وعدُ ربنا لمفعولا (108) ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً
نعم ، لقد خررت ساجداً باكياً وخاشعاً ، ومُسبحاً علام الغيوب ، سبحانه !! تماما كما وصفَتَ هذا المشهد كذلك خاتمة سورة الإسراء ذاتها !!
وسبحان الله العظيم !
( 6 )
بيان إحصائى لكلمات النطاق السابق فى سورة الإسراء
عدد الكلمات من بعد قوله تعالى :" فإذا جاء وعد الآخرة " فى الآية السابعة = 12 كلمة
وعدد الكلمات حتى آخر قوله تعالى : " فإذا جاء وعد الآخرة " فى الآية 104 = 11 كلمة
أما باقى الآيات بين 7 - 104 فعدد كلماتها كالتالى :
النتيجة الإعجازية : المجموع الكلى لعدد لكلمات بعد إضافة المقطعين المذكورين فى صدر الإحصائية = 1367 كلمة
وهو يمثل التاريخ الهجرى المقابل لسنة 1948 ميلادية ، والذى وافق بالفعل سنة 1367 هجرية، والتى فيها تم الإعلان عن قيام ما يُسمى بـ ( دولة إسرائيل )
مصادر الإحصاء:
أولاً :إحصاء د. سليمان فضل فى كتابه ( الإنهيار الوشيك لإسرائيل )
ثانياً :إحصاءات الأستاذ عبد الله إبراهيم جلغوم فى كتابه (المعجم الإحصائى لكلمات القرآن الكريم )
ثالثاً :إحصاءات موقع نون للدراسات الإسلامية المنشورة على صفحة الموقع
رابعاً :إحصاءات العليمى المصرى ، كاتب هذا الموضوع
وكل تلك المصادر لم تختلف فى كلمة واحدة ، فالعدد عند الجميع هو 1367 كلمة تماماً ، دون أى إستثناء
ولا يزال للحديث بقية إن شاء الله
( 7 )
طالعنا من قبل قول الدكتور سليمان فضل :
" قمتُ بإحصاء الكلمات التى تلت مباشرة عبارة :" فإذا جاء وعد الآخرة " فى الآية السابعة ، وحتى آخر كلمة فى نفس هذه العبارة فى الآية 104 ، فوجدت أننى قد توقفت بالعد عند العدد 1367 تماماً ، ثم اكتشفتُ أن هذا العدد - ويا للعجب - هو موعد قيام دولة إسرائيل بالتقويم الهجرى !!!
وهنا نجد سؤالاً يطرح نفسه بقوة : لقد كان هذا الإحصاء خاصاً بعدد كلمات النص المذكور ، فماذا عن عدد حروفه ؟
سؤال منطقى تماماً ، برغم أن عدد الحروف فى أى نص يفوق عدد الكلمات أضعافاً مضاعفة ، ولنا أن نتخيل نصاً كهذا يبلغ عدد كلماته 1367 كلمة ، فكم يبلغ عدد حروفه ؟!
لا شك أنه سيكون عدداً كبيراً يتجاوز عدة آلاف من الحروف
وهنا يثور سؤال جديد : وهل يمكن أن يكون لهذا العدد دلالة على ما نحن بصدده من تاريخ إفساد وعلو بنى إسرائيل ؟
وهنا أدعو بكل خير للمفكر الفرنسى المسلم رجاء جارودي ( روجيه جارودي قبل أن يُشهر إسلامه )، لأنه هو الذى ألهمنى الجواب عن هذا السؤال الأخير ، وهو الذى دفعنى - دون أن يقصد - إلى خوض غمار هذا الإحصاء الضخم العسير ، فإن جارودي كان أول من عرفّنى على التقويم العبرى الخاص باليهود ، وهو التقويم الذى يبلغ عدد السنين فيه أضعاف ما يبلغه فى التقويمين الهجرى والميلادى ، فنحن الآن مثلاً فى الشهر الأخير من سنة 5771 بالتقويم العبرى ، ولكم أن تتخيلوا ذلك !!
ولكن يزول العجب إذا علمنا أن التقويم العبرى يتخذ من بدء الخليقة نقطة بدايته ، حيث أخذ أحبار اليهود فى حساب أعمار أسلافهم ، وضم بعضها إلى بعض ، منذ آدم ، ملتزمين فى ذلك النص الحرفى لكتابهم المقدس ، فكانت النتيجة أننا اليوم على مشارف سنة 5772 عبرية
ومهما يكن من أمر ، فإن بدء التاريخ عند كل ملة من الملل إنما هو مسألة إصطلاحية ، ومتى ما اتفق عليها الناس فلا مشاحة فيها
ونعود إلى موضوعنا ، كان المفكر الفرنسى المسلم جارودي هو أول من عرفتُ منه أن تاريخ قيام الدولة العبرية ( إسرائيل ) فى سنة 1948 م ، يوافق سنة 5708 عبرية
وحينها قلتُ فى نفسى : هل يمكن أن يوافق هذا العدد نفس عدد حروف النص الذى أحصينا كلماته من قبل فى سورة الإسراء ، والذى أشار إلى تاريخ قيام إسرائيل بالتقويم الهجرى ؟
لقد بدا لى هذا السؤال للوهلة الأولى غريباً وعجيباً بعض الشىء !! ، ولكن لأن ثقتى فى إعجاز كلام الله لا حد لها فقد قررت أن أخوض غمار تلك التجربة الإحصائية الصعبة لهذا النص الطويل
وكنتُ قبل هذا الوقت أسير على منهج معين فى إحصاء حروف القرآن ، وهو منهج يسير للغاية ، وأهم ما فيه هو إلتزامه التام برسم المصحف الشريف مع إحتساب الهمزة فى حالات محددة و بما يتماشى مع قواعد اللغة العربية وقواعد رسم المصحف ، وقد نجح تطبيقى لهذا المنهج فى التوصل إلى أن عدد حروف سورة نوح يبلغ 950 حرفاً تماماً
أى بنفس عدد السنين التى لبثها نوح فى قومه ، كما نص على ذلك القرآن الكريم !!!
وقد سبق أن عرضتُ لهذا الأمر بالتفصيل فى موضوع " تأملات فى تقسيم أنصبة المواريث فى الآيتين 11 ، 12 من سورة النساء " وفى ذلك الموضوع شرحتُ باستفاضة منهجى فى إحصاء حروف القرآن الكريم ( أنظر فيه المشاركة رقم 41 ، و كذلك رقم 62 )
وقد كان نجاح هذا المنهج فى التوصل إلى هذه النتيجة الإعجازية الخاصة بسورة نوح هو ما أغرانى بتطبيقه كذلك على نفس النص الذى أحصينا كلماته فى سورة الإسراء
وصدّقوا أو لا تصدّقوا ، ولكنها الحقيقة المذهلة : لقد وجدتُ أن عدد حروف نفس هذا النص وفقاً للمنهج المذكور قد بلغ 5708 حرفاً تماماً ، لا تزيد ولا تنقص حرفاً واحداً !!!!
أى أنه قد وافق عدد السنين فى التقويم العبرى فى وقت قيام الدولة العبرية !!!
فما رأى الأخوة الأفاضل والأخوات الفضليات فى هذا الأمر العجيب ؟!
وهل هناك أعجب من هذا : أن يتضافر عدد الحروف مع عدد الكلمات فى نص واحد بالغ الطول ليعطينا نفس التاريخ لواقعة واحدة ، وأن يعطينا إياه مرتين : مرة بالتقويم الهجرى ، ومرة بالتقويم العبرى الخاص بأصحاب تلك الواقعة أنفسهم !!
ويجب الإنتباه إلى أمر آخر شديد العجب ، هو أن حصيلة الإحصاء فى هذه المرة لم تكن دون الألف حرف مثل سورة نوح ، بل لقد جاوزت بضعة آلاف من الحروف ( 5708 كما رأينا ) ، ومن العدل والإنصاف القول بأن حدوث توافق فى مثل هذا العدد الضخم ، لا يمكن بحال من الأحوال نسبته إلى المصادفة
فهذا العدد ( 5708 ) كما هو واضح يحوى الآلآف ( 5000 )، كما يحوى المئات ( 700 ) ثم يزيد عليهما الآحاد أيضاً (8 )
وإفتراض حدوث مصادفة فى حالة الآلاف قد يمكن القبول به ، أما أن ترتقى المصادفة درجة أخرى لتوافق المئات التى تزيد على الآلاف فهو أمر أشد صعوبة ، لكن أن ترتقى المصادفة درجة ثالثة لتوافق الآحاد التى تزيد على المئات فهذا هو المرتقى الصعب بحق ، بل أراه فى غاية الصعوبة ، إن لم يكن مستحيلاً
ومن ينسب ذلك إلى المصادفة يكن فى تقديرى شديد المكابرة والجحود ، هذا ما يقضى به منطق العقلاء المنصفين
ومرة أخرى أستطلع آراء الأخوة والأخوات فى هذا الأمر العجيب ، فلا تبخلوا علينا بآرائكم الكريمة
كما أنتظر رأى أخى العزيز الدكتور عبد الرحمن الشهرى ، لأنه قد وعدنى بقراءة هذا البحث قراءة متأنية ، وقد تمنيت عليه أن يشهد بالحق و بما أراه الله ، وهذا هو المأمول فيه والمتوقع منه بالفعل
والموفق هو الله
تم بحمد الله وعونه وتوفيقه