" فجاءته إحداهما تمشي على استحياء " - " فجاءته إحداهما تمشي على استحياء " - " فجاءته إحداهما تمشي على استحياء " - " فجاءته إحداهما تمشي على استحياء " - " فجاءته إحداهما تمشي على استحياء "
" فجاءته إحداهما تمشي على استحياء "
من موسوعة اللطائف القرآنية | د. صلاح الخالدي
يقول الله تبارك وتعالى: فجاءته احداهما تمشي على استحياء قالت ان ابي يدعوك ليجزيك أجرَ ما سقيت لنا
في هذه الجملة من الاية دلالة عديدة على طبيعة الفتاة الملتزمة المؤدبة التي تؤدي رسالتها على ارفع صورة مع العفة والطهر والنقاء .
قوله ((جاءته)) لأن اباها كلفها ان تذهب الى هذا الشاب ليكرمه ولم يرسلها ابوها الى ذلك الشاب الا وهو واثق منها ومن عفتها ويأمن عليها وهذا دل على ادبها عند ابيها .
قوله ((احداهما)) دل على ابهام تلك الفتاة فليس اسمها مهما لا عندنا ولا عند موسى لأنها مكلفة بمهمة خاصة ومعنى الابهام هنا ان لا نخوض في تعيين اسمها ولا دليل على ذلك التعيين عندنا .
قوله ((تمشي)) فيه دلالة على السير والمشي المقصود للفتاة ، فالمشي فيه الاتزان والوقار فليست مسرعة ولا بطيئةً انما تمشي بين الحالتين .
قوله ((على استحياء)) الروعة في هذا التعبير ، الاستحياء هو تأكيد الحياء فالهمزة والسين والتاء تدل على التوكيد لأن الحياء سيطر عليها وشمل كيانها كله ، فهي ليست تعيش حالة حياء انما تعيش حالة استحياء ، والاستحياء ابلغ من الحياء لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى .
أدعو الى استحضار الصورة الفنية الرائعة التي يرسمها قوله تعالى (( تمشي على استحياء)) فإن حرف "على" التمكن من الشيء والسيطرة عليه ، تقول : انا جالسٌ على الكرسي أي متمكن منه ومسيطر عليه .
الصورة المرسومة في الآية ليست تمكن من الشيء انما مشي على الشيء
أدعو الى تخيل منظر هذه الفتاة الحيية وهي تمشي ، انظروا الى الشارع التي تمشي عليه وتضع عليه قدميها هل ترونه ؟
إنه ليس شارعا مكونا من تراب او اسفلت او غير ذلك انما هو شارع مكونٌ من الحياء ، هل رأيتم الحياء مادة صناعية يصنع منها شارع ، هل رأيتم قدمي الفتاة وهي تمشي على ذلك الحياء ، هل رأيتم الحياء يسيطر على جسمها كله ولماذا الحياء ؟ لأنها ستخاطب رجلاً وتبغله دعوة ابيها ، فكيف مشاعرها واضطرابها وهي تسير في الطريق وكيف تكون خطواتها وهي تمشي على ذلك الاستحياء .
هذه الصورة الفنية الرائعة التي (تجسم) فيها الحياء وتحول من خلق رفيع وفكرة طيبة ليكون شارعاً معبداً تمشي عليه تلك الفتاة .
ماذا قالت لموسى ؟ كلمة واحدة مختصرة ( ان ابي يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا ) تخيلوا اضطرابها وقلقها وهي تنطق بهذه الكلمات والحياء قد سيطر عليها .
هكذا فلتكن الفتيات الصالحات الملتزمات عندما يقمن بواجبهن في اداء اعمالهن الدعوية والاسلامية .