ضرورة الإتباع والتحذير من الإبتداع - ضرورة الإتباع والتحذير من الإبتداع - ضرورة الإتباع والتحذير من الإبتداع - ضرورة الإتباع والتحذير من الإبتداع - ضرورة الإتباع والتحذير من الإبتداع
بسم الله الرحمان الرحيم
- مفهوم البدعة :
البدعة لغة هي الاختراع على غير مثال سابق ومن ذلك قول الله تعالى { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي مخترعهما . وشرعًا ما خالف الكتاب والسنة ، أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات المحدثة في الدين .
- خطر البدع : إن البدع والمحدثات في الدين لها خطورة عظيمة ، وآثار سيئة على الفرد والمجتمع بل وعلى الدين كله أصوله وفروعه . فالبدع إحداث في الدين ، وقول على الله بغير علم وشرع في الدين بما لم يأذن به الله ، والبدعة سبب في عدم قبول العمل وتفريق الأمة ، والمبتدع يحمل وزره ووزر من تبعه في بدعته ، كما أن البدعة سبب في الحرمان من الشرب من حوض النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم فعن سهل بن سعد الأنصاري ، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال : « أنا فَرَطُكم على الحوض من مرّ علي شرب ، ومن شرب لا يظمأ أبدًا . ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم فأقوِل إنهم من أمتي ، فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول سحقاَ لمن غيّر بعدي » (صحيح البخاري) . والفرط الذي يسبق إلى الماء . وسحقًا أي بعدًا . والبدعة تشويه للدين ، وتغيير لمعالمه . والخلاصة أن البدعة خطر عظيم على المسلمين في أمر دينهم ودنياهم .
- أسباب البدعة :
للبدع أسباب كثيرة أعظمها البعد عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم ومنهج السلف الصالح ، الأمر الذي يؤدي إلى الجهل بمصادر التشريع .
ومن أسباب انتشار البدع ، التعلق بالشبهات والاعتماد على العقل المجرد وجلساء السوء ، والاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي يستدل بها المبتدعة على بدعهم ، والتشبه بالكفار ، وتقليد أهل الضلال ونحو ذلك من الأسباب الخطيرة .
- ضرورة الاتباع والتحذير من الإبتداع:
- الآيات الكريمات التي تأمر بالاتباع وتنهى عن الابتداع :
قال الله تعالى ( وأن هذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )( الأنعام الآية 153). قال القرطبي [ هذه آية عظيمة ... فإنه لما نهى وأمر وحذر هنا عن اتباع غير سبيله فأمر فيها باتباع طريقه ]( تفسير القرطبي 7/137). فالصراط المستقيم المذكور في الآية الكريمة هو سبيل الله الذي دعا إليه وهو السنة والسبل هي سبل أهل الاختلاف الحائدين عن الصراط المستقيم وهم أهل البدع والأهواء .
وقال الله تعالى ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النور الآية 63). قال الراغب الأصفهاني [ والمخالفة أن يأخذ كل واحد طريقاً غير طريق الآخر في حاله أو قوله ] (المفردات في غريب القرآن 156). وحكى ابن العربي عن الزبير بن بكار قال [ سمعت مالك بن أنس أتاه رجل فقال يا أبا عبد الله من أين أحرم ؟ قال من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله ( . فقال إني أريد أن أحرم من المسجد . فقال لا تفعل . قال فإني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر . قال لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة . فقال وأي فتنة هذه ؟ إنما هي أميال أزيدها . قال وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصَّر عنها رسول الله( إني سمعت الله يقول ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ] (الاعتصام 1/132).
وقال الله تعالى( وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (الحشر الآية 7)
وقال الله تعالى ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) (النساء الآية 59). فأمر الله سبحانه وتعالى برد المتنازع فيه إلى قوله جل جلاله وإلى قول الرسول .
وقال الله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (المائدة الآية 3).
قال الإمام مالك رحمه الله [ ومن أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله( خان الدين لأن الله تعالى يقول ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً] ( انظرالاعتصام 2/53). ولأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأن الشريعة قد كملت قبل وفاة النبي ( فلا يتصور أن يجيء إنسان ويخترع فيها شيئاً لأن الزيادة عليها تعتبر استدراكاً على الله سبحانه وتعالى وتوحي بأن الشريعة ناقصة وهذا يخالف ما جاء في كتاب الله ( نظراالموسوعة الفقهية 8/23). وقال تعالى ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبونَ اللَّهَ فَاتَّبعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )( آل عمران الآية 31). قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي [ تنبيه يؤخذ من هذه الآية الكريمة أن علامة المحبة الصادقة لله ورسوله ( هي اتباعه ( فالذي يخالفه ويدعي أنه يحبه فهو كاذب مفتر إذ لو كان محباً له لأطاعه ومن المعلوم عند العامة أن المحبة تستجلب الطاعة.
وقال تعالى ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) (سورة الشورى الآية 21).
- الأحاديث النبوية التي تأمر بالاتباع وتنهى عن الابتداع :
عن جابر بن عبد الله( قال ( كان رسول الله ( إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم . ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى . ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) رواه مسلم (صحيح مسلم بشرح النووي 2/464). وفي رواية عند النسائي [ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ] وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني (سنن النسائي).
وعن عبد الله بن مسعود قال [ خطَّ لنا رسول الله( يوماً خطاً ثم قال هذا سبيل الله ثم خطَّ خطوطاً عن يمينه وعن شماله ثم قال هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) الآية ، رواه الدارمي وأحمد والنسائي وقال الألباني حديث صحيح (سنن الدارمي). وعن أبي نجيح العرباض بن سارية( قال ( صلى بنا رسول الله صلاة الفجر ثم وعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا . فقال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح ورواه أحمد وابن حبان ، وهو حديث صحيح صححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي (صحيح ابن حبان).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت ( قال رسول الله ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ ) (مشكاة المصابيح 1/59). قال الحافظ ابن رجب الحنبلي[ وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام كما أن حديث " الأعمال بالنيات " ميزان للأعمال في باطنها وهو ميزان للأعمال في ظاهرها فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى فليس لعامله فيه ثواب فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله فليس من الدين في شيء ].
وعن بلال بن الحارث( قال سمعت رسول الله ( يقول من أحيا سنة قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن ابتدع بدعة لا ترضي الله ورسوله فإن له مثل إثم من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من آثام الناس شيئاً ) رواه الترمذي. وعن أبي شريح الخزاعي قال خرج علينا رسول الله ( فقال أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ قالوا بلى . قال إن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً ) رواه الطبراني.
وعن ابن عباس أن رسول الله ( خطب الناس في حجة الوداع فقال إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم فاحذروا إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه ] رواه الحاكم .
وعن أنس بن مالك قال ( قال رسول الله ( إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ) رواه الطبراني.
- الآثار الواردة عن السلف في لزوم السنة وذم البدعة :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال[ كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ] رواه البيهقي.
وعن عبد الله بن مسعود ( قال [ الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة ] رواه الدارمي.
وعنه أيضاً قال [ اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ] رواه الطبراني.
وعنه أيضاً قال [ اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم وكل بدعة ضلاله ] رواه أبو خيثم في كتاب العلم.
وعنه أيضاً قال [ أيها الناس إنكم ستحدثون ويحدث لكم فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالأمر الأول ] رواه الدارمي.
وعنه أيضاً قال [ تعلموا العلم قبل أن يقبض وقبضه أن يذهب أهله ألا وإياكم والتنطع والتعمق والبدع وعليكم بالعتيق ] رواه الدارمي.
وعن حذيفة ( قال [ يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقاً بعيداً فإن أخذتم يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيداً ] رواه البخاري .
وعنه ( قال [ كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله فلا تتعبدوا بها فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً فاتقوا الله يا معشر القرآء خذوا طريق من كان قبلكم ] رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة.
وقال أبو العالية [ عليكم بالأمر الأول الذي كانوا عليه قبل أن يفترقوا ] رواه معمر في الجامع.
وقال الأوزاعي [ اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا عنه واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم ] ذكره ابن الجوزي.
وقال عمر بن عبد العزيز (سن رسول الله وولاة الأمر من بعده سنناً الأخذ بها تصديق بكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها . من عمل بها فهو مهتد ومن استنصر بها فهو منصور ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً ) ذكره الشاطبي في الاعتصام.
قال الشاطبي [ وبحق وكان يعجبهم فإنه كلام مختصر جمع أصولاً حسنة من السنة منها ما نحن فيه لأن قوله ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها . قطع لمادة الابتداع جملة . وقوله من عمل بها فهو مهتد . مدح لمتبع السنة وذم لمن خالفها بالدليل الدال على ذلك ، وهو قول الله سبحانه وتعالى ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ] ( انظرالاعتصام 1/87).
وقال عمر بن عبد العزيز يوصي رجلاً [ أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتباع سنة نبيه وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته ... فعليك بلزوم سنته فإنها لك بإذن الله عصمة ...] رواه أبو داود.
وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال [ اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ] ذكره الشاطبي.
وعن عثمان الأزدي قال [ دخلت على ابن عباس رضي الله عنهما فقلت له أوصني . فقال عليك بتقوى الله والاستقامة ، اتبع ولا تبتدع ] ذكره الخطيب في الفقيه والمتفقه.
- حكم البدع :
من تأمل الأدلة الواردة في الكتاب والسنة والآثار السابقة يجد أن البدع في الدين محرمة ومردودة على أصحابها من غير فرق بين بدعة وأخرى ، وإن كانت تتفاوت درجات التحريم بحسب نوعية البدعة ، فمنها ما هو كفر صراح كالطواف بالقبور تقربا إلى أصحابها ، وتقديم الذبائح والنذور لها ، ودعاء أصحابها والاستغاثة بهم ، ومنها ما هو من وسائل الشرك كالصلاة والدعاء عند القبور ، ومنها ما هو فسق ومعصية كإقامة الأعياد التي لم ترد في الشرع ، والأذكار المبتدعة والتبتل والصيام قائما في الشمس . والحمد لله رب العالمين
في ميزان حسناتك ابو فارس
ما احوجنا في هذا الوقت الى الابتعاد عن البدع الكثيره التي تدس لنا في ديننا بين الحين والاخر وما احوجنا الى الرجوع الصحيح الى كتاب الله وسنة نبيه واتباع ما جاء فيهما لفهم ديننا والابتعاد عن البدع