رحيل المناضل الفلسطيني ناجي علوش - رحيل المناضل الفلسطيني ناجي علوش - رحيل المناضل الفلسطيني ناجي علوش - رحيل المناضل الفلسطيني ناجي علوش - رحيل المناضل الفلسطيني ناجي علوش
غيَّب الموت مساء أول من أمس المفكر ناجي علوش الذي وصفَهُ مثقفون وكتاب بأنَّه كان سياسيا صلبا، وصاحب مبدأ أصيل، لم يفكر بأن يحيد عنه، رغم المخاطر التي واجهها.
واعتبَرَ كتابٌ أنَّ رحيلَ علوش يعدُّ خسارة كبيرة لحركة التحرر العربية والشعب الفلسطيني وللمثقفين والمشتغلين في حقل الفكر والأدب والثقافة، مشيرين إلى أنَّ الراحل كان يتميَّز بربطه بين فكرة الوحدة القومية العربية، والماركسية الجديدة غير الحركة الشيوعية التقليدية.
وولد الراحل علوش في مدينة بيرزيت، وتعلم في مدارسها، وعمل في مدارس الأردن، ثم سافر إلى الكويت في العام 1956، حيث وجد هناك تعاطفا مع مبادئه القومية العربية وأفكاره السياسية الثورية بين المغتربين العرب الآخرين.
ويعدُّ علوش واحدا من الشعراء الملتزمين، حيثُ كتب الشعر العمودي حتى العام 1957، ثم الشعر الحر. وصدر له العديد من المجموعات الشعرية، مثل "هدية صغيرة" 1967، "النوافذ التي تفتحها القنابل" "1972". وطبعت تلك المجموعات في مجلد واحد تحت عنوان "المجموعة الشعرية الكاملة" في العام 1979، نشر فيما بعد مجموعة شعرية أخرى بعنوان "الزهر والناي" العام 1991.
وللراحل أيضا مؤلفات فكرية: "الثورة والجماهير" 1962، "المقاومة العربية في فلسطين" 1967، "الماركسية والمسألة اليهودية" 1969، "الثورة الفلسطينية أبعادها وقضاياها"، 1970، "مناقشات حول الثورة الفلسطينية" 1970، "نحو ثورة فلسطينية جديدة" 1972، "الحركة القومية العربية" 1975، "حول الحرب الأهلية في لبنان" 1976، "الوطن العربي: الجغرافية الطبيعية والبشرية" 1980، "المشروع القومي من الدفاع إلى الهجوم" 1991، "الديمقراطية: المفاهيم والإشكالات" 1994".
الناقد والروائي الفلسطيني وليد أبو بكر الذي أشرف على إصدار الأعمال الشعرية الكاملة لناجي علوش، رأى أنَّ الراحلَ كان "قامة نضالية وثقافية كبيرة"، مشيرا إلى أنه كان سياسيا صلبا، وصاحب مبدأ أصيل، لم يفكر بأن يحيد عنه، رغم المخاطر التي واجهها، والإغراءات التي طرحت أمامه.
وقال أبو بكر إنَّ الراحل لم يكن مجرد كاتب عابر، ممَّن يرون في الكتابة سعيا وراء مكسب، مبيِّنا أنَّه وظَّفَ كتابته كلّها لصالح الحلم الذي آمن به، والوطن الذي ظلّ شوقه إليه كبيرا، وهو يراه يبتعد.
وأشار إلى أن علوش كان وراء تأسيس اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وقيادته حتى اشتد عوده، وأصبح عمودا قويا في الاتحاد الأدبي العربي، له فيه موقع ورأي، مبيِّناً أنَّه ترك وراءه إرثا سياسيا ونضاليا وفكريا ونقابيا لم يكن بمقدور أحد مثله أن ينجزه. وقال إنَّه كرَّس كل عمره لهدفه الوحيد: "الإبقاء على صورة الوطن حية في كل الأذهان، دون أن يهتم بما سعى إليه آخرون".
وانتهى أبو بكر إلى القول: "رحلت القمة الفلسطينية وهي تدرك أن حجم الإنكار الذي واجهته من بعض الورثة لا يساوي شيئا أمام الاحترام الذي يكنّه من ورثوا الموقف الصلب، والإيثار الذي تميز به علوش، وتكريس الذات للوطن الدائم، الذي لا يعوّضه غرض زائل".
رئيس رابطة الكتاب د.موفق محادين، رأى في رحيل علوش "خسارة كبيرة لحركة التحرر العربية والشعب الفلسطيني وللمثقفين والمشتغلين في حقل الفكر والأدب والثقافة"، مبيِّنا أنَّ للراحل عشرات الكتب والمخطوطات التي تتناول القضية القومية وقضية الصراع العربي الإسرائيلي.
وأشار إلى أن الراحل كان يتميز بربطه بين فكرة الوحدة القومية العربية والماركسية الجديدة غير الحركة الشيوعية التقليدية، موضحا أنه ترك خلفه إرثا أدبيا وشعريا ونقديا مهما، من أبرزها دراسته حول الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب.
ووصف محادين الراحل بـ"المثقف الثوري العضوي" الذي جمع بين النظرية والممارسة، وهو عضو في رابطة الكتاب الأردنيين، وهو أحد مؤسسي الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، مشيرا إلى أن علوش بالنسبة له "صديق ومعلم"، فهو تبنَّى إصدار أول كتاب له في العام 1981، بعنوان "تطور علاقات الإنتاج في الريف الأردني".
الناشر والكاتب قال في علوش إنه "القائد المفكر الكاتب الودود الانسان المحب، شعلة العمل والنشاط طيلة أعوام حافلة بالنضال من أجل ما آمن به من فكر تقدمي عربي، كانت بوصلته دائما تحرير فلسطين، وتحرير الإنسان".
ونوه البس إلى أنه تعرَّف إلى الراحل في مطلع سبعينيات القرن الماضي. وقال "في خضم لجة القلق الفكري وتلمس الطريق، تعلمت منه أن السلاح وحده لا يكفي لمواجهة العدو، فلا بد للبندقية أن يحملها ويوجهها فكر واضح، يرتب التناقضات ويتعامل معها دون خلط، بما يضمن وحدة حركة التحرير الوطني الفلسطيني".
وانتهى إلى القول "أودِّعه بدمع حرّاق، فهو من أواخر الناس الذين جمعنا تاريخ حافل بالاتفاق والاختلاف يغلفه الحب والإيمان بحق الشعوب العربية بالحرية والاستقلال والعدالة والخلاص من أعداء الأمة وغطرستهم".
رئيس الجمعية الفلسفة الأردنية د.هشام غصيب، ذهب إلى القول إنَّ رحيل علوش يعد خسارة كبيرة للوطن وللأمة، مبينا أنَّه كان مناضلا قوميا صلبا عزَّ نظيره، ومفكرا قوميا عميقا لم ينل حقه من الدراسة والتحليل.
ولفت غصيب إلى أن الجمعية الفلسفية ستقوم بتسليط الضوء على منجزات علوش ودراساته العديد في مجال الفكر القومي، مؤكدا على ثبات الراحل على مبادئه الكفاحية والنضالية الجذرية. ووصف غصيب علوش بأنَّه "رمز أصيل من رموز الفكر السياسي والنضال الوطني"، مشددا على أنَّ الراحل سيبقى نبراسا للأجيال القادمة.
الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين رئيس بيت الشعر الفلسطيني مراد السوداني، قال إنَّ "علوش سادن الفكرة الجمرة، قائد غوار الثقافة اشتداداً وامتداداً في المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي".
وأضاف أن الراحل "حالة استثنائية، مفرد جمع، ونموذج للمثقف الند والفارس المذخر بقولة الجبل والعناد. ثابت على الثابت، صنو الغفاري أبي ذر. متقشف حد الفقر، غني بقلبه وقلمه الحر، لم يقف على باب أحد، ولم يخطف لقمة من فم أحد". ووصفه السوداني علوش بـ "المقاتل الفذّ"، لافتا إلى أنَّ الراحل "ابتعد ولم يغب"، وسيعود إلى جذره الوهّاج والتراب المعافى.
إلى ذلك، نعت رابطة الكتاب الأردنيين، الراحل، وهو عضو الرابطة والرئيس الأسبق للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، مشيرة في بيان صحفي إلى أنه كان نموذجا للمثقف العضوي الذي جسَّدَ النظرية في الممارسة العملية.
وجاء في البيان "إن ما يعزينا بالخسارة الكبيرة التي تركها علوش في الوسط الثقافي والقومي، هو أن أفكاره ومساهماته باقية وحاضرة في الأجيال الجديدة التي تتصدى هذه الأيام لهذه المهام الكبيرة من أجل نهوض الأمة وازدهارها".