فلتنهض أيها المحارب العظيم - فلتنهض أيها المحارب العظيم - فلتنهض أيها المحارب العظيم - فلتنهض أيها المحارب العظيم - فلتنهض أيها المحارب العظيم
الدكتور راجح السباتين
"فلتنهضْ .... أيُّها المُحَارِبُ العظيم"
قرصُ الشمس الخريفيّة في طريقة إلى الاكتمال ... وها هي قطرات الأمل تنساب من على غصن الحياة مُعلنةً عن يوم آخر صامتٍ كالشجر، مُنخفضٍ عن مستوى سطح بحور الكراهية التي تحيطُ بهذا الوجه العربي الذي تجسدت فيه آلام الزمن وأوجاع الأمم حال النهوض والانهيار ... ما من فرحةٍ يُسمع صوتها في الديار. وما من نورس يجرؤ على الطيران في سمائنا الواسعة ... كلُّ مَنْ شهد معركة النور الأخيرة مع الظلام يعلم بأنّ انهزام النور كان سبب هذا الصمت المخيف، وكلُّ مَنْ شهد تلك المعركة يذكر كيف انهار آخر العمالقة المدافعين وسقط عند أقدام "أقزام الكراهية" الذين ائتمروا عليه وعرفوا كيف يسقطونه!! والآن، وبعد كل هذه السنوات من الصراع المرير لم يتبقَّ فارسٌ واحدٌ من فرسان جيش المحبة، حتى ذلك "المحارب العظيم" الذي كان رمزاً لأسطورة الكفاح، لم يتبقَ منه سوى ظلّه بعد أن سافرت آماله أدراج رياحٍ ترحل ولا تعود وانخنق حُبُّهُ في الواقع العربي المتقلِّب وتلاشت زفراته الثائرة وذهبت مع مياه الأمطار ممتزجةً بتراب الأوطان ذاويةً في أراضيها إلى أعماقٍ بعيدةٍ ومجهولةٍ.
بانهيار المحارب العظيم انهارت آمال أنصار المحبة، وبذهابه ذهبت أحلامهم الثائرة وسالت دماءً مع الماء في أزقة الشوارع والمخيّمات باكيةً على رحيل هذا الفارس الذي اضطرته وقائعُ الانكسار العربي للترجل عن فرسه والسير في بحر الرمال المتحركة....
وهكذا، وبعد هزيمة النور هذه لم يبق في الميدان سوى أقزامٍ يشعرون يقيناً بأنهم يعيشون في عصرٍ ليس بعصرهم، أقزامٍ ضعافٍ دفعتهم الرياح من حيث لا يشعرون فوجدوا أنفسهم وقوفاً على خشبة المسرح، نجوماً في سماء جمهورٍ بائسٍ يائسٍ فقد مِنَ الحياة كلّ معانيها ... يا أعداء المحبة والإنسانية والعقل، يا من لا تتوقفون عن خَوض حروب الكراهية هذه، ألا تتعبون؟ ألا تعترفون بهدنةٍ أو استراحةٍ يُلقي فيها المتحاربون السلاح ليلتقطوا ما تبقى فيهم من أنفاس؟؟؟
مَن غيرُكَ لهؤلاء المتعملقين رادع!! ومنَ سواك لإفسادهم مانع؟ ألا فلتنهض أيها المحارب العظيم ... ألا فلتنهض وقسماً لن تكون وحدك في الساحة بعد الآن، فريحك الدافئة عادت تدفعنا للمضي قدماً نحو القمة حيث كنا، وصوتك الحرّ الثائر يتردد فيملأ صداه الوجود من حولنا محطماً جدران اليأس الصامت تاركاً إياها أكواماً من الركام لا قدرة لها على البدء من جديد .... لا لن تنطفئ شموعنا بعد الآن مهما تتراكم على رئتيها أكوام الظلام الثقيلة، وستبقى أنوار المحبة صامدةً آخذةً في شق طريقها وسط ركام صخورك يا ظلام.
يا أنصار المحبة والنور، عودوا للالتفاف حول "المحارب العظيم" وأعينوه على البدء مرةً أخرى، فلا زال هنالك متسعٌ من الوقت لاستدراك ما فات. كما أنّ هنالك بقيةً باقيةً لاحتمال ولو ابتسامةٍ واحدةٍ بريئةٍ جريئةٍ تُعلن تحدِّيها لكل الذين ائتمروا علينا واغتالوا ابتسامتناً وقتلوا فرحتنا واقتحموا علينا عاطفتنا المكنونة، فحطَّموا منها ما قدروا على تحطيمه، وأحرقوا بعضها الآخر، وتركونا ضياعاً عمياناً نتلمَّسُ ما يمكن تَلمُّسه من خيطان الأمل القليلة في طرائق البغضاء، عودوا لتعود الفرحة بصوتها الساحر فوق جبالنا الممتدة من جديد، وليعود النورس حراً في سمائنا الواسعة من جديد، عودوا لتعود إلى الوجه العربي أفراح الزمن وأمجاد الفتوح عودوا لا زال هنالك أمل ... عودوا فلا زال هنالك أمل ... عودوا ....