القدس تناديكم - القدس تناديكم - القدس تناديكم - القدس تناديكم - القدس تناديكم
القـدس تناديكــم
كاظم عايش
أثخنتنا الجراح، روحها تحلّق حول من تبقى من أبنائها المحاصرين، كأنّها تحثهم على البقاء والصمود، فمن لها غيرهم، وهم من تنسّم عبقها وتشرّب بعشقها السماوي وسكن إلى حضنها الدافئ في ليالي الزمهرير، إنّها المدينة التي لا تموت، مرَّ عليها كثيرون وأخذوا منها ولم تأخذ منهم، هي معطاءة هكذا شأنها، هي أستاذة تعلِّم الجاهلين وتحضن المغتربين، وتعيد بناء المهزومين والمهدومين، هذا ديدنها، تعيد العزيمة إلى من حاولوا التنازل عنها، وتلبس الكرامة لمن حاول التنصل منها. إنّها القدس، عروس المدائن وحاضنة القباب والمآذن، الحب السرمدي، والعشق الأزلي والشباب الدائم والهيبة والوقار والدفء والدثار، ملهمة الخطباء، وموسيقى الشعراء، يكفيك إن كنت ذا شعور مرهف أن تسير في شوارعها العتيقة لتنتشي بقية عمرك بعبقها الذي يتدفق في شرايينك إباءً وعزيمة وصبراً وذكراً.
القدس..حلم العابدين، وشوق المجاهدين، وتوق السائرين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، مساجدها تحنّ إلى عمّارها، وساحاتها تشتاق إلى مجاهديها، بيوتها تتهيأ للقاء عشاقها، أزقتها تتلهف لمحبيها، عصافيرها لا تغادرها، فوطنها فيها لا يعدله جنّات عدن، فجنات عدن هي جائزة من يلتقيها.
القدس، هي قبلتكم، فولّوا وجوهكم شطرها، القدس هي غناكم، فانبذوا فقركم لأجلها، القدس هي مثواكم، فماذا قدمت ليوم حشركم بين يديها؟ القدس معراجكم، فهلاّ ارتقيتم لتعرجوا من محاريبها إلى عزتكم وكرامتكم.
القدس تئن، أما سمعتم أنينها الذي يشق نياط القلوب، تئن من ظلمة الجور، وبشاعة الظلم، تئن من حصارها وتهويدها وتفريغها، تئن من صمتكم الذي يحاكي صمت القبور، تئن من خذلانكم، رغم أنّها تنظركم منذ زمن، تمر أجيال وأجيال، ولا تمل من انتظاركم، كأنّها تدرك أنّ جيلاً ولو كان من أصلابكم سيعود إليها فاتحاً محرراً منتصراً.
يا ويل من عرفها ولم يؤد ضريبة عرفانها، إنّها القدس التي أسري إليها بمحمد سيد الخلائق عليه الصلاة والسلام، فتحها عمر، وحررها صلاح الدين، فمن يعيد لها بسمتها، ومن ذا يلبّي نداءها؟
سلاما يا بلادي اريد ان ابعثله لكي من دعواتي
نبضات قلبي وكلمات عقلي ودموع عيني كلها تحاوط مشرى رسولي
فيكي يا مدينة الشرائع
مسجد هو عشقي وحبي
كل املي ان اراه واقبل ثراه
واصلي على ترابه محررة لا زائرة
واموت على عتباته شهيدة
اعذريني يا اماً
فانا لا املك الا الكلمة ونشر الحق عنكِ
والتذكير باحداثكي...والدعاء بالتحرير والحماية وتثبيت المرابطين فيكي يا قدس
القدس
قبلة الرسول الأعظم الأولى
و هي بعد ذلك قبلة كل عاشق
لكل شق بين حجرين فيها قصة
و كل حجر فيها شاهد على من مروا بها
تتآلف الأكوان في أزقتها
و تسري بالجسد قشعريرة غريبة لمجرد عن بعد رؤيتها
هل زرتها ؟؟ هل بأم عينك رأيتها ؟؟
ان كنت فعلت فأنت وحدك من رأى عينة من الجنة
و إن لم تكن فعلت فلا اعتقد أن ايمانك سيكتمل
فيها تسمع صليل السيوف التي قبلك حررتها
و ترى وديان الدم فيها تجري و تسري
و لا زلت مع ذلك ترى فيها السلام
و تشتم رائحة التاريخ بكل حقبه
و تكاد تشعر بنسائم الهواء من رفرفة الحمام
و على رأي شاعرنا تميم البرغوثي... "في القدس من في القدس، لا أرى في القدس إلا أنت"