من كتاب ابن تيمية في الحيل - من كتاب ابن تيمية في الحيل - من كتاب ابن تيمية في الحيل - من كتاب ابن تيمية في الحيل - من كتاب ابن تيمية في الحيل
من كتاب ابن تيمية في الحيل
عنوان الكتاب : إقامة الدليل على إبطال التحليل
وهو أحسن ما كتب في إبطال الحيل
ابن تيمية ( - 728هـ )
مما جاء فيه :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلّوا محارم الله بأدنى الحيل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتي على الناس زمان يستحلّون الربا بالبيع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال أقوام يلعبون بحدود الله ويستهزئون بآياته؟
( في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " المؤمن مَن أمِنه الناس على دمائهم وأموالهم "، والمحتال غير مأمون ).
قال عمر رضي الله عنه : ثلاث يهدمن الدين : زلة العالم، وجدال المنافق بالقرآن، وأئمة مُضلّون.
قال سلمان الفارسي : كيف أنتم عند ثلاث : زلّة العالم، وجدال المنافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم؟
عن ابن عباس : ويل للأتباع من عثرات العالم. قيل : كيف ذاك؟ قال : العالم يقول شيئًا برأيه، ثم يجد من هو أعلم منه برسول الله صلى الله عليه وسلم، فيترك قوله ذلك، ثم يمضي الأتباع!
قال الإمام أحمد : لا يجوز شيء من الحيل (...). قال أبو عبد الله : ما أخبثهم، يعني : أصحاب الحيل!
قال أيوب السختياني، وناهيك به، في هؤلاء المحتالين : يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان! فلو أتوا الأمر عيانًا كان أهون عليّ. أو لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون عليّ.
قال عبد الله بن المبارك :
وهل أفسدَ الدينَ إلا الملو كُ وأحبارُ سوءٍ ورهبانُها
( الحيل خداع لله واستهزاء بآيات الله وتلاعب بحدود الله، وقد دلّ على تحريمها الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح وعامة دعائم الإيمان ومباني الإسلام. ودلائل ذلك لا تكاد تنضبط ).
( قال شريك بن عبد الله القاضي في كتاب الحيل : هو كتاب المخادعة ).
( مخادعة الله حرام، والحيل مخادعة لله ).
( من فتح باب المخادعة لم يقف عند حد، حتى يتعدى ما أمكنه من حدود الله، وينتهك ما استطاع من محارم الله ).
( هذه الحيل من أعظم المحرّمات في دين الله تعالى ).
( يجب الإمساك عما حرّم الله سبحانه، وأن لا تستحلّ محارمه بأدنى الحيل، ولا يتوهم الإنسان أن في الإمساك عن المحرم ضيقًا أو ضررًا، أو في فعل الواجب، فإنه مَن يتّق الله يجعلْ له مخرجًا، ويرزقْه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه. ولا بد من أن يُبتلى المرء في أمر الله ونهيه، تارة بترك ما يهوى، وتارة بفعل ما يكره ).
( يجب أن تتلقى أحكام الله بطيب نفس وانشراح صدر، وأن يتيقن العبد أن الله لم يأمره إلا بما في فعله صلاح، ولم ينهه إلا عما في فعله فساد، سواء كان ذلك من نفس العبد، بالأمر والنهي، أو من نفس الفعل، أو منهما جميعًا، وأن المأمور به بمنزلة القوت الذي هو قوام العبد، والمنهي عنه بمنزلة السموم التي هي هلاك البدن وسقمه ).
( القصد في العقود معتبر ).
( المقاصد معتبرة في العقود والتصرفات ).
( كل من قصد بالعقد غير المقصود الذي شُرع له ذلك العقد، بل قصد به سببًا آخر أراد أن يتوسل بالعقد إليه فهو مُخادِع ).
( القول بتحريم الحيل قطعي ليس من مسائل الاجتهاد (...)، وحينئذ فلا يجوز تقليد من يفتي بها، ويجب نقض حكمه، ولا يجوز الدلالة لأحد من المقلّدين على من يفتي بها ).
( قولهم : مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل. أما الأول فإذا كان القول يخالف سنّة أو إجماعًا قديمًا وجب إنكاره (...). وأما العمل فإذا كان على خلاف سنّة أو إجماع وجب إنكاره أيضًا بحسب درجات الإنكار ).
( إن المؤمن يعلم بالاضطرار أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ممن يعلّم هذه الحيل ويفتي بها هو ولا أصحابه، وإنها لا تليق بدين الله أصلاً، وهذا القدر لا يحتاج إلى دليل أكثر من معرفة حقيقة الدين ).
( إن الحيل التي استُحلت بأسماء باطلة يجب أن تُسلب تلك الأسماء المنحولة وتُعطى الأسماء الحقيقية ).
( الحيلة إنما تصدر من رجل كره فعلَ ما أمر الله سبحانه أو تركَ ما نهى عنه ).
( من خادع الله فإنما خدع نفسه ).
( حقيقة الأمر على طريقة المحتالين أن تصير العقود الشرعية عبثًا، وهذا من أسرار قاعدة الحيل، فليتفطن له ).
( لو كان الاحتيال مشروعًا لم يكن في تحريم الربا حكمة إلا تضييع الزمان وإتعاب النفس بلا فائدة ).
( إن الحيل مع أنها محدثة كما تقدم فإنها أحدثت بالرأي، وإنما أحدثها مَن كان الغالب عليهم اتباع الرأي ).
( إن الذين ينتسبون إلى القياس واستنباط معاني الأحكام والفقه من أهل الحيل هم أبعد الناس عن رعاية مقصود الشارع، وعن معرفة العلل والمعاني، وعن الفقه في الدين، فإنك تجدهم يقطعون عن الإلحاق بالأصل ما يُعلم بالقطع أن معنى الأصل موجود فيه، ويهدرون اعتبار تلك المعاني، ثم يربطون الأحكام بمعان لم يومئ إليها شرع ولم يستحسنها عقل ( ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور ) سورة النور 40.
( قال بشر بن السري، وهو من العلماء الثقات المتقدمين أدرك العصر الذي اشتهر فيه الرأي، وهو ممن أخذ عنه الإمام أحمد وطبقته قال : نظرتُ في العلم فإذا هو الحديث والرأي. فوجدتُ في الحديث ذكر النبيين والمرسلين، وذكر الموت وذكر ربوبية الرب وجلاله وعظمته وذكر الجنة والنار والحلال والحرام والحث على صلة الأرحام وجماع الخير. ونظرتُ في الرأي فإذا فيه المكر والخديعة والتشاحّ واستقصاء الحق والمماكسة في الدين واستعمال الحيل والبعث على قطع الأرحام والتجرؤ على الحرام ).
( صور العقود غير كافية في حلّها وحصول أحكامها إلا إذا لم يقصد بها قصدًا فاسدًا ).
( أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعوا على تحريم الحيل وإبطالها، وإجماعهم حجة قاطعة يجب اتباعها، بل هي أوكد الحجج، وهي مقدّمة على غيرها ).
( أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ... كانوا يحرمون هذه الحيل ويبطلونها ... فإذا انضم إلى ذلك أن عامة التابعين موافقون على هذا، فإن الفقهاء السبعة وغيرهم من فقهاء المدينة الذين أخذوا عن زيد بن ثابت وغيره متفقون على إبطال الحيل، وكذلك أصحاب عبد الله بن مسعود وأصحاب أصحابه من أهل الكوفة، وكذلك أبو الشعثاء والحسن وابن سيرين وغيرهم من أهل البصرة، وكذلك أصحاب ابن عباس من أهل مكة وغيرهم ).
( إن المتأخرين أحدثوا حيلاً لم يصح القول بها عن واحد من الأئمة ).
( لا بد أن يكون بين الحلال والحرام فرق في الحقيقة، وإلا لكان البيع مثل الربا. والفرق في الصورة دون الحقيقة غير مؤثر، لأن الاعتبار بالمعاني والمقاصد في الأقوال والأفعال ).
( الأمر المحتال به صورته صورة الحلال، ولكن ليست حقيقته ومقصوده ذلك ).
( إنك إذا تأملت عامة الحيل وجدتها رفعًا للتحريم أو الوجوب، مع قيام المعنى المقتضي للوجوب أو التحريم، فتصير حرامًا من جهتين : من جهة أن فيها فعل المحرم وترك الواجب. ومن جهة أنها مع ذلك تدليس وخداع وخلابة ومكر ونفاق واعتقاد فاسد. وهذه الجهة أعظمها إثمًا، فإن الأول بمنزلة سائر العصاة، وأما الثاني فبمنزلة البدع والنفاق. ولهذا كان التغليظ على من يأمر بها ويدل عليها متبوعًا في ذلك أعظم من التغليظ على من يعمل بها مقلّدًا. فأما إذا عمل بها معتقدًا جوازَها فهذا هو النهاية في الشر ).
( كل موضع ظهرت للمكلفين حكمته أو غابت عنهم لا يشك مستبصر أن الاحتيال يبطل تلك الحكمة التي قصدها الشارع، فيكون المحتال مناقضًا للشارع مخادعًا في الحقيقة لله ورسوله. وكلما كان المرء أفقه في الدين وأبصر بمحاسنه كان فراره من الحيل أشد. واعتبِرْ هذا بسياسة الملوك، بل بسياسة الرجل أهلَ بيته، فإنه لو عارضه بعض الأذكياء المحتالين في أوامره ونواهيه، بإقامة صورها دون حقائقها لعلم أنه ساعٍ في إفساد أوامره. وأظن كثيرًا من الحيل إنما استحلّها من لم يفقه حكمة الشارع، ولم يكن له بد من التزام ظاهر الحُكم، فأقام رسم الدين دون حقيقته. ولو هدي رشده لسلّم لله ورسوله، وأطاع الله ظاهرًا وباطنًا في كل أمره، وعلم أن الشرائع تحتها حِكَم، وإن لم يهتدِ هو لها. فلم يفعل سببًا أنه مزيل لحكمة الشارع من حيث الجملة، وإن لم يعلم حقيقة ما أزال، إلا أن يكون منافقًا يعتقد أن رأيه أصلح في هذه القضية خصوصًا، أو فيها وفي غيرها عمومًا لِما جاءت به الشريعة، أو صاحب شهوة قاهرة تدعوه إلى تحصيل غرضه، ولا يمكنه الخروج عن ظاهر رسم الإسلام، أو يكون ممن يحب الرياسة والشرف بالفتيا التي ينقاد له بها الناس، ويرى أن ذلك لا يحصل عند الذين اتبعوا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين إلا بهذه الحيل، أو يعتقد أن الشيء ليس محرمًا في هذه القضية المخصوصة، لمعنى رآه لكنه لا يمكنه إظهار ذلك، لأن الناس لا يوافقونه عليه، ويخاف الشناعة، فيحتال بحيلة يظهر بها ترك الحرام، ومقصوده استحلاله، فيرضي الناس ظاهرًا، ويعمل بما يراه باطنًا ).
( عن ابن عباس وأنس أن كلاً منهما سئل عن العِينة فقال : إن الله لا يُخدع، هذا مما حرّمه الله ورسوله ).
( هناك ما هو ذريعة وهو مما يحتال به، كالجمع بين البيع والسلَف، وكاشتراء البائع السلعة من مشتريها بأقل من الثمن تارة، وبأكثر أخرى، وكالاعتياض عن ثمن الربوي بربوي لا يباع بالأول نَسَأ ).
( الذرائع حرّمها الشارع وإن لم يقصد بها المحرّم خشية إفضائها إلى المحرّم، فإذا قصد بالشيء نفس المحرّم كان أولى بالتحريم من الذرائع. وبهذا التحريم تظهر علّة التحريم في مسائل العِينة وأمثالها، وإن لم يقصد البائع الربا، لأن هذه المعاملة يغلب فيها قصد الربا، فيصير ذريعة، فيسدّ هذا الباب لئلا يتخذه الناس ذريعة إلى الربا، ويقول القائل : لم أقصد به ذلك، ولئلا يدعو الإنسان فعله مرة إلى أن يقصده مرة أخرى، ولئلا يعتقد أن جنس هذه المعاملة حلال، ولا يميز بين القصد وعدمه، ولئلا يفعلها الإنسان مع قصد خفي، يُخفي من نفسه على نفسه.
وللشريعة أسرار في سدّ الفساد، وحسم مادة الشرّ، لعِلم الشارع بما جُبلت عليه النفوس وبما يخفى على الناس من خفي هداها الذي لا يزال يسري فيها حتى يقودها إلى الهلكة. فمن تحذلق على الشارع واعتقد في بعض المحرّمات أنه إنما حرم لعلة كذا، وتلك العلة مقصودة فيه، فاستباحه بهذا التأويل، فهو ظَلوم لنفسه، جَهول بأمر ربه، وهو إن نجا من الكفر لم ينجُ غالبًا من بدعة أو فسق أو قلة فقه في الدين وعدم بصيرة ).
( اعلم أن تجويز الحيل يناقض سدّ الذرائع مناقضة ظاهرة، فإن الشارع سدّ الطريق إلى ذلك المحرّم بكل طريق، والمحتال يريد أن يتوسل إليه ).
( يبقى ذلك الاحتيال بمنزلة العبث وتطويل الطريق إلى المقصود من غير فائدة ).
( إنما نقبل من الرجل ظاهره وعلانيته إذا لم يظهر لنا أن باطنه مُخالفٌ لظاهره ).
( إذا فعلت المباح لغرض مباح فلا بأس به، أما إذا قصدت به ضررًا غير مستحق فإنه لا يحلّ، مثل من يقصد حرمان ورثته بالإسراف في النفقة في مرضه ).
( الأمر المحتال به صورته صورة الحلال، ولكن ليست حقيقته ومقصوده ذلك ).
( إنك إذا تأملت عامة الحيل وجدتها رفعًا للتحريم أو الوجوب، مع قيام المعنى المقتضي للوجوب أو التحريم، فتصير حرامًا من جهتين : من جهة أن فيها فعل المحرم وترك الواجب. ومن جهة أنها مع ذلك تدليس وخداع وخلابة ومكر ونفاق واعتقاد فاسد. وهذه الجهة أعظمها إثمًا، فإن الأول بمنزلة سائر العصاة، وأما الثاني فبمنزلة البدع والنفاق. ولهذا كان التغليظ على من يأمر بها ويدل عليها متبوعًا في ذلك أعظم من التغليظ على من يعمل بها مقلّدًا. فأما إذا عمل بها معتقدًا جوازَها فهذا هو النهاية في الشر ).
ما أكثرها اليوم أخي الكريم .. عافانا الله و إياكم ...