مسلسل عائد الى حيفا - مسلسل عائد الى حيفا - مسلسل عائد الى حيفا - مسلسل عائد الى حيفا - مسلسل عائد الى حيفا
في حوار مع أسرة مسلسل (عائد إلى حيفا )....العـودة إلـى حيفـا ..تـوق لا وهـم
هناك كانوا .. بيوت تستظل بزيتون الارض واريج البيارات اطفال يتقافزون كقبرات الحقول امهات تهدهدن لمن في المهد وآباء يسابقون الزمن كدحا وتعبا, وهناك في حيفا .. في يافا .. في الطيرة.. في كل بقعة من فلسطين .
وكان يا ماكان طلع الصباح ولم تتوقف شهرزاد عن الكلام لأن نزف الآلام كان امضى على عنقها من سيف شهريار لأن حكاية فلسطين السبية صارت كأس الماء وقطعة الخبز اليومي والروح العظيمة التي تناثر جسدها فتمزقت وتوزعت في مخيمات تضرب الريح والامطار والفقر صفيحها المنهك اغترابا . لم يبق من البيوت سوى مفاتيح حفظت بين طيات القلوب صدى اطفال يلعبون فوق حبال الذاكرة , وبعض صور تتردد في دهاليز الرؤى.
لكن الجذور كانت اكثر توغلا في العمق الدافئ للارض فانتشت اجنة اليخضور وانفلتت شرنقة الحلم لتقول (عائدون) عائدون وتنتهي احداث مسلسل عائد الى حيفا .
ومن النهاية ابتدأ الحوار الذي كان اكثر دفئا من طقس حمص الماطر بتواصل جميل مع الثلوج , مع ضيوف المسلسل ممثلين بالمخرج باسل الخطيب والفنانين سلوم حداد, تيسير ادريس وعلي صطوف مساء الاثنين الماضي في المركز الثقافي بحمص وادارت الحوار السيدة نورا أتاسي.
>اذا لماذا رواية ( عائد الى حيفا)للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني ?
>>لأن علاقي بهذه الرواية قديمة- يقول الفنان باسل الخطيب - بل ثمة شيء قدري يربطني بها ففي عام 1982 وخلال وجودي في معهد السينما قرأتها للمرة الاولى ومنذ ذلك الحين حلمت بتقديمها في السينما لكن ذلك لم يتحقق الى ان نفذنا مسلسل عائد الى حيفا وعن الرواية يقول : كتبت الرواية في فترة حساسة من حياة الامة العربية اي في اعقاب نكسة حزيران فكانت مشبعة بروح اليأس التي غلبت على المثقفين العرب آنذاك .
>فهل عبر المسلسل عن وجهة نظر كنفاني ام عن رؤية المخرج
>>كانت الرواية نقطة بدء وانطلاق للعمل لكن احداثا وشخصيات كثيرة اضيفت الى المسلسل ( لم تكن في رواية كنفاني ولا في سيناريو غسان نزال ) طبعا هناك التقاء مع نص كنفاني حول المأساة الفلسطينية ونكبة 48 ونكسة 1967 لكن وبعد كل ما مرت به القضية من المفاوضات والتلاعب السياسي -ان صح التعبير- وصولا الى انطلاقة الانتفاضة الاولى والثانية كان لا بد من التأكيد على المقاومة كخيار وطريق وحيد امام الشعب التواق للعودة وبعد هل اصبحت العودة حلما هل تحولت الى وهم في ذهن المواطن العربي او الى بكائية على الاطلال وما اكثر عرب البكاء في المواقف الصعبة?!
وتأتي اجابة المخرج والفنانين بأن مساحة الحلم والامل لاتزال متسعة والفنان يمتهن معانقة الامل فالعودة حق مقدس لا تنازل عنه وهي آتية لا ديب في ذلك لو خسر الشعب الفلسطيني الامل لما ولدت المقاومة والانتفاضة.
>أترون الوقت مناسبا الآن لطرح القضية الفلسطينية?
>>بعد غياب طويل عن الطرح الجاد لتلك القضية نجد الفرصة الآن مناسبة جدا عبر مخاطبة الشريحة الاوسع من الجمهور ويبدو ان المسلسل -يضيف الفنان سلوم حداد- قد استطاع استقطاب الجيل الجديد ليرى كيف حدث ما حدث بعد ان سرقته الفضائيات بكل ما فيها .
وفي الجانب الفني كان السؤال : الى اي مدى استطاع المسلسل الغاء اسطرة الشخصية الايجابية في الرواية وتحويلها الى شخصية واقعية تعيش كل اخفاقاتها ونجاحاتها ?!
ويجيب الفنان تيسير ادريس بأن العمل حاول الغوص في عمق الشخصيات وتناول صراعاته الداخلية والتطرف الى تفاصيل حياتها اليومية وعن شخصية ( ابو مازن ) قال : لقد احببتها جدا لأنها تشبه والدي - رحمه الله - والذي قال لنا عند وفاته لا تنسوا عظامي في سورية بل انقلوها وادفنوها تحت شجرة زيتون (مشرشة) في ارض فلسطين وابو مازن يمثل الشريحة التي توالت عليها الانكسارات فعاش مشتتاً واصيب بالعمى وحين اصطحبته ابنته مغادرة معه الى بيتها في الاردن وعند ضفة نهر الاردن شعر بشيء ما فسألها : ( أهذا آخرشبر من فلسطين) وحين ادرك ذلك سقط ميتاً في لحظتها ( لعل العودة بشكل آخر).
ويطرح السؤال الاهم ربما الى اي مدى تؤثر قوة الطرح الفكري في العمل الفني على تسويقه وبثه على الفضائيات العربية خاصة بعد ما جرى مع مسلسل الشتات .
ويجيب الفنان سلوم حداد : أمام هذا الكم الهائل من الاعمال التافهة التي تحاول نقل اجواء ومشاهد علب الليل الى عمق بيوتنا فان التحدي كبير امام الفنان العربي خاصة في ظل العقلية الرقابية التي تمارسها اجهزة الاعلام في العالم لكننا سنواصل العمل طالما ملكنا الرؤية والهدف ويضيف احد الحضور قول السيد حسن نصر الله عقب بث مسلسل الشتات على قناة المنار (سنحارب بالكاميرا والبندقية).
ويرى الفنان باسل الخطيب ان الاعلام العربي مقصر في طرح القضايا الجادة وأورد مثالا للدلالة على قوة تأثير الفعل الاعلامي فعن رواية ليون اوريس (الخروج) قدمت هوليود أواخر الستينات فيلما يحكي عن خروج اليهود الى فلسطين اثار ردود فعل كبيرة فقالت عنه غولدا مائير آنذاك فإن الفيلم قدم لاسرائيل دعما كبيرا جدا .
كان اختيار البيئة في المسلسل ناجحا وموفقا فهل واجه فريق العمل صعوبات في اختيارها .
يجيب الفنان المخرج بأن استطلاع مواقع التصوير استغرق وقتا لا بأس به وقد تم اختيارها بمساعدة الفنان لبيب رسلان مهندس الديكور المعروف .
وتحدث الفنان علي صطوف ردا على سؤال حول صعوبة التمثيل بلغة ثانية وهل تسبب غربة في الاداء بأن الامر تطلب جهدا حقيقياً فاللغة لا تنتج نفسها بل تنتج ثقافة وتاريخا وقد درسنا الشخصية من حيث الشكل والتاريخ وجنسيتها التي تنتمي اليها وضمن هذا كله كان التعامل مع المجموعات العربية.
في نهاية رواية كنفاني تنكر الولد ( الذي فقد رضيعاً وتلقى تربيته في ظل الاحتلال) لأهله الا ان الفنان المخرج كان له رأي آخر في نهاية عمله الفني عائد الى حيفا اذ اراد التأكيد على حتمية تلبية الفلسطيني لنداء الجذور ولعل العائد الحقيقي في المسلسل كان الابن الثاني الذي عاد حاملا بندقية وهي نهاية تتناسب مع الظروف التي يعيشها شعب فلسطين في الوقت الراهن فما هي المعايير التي اعتمدها المخرج في اختيار الممثلين?
عن ذلك يقول الفنان باسل الخطيب هما معياران : المهني والاخلاقي مع التأكيد على الثاني ان عملنا يتطلب تفرغ الفنان والانضباط والقدرة على تحمل الصعوبات اضافة الى الاحساس بالمسؤولية خاصة بعد ان فقد البعض الحماس وتحول العمل بالنسبة لهم الى صنعة لكن ما زال لدى الكثير من الفنانين السوريين الحماس اللازم واعتقد ان التحدي الاكبر والحقيقي امام الدراما السورية الآن وبعد كل ما حققته من نجاح على مساحة الوطن العربي وكي لا تكرر نفسها هو طرح القضايا الكبيرة الجادة ومن هنا تؤكد قدرتها على الاستمرار والثبات .
اما الهدف من اللقاء بجمهور حمص فكان محاولة حوار لرصد ما تركه العمل من صدى - سلبي او ايجابي- عند الجمهور الذي نراه مثقفا ذواقا وقادرا على التقاط الكثير من التفاصيل .
هذهِ الرواية بالذات للأديب غسان كنفاني تحمل في طياتها الكثير مِن أهداف و معاني يجب أن تصل لكل ناطق بالضاد خاصة و للأمم الأخرى عامة , فمن وجهة نظري الشخصية بأن هذه الرواية تعكس ما عاناه و يعانيه اللاجئون الفلسطينيون تحديداً من المناطق التي أُحتلت عام 48 ,فهم يُنكرون علينا حقوقنا في أراضينا مُدَعين بأن لا جدال في هذه الأراضي لأنها مُلكهم و حقهم, كُل ما تُرِك هناك بعد النكبة إعتبروه إرثاً لهم حتى البشر الذين بقوا, حاولوا و يحاولون تجنيدهم بكافة الوسائل,, معالم الشوارع غُيَرت, اليافطات كلها بالعبرية كُتِبت, سواءً الإرشادية أو تلك التي بها تحذيرات و تنبيهات, مثلاً كتلك التي تحوي عبارة: :حافظ على نظافة بلدك,,,,أيأتي الذي إحتل وطني و حرمني من رؤيته ليطلب مني دون أدنى خجل بأن أحافظ على نظافة بلدي!!!!!!!!! أو تلك النقاط التفتيشية التي نسمع عنها على أبواب مُدننا,, تلك النقاط التي فقط وُجِدت حتى يتم تفتيش الفلسطينيين وحدهم, أما هم فيدخلون دون أنى رقابة و تفتبش!!!!!!!!,,, أيُدعى الفلسطيني صاحب الأرض للتفتيش إذا فكر في زيارة الوطن!!!!! أمِن أحدٍ على وجه الأرض يخاف على وطنه أكثر منا؟؟؟؟؟؟؟
لكننا برغم هذه الغربة التي وجدنا بها أنفسنا و برغم الشوق الذي إستشرى في قلوبنا وحاول أن يهزمنا ويقودنا لِنُسَاق لرؤية الوطن,,,أعلنا كلمتنا واضحة و داوينا جراح غربتنا و كبحنا جِماح الشوق في أنفسنا ...فنحن لن نرى الوطن بطريقتكم ..ولن ننصاع لطريقٍ تودون لو نمشيها أيضاً على طريقتكم ... كنتم بلا وطن و ستبقون بلا وطن ..لذلك لن تستطيعوا أن تتخيلوا مالذي يمكن أن يفعله حِرمان العين و القلب والنفس من رؤيا الوطن ,,مالذي يعنيه أن تكبر بعيداً عن حضن الوطن,,والذي يمنعك عدوٌ أقل ما يوصف به بأنه "جبان"
كما حاول غسان كنفاني برواياته أن ينقل أشواقا ومشاعر يحملها, ربما إستطاع أن يترجم شيئاً على الورق و لم يستطع بترجمة الباقي لِعظمه,,,و كما أتى مِن بعده مِن ممثلين و فنانين رغبوا بترجمة هذه المشاعر الجياشة "لمسلسلات" ربما تكون أقرب لأقراننا في وطننا العربي الكبير,,,,فإننا نؤكد بأن قضيتنا ستبقى شغلنا الشاغل و همنا الأكبر في كل المحافل و سيبقى الفلسطيني يجوب بقلبه المعلق فوق جبال فلسطين -التي لم يراها يوماً -العالم كله , كُلٌ حسب ما أبدع و تخصص به ,,, حتى نحقق جميعاً حلمنا الذي لم و لن ننساه يوماً بالعودة آمنين مطمئنين لوطننا بإذن الله ,,,, و إن شاء الله تكون العودة قريبة