بوابة القدس وتزوير التاريخ * محمود الزيودي - بوابة القدس وتزوير التاريخ * محمود الزيودي - بوابة القدس وتزوير التاريخ * محمود الزيودي - بوابة القدس وتزوير التاريخ * محمود الزيودي - بوابة القدس وتزوير التاريخ * محمود الزيودي
بوابة القدس وتزوير التاريخ 1 - 6 * محمود الزيودي
نبيلة جدا فكرة الزميل رياض سيف في مسلسل بوابة القدس الطريق الى باب الواد .. اما النتيجة على الشاشة فهي مخجلة ان لم تكن بسواد الوجه .. ولم اعرف مخرجا جاهلا بالتاريخ الفلسطيني والاردني والعادات والتقاليد مثل مخرج بوابة القدس .. واجزم ان الشركة المنتجة اجبرته على سلق المسلسل في سبيل الربح المادي السهل وهذا ما سأثبته في هذه الدراسة ... فالجيل الحالي من المشاهدين الشباب فتح عينيه على اتفاقية أوسلو وتدمير غزة وتجويع أطفالها مع جمود عملية السلام وتمدد السرطان الاستيطاني لليهود في الضفة الغربية .. وفي ثنايا ذاكرة هذا الجيل هزيمة جيوش ثلاث دول عربية امام الجيش الاسرائيلي عام 1967 ومذابح صبرا وشاتيلا وتشريد الجسم الصلب للمقاومة الفلسطينية من لبنان الى تونس واليمن وأصقاع اخرى في الوطن العربي حتى اتفاقية اوسلو ... انتكاسات وهزائم متكررة تجعل المراقب من شباب هذا الزمن يدهش أن أمته قارعت اسرائيل وكبّدتها بعض الخسائر في مواجهة ما .. مثل معركة الكرامة أو حرب تشرين . وبما أن المسلسل قراءة تاريخية للنضال الاردني الفلسطيني منذ ثورة القسام وحتى حرب عام 1948 فقد لفت نظري بوابة العبور الاردني الى فلسطين كما رسمها المسلسل والتي اقتصرت على بيت شعر مدندش بالهدب في وادي الاردن وشيخ قبيلة ( نبيل المشيني ) يستقبل الثوار ويجهّز الغازين بما تيسر له من رجال وسلاح ... اما الشهيد الملازم محمد الحمد الحنيطي فمعروف موقفه بالاستقالة من قوة حدود شرق الاردن التي تحرس مصب خط انابيب بترول العراق في حيفا وانضمامه مبكرا للمقاومة الفلسطينية حتى استشهاده عام 1948 ... حتى ننصف رجال ذلك الزمن في أذهان شباب زمننا الحالي الذين اختفت تلك الاحداث من ذاكرتهم هذه الايام . نقرأ لهم ولغيرهم أن اول مؤتمر للأردنيين في مقاومة الاستيطان الصهيوني والاستعمار البريطاني . عقد في ام قيس والثاني في السلط ثم تلاه مؤتمر ام العمد بدعوة من مثقال الفايز شيخ قبائل بني صخر وحضرته أغلب أطياف العمل الوطني في شرقي الاردن وفلسطين ... المؤتمر الرابع كان في ام العمد أيضا وكان طارئا مستعجلا لدرجة ان مثقال وجه الدعوة اليه برسالة شفويّة يقول فيها ... إذا كان شعر راسك مبلول لا تنشّفه الا عندي بأم العمد ... رفض حضور رئيس الوزراء ابراهيم هاشم لأن المؤتمر شعبي وسيعقد بعيدا عن تدخل الحكومة وابو حنيك وكوكس وكل رجال الانتداب على شرق الاردن ... اخبرني العين السابق المرحوم الشيخ عفاش راعي الجذوا أن الملك عبد الله الاول سأل أكثر من مرة ... هل تحرك هارون مع سريته ؟؟؟ كان الملك المؤسس قد زوّد هارون ابن جازي في أذرح والجربا بالسلاح والذخيرة للقتال في فلسطين ... وقد شاركت سرية هارون في معركة باب الواد مع الكتيبة الرابعة بقيادة حابس المجالي .. يعرف الملك المؤسس قوة جيشه وجيوش الدول العربية مقابل قوة التنظيمات العسكرية الصهيونية التي اصبحت جيشا متفوقا . ولهذا بدأ استنفار شعبه من الشمال الى الجنوب للقتال .. افرغت المخافر من اغلب رجال الشرطة للقتال في فلسطين .. حتى رئيس التشريفات الملكية هزاع المجالي ذهب بسرية متطوعين من الكرك للقتال في غور الصافي .. وهذا التفاوت بين العرب واليهود معروف للمقاتلين الجادّين مثل محمد الحمد الحنيطي الذي قدم تقريرا لامين الحسيني رئيس الهيئة العربية العليا لفلسطين في بيروت قبل يوم من استشهاده .... ( للعدو في حيفا 2700 مقاتل من الهاغاناه و100 مقاتل عصابة شترن وعندهم مدافع صاروخية ومدافع مورتر عيار 2 و3 بوصة وقنابل فرنسية وملز والغام ومتفجرات ارضية. وعندهم مصفحات تستخدم لحماية المستعمرات لا تخرج من حيفا و باصات وسيارات (جيب) ونقل مصفحة.... السلاح عند العرب 320 مسلحا و339 بندقية لكل بندقية 200 طلقة، هناك قليل من المسدسات وخمسة رشاشات وستة مدافع هاون 2 بوصة وكمية ضئيلة من الذخيرة لها وهناك (1000) قنبلة فرنسية وقنطاران من المتفجرات وماكنتان لتفجير الالغام ولا توجد سيارات مصفحة ولا بنادق مقاومة للدبابات ) ... كما ورد في دراسة الدكتور سعد ابو ديه عن مذكرات الحسيني وهذا ما اغفله السرد الدرامي للمسلسل
«بوابة القدس» وتزوير التاريخ 2 - 6 * محمود الزيودي
في مسلسل بوابة القدس يتحرك الملازم السابق محمد الحمد الحنيطي بين الصالونات وبيت الشعر الوحيد على النهر ولم نشاهد له معركة حقيقية الا معركة استشهاده مع محمد سرور برهم، فخري عبد الواحد ، عمر الخطيب، احمد خضر موسى، احمد وجيه رحال، يوسف الطويل، علي كسار، حسن سلامة، عطا الله سلامة ، محمد ناظم ، محمد مصطفى خليل وعلي سجاع. بالساعة الثالثة من ظهر يوم الأربعاء 17/3/1948م وليس في الليل كما صور المشهد .... اخبرني الفنان ياسر المصري ان التصوير بدأ عصر يوم من ايام العمل وحينما حل الغروب قرروا اكمال المشهد تصويرا ليليا ... فالقوم على عجلة من امرهم لا يلتفتون للتاريخ ووثائقة المكتوبة ... كلّه عند العرب صابون....
.. بعيدا عن بيت الشعر الوحيد في وادي الاردن وشيخ مع بضعة رجال .. واحيانا فرس ... لا اغنام ولا ابقار كانت بالالاف ولا حراثين ولا حصادين ... نجد أن العلاقة بين الاردن وفلسطين متلاحمة اكثر منها مع اي بلد عربي مجاور .... فأحد كبار تجار عمان ابراهيم منكو يموّل انشاء سرية كاملة من المتقاعدين العسكريين والمرمّجين بقيادة الرئيس بركات الطراد الخريشة وقد تمركزت على جبل الزيتون في القدس ... ومثله الكثير من المقتدرين على تجهيز الغزاة وشيوخ القبائل والمتطوعين بارواحهم ... كان الشيخ مبارك ابو يامين (جد النائب حاليا مبارك ابو يامين ) يستقبل الاسلحة من العراق والشام يخبئها في مضارب قبيلته العبابيد في العارضة حتى يأتي من يحملها الى الثوار الفلسطينيين ... ذات حين قرر ابو حنيك تفتيش مضارب ابو يامين فجأة وأبلغ صدقي القاسم قائد درك السلط بالاستعداد لمعاونة قوة التفتيش . ولكن ابو مروان ارسل من يبلغ شيخ العبابيد لاخفاء الاسلحة قبل وصول ابو حنيك وجلاوزته .. خرج علّوش داغش ابو تايه من الجفر مبكرا للقتال في فلسطين .. في ثورة 1936 نفر خلف الفهد العدوان مع مئتي فارس من العدوان الى نابلس .. لم يعودوا الا بعد فك الاضراب الشهير ... قبل كل هذا نذكر ان اول مقاومة أردنية ضد قوات الاحتلال البريطاني في منطقة تلال الثعالب في فلسطين، بقيادة الشهيد كايد المفلح العبيدات من كفر سوم. وقد رثاه الشاعر الشعبي الدقرواني:
يوم جاني علم أبو تركي صحيح ...
كاني مصروع صايبني جنون
سال الدمع فوق وجناتي طفيح ...
وسقاني البين كاسات الغبون
يوم جاني علم أبو تركي صحيح ...
كانني مصروع صايبني جنون
سال دمعي فوق وجناتي طفيح ....
وسقاني البين كاسات الغبون
فالح السمرين هالوجه الفليح ....
بالعدى فتاك ربعه يشهدون
لا تهابوا الموت من هابه قبيح ...
من يموت اليوم للجنة مضمون
كان فلاحي مثقال الفايز من بورين نابلس وقيسيّة من فلسطين .. وكانت بضاعة تجار الاردن تأتي من حيفا .. وفي سجلات بلدية عمان مستأجرين من صفد والقدس والناصرة والخليل ونابلس ... كان للفلاحين الاردنيين رحلتان في كل عام الى فلسطين في فترة الثلاثينات والاربعينيات من القرن العشرين ، فبعد حراثة اراضيهم يسافرون سيرا على الاقدام الى حيفا ويافا ومدن الساحل للعمل ( بقرش ونصف يوميا ) في الموانئ والبيارات ( يسمونهم في فلسطين الحوارنة ... رحم الله عبدالله الحوراني مدير الثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية ) . يعودون في بداية الصيف لحصاد زروعهم ثم يسافرون مرة اخرى للعمل حتى موسم حراثة الارض في العام التالي ... لم تكن العلاقة بين الشعبين بيت شعر وحيد قرب النهر ... يا حيف.