قدر لي أن ألتقي الكثير من البشر خلال الأعوام التي قضيتها في الشارع الثقافي الأردني، من خلال اللقاءات الحاصلة والتعارف وجلسات النقاش وصالونات الأدب وحفلات التكريم، قدر لي أن ألتقي العديد وأبني علاقات غير مهمة بالمحصلة، لماذا أدعي عليها بأنها غير مهمة !! لأنها تتشوشح في المواطن البسيط " حالاتي " كي لا تستقر على نتيجة منطقية لكل هذا الوعي الذي يخنقك به المثقف العجول، اتفقت أنا وأحد القلائل الذين بقوا على قائمتي أن التسمية النهائية لهؤلاء ليست مثقفين، وليست أشباه مثقفين، وليست حاملي وعي في الفكر الاجتماعي؛ إنما هم مشوهين يزيدون من تشوهنا.
في حوار " نتي " من الطراز الأول مع أحد زملاء الدراسة والعمل الطلابي، سألني الزميل الوحداتي سكناً والشيوعي سياسياً عن مقدراتي الشخصية في النشاط العام، قلت له باختصار " أنا طلقت كل واحد بفهم، وطلقت معرفتي في السياسيين، وطلقت كل بني آدم بقرأ " بدأ هذا الزميل السابق بالدفاع عن كيانه كوحداتي أصيل داخل هذه الأوساط، بصرف النظر عن تفاصيل هذا الحوار كانت المحصلة النهائية للزميل الوحداتي الإقرار بأن حالة الطلاق بين من يحملون ويشكلون حالة وعي في الأوساط المقهورة اجتماعيا واقتصاديا وسياسياً هي نتيجة حتمية لا فرار منها.
في حوار مع عائلي رفيع المستوى أيضاً مع الوالد الكريم استوضح حالة الطلاق القائمة بيني وبين الماضي الذي عج بالكثير من المشوهين، تتكاثر الأحاديث في حياتي بنسق غريب حتى أكاد أجزم أن أحداً ما يسوق الجميع لفتح ذات المواضيع معي، لماذا حالة الطلاق نتيجة حتمية في حياة شابة مثلي؟ لماذا أتنحى عن الـ " فهمانين " وألجأ أخيراً إلى العمال والأناس الذين أدعي طوعاً بأنهم طبيعين، برغم خلافي الدائم معهم على خوفهم، وبرغم نقاشاتي الطويلة معهم والتي قد تصل إلى حد بح وفتق حنجرتي، السبب بسيط وواضح، أن أياً من العمال المصريين والسوريين والأردنيين العرب بالمحصلة، الطلاب القادمون من آرتيريا واليمن والسعودية وكل أرجاء الوطن العربي، فهناك الكثير من العرب في أفريقيا يقدمون إلينا للتعلم، أياً منهم لم يسلخ نفسه عن طبيعته الحقيقية برغم حالة الانكار عليهم من العقد الاجتماعي المتباطئ نوعاً ما، هم بفطرتهم لازالوا يحاكون الواقع لينتجوا وعياً إضافيا عن مطالبهم وتطلعاتهم، حتى مع خلافي مع محمد القادم من المنصورة على جدوى الثورة المصرية إلا أن تحليله البسيط يعد أقرب للمنطق منه عندما أستمع إليه من فاه مشوه
بالمحصلة ... لأسمح لنفسي كي أقول تباً لأولئك الذين احتكروا المشهد الثقافي لدينا، وتبعوا أدوات لا علاقة لها بالواقع المعاش، وتباً لهم حيث أنهم حتى أوروبا لا يصلحون للعيش فيها، تباً لهم لأنهم يعتقدون أن الطريق إلى التحرر يبدأ من سلخنا عن كلنا ومن إشاعة حالة الفوضى داخلنا، ويعتقدون أن الثورات ممرها النقاش حتى مع العدو، تباً لهم لأن الطريق إلى جهنم مملوء بالنوايا الحسنة