يا رب غادرت النجوم وهدأت العيـــــــون
وانت حـــــي قيــــوُم .. ﻻتأخـــذه
ســــنه وﻻ نـــــوم
أهديء ليلينا .. وأنــــم
أعيننا..وأرح قلوبنا
و أصلح حـــالنا .. وفرّج كربنا .. وارزقنا
من حيث ﻻ نحتسب
اللهم ﻻ تجعل في قلوبنا احد سواك... وﻻ
غاية لنا في الدنيا الا رضاك
هذه السورة خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كسورة الضحى ، وسورة الشرح . يسري عنه ربه فيها ، ويعده بالخير ، ويوعد أعداءه بالبتر ، ويوجهه إلى طريق الشكر .
ومن ثم فهي تمثل صورة من حياة الدعوة ، وحياة الداعية في أول العهد بمكة . صورة من الكيد والأذى للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوة الله التي يبشر بها؛ وصورة من رعاية الله المباشرة لعبده وللقلة المؤمنة معه؛ ومن تثبيت الله وتطمينه وجميل وعده لنبيه ومرهوب وعيده لشانئه .
كذلك تمثل حقيقة الهدى والخير والإيمان . وحقيقة الضلال والشر والكفران . . الأولى كثرة وفيض وامتداد . والثانية قلة وانحسار وانبتار . وإن ظن الغافلون غير هذا وذاك .
ورد أن سفهاء قريش ممن كانوا يتابعون الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته بالكيد والمكر وإظهار السخرية والاستهزاء . ليصرفوا جمهرة الناس عن الاستماع للحق الذي جاءهم به من عند الله ، من أمثال العاص ابن وائل ، وعقبة بن أبي معيط ، وأبي لهب ، وأبي جهل ، وغيرهم ، كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه أبتر . يشيرون بهذا إلى موت الذكور من أولاده . وقال أحدهم : دعوه فإنه سيموت بلا عقب وينتهي أمره!
وكان هذا اللون من الكيد اللئيم الصغير يجد له في البيئة العربية التي تتكاثر بالأبناء صدى ووقعاً . وتجد هذه الوخزة الهابطة من يهش لها من أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم وشانئيه ، ولعلها أوجعت قلبه الشريف ومسته بالغم أيضاً .
ومن ثم نزلت هذه السورة تمسح على قلبه صلى الله عليه وسلم بالرّوح والندى ، وتقرر حقيقة الخير الباقي الممتد الذي اختاره له ربه؛ وحقيقة الانقطاع والبتر المقدر لأعدائه .
{ إنا أعطيناك الكوثر } . . والكوثر صيغة من الكثرة . . وهو مطلق غير محدود . يشير إلى عكس المعنى الذي أطلقه هؤلاء السفهاء . . إنا أعطيناك ما هو كثر فائض غزير . غير ممنوع ولا مبتور . . فإذا أراد أحد أن يتتبع هذا الكوثر الذي أعطاه الله لنبيه فهو واجده حيثما نظر أو تصور .
هو واجده في النبوة . في هذا الاتصال بالحق الكبير ، والوجود الكبير . الوجود الذي لا وجود غيره ولا شيء في الحقيقة سواه . وماذا فقد من وجد الله؟
وهو واجده في هذا القرآن الذي نزل عليه . وسورة واحدة منه كوثر لا نهاية لكثرته ، وينبوع ثر لا نهاية لفيضه وغزارته!
وهو واجده في الملأ الأعلى الذي يصلي عليه ، ويصلي على من يصلي عليه في الأرض ، حيث يقترن اسمه باسم الله في الأرض والسماء .
وهو واجده في سنته الممتدة على مدار القرون ، في أرجاء الأرض . وفي الملايين بعد الملايين السائرة على أثره ، وملايين الملايين من الألسنة والشفاه الهاتفة باسمه ، وملايين الملايين من القلوب المحبة لسيرته وذكراه إلى يوم القيامة .
وهو واجده في الخير الذي فاض على البشرية في جميع أجيالها بسببه وعن طريقه . سواء من عرفوا هذا الخير فآمنوا به ، ومن لم يعرفوه ولكنه فاض عليهم فيما فاض!
وهو واجده في مظاهر شتى ، محاولة إحصائها ضرب من تقليلها وتصغيرها!
إنه الكوثر ، الذي لا نهاية لفيضه ، ولا إحصاء لعوارفه ، ولا حد لمدلوله . ومن ثم تركه النص بلا تحديد ، يشمل كل ما يكثر من الخير ويزيد . .
وقد وردت روايات من طرق كثيرة أن الكوثر نهر في الجنة أوتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن ابن عباس أجاب بأن هذا النهر هو من بين الخير الكثير الذي أوتيه الرسول . فهو كوثر من الكوثر! وهذا هو الأنسب في هذا السياق وفي هذه الملابسات .
{ فصل لربك وانحر } .
بعد توكيد هذا العطاء الكثير الفائض الكثرة ، على غير ما أرجف المرجفون وقال الكائدون ، وجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى شكر النعمة بحقها الأول . حق الإخلاص والتجرد لله في العبادة وفي الاتجاه . . في الصلاة وفي ذبح النسك خالصاً لله : { فصل لربك وانحر } . . غير ملق بالاً إلى شرك المشركين ، وغير مشارك لهم في عبادتهم أو في ذكر غير اسم الله على ذبائحهم .
وفي تكرار الإشارة إلى ذكر اسم الله على الذبائح ، وتحريم ما أهل به لغير الله ، وما لم يذكر اسم الله عليه . . ما يشي بعناية هذا الدين بتخليص الحياة كلها من عقابيل الشرك وآثاره . لا تخليص التصور والضمير وحدهما . فهو دين الوحدة بكل معنى من معانيها ، وكل ظل من ظلالها؛ كما أنه دين التوحيد الخالص المجرد الواضح . ومن ثم فهو يتتبع الشرك في كل مظاهره ، وفي كل مكامنه؛ ويطارده مطاردة عنيفة دقيقة سواء استكن في الضمير ، أم ظهر في العبادة ، أم تسرب إلى تقاليد الحياة فالحياة وحدة ما ظهر منها وما بطن ، والإسلام يأخذها كلا لا يتجزأ ، ويخلصها من شوائب الشرك جميعاً ، ويتجه بها إلى الله خالصة واضحة ناصعة ، كما نرى في مسألة الذبائح وفي غيرها من شعائر العبادة أو تقاليد الحياة . .
{ إن شانئك هو الأبتر } . .
في الآية الأولى قرر أنه ليس أبتر بل هو صاحب الكوثر . وفي هذه الآية يرد الكيد على كائديه ، ويؤكد سبحانه أن الأبتر ليس هو محمد ، إنما هم شانئوه وكارهوه .
ولقد صدق فيهم وعيد الله . فقد انقطع ذكرهم وانطوى . بينما امتد ذكر محمد وعلا . ونحن نشهد اليوم مصداق هذا القول الكريم ، في صورة باهرة واسعة المدى كما لم يشهده سامعوه الأولون!
إن الإيمان والحق والخير لا يمكن أن يكون أبتر . فهو ممتد الفروع عميق الجذور . وإنما الكفر والباطل والشر هو الأبتر مهما ترعرع وزها وتجبر .
يا رب غادرت النجوم وهدأت العيـــــــون
وانت حـــــي قيــــوُم .. ﻻتأخـــذه
ســــنه وﻻ نـــــوم
أهديء ليلينا .. وأنــــم
أعيننا..وأرح قلوبنا
و أصلح حـــالنا .. وفرّج كربنا .. وارزقنا
من حيث ﻻ نحتسب
اللهم ﻻ تجعل في قلوبنا احد سواك... وﻻ
غاية لنا في الدنيا الا رضاك
في سيرك وطموحك استمتع دوما بما
تفعله ..فاذت لم تشعر بالمتعة الحقيقية فاعلم
ان هناك خلل وبهذا سيكون بناؤك ناقصا
وغير مكتمل اصحاب الطموح والناجحون
يقولون انهم لم يعلموا يوما واحدا في
حياتهم انهم كانوا يستمتعون بما يفعلون..
سنة منسية
النوم على وضوء: قـال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للبراء بن عازب رضي الله عنه : (( إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن... الحديث )) [ متفق عليه:6311-6882] .
أي:ألم تعلم - أيها الرسول- كيف فعل ربك بأصحاب الفيل: أبرهة الحبشي وجيشه الذين أرادوا تدمير الكعبة المباركة؟ والاستفهام للتقرير بما تواتر نقله من قصتهم.
ومختصر القصة: أن أبرهة بن الصباح الأشرم - ملك اليمن من قِبل النجاشي ملك الحبشة- بَنَى كنيسة بصنعاء وسماها القُلَّيس ، وأراد أن يصرف الحاج إليها ، فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلاً[1] , فأغضب ذلك أبرهة، فحلف ليهدمن الكعبة فخرج بجيشه ومعه فيلٌ قوي اسمه محمود ، وفيلة أخرى فلما تهيأ للدخول ومعه جيشه قدم الفيل ، وكان كلما وجَّهوا الفيل إلى الحرم بَرَك ولم يبرح ، وإذا رجعوه إلى اليمن أو إلى جهة أخرى هرول ، فأرسل الله تعالى طيراً مع كل واحدٍ في منقاره حجر وفي رجليه حجران ، أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة ، فترميهم فيقع الحجر على الرجُل فيهلك.
العصف: ورق الزرع بعد الحصاد كالتِبْن وقشر الحنطة ، سمي عصفا لأن الريح تعصف به ، فتفرقه ذات اليمين وذات الشمال. . والعصف: جمع عصفة ، وعصافة ، وعصيفة.
ومعنى الآية: فجعلهم به محطمين كتِبْنٍ أكلته البهائم ثم أخرجته رَوثًا. إلا أنه لم يذكر بهذا اللفظ لهجنته فجاء على الآداب القرآنية, فشبه تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء الروث وفيه إظهار تشويه حالهم.
وفي هذه القصة –كما بينت السورة الكريمة- عبرة عظيمة حيث وقعت بمكة في عام مولده صلى الله عليه وسلم إرهاصًا لبعثته, على كيفية هائلة تدل على عظم قدرة الله تعالى وانتقامه من الجبارين, وتدل على مكانة بيته المعظم وحرمته وشرفه, وعلى إنعامه تعالى على قريش بصد عدوهم عنهم, فكان حقيقًا بهم أن يعبدوه وحده ولا يشركوا به شيئًا, وفيها تنبيه لقريش وغيرهم من المكذبين إلى شدة أخذه تعالى للباغين والظالمين وأنه سبحانه وتعالى قادر على تعذيبهم بما يشاء , وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر.
{السم في رغيف الخبز}
يحكى أنه كان هناك امرأة تصنع الخبز لأسرتها كل يوم، وكانت
يوميا تصنع رغيف خبز إضافيا لأي عابر سبيل جائع، وتضع
الرغيف الإضافي على شرفة النافذة لأي فقير يمر ليأخذه.
وفي كل يوم يمر رجل فقير أحدب ويأخذ الرغيف وبدلا من إظهار
امتنانه لأهل البيت كان يدمدم بالقول ” الشر الذي تقدمه
يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!” ..كل يوم......
كان الأحدب يمر فيه ويأخذ رغيف الخبز ويدمدم بنفس الكلمات
” الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود
إليك!”،
بدأت المرأة بالشعور بالضيق لعدم إظهار الرجل للعرفان
بالجميل والمعروف الذي تصنعه، وأخذت تحدث نفسها قائلة:“كل
يوم يمر هذا الأحدب ويردد جملته الغامضة وينصرف، ترى ماذا
يقصد؟”
في يوم ما أضمرت في نفسها أمرا وقررت ” سوف أتخلص من هذا
الأحدب!” ، فقامت بإضافة بعض السمّ إلى رغيف الخبز الذي
صنعته له وكانت على وشك وضعه على النافذة ، لكن بدأت يداها
في الارتجاف ” ما هذا الذي أفعله؟!”.. قالت لنفسها فورا
وهي تلقي بالرغيف ليحترق في النار، ثم قامت بصنع رغيف خبز
آخر ووضعته على النافذة.
وكما هي العادة جاء الأحدب واخذ الرغيف وهو يدمدم ” الشر
الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!”
وانصرف إلى سبيله وهو غير مدرك للصراع المستعر في عقل
المرأة.
كل يوم كانت المرأة تصنع فيه الخبز كانت تقوم بالدعاء
لولدها الذي غاب بعيدا وطويلا بحثا عن مستقبله ولسنوات
عديدة لم تصلها أي أنباء عنه وكانت دائمة الدعاء بعودته
لها سالما،
في ذلك اليوم الذي تخلصت فيه من رغيف الخبز المسموم دق باب
البيت مساء وحينما فتحته وجدت – لدهشتها – ابنها واقفا
بالباب!! كان شاحبا متعبا وملابسه شبه ممزقة، وكان جائعا
ومرهقا وبمجرد رؤيته لأمه قال ” إنها لمعجزة وجودي هنا،
على مسافة أميال من هنا كنت مجهدا ومتعبا وأشعر بالإعياء
لدرجة الانهيار في الطريق وكدت أن أموت لولا مرور رجل أحدب
بي رجوته أن يعطيني أي طعام معه، وكان الرجل طيبا بالقدر
الذي أعطاني فيه رغيف خبز كامل لأكله!! وأثناء إعطاءه لي
قال أن هذا هو طعامه كل يوم واليوم سيعطيه لي لأن حاجتي
اكبر كثيرا من حاجته”
بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام شحبت وظهر الرعب على وجهها
واتكأت على الباب وتذكرت الرغيف المسموم الذي صنعته اليوم
صباحا!!لو لم تقم بالتخلص منه في النار لكان ولدها هو الذي
أكله ولكان قد فقد حياته!
لحظتها أدركت معنى كلام الأحدب ” الشر الذي تقدمه يبقى
معك، والخير الذي تقدمه يعود إليك!”..
المغزى من القصة :
افعل الخير ولا تتوقف عن فعله
حتى ولو لم يتم تقديره وقتها
لأنه في يوم من الأيام
وحتى لو لم يكن في هذا العالم ...
سوف يتم مجازاتك عن أفعالك الجيدة التي قمت بها في هذا العالم.