رسالة لآجئ فلسطيني الى لآجئ سوري - رسالة لآجئ فلسطيني الى لآجئ سوري - رسالة لآجئ فلسطيني الى لآجئ سوري - رسالة لآجئ فلسطيني الى لآجئ سوري - رسالة لآجئ فلسطيني الى لآجئ سوري
ستكون الخيمة مزعجة في الليلة الأولى ، ثم في السنة الأولى ، بعد ذلك ستصير ودودةً كواحدٍ من العائلة ، لكن حاذر أن تقع في حبها ؛ كما فعلنا .
لا تبتهج إن رأيتهم يقيمون لكم مركزاً صحياً ، أو مدرسةً ابتدائية ، هذا خبرٌ غير سارّ أبداً ! وإيّاك أن تتورط بمطالبات غبية مثل بناء بيوت بسيطة بدل الخيام ، أو بخطوط مياه وكهرباء ، ذلك يعني أنك بدأت تتعايش ... وهنا مَقتل اللاجىء ، وهنا أيضاً مَقبرته !
ولا تُدرّب أولادك على الصبر ، الصبر حيلة العاجز ، وذريعة مَن تَخلّى ، واللاجىء يموت إن لم ينظر خلفه مرّتين في اللحظة الواحدة .
أنت لستَ ابن "هناك" ؛ تَذَكّر هذا دائماً ؛ أنت لك " هنا " جميل ولا يُخان ، .. لا تنم ليلةً دون أن تُعدّد محاسنه لأطفالك ، واقرأ عليهم كيف مات الناس ، وكيف ذُبحوا على شاشات التلفزيون لأنهم لم يُصفّقوا للخِطاب ، وقل لهم إنك تنام بين أشجارٍ غريبةٍ ، لأنك لم تشأ أن تُلدغَ من "أسدٍ" واحدٍ مَرّتين !
سيبيعك الناس لبعضهم ، تلك هواية السياسيين ، وسيجيؤك المتضامنون من كل البلاد ، ستصير أنتَ شعارهم الانتخابي ، ويتقربون بك إلى الله ، وستزداد همّة الناس في تفقّدك في "رمضان" وفي الأعياد والمناسبات الدينية ! والبعض سيصوّر أطفالك منهكين وجائعين وزوجتك النائمة الآن في الظلّ لــ تكون موضوعاً لصورةٍ تفوز بجائزةٍ دولية !
ستتعلّمون لغات جديدة ، ومشاعر جديدة ، وستنشأ علاقةٌ مُلتبسةٌ مع المنفى ، وقد تشعر في ليلةٍ ماكرةٍ بأنه لا ينقصهُ شيء ليكون كافياً كوطن ..؛ لكنك سرعان ما ستنتبه : الأشجار هنا لا تخضرّ كما يجب ، والملح ليس مالحاً ، والذين ماتوا لن يغفروا لي ، وتعود تنظر للوراء مرّتين !
وهنا سيتقدمُ ابنك – الذي صار رجلاً دون أن تنتبه – ليحمل عنك الذاكرة ، .. ويحمل حُلمك الذي أنقض ظهرك ! ربما يا صديقي أن الأمر سيبدو مُعقّداً في البداية ؛ لكنّه واضحٌ : أنت "هناك" لأن الـ "هنا" متوعكةٌ ، وقد يطول غيابك ليلتين ، لكنك لستَ في رحلةٍ للبحث عن هويّة جديدةٍ ، ولن تُفكّر حتماً في مدّ سلك كهرباء الى الخيمة ؛ ..
تلك خطيئتنا نحنُ، حين قُلنا : الخيمة ضيّقةٌ ونحتاج خيمتين إضافيتين !
واسمعني ، فأنا أفوقك خبرة بـ 63 عاماً في هذه "المهنة" : لا تلتقط الصور التذكارية مع سفراء النوايا الحسنة ، ولا تشكو لهم حرارة الطقس أو من الحصى في الخبز ، وحاذر أن تطالب بخيمةٍ أفضل ، ليس ثمة خيمة أفضل من خيمة''
والسلام