نقّاد: غسان كنفاني انحاز للمهمشين في تمردهم الانساني والوطني
نقّاد: غسان كنفاني انحاز للمهمشين في تمردهم الانساني والوطني - نقّاد: غسان كنفاني انحاز للمهمشين في تمردهم الانساني والوطني - نقّاد: غسان كنفاني انحاز للمهمشين في تمردهم الانساني والوطني - نقّاد: غسان كنفاني انحاز للمهمشين في تمردهم الانساني والوطني - نقّاد: غسان كنفاني انحاز للمهمشين في تمردهم الانساني والوطني
ندوة استذكارية في افتتاح ملتقى عمان للقصة القصيرة
نقّاد: غسان كنفاني انحاز للمهمشين في تمردهم الانساني والوطني
2011/07/24
العرب اليوم - اية الخوالدة
بقيت عمان عاصمة للقصة القصيرة باحتضانها الدورة الثالثة لملتقى القصة القصيرة, الذي انطلق امس وتتواصل فعالياته الى يوم غدٍ بمشاركة عشرين كاتباً عربياً.
المهندس هيثم جوينات, مدير المدينة, رحّب بالضيوف الادباء العرب والكتاب والمختصين الاردنيين, لافتاً ان تنظيم الملتقى كانت بالتعاون مع القطاعين العام والخاص ممثلة بوزارة الثقافة, وزارة التنمية السياسية, مؤسسة شومان ومطبعة السفير.
وألقت الكاتبة امينة زيدان كلمة المشاركين العرب, حيث اشادت باستمرارية الملتقى في ظل الظروف والاحداث التي يعيشها الوطن العربي, مؤكدة ان الشعور بالمسؤولية كان وراء مشاركة كتاب وكاتبات بالملتقى; فالكلمة بالنسبة لنا الضمير الذي يكشف الواقع الذي نراه جميعا, محملا بثيمات سردية, وعليه نستطيع ان نستبدل زمن الرواية بزمن السرد الجميل لكي لا تصبح الكلمة عبئا على المتلقي.
وفي تقديمها الكتّاب الاردنيين, قالت د. هند ابو الشعر في كتابها المتميز (كتابة القصة القصيرة) تصف القاصة والناقدة الامريكية هالي بيرنيت فن القصة القصيرة بأنه فن ديمقراطي, ذلك انه فن الحكاية الذي يسمح للكتاب بالدخول الى مملكته, ورغم ان هذا الوصف جميل ويبعث على الفرح في عالمنا العربي, الا انني لا اوافقها على ان ديمقراطية هذا الفن نابعة من اتاحته الفرصة للكتاب لدخول مملكة القصة القصيرة بسبب طبيعته السردية, وأن فن القص لكل فرد, لكنه فن المتعة الفنية والعقلية معا, وهذا لا يتحقق لكل من يكتب نصا; فالقصة التي تعشش في الذاكرة وتنبعث عند الاستدعاء متجددة وواعدة, هي في الحق النص الذي يحرك الوجدان والفكر والمشاعر والعقل, وهي التي تعيش ولا تموت بمجرد ان ننتهي من قراءتها ما يجعلنا نرفض المقولات التي تحاول الادعاء بموت القصة القصيرة, ليس لاننا من اهلها, بل لان فن القص لا يموت ابدا.
وفي الندوة الاستذكارية للراحل غسان كنفاني, التي ادارتها سميحة خريس, تحدث الناقد نزيه ابو نضال عن غسان كنفاني قاصاً بورقة تحمل عنوان حين يكون الخطاب ابداعا, مضيفاً لم يكن المبدع كنفاني مسكونا بهاجس الابداع, رغم حضور الكثيف في ادبه, بل بهاجس قضية يريد ان يوصلها الى الناس, عن النكبة وعذابات الانسان في المخيمات والمنافي ومذلة الطحين, هكذا رأى ابن الشعب الوفي دوره في الحياة انها رسالة للتغيير والتثوير كي يقاتلوا من اجل فلسطين وأن يحبوها وينحازوا اليها, لانها قضية الانسان, فمن يقرأ غسان يتغير, هذا ما قاله يوسف ادريس والمترجم الياباني نوتوهارا.
وتابع ابو نضال فلسطين غسان ليست مجرد وطن احتل فحسب, لكنها رمز يتسع لكل قضايا وعذابات الانسان, ذلك ان المعذب الفلسطيني هو اكثر من يحس بآلام المعذبين والمهمشين في الارض, وهذا جزء من تكوينه الايديولوجي كقيادي في حركة القوميين العرب, بل ان الكثير من قصصه لا ذكر مباشر فيها لفلسطين, كما في مجموعته العالم ليس انا وغسان الانسان والفنان المرهف يتسع قلبه كذلك لكل الكائنات الحية التي تتألم وتعاني وتروض, وفي قصة الصقر والحسون السجين الذي يختار الموت بديلا للعبودية, فيكون رمزا مباشرا ودعوة للفلسطيني بأن يتمرد.
د. محمد عبيد الله تناول غسان ونقد القصة القصيرة, مبيناً انه من الصعب حين تقرأ له ان تكون قراءة عادية موضوعية وباردة, كما تفعل عند قراءة كتب كثيرين, انما هي بحد ذاتها تجربة, مستشهداً بمقولة يوسف ادريس هل من الممكن ان تضبط انفعالك بحيث تقرأ قصة لغسان بعد مصرعه, بنفس الاهتمام والانفعال اللذين تقرأ يهما قصة لفلان وقد كتبها من مكتب فاخر?! ان كل كلمة اقرأها هنا ليست مجرد كلمة مأخوذة من لغة, انها كلمة ذات ثمن, كلمة كما رصيد, اغلى انواع الرصيد, حياة كاتبها.
وأكد عبيد الله اهتمام غسان بأدب المقاومة, فهو من ابرز من اشاعوا المصطلح نفسه عندما كتب دراستين تنظران لهذا الادب وتدعوان اليه, وهما ادب المقاومة في فلسطين المحتلة 1948-,1966 والادب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948-1968 وهو ينطلق في هذه الدعوة الى المقاومة الثقافية, رغم ان المقاومة المسلحة ليست قشرة, هي ثمرة لزرعة ضاربة جذورها عميقا في الارض, وإذا كان التحرير ينبع من فوهة البندقية, فإن البندقية ذاتها تنبع من ارادة التحرير وإرادة التحرير ليست سوى النتاج الطبيعي والمنطقي والحتمي للمقاومة بمعناها الواسع, المقاومة على صعيد الرفض والتمسك الصلب بالجذور والمواقف.
وناقش د. حسين جمعة ورقة بعنوان البدايات, لافتاً ان اسم المناضل والاديب غسان كنفاني اشتبك بانبثاق فجر الثورة الفلسطينية, وباستشهاده تحول الى رمز لافت من رموز الثورة وأرومتها ونصابها الراسخ. ويتفاوت مستوى قصص كنفاني وتتغاير في مسالكها ودروب ابتداعها, حيث يتناوب فيها الخيال والصدق, وتنتقل من الرومانتيكية الى الواقعية المكشوفة, ويجمع في بعضها الخيال ويكبح في اخرى, لكنها ترنو جميعا الى اعادة بناء الانسان الفلسطيني, وتحريره من خوفه وضياعه, وجلاء معالم الطريق التي يتعين عليه ان يشقها ليصل الى مبتغاه وأهدافه, ان عليه ان يعي ان حياتنا ليست شيئاً وإنها تبلغ ذروة قيمتها لو قدمت من اجل سعادة الاف غيرنا.
وأشار جمعة الى ان قصص كنفاني زخرت بحكمة النفاذ الى اسرار النفس الانسانية, والاحاطة الشاملة بالموضوع وبلوغ الحقيقة التاريخية بشفافية ونصوع, والملاءة بالحس الاخلاقي والمعنوي والرفيع, هذه القصص مشحونة بقوة الكشف والاستكشاف لما هو مكتنز في اعماق الانسان الفلسطيني البسيط, الذي لا يملك في غربته سوى خيارين: اما الموت او العيش في بؤس وشقاء, وإذا اراد الحياة فليس امامه سوى اعادة التفكير والنظر في وضعه المأساوي والتخلي عن صمته وسلب ارادته والتوجه الى فاعلية المقاومة.
سلمت يداك على هذا الاستذكار الرائع لعميد الأدب المقاوم، واود ان اضيف بأنني أعجب مليأ واجزم بأن غسان لا زال حاضرا جسديا ووجدانيا بيينا وفي ايامنا هذه وذلك لحضوره الادبي المخلد منذ عقود