على ناصية حلم أقاتل - على ناصية حلم أقاتل - على ناصية حلم أقاتل - على ناصية حلم أقاتل - على ناصية حلم أقاتل
ضياااااااع
على ناصية الطريق وقفت تنظر خلفها بلهفة لعله يتبعها,يتعقب خطوها ويرقبها من مكان خفي فهي تدرك مقدار حبه لها حتى وإن تركتة ورحلت عنه فهو لن يتخلى عنها.
أدارت له ظهرها وتركتة وحيدا ثم مضت لحال سبيلها مضت تُقدم خطوة وتُرجع أخرى فهي
لم تفقد الأمل رغم كل ما عصف بحالها وحاله من عودة المياه لمجاريها.
مضت وهي ترجوه من أعماق قلبها أن لا يتركها وحيدة كما تركتة , ها هي تمضي ترتكب حماقة الهجر مع سبق الإصرار والتوحش لكنها بفعلتها تركت قلبها خلفها بين يديه فهي تعلم أنه أحق الناس به وأكثرهم حرصا عليه.
تمضي وليس لها من أنوثتها إلا مظهرها الذي يراه الناس فكل ما لديها من إحساس تركتة خلفها بين يديه
تمهلت قليلا ,أدارت رأسها وعيونها تمطر أرغفة الدمع الساخنة تتفحص الطريق الخالي خلفها لعلها تراه في أثرها.
من بين غمامة الدمع الندي الذي طوق محاجر عينيها خُيل لها أنها ترى شبحا يتعقبها يتبعها عن كثب من بعيد,يحرسها من عتمة الليل وضواري الطريق ومفترسات الفكر والقلب.
همست لنفسها بسرور ها هو يطل برأسه كجني ثم يختفي خلف الجدران والزوايا لكي لا ألحظ وجوده تبتلعه الطرقات حينا وتبصُقه للعلن أخرى في متاهاتها لكنه لم يكن ذلك البارع في الإختباء والتخفي فقد لمحته.
عيناها يمكن لها أن تخطأ في كل شيء إلا فيه حتى ظله فهي تعرفه.
تعرف أدق تفاصيله,تضاريس وجهه,جغرافيا جسده وتقسم بينها وبين نفسها أنها تعرف لهاث أنفاس وليس صوتة فحسب.
تبسمت بتنهيدة أضاءت له تعرجات الطريق ليواصل زحفه خلفها ولكي لا تفقده من جديد فتموت ألف مرة ومرة بالبعد عنه.
أبطأت من خطوها تمايلت يَمنة ويسرة نثرت خصائل شعرها كشلال جارف على كتفيها إبتسمت في سرها
وتابعت مسلسل غواياتها الذي بدأتة.
وصلت بها الطريق إلى ممر مكشوف لا يمكن لعصفور صغير الحجم الإختباء فيه,حدثت نفسها بصوت خفي الآن سيظهر للعلن ويأتي إلي,لا يمكنه الإختباء مني للأبد فقد وصلنا إلى أرض عراء كالحقيقة المجردة.
بدلال واصلت مشيها المتأني وهي تراهن على أن يده ستربت على كتفها في أي لحظة,حتى أنها ارتعشت كطائر سنونو أصابه البلل وهي تتخيل يده الخشنة تلامس نعومة كتفها , آه كم تحب خشونة تلك اليد فهي تجعلها أنثى تضج بالمشاعر والأحاسيس بمجرد أن تلمسها.
صعد الدم إلى وجهها فتورد بشدة خجلا ولهفة وتسارعت نبضات قلبها حتى باتت تسمعها وتخشى أن تفضحها في آذان الغير.
تخيلت اللحظة دهر وهي تنتظر يده لتحط على كتفها,تجمد الزمن ووقف عند اللحظة دهر,هيا أيها المجنون عجل قدومك , اقترب لا تتركني نهبة للظنون والتخيلات والتهيئات هيا ايها الزمن لا تتوقف عند الإنتظار طويلا.
هيا افعلها يا شيطان عمري الذي أتعبني حتى لو صدمتني بتلك اليد ,أوقفني بها أدرني براحتها إليك دعني أقرأ حديث عيونك ,أرى سحر شجونك, دعني أرى ثورتك حتى لو لطمت شفتيً بشفتيك.
هلوسات ووساوس وتهيئات ظلت تروح و تجيء كعاصفة هوجاء تضرب محيط صدرها,تعبث بتجاويف رأسها,تسرح وتمرح في أرجاء روحها عفاريت لا تكل ولا تمل ولا تعرف الهدوء.
كل ما كان بوسعها فعله هي الرجاء افعلها فقد نضج الشوق.هيا هيا تعال إليً.
ويلي أين هو ..؟ عراء الطريق لم يظهره تلفتت خلفها والهلع بادٍ في عينيها وأخذت تبحث عنه.
أدركت أنها تعيش حمى هواه وما ظنتة شبح يتعقبها إن هي إلا أحلامها التي تتمناها وهلوسات قلبها به.
اصابتها خيبة أمل أطاحت بكل أحلامها تحت أقدامها مرغتها بالوحل حتى تغيرت ملامحها.
عادت أدراجها بدلت وجهتها يممت وجهها شطر المكان الذي دقت فيه نواقيس الخلاف وأعلنت فيه أبواق النزاع تراتيل الفراق.
تبدل السرور الخفي إلى خوف يركض ككلاب مسعورة في دمها,اختفت ابتسامتها وتعالت أصوات الهلع من جديد في أذنيها وعاد الدمع من جديد يغزو مآقي عينيها وتبدل الحال إلى غير الحال.
عادت بالغريزة لنفس المكان الذي تركتة فيه بعد أن تعطلت عندها بوصلة الإتجاهات, عادت للمقاعد التي كانت شاهدة على كل لقاء جمعهما حتى باتت تحفظ قدودهم,ا مقاعد صماء كانت الشاهد الصامت على خنجر الفراق.
من بعيد لمحته متسمرا في مكانه على هيئتة التي فارقتة عليها لم يحرك ساكنا
كان جامدا كالصخر عيناه مسمًرة في الفضاء وهو لا يعي شيء مما يدور حوله فقد الإحساس باللحظة والمارون بين اللحظات.
هدأت من روعها فهو على أقل تقدير لا زال هنا لم تبتلعه ظلمة الطريق وعتمة الليل ,لم يتبخر ويتحلل ويتلاشى .تقدمت إليه بهدوء مزعوم على الرغم من براكين خوفها المتفجرة ربتت على كتفه بيدها الناعمة وكأن الآية انعكست بمجملها,لم يحرك ساكنا وكأنه لا يشعر بوجودها هزتة ليستفيق من غيبوبتة لكنه بقي في عالم آخر .
استدارت وجلست على ذات المقعد الذي تركتة وبدأت تحدق في الفضاء وكأن عدوى الذهول قد اصابتها وفيروس الخرس قد عطل مفاتيح فكرها فالتحفت الصمت.
لا تدري كم مضى من الوقت وهما على تلك الحال.
إفاقة
صوت البراءة يحمل الأمل في نغمتة كما يحمل الورود في يده كان يستجدي هذه التماثيل لتبتاع منه وردة ليسد رمقه بلقمة يشتريها من ثمن ورد يتهاداه العشاق.
لم يفطن أحدهم له إلا وهو يصرخ بحدة اشتري لحبيبتك وردة فالورد يطفىء الغضب ويداوي الجراح.
كتيار كهربائي صاعق سرى في أجسادهما عويل الطفل أتبعته هزة في الجسد وإفاقة من غيبوبة اللاوعي والإدراك نقلتهم إلى عالم الحياة والإحساس.
بهدوء عنيف استدار كل منهما ليواجه الآخر ولتبدأ مع الإفاقة ثورة الأحاسيس بالفوران.
قبل أن ينبس أي منهما ببنت شفة جاءهما الصوت البريء أكثر إلحاحا اشتري لحبيبتك وردة وردة وحسب, سحب الوردة من يده ونقده قطعة معدنية يمكنه بها ابتياع ضمة وردة بحالها.
تقابلت العيون وسيوف العتاب مشرعة دون أن يبدأ أي منهما بالنزال.
خيم الهدوء على المكان بعد رحيل بائع الورد وبقي طوفان النظرات المعاتبة يتصبب كشلال من نبعين متقابلين.
سكوووون
قال لها - لازال مقعدك دافئا
ردت - لامسني هذا الشعور حين جلست
هو - أسكنته قلبي
هي - وقلبي تسرب مني بين ضلوعي لصدرك حين فعلت
هو - لذا أنا حي
هي - وأنا أنعم منك بالدفء
هو - أنتِ نبضي
هي - وأنت الدم الذي يدفق بالنبض
مد يده واحتضنها فمالت برأسها الجميلة على صدره
طبع قبلة على جبينها فتفتح الزهر على الخد
لفهما سكون العشق وصمت التأمل في محراب الجمال
فالصمت في محراب الجمال جمال.
قال لها لا تعودي لمثلها فاليوم نجيتُ باعجوبة من الموت قهر
قالت سأعود ما دام صدرك ينتظرني فاليوم عرفت طعم الراحة في الحب
بقايا حلم وإصرار
تململ في فراشه بحركات بهلوانية لا معنى لها لكنها تدل على نوم متعب ثقيل كابده بدل أن يريحه,ملابسه بللها العرق,حلقه جاف يابس كتربة صحراوية هجرها المطر سنين,أطرافه تدور بحركات لا إرادية وكأنها خارج سيطرتة.
أسند رأسه الثقيلة المتعبة على حافة السرير وحاول استرجاع شريط حلمه المخيف,أغمض عينيه وبدأت الصور تتوارد أمامه تباعا كأنها شريط سينمائي متناسق معد بطريقة احترافية.
آه يا إلهي ... الآن فهمت ... رددها لنفسه مرارا وتكرارا وكأنه ببغاء مقلدة لما تسمع ولا تعي ما تقول.
نهض من فراشه طلبا لماء بارد يرد له رشده,أخذ زجاجة ماء من الثلاجة وسكبها على رأسه بلا رحمة أو تردد حتى شعر بالماء يقطر من على أطراف أصابع قدميه والبرد يخز جسده كدبابيس مدببة.
أنعشتة برودة الماء وأفاق مما كان يظنه أسوأ كوابيسه.
أقسم بأن لا يرفع الراية البيضاء فهي تمثل لديه عنوان ضعف وقلة حيلة, قرر أن يبدأ من حيث انتهى به الحلم أن يقف على ناصية حلمه ويقاتل طواحين الهواء في سبيل تحقيقه.
هو لا يعرف المستحيل ولا يؤمن به ومقولتة المفضلة لا مستحيل تحت الشمس سيترجمها إلى واقع رغما عن أنف الظروف وأنف الهجر وأنف الفراق المسعور وأنف كل من آمن به.
نفض غبار النوم عنه تأنق كما لم يفعل من قبل,اختار لنفسه أثمن العطور وأنفسها من بين مدخراتة,حرص على أن يكون حذاؤه لامعا براقا وكأن غبار الطريق لم يلوثه وخرج إلى حيث يجب ان يكون.
طيلة الطريق كان يدفع كل فكرة تراوده بالرجوع والعدول عن قراره خشية ان تفت من عضده وعزيمتة
سار بثبات عجيب إلى حيث يقطن نصفه الآخر,قرع الباب بهدوء عجيب ,انتظر قليلا ثم عاود الطرق مرة أخرى فثالثة وهكذا بقي إلى أن نملت يداه من شدة الطرق.
لكن أحداً لم يفتح له الباب الموصد ,الباب الذي يقف بينه وبين جِنية حلمه.
دونما تفكير أصابتة نوبة هستيريا أخرجتة عن طوره وبدأ بكسر الباب اللعين ,صمد الباب طويلا لكن ليس للأبد ثم تهاوى تحت قدميه بعد أن أعياه التعب ليكشف عُري المكان أمام عينيه.
المكان بأكمله يلفه صمت مريب ,المكان صامت هادىء أشبه بصمت القبور لا يدل على حياة فيه,قطع حبل السكون المميت طقطقات الخشب تحت قدميه وهي تتكسر لكنه لم يبالي بها وبأنينها وهي تُسحق تحت نعليه بعنف ,ولج للغرفة اليتيمة فوقع بصره على قصاصة ورق وضعت عن قصد في مكان ظاهر على رأس السرير ليراها وكأن من كتبها كان يعلم أنه سيأتي وسيفعل ما فعل,تناول الورقة وفضها بسرعة البرق فبانت له كلمات قليلة في بطنها " أعلم أنك ستأتي تبحث عن حلمك وأنا كذلك فعلت"
جحظت عيناه وفغر فاه وقرأ الكلمات مرات ومرات ليستوعب ما حصل.
علم أنها لم تكن له وأن حلمها في الزاوية المقابلة مع طرف آخر وهي الآن تضاجع حلمها الذي ملكتة.
على حين غرة اعترتة نوبة ضحك هستيري مزق صمت المكان الخاوي حتى بلل الدمع وجنتية.
قال لنفسه بأعلى صوتة قاتلت للحلم والحلم قاتل لحلمه وكلنا انتصر لما يصبو إليه.
لذا أنا خارج نطاق التغطية مغلق حتى استعيد نفسي وذاتي وأحلم بما سيكون بين يدي في الغد.