كان شداد بن أوس رضي الله عنه إذا دخل على فراشه يتقلب عليه بمنزلة القمح في المقلاة على النار!! ويقول اللهم إن النار قد أذهبت عني النوم !! ثم يقوم يصلي إلى الفجر .
أين نحن اليوم من هذا !!!
قيام الليل اخواني واخواتي ولو بركعتين ..أحب الأعمال إلى الله
إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ] الاسراء : 9 [
إن تلك الهداية والرحمة تشمخ بأتباعها أن يكونوا (ضعافاً مستذلين ) لا حول لهم ولا طول، أو أن يكونوا فريسة للأعداء ، تُنتج وتُثمر إلى بطون الكفرة و الملحدين . إن هذا القرآن عنوان العلاء والشموخ و الصمود ، لا يحمله للناس إلا ملتهبو الهمم ، وذوو البصائر الذين كانوا على الهدى المستقيم ، و نابذوا كل مهيـن وسقيم، و ضجوا من الواقع المرير.
لذا فإنني أناشد غَيرة العلماء والدعاة، لإحيـاء الأمة ، وردّها إلى الكتـاب العزيـز ،وتذكيرها به علماً وتعلماً و إيضاحاً تفسيراً و تدبراً ، مع ربط تلك الذكرى بواقعها وما تعيشه من رزايا وابتلاءات ، فالقرآن الذي صلح به وانتفع السلف ،هو نفسه هذا القرآن . وسيصلح الأواخر بإذن ربنا تبارك وتعالى كما أصلح الأوائل ، ولكن من يتعظ و يعتبر؟!!
وصلى اله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال تعالى " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور "
يخاطب ربنا وتعالى الناس أجمعين ممتناً عليهم بهذا القرآن العظيم ، وأنه موعظة من لدنه سبحانه، أنزلها لتعظ الكافرين وتردهم عن فسادهم ، وتعظ المؤمنين، فتحي قلوبهم، وتعظ الغافلين فتوقظ ضمائرهم ، فهو موعظة تامة شافية تثبت الأخيار وتزلزل الأشرار وهو موعظة تبشر وتنذر، ترغب وتزجر .
وهو موعظ بما فيها من أمر ونهي ، وحكم و خبر ، ووعد ووعيد . وهو موعظة كافية بما فيه من حكم وأسرار ودلائل وأنوار ، وقصص وأخبار .
كانت موعظة القرآن أعظم موعظة لمن أصغى لها،وهي أطيب موعظة لمن تأملها ، وهي خير موعظة لطالبها وراغبها .
فالحمد لله الذى وعظ عباده بهذا الكتاب المبين، وهذا الذكر الحكيم ، الذى كان جلاء لأحزانهم وشفاء لغمومهم وهمومهم .
روى أحمد فى المسند بسند صحيح عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ، ناصيتى بيدك، ماضٍ فيّ حكمك ، عدل فيّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني ، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه ، وأبدله مكانه فرحاً)) .قال :فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ فقال (( بلى ، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها)).
أيها الإخوة : كل من يشكو ضعفه أو غفلته و قساوة قلبه ، فإن القرآن موعظته وحياته وإيقاظه ، ولا واعظ بعد كتاب الله الذي تصدَّعت له الجبال وحار فيه الأبطال ، وانقاد له أصحاب الكمال ، وهو مع موعظته الحية ، شفاء ناجع للصدور ، يطهرها من غيها وفسادها ووساوسها لا سيما الشبه والشكوك، ويُنقّيها من آفات الحقد والحسد و الضغائن لتصبح سليمة نقية .
وهو منبع الهداية والرحمة من الباري جل وعلا وهدىً ورحمةً للمؤمنين فلماذا بعد هذا البيان وهذه النعمة الجليلة ، يشتغل الناس بمفاتن الدنيا وحطامها ، ويؤثروا حلاوتها ونعيمها على الحلاوة الحقيقية والنعيم المقيم (( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )). إن استغناء الناس بنور ربهم وذكره مما يورث الإيمان واليقين ويزهِّدهم في زينة الدنيا وبهارجها ، فهو خير ميراث وأنفس فضل .
اللهم انفعنا بالقرآن ، واجعله ربيع قلوبنا ، ونور صدورنا ، وجلاء أحزاننا وهمومنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين