ابكيك يا سليم حمدان ( الصحفي العراقي علي فاضل البدرواي يروي قصته مع سليم حمدان)
ابكيك يا سليم حمدان ( الصحفي العراقي علي فاضل البدرواي يروي قصته مع سليم حمدان) - ابكيك يا سليم حمدان ( الصحفي العراقي علي فاضل البدرواي يروي قصته مع سليم حمدان) - ابكيك يا سليم حمدان ( الصحفي العراقي علي فاضل البدرواي يروي قصته مع سليم حمدان) - ابكيك يا سليم حمدان ( الصحفي العراقي علي فاضل البدرواي يروي قصته مع سليم حمدان) - ابكيك يا سليم حمدان ( الصحفي العراقي علي فاضل البدرواي يروي قصته مع سليم حمدان)
بقلم الصحفي العراقي علي فاضل البدراوي
كعادة كل عيد يمر علي منذ معرفتي الاولى به في صيف عام 2010 أنتظر ردا على مسج تهنئة العيد الذي أرسله إليه على هاتفه النقال أو أن أبادر برد التهنئة إن سبقني بها.. ذلك هو الاب الروحي والقائد والمُعلم سليم حمدان.. في صبيحة هذا العيد سادني القلق حين لم يرد على تهنئتني "المعلم" بل ولم أتلقى منه أية تهنئة خلافا للعيد الذي مضى، سادني القلق نوعا ما الا أنني لم أتصل به لسماع صوته والاطمئنان عليه كالعادة خشية من أمرين، اولهما من أنني قد لا اسمع عنه أخبارا تسر وثانيهما قد يكون منشغلا وأشعره بالحرج أثناء اتصالي به رغم أن هذا ماكنت أتمناه تجاه القطيعة المفاجأة التي بادرني بها.. لكنه القدر والمنية التي عصف بي خبرها حين قرائتي له ناقلا إلي أنباء وفاة سليم حمدان الذي جمعتني به حكاية لن أنسى فضله تجاهي ماحييت..
إنا لله وإنا اليه راجعون....
-1-
في أواسط شهر حزيران/يونيو من عام 2010 وأثناء انشغال الجميع بمباريات كأس العالم في جنوب افريقيا كنت في عمّان لاداء مهمة تاريخية تكمن بطباعتي لموسوعة كرة القدم العراقية المصورة "أكبر موسوعة رياضية في تاريخ الصحافة العراقية والعربية" في مؤسسة الاديب الواقعة في منطقة ماركا الشمالية في عمّان، كان كل شيء جاهز عندي من حيث توفر المادة والصورة وتوثيق الحدث الا أنني وأثناء المراجعة النهائية مع شريكي السيد هيثم فتح عزيزة اكتشفت فقدان بعض الحلقات "الصورية" المتعلقة ببعض مباريات المنتخب العراقي مع الفريق الاردني الشقيق في فترات متقطعة، فطبيعة العمل تقضي بتوفر الصورة مع كل حدث بدءا من اول مباراة شهدتها الكرة العراقية في عام 1918 والتي توفرت لدينا صورة نادرة لتشكيلة احد فريقيها فما بالك ببعض لقاءاتنا مع الاردن في أعوام مختلفة،، أمر مُحير جعلني ألجأ الى مقر الاتحاد الاردني لكرة القدم عله يوفر لي بعض المصادر الصورية فما كان من القائمين عليه إلا أن دلوني مشكورين على الصحفي الرائع مفيد حسونة الذي استقبلني في مقر جريدته الغراء أحسن استقبال ليقول لي أن طلبي لايلبيه الا موسوعة الكرة الاردنية والعربية الكبير سليم حمدان...
-2-
الطريق الى الوحدات
نادي الوحدات... كنت أسمع مليا بإسمه الذي أدركته في طفولتي بـ "الضفتين" في ثمانينيات القرن العشرين لكن لم يخطر ببالي يوما أن أزور مقره حيث عرين الاب الروحي له السيد سليم حمدان من أجل مهمة تتعلق بتاريخ الكرة العراقية!!!... بخطىً مجهولة سرت مساءاً الى مقر ذلك النادي الواقع في أحد أحياء عمان الشعبية الجميلة واذا بي أتلقى أحسن استقبال من قبل إداريه الذين أبلغهم "المعلم" أن هناك صحفيا عراقيا سيزوره، لافاجأ وأنا ادخل غرفته المتواضعه بجلوسه على كرسي متحرك وقيامه بواجب بسيط تجاه جريدة ناديه التي يرأس تحريرها، وهو التصحيح اللغوي لمواضيع الجريدة قبل البت بطباعتها.. بإبتسامة خجولة طلب مني أن أجلس أمامه ريثما ينتهي من عمله، وبعد ربع ساعة من لحظات صمت أنهى بها التصحيح اللغوي يبدأ حديث الذكريات عن الكرتين العراقية والاردنية و"الوحداتية" أيضا،، حديث مشوق سار بنا الى ساعة متأخرة من تلك الليلة التي اكتشفت فيها أن مقر النادي خالٍ من أي انسان غيري وغيره وابن اخته الشاب الذي يرافقه أينما حل.. جلسة تاريخية نادرة لن أنساها ماحييت فتح لي الاب حمدان صدره واسعا متكلما لي عن أدق اسرار الارشيفين الكرويين العراقي والاردني ومفاجئا إياي من ضمن حكاياه بقصة أول شهيد رياضي سقط في الملاعب الاردنية ضحية العنف والتعصب ودوره وادارة ناديه بتهدأة الاجواء وتصفيتها مطالبا اياي بعدم النشر وهذا ما أوفيت به. بعد ذلك اللقاء الرائع تواصلت معه يوميا في مقر نادي الوحدات كونه كان يزودني على مراحل نظرا لحالته الصحية بعشرات الصور النادرة للقاءات العراق بالاردن التي تحتفظ بها مكتبته الأرشيفية والتي أعدها كنز ثمين يندر أن يوجد بالمكتبة الرياضية العربية مثله،، لينجز مهمته ويشرفني بوجود اسمه من ضمن أهم مصادر "موسوعة كرة القدم العراقية المصورة". أخلاق هذا الرجل لم تنتهي معي الى حد انتهاء المهمة بل امتدت الى مابعد رجوعي الى بغداد واستمراره بالسؤال عن الموسوعة ومجريات عملها واطمئنانه بالانتهاء من طباعتها ونزولها الى المكتبات لتتحول فيما بعد الى صداقة رائعة تجمع صحفيا عراقيا يقتفي أثر المعلومة أينما وجدت وعملاق موسوعي ستفتقده كثيرا المكتبة الارشيفية العربية.
-3-
بعد أن لملمت الدموع ليوم كامل على هذا الرجل الكبير بعطاءه والثري بمعلوماته والرفيع بأخلاقه الابوية الراقية والحريص على كرته الاردنية وناديه العريق، سادني تساؤل أقض مضجعي لساعات طوال مفاده يقف عند ضرورة الحفاظ على متحف "اللوفر" الارشيفي الكروي الذي بحوزة الراحل سليم حمدان، فهذا الرجل يملك كنزا كبيرا هو ليس بمسؤولية السلطات الرياضية الاردنية فحسب بل هو مسؤولية العرب جميعا كونه وثق فيه تاريخ الكرة لكل بلد عربي فعلينا الحفاظ على تراثه من الضياع، والا سنبكي دما عليه مثلما سأبكي دما على صاحبها وأنا في طريقي الى الوحدات التي كان لي موعدا فيها مع أبها الروحي أواسط الشهر القادم.. وإنا لله وإنا اليه راجعون..