أنت أردني ولا فلسطيني - أنت أردني ولا فلسطيني - أنت أردني ولا فلسطيني - أنت أردني ولا فلسطيني - أنت أردني ولا فلسطيني
أنت أردني ولا فلسطيني
السبيل
جمال الشواهين
في طابور صباحي سأل المسؤول الذي كان من اصل قوقازي المصطفين واحدا تلو الآخر عن بلده. أجاب الأول أنه من السلط، الثاني من المفرق سيدي، الثالث من اربد، الرابع قال نابلس، الخامس القدس، السادس من الكرك، الذي بعده معان، الطفيلة، وهكذا إلى أن توقف عند واحد قال انا من عمان سيدي، راداً عليه بلغته الشركسية: «إنتي واحد كزاب، ما في حدا من عمان!».
يبيت في عمان أكثر من خمس الأردنيين، ويكون فيها نهارا ضعف ذلك تقريبا، غير أنه لا يبقى فيها أيام العطل سوى نصف الخمس تقريبا.
القدس أقرب مسافة إلى عمان من اربد، والسلط إلى نابلس من جرش، والكرك الى الخليل من العقبة.
وغير ذلك، إربد إلى درعا من عمان، وأقرب لدمشق من الكرك، ومثلها المفرق والرمثا، وهذه كلها مع يافا وحيفا وعكا وعجلون والطفيلة ومعان وحتى بيروت، ومما لم يرد هنا غيرها، كانت في إطار علاقات تبادلية على أساس كونهم شواماً وسوريين وفلسطينيين، ولم يعرف غير ذلك عنهم سوى عثمانيتهم جميعا بمن فيهم كل بدو شمال وجنوب وشرق وغرب سوريا الطبيعية، وذلك حتى «سايكس بيكو» وتأسيس دولة العدو اليهودي الاسرائيلي.
لو أن المسؤول الشركسي أعلاه خرج مستطلعا الناس بذات السؤال: «انت من اين؟»، لسمع التالي: اردني، فلسطيني، سوري، لبناني، وسيجد نفسه مضطرا إلى الرد عليهم جميعا بـ: «كزاب بن كزاب»؛ أي كذابون.
حقيقة الأمور أن السوريين والفلسطينيين في الأردن إنما هم نازحون في وطنهم، وذات الحال عندما يكونون في لبنان، وذات الأمر للفلسطينيين الذين هم في الشام، ووصف لاجئ لا ينطبق عليهم أبداً، إلا وهم في تركيا او العراق ومصر وليبيا.
اليهود يقولون إن فلسطين وحولها أرض أجدادهم قبل آلاف السنين، ونحن نقر بالقطرية التي عمرها أقل من سبعين عاما، ليظل الأنكى بالإصرار على إطلاق سؤال: «انت أردني، ولا فلسطيني؟» رغم ما في هذا وذاك من وهن ينال الآن من الشوام واللبنانيين ايضا.
ولا أحد يريد أن تكون إجابته مثل وديع الصافي، الذي رد على سؤال فيروز إنت من وين، بـ: أنا من بلد الحكايات.. إلى آخر المسرحية التي لم نتعلم منها حرفاً.