في حضرة غياب سليم حمدان تطفأ بيوت المخيم أنوارها - في حضرة غياب سليم حمدان تطفأ بيوت المخيم أنوارها - في حضرة غياب سليم حمدان تطفأ بيوت المخيم أنوارها - في حضرة غياب سليم حمدان تطفأ بيوت المخيم أنوارها - في حضرة غياب سليم حمدان تطفأ بيوت المخيم أنوارها
في حضرة غياب سليم حمدان تطفأ بيوت المخيم أنوارها
الوحدات الرياضي - ريمون رباح
لن اكتب لك تلك الالام التي مرت بنا خلال عام من رحيلك , فلقد فطرت قلوبنا بغيابك عن عالمنا المثقل بالهموم والكراهية والظلم , وكلما كنت ابحث عن تعزية كنت أزور بيتك لأبحث عنك ولكني اصطدم بغرفتك الخالية من وجودك .
رحلت انت وبقي المخيم وبقى النادي وبقت الجريدة , ذكراك ما زالت في كل مكان مررت منه وضحكت فيه , أشياء كثيرة باتوا يتنازعون عليها في غيابك كلماتك صورك حكمتك ومحبتك .. الكثيرون من ابناء النادي رحلوا خلال هذا العام ودعني اخبرك ان جيلك اصبح يندثر رويدا رويدا مع تسارع دقات هذا العصر , مدن كبيرة سقطت واكتحلت بالسواد والألم والصراخ والموت , أما الفرح يا استاذي وأبي فاصبح وجوده نادرا كوجودك .
لم أكن اتصور انك سترحل سريعا هكذا ولكن القدر كانت مشيئته أعظم وأقوى منا لتستريح نفسك بسلام بقرب الله , اليوم انا لست حزينة جدا على غيابك بل فرحة لك لانك ارتحت من هذا العالم ولانك لم تشاهد ما يعانيه وطننا العربي من تمزق وتشتت وكبرياء وحقد , ولا بد انك ستكون حزينا لما وصلت حالتي انا اليه وكم عانيت خلال الايام المنصرمة , ستكون حزينا جدا لو أنك شاهدت كل هذا وأنا اعتدت كما اعتاد الكثيرون من المقربين اليك بمشاهدة البسمة على شفاهك دائما ..
لا اعرف اذا ما كان بمقدوري التعبير لك عن ألمي في غيابك بشكله الصحيح ام ان كلماتي ستكون عاجزة امام هذا الفراق الأبدي , في مثل هذه الأيام كنت لا تزال تتنفس مرهقا ومضنيا من التعب والاصفرار يملأ وجهك وجسدك بلا رحمة , وعند انتصاف نهار يوم 25/10 اخذت والدي الاستاذ رباح مسرعين كالبرق الى المستشفى لنكون بجانبك في النزاع الاخير وانت تلفظ انفاسك ولكننا يومها وصلنا متأخرين بعد ان لفظت اخر انفساك , كم كان صعبا وأنا اقف عند رأسك وانت ميت اناديك ولا تسمعني ابكيك ولا تقول لي " يا عمي امسحي دموعك " امسكت بيد والدي وانهرت باكية على الأرض مطالبة اياك بالرجوع الى الحياة , ولكن لم يكن يتردد الا صدى صوتي وبكائي ودموع والدي عليك ..
أتذكر ذلك اليوم جيدا لانني لم اكن اشعر بأن الحياة تسير على منوالها الطبيعي , اولاد اخيك وأقاربك يقفون عند باب القسم الذي رحلت منه , وانا رفضت المغادرة لمدة ساعتين وكأني انتظر حصول معجزة ما رغم علمي بان حصول ذلك هو من سابع المستحيلات , كنا جميعا ننظر في اعين بعضنا غير مصدقين ان ذلك حدث بهذه السرعة ولكنه في النهاية اصبح واقع , لفوك بكفنك الابيض وأنت تبتسم .. عندما أنظر دوما الى صورك بالكفن داخل قسم المشرحة أجدك مبتسما حتى في موتك , شيء غريب عجيب ان لا تفارقك الابتسامة حتى في هذه اللحظات .
أطفات بيوت المخيم انوارها في رحيلك وبات ينقصها وجودك .. عندما تعجز الكلمات أمام سيد الكلمة أقف مطولا امام تاريخ عظيم , انه عبق المخيم حين يغفو الأطفال ويستريح كبار السن وترخي النساء جدائلها في حضرة النوم , في نهاية الامر ينام سليم حمدان الان بين القبور مع رفاقه من الموتى اللذين انتهى أجلهم في الدنيا .
كل انسان عزيز على أهله ومحبيه وقد يقول البعض أن الموت انتشر بين بقاع الأرض , وهكذا هو " أبو السلم " عزيز عل أهله وتلامتذه ومحبيه ومن عرفوه , رحل متجاوزا حدود الزمان والمكان الى غير رجعة , ذهب الى الله القدير منهيا بذلك حياة كانت حافلة بالانجاز والعطاء , غاب وهو يتوق لأكل آخر قرص فلافل وصحن فول منعه الطبيب منهما , قرص الفلافل الصغير كان يعني له الكثير فكان حكاية وطن لن تنتهي الا بزوال الاحتلال .
ربما يذكر البعض حين يذكر اسمه بعض المواقف الطريفة التي كان يقوم بها بعفوية مطلقة كحادثة صعود الدرج مثلا , ولكن البعض الاخر يذكر ان لهذا الرجل الجالس على كرسيه المتحرك التحديات الكبيرة التي واجهت هذا الرجل رغم ظرفه الصحي الصعب , لم يكن ينام مبكرا أبدا بل كان يقضي وقته حتى ساعات الفجر وهو يتابع ما يحدث في العالم على الصعيد الكروي والسياسي , وفي النهاية تجلب له اخته سمية طاولة خشبيه صغيرة مع بعض الاوراق ليفرغ كل ليلة ما بجعبته على الورق حتى يزين بها صحيفة الوحدات الرياضي .
كثيرا ما كان يحدثني عن المخيم وظروف اللجوء الصعب وكيف عاش على أمل ان يرى فيه ذلك الوطن المحتل محررا , ولكنه بكى كالأطفال وانا أقف بجانبه في مستشفى الإسراء قائلا : " لن أرى فلسطين مجددا " , كان يتقلب على جانبيه مرهقا وهو يسأل كم كانت نتيجة المباراة ؟ ولماذا خسر الوحدات أمام الكويت الكويتي ؟ وربما يومها عجزت عن تبرير له سبب الخسارة , الا انه ضحك برفق وقال لي : لا يهم سوف يعود الوحدات الى البطولة مرة أخرى ويفوز .
رغم ان الاستاذ سليم حمدان لم يتزوج ولم ينجب , الا أنه كان يحمل هم الوحدات وكأنه طفله المدلل يحزن إذا ما تعثر وتغمره فرحة عارمة إذا ما أنجز , وكان يصف دوما أبناء الوحدات بالرجال الأشداء القادرين على تجاوز أي محنة أو ظرف , ويتحدث دوما عن الظروف الصعبة التي واجهت النادي على مدار السنين في دقة متناهية ليؤرخ في ذاكرة المكان كل شاردة وواردة , ويستطرد بالانجازات العظيمة التي ولدت من رحم المعاناة , وكأنه يريد ايصال رسالة لي أن علي المثابرة مهما حدث .
كان ينام الاستاذ سليم مع أرشيفه المكون من مئات الصور وآلاف صفحات الجرائد التي جمعها وكتبها طوال حياته , وباعتقادي انها كانت سببا من اسباب مرضه لان الحبر كان يتفاعل مع الورق ويتأكسد عبر السنين ويرهق رئتيه وجسده , كان يريد ان يأرشف التاريخ ولكنه أصبح جزءا من التاريخ .. والحال منذ عام من رحيلك تغيرت يا استاذي فالحديث عن الانجاز سهل ولكن الخروج من عنق المصاعب هو الصعب , ولكن باعتبار أن الشعب العربي بأجمعه مر بظروف قاتلة على مدى السنين , جعلت رغبته في الخروج من حالته تتسم بالعنف فلم تكن ثورتهم ثورة الياسمين يا استاذي بل تغمست ايدينا بالدماء والمعاناة , لذلك من السهل ان تأتي جرافة أو قنبلة لتهدم بيتا ولكن اعادة تعميره لن تكون سهلة ولا سريعة بل ستبذل ملايين الالاف من قطرات العرق المتواصلة لاصلاح ما هدم , لذلك لم يعد التاريخ الذي كنت تجمعه هو نفس التاريخ الذي حدث من بعدك .
من معرفتي بالاستاذ فقد كان يأمل في أن يحافظ النادي على خصوصيته ودفء العلاقات التي تجمع ابناءه , ولكن بكل أسف حين تدخل اليوم مقر النادي تجده فارغا الا من المشاكل العديدة التي تعبق في كل غرفة وكل زاوية , أصبحنا غرباء في مكان واحد .. لا يجمعنا الا الفوز في مباراة ونتفرق في أي تعثر لمسيرة فريق كرة القدم تحديدا , من المعروف ان التعثر يجب ان يجمع المحبين لا ان يفرقهم ولكن للأسف بات العكس يحصل معنا , ومن هنا سوف أجيز لنفسي أن أطالب الكل إدارة ولاعبين وجماهير ومحبين باسم روح سليم حمدان أن تعود المحبة هي من تجمعنا من جديد .
طوبى لروح جميع امواتنا ومن فقدناهم سلام عليكم جميعا في قبوركم فغيابكم صعب , قد يتمنى البعض لو تعود الايام ليصلح أمرا ما أو ينثر الورد بدلا من الشوك , وأنا أتوق لرؤية تلك المحبة بين البشر فقد كنت أراها في وجه استاذي سليم حمدان , حتى حينما كان يتحدث عن المنافسين كان يتحدث بكل لباقة وود واحترام , كان يحترق عندما يخسر الوحدات ولكن الفريق المنافس لم يكن يعني له انه عدو وانما مجرد منافس رياضي , فتراه يجلد فريق الوحدات في اول عدد يصدر للجريدة بعد المباراة ويمدح أداء الفريق المنافس بكل روح رياضية .
ختاما لا يسعني امام حضرة الغياب الا ان اخبر الاستاذ سليم بانه ترك فراغا كبيرا في حياة من عاصروه , وانه سيبقى لنا تلك المنارة التي تضيء كلماتنا المقهورة وأنفاسنا المخنوقة , سيبقى ذكره الطيب كلما ذكر نادي الوحدات , مات ولم يأخذ معه الا محبته لهذا الصرح العظيم , تاركا لنا ما بدء به هو وجيله لنكمل الطريق والمشوار بالشكل الصحيح , ذهب ولم يترك في جعبته الا 119 دولار حسب وثيقه حصر الإرث هذا ما كان يمتلكه خلال سنوات عمله الطويلة في النادي والصحيفة , ولكنه برأيي يمتلك اغلى كنز في الدنيا يمتلك ملايين الالاف من المحبين الممتدين على مساحة الوطن العربي من مغربه الى خليجه .
هناك اشخاص يكون فراقهم من هذه الدنيا تماما كنزع الروح من الجسد
هم يرحلون ولكن تبقى ذكراهم الطيبة تلوح بالافق في خيال كل محبيه
هذه الاشياء لا تشترى اختي ريمون ولكنها تنبع من خلال الاثرالطيب الذي تركه ذلك الشخص في قلوب محبيه فاجبرهم على ان يذكروه بكل ما هو خير وهو اغلى ارث يترك الانسان بعد صعود روحه الى بارئها..
فما يزرعه المرء لا يحصده فقط بحياته بل يبقى لحتى ما بعد مماته
والراحل الكبير سليم حمدان احد هؤولاء الاشخاص ..فدماثة اخلاقه وسيرته الطيبة وكل ما قدمه للوحدات من خلال مسيرته بالرغم من ظروفه الصحية اجبر الكثيرين على احترامه ومحبته
نسال الله العلي القدير ان يكون الان هناك في عليين في جنات وعيون ..اللهم امين
وكل الشكر والتقدير على ماكتبتيه في حق فقيدنا الغالي.. اختي الفاضلة ريمون
الى رحمة الله يا سليم حمدان اللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقه من الخطايا والذنوب كما نقيت الثوب الابيض من الدنس اللهم اجعل قبره روضه من رياض الجنه
وكأن المشهد هو الأن ,,, بعد خبر وفاته كان هناك حديثاً مع الراحل والمأسوف على شبابه صلاح غنام ويومها كان البكاء عنواناً للمكالمة الهاتفية مع الحبيب ابو الوليد والذي تسلم بعد وفاة عراب الوحدات ابو السلم منصب رئيس تحرير جريدة الوحدات وحسب وصية المرحوم ولكن قضاء الله لم يمهله طويلاً ليزاداد الألم ويزداد البكاء ,,, في هذا الموقف ومع هذا التي خطته الاعلامية ريمون رباح أتذكر وأقلب معكم لحظات الحزن وكيف رثى ابو الوليد معلمه سليم حمدان
سليم حمدان .. سنديانة خضراء تذبل (بقلم صلاح غنام)
الاحبة الذين تركوا لخيولهم الرحيل، ودعتهم ازقة المخيم بعيون باكية وهم الذين لوحوا بكوفياتهم للموت، حيث اتى على صورة مخالفة ليس كما ارادوها دائما. سليم حمدان،الذي تفقد صهوة الريح واستعد للنزول عنها، كتب وصيته الاخيرة والتي ما تزال تحلم بالمهد. رائحة المخيم وشاهده العتيق والسنديانة الخضراء هو سليم حمدان.بحبر يده المغموس بوجع النكبة ووصمة اللجوء نقش حكاية اسمها "الوحدات". سليم حمدان .. هناك حيث أنت الان أحبة لنا ولك سبقوك .. فسلام لك ولهم