متى يتخلص العالم من «الإخوان»؟! - متى يتخلص العالم من «الإخوان»؟! - متى يتخلص العالم من «الإخوان»؟! - متى يتخلص العالم من «الإخوان»؟! - متى يتخلص العالم من «الإخوان»؟!
متى يتخلص العالم من «الإخوان»؟!
السبيل
علي سعادة
آخر التقليعات التي انضمت إلى الحملة العربية الرسمية على جماعة الإخوان المسلمين، صدرت من اليمن بصوت الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي اشتكى باكيا من محاولات « إخوانية» لطرده من اليمن عبر تقارير كاذبة إلى «مجلس الأمن».
وقبل ذلك بقليل قالت مواقع إلكترونية إن الإمارات العربية المتحدة ستطلق قريبا فضائية موجهة ضد «الإخوان»، وفي سوريا تخرج أصوات من قبل النظام تحذر من سيطرة الإسلاميين و«الإخوان» على الحكم في البلاد.
فيما لا يزال المشهد ساخنا في مصر وتونس لإسقاط حكم «الإخوان» في هاتين الدولتين التي وصل فيها «الإخوان» إلى مقاليد الحكم عبر صناديق الاقتراع، وبسخونة أقل تعلو بعض الأصوات ضد «الإخوان» في ليبيا.
وفي الأردن محاولات ماكرة لإسقاط أزمة الدولة على «الإخوان» والإيحاء بأن «الجماعة» هم أزمة البلد والحل بإضعافهم وتهميشهم، وتأخذ أخبار «الجماعة» حيزا مهما في الإعلام الرسمي والمواقع الإلكترونية، خصوصا أخبار الانقسامات والاستقالات والخلافات وما إلى ذلك من أخبار سلبية، للإيحاء بأن» الجماعة» ساحة للصراعات والخلافات.
ترى هل «الإخوان» يمتلكون كل هذه القدرة التنظيمية الهائلة لإحداث هذه (الحراكات، الفوضى ، التغيير، الضجيج) سمه ما شئت؟ .
إذا كانوا قادرين حقا على إحداث كل هذا في الوطن العربي، فإن الأصل أن يقبل العالم بهم، ويتصالح معهم ويجد قواسم مشتركة للتعايش معهم حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، فالصدام مع تنظيم بهذه القدرة سيكون طويلا ومستنزفا للجميع، وقد يصبح دمويا مع مرور الوقت.
وإذا كانت الحكومات العربية تعطيهم أكبر من حجمهم، وتضخم قدرتهم وقوتهم بهدف تخويف الغرب منهم، وتشجيعه على محاصرتهم ومضايقتهم، وعدم التعاطي معهم بهدف التخلص منهم، فإن الأمر ينطوي على مغامرة غير محسوبة النتائج، وقد تفقد الحكومات السيطرة على قوانين وقواعد اللعبة، وتنقلب اللعبة عليهم في داخل قصورهم. فالذي يلعب بالنار غالبا ما تحرق أصابعه.
إن التخلص من « الإخوان» لا يحتاج إلى فضائيات وإلى هذا الكم الهائل من الأموال التي تضخ هنا وهناك لإضعافهم، والطريقة الوحيدة للتخلص منهم، هي بدفعهم إلى صناديق الاقتراع والقبول بنتائج التصويت وتركهم في الحكم، فإذا نجحوا كفى الله المؤمنين القتال وإذا فشلوا، فالصناديق جاهزة لإبعادهم والتخلص منهم.
والثمن قد يكون أقل كلفة، إذ تكفي بضعة صناديق خشبية وقليل من أوراق الاقتراع لإغلاق الملف.
حمل مقال الوزير السابق والقيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين الدكتور بسام العموش في الزميلة «العرب اليوم» أمس، ونشرته عدة مواقع إلكترونية نصائح مباشرة لقيادة «أخوان الأردن»، غلفت بهجوم مبطن أطلقه العموش الذي ينتمي إلى حزب آخر .
وكانت مرامي المقال واضحة لكني لم أفهم، ما هي المشكلة في أن تكون أغلب قيادات حزب جبهة العمل الإسلامي من «الإخوان»، أو أن يتحول الحزب إلى ذراع سياسي ل»الجماعة»، وكما نعلم فإن العموش نفسه كان في «الإخوان» عندما تقرر تأسيس «جبهة العمل الإسلامي»، وكان من الذين أقروا شروط العضوية التي حددتها «الجماعة» لأعضائها، وللتاريخ، كما يذكر العموش، فقد وضع مجلس شورى الجماعة بضعة عشر شرطاً قبل اتخاذ قرار إنشاء الحزب، بما فيها أن يكون الأمين العام من «الإخوان» وأن تكون غالبية أعضاء الشورى من «الإخوان».
وأتفق مع بعض ما جاء في كلام العموش من ناحية إطلاق يد الحزب بعيدا عن « الجماعة»، وان يكون الحزب مستقلا بشكل كامل عن « الجماعة» في حال كان هناك تداخل تنظيمي وبرنامجي بين « الحزب» و»الجماعة».
وفهمت من كلام العموش أن»الجماعة» في الأردن تعيش حالة ضياع، خصوصا بعد مقاطعة الانتخابات، مستشهدا بترك عدد من الشخصيات ل»الجماعة» خصوصا موضوع زمزم، الذي اعتبره مؤشرا على عدم اقتناع أصحاب «زمزم» بقيادتهم «المفروض أنها هي التي تنتج المبادرات، لا أن تضع نفسها في الحفر السياسية ثم تـــبدأ تبحث عن مخرج للورطة التـــــي أوقعت فيها الجماعة»، وفقا لتعبيره.
ووفقا لمتابعتي وقراءتي المستمرة؛ فقد دخل وخرج من «الجماعة» في الستين سنة الماضية (لأسباب مختلفة) مئات الشخصيات، ولم تقتصر عمليات الخروج على الفترة الأخيرة، والعموش نفسه ترك الجماعة قبل حكاية الربيع العربي بوقت طويل، وبخصوص «زمزم» فكما فهمت من تصريحات الأستاذ أرحيل غرايبة فإن « زمزم» لا علاقة لها ب»الإخوان»، وليست موجهة لهم وإنما هي مبادرة مفتوحة أمام الجميع.
والواقع أن النصيحة التي أراد العموش تقديمها لقيادة «الجماعة» تتلخص في آخر فقرة من المقال وهي الاستقالة، مستنكرا على إخوان الأردن «البحبوحة في الأردن وعلى مدى ستين سنة» والتي استفاد منها هو أيضا، معتبرا أن عمل»الإخوان» حاليا ينحصر في «مسيرة روتينية لا تسمن ولا تغني من جوع، بينما يذهب الآخرون بالإبل وما تحمل تاركين لنا الشتم والسباب».
الحل كما يراه العموش أن» تتحمل قيادة الإخوان الشجاعة وتقدم استقالتها، لعل الإخوان يرغبون بآخرين بعيداً عن الدسائس والخنادق، همهم وطني عربي إسلامي، والقيادة الجديدة التي أفترض قيامها مدعوة للإعلان عن وجود الأخطاء والبدء بصفحة جديدة، من ضمنها لمّ شمل الإخوان بمن فيهم من فرطت بهم الجماعة من رموزها».
ختام كلام العموش كان غاضبا بشكل صريح وبدا وكأن انسحابه من» الإخوان» ما زال غصة في الحلق، وغضبا موجها للأشخاص وليس» للجماعة».
اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين
الناس اللي بتمضي حياتها وهي ضد الاخوان وما عندهم شغلة ولا عملة الا الحكي ضدهم
يا اخي اشتغلوا للاسلام واتركوهم قدموا للمجتمع اشي مفيد يرقى بالامة باكملها
ابو عمار الجنيدي
ام يحيى
مارد85
aboshhab
شكرا شكرا على مروركم الكريم
حركة الاخوان حركة ربانية وهي حركة راشدة تحمل هم الاسلام والمسلمين بحق
وهي حركة منصورة باذن الله مهما ادلهمت حولها الخطوب
وهي تسير مع حركة التاريخ يذهب الطغاة ويبقى المصلحون
{ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون }
تتوزع الاقلام في المواقع الرسمية وشبه الرسمية والخاصة للنيل من مشروع الامة التحرري الشامل، وبأساليب مختلفة ظاهرة للعيان.
يعيبون على الشعوب التواقة للانعتاق من الظلم والتبعية والعبودية وحياة الذل، ولا غرابة؛ فهناك من يعيب على الشمس اشراقها، ويعيب على النهار حيويته، وعلى الليل سكونه، وعلى الريح صفيرها، وعلى الغيث انهماره، وعلى الكرماء سخاءهم، وعلى الاصلاحيين صفاءهم وجرأتهم وجديتهم، إنهم يعيبون على القيم العليا تحليقها في القمم، وعلى الباذلين أنفسهم واموالهم واوقاتهم أغلى ما يملكون، ويقولون لخير الناس أخرجوهم من قريتكم إنهم اناس يتطهرون!
أفسحوا المجال للصفحات الواسعة لتسود بالاكاذيب والافك والافتراء، ترسم عليها الاقلام المأجورة كل ما يمكن ان يقال عن الشياطين حتى التي لم تخلق بعد!
وإن كانوا يجدون لأنفسهم مخرجا يدلسون به على الناس لتضليلهم؛ لأنه يصعب عليهم اتهام الشعوب كل الشعوب ومناطحتها، فقد تعلموا في مدارس الأبلسة كيفية تجزيء المعسكرات التي تقف ضدهم؛ من أجل تيسير الانقضاض عليها، ثم يتدارسون في الليالي ذوات العدد بمن يبدؤون وكيف!
فاختاروا الحديث عن الاسلاميين، وعن الاخوان المسلمين بشكل أخص، ولا مانع لديهم من التظاهر بقبول اسلاميين آخرين حتى لو كانوا أقل استعدادا لتقبل فكرة الدولة المدنية، والصورة واضحة فيما يجري في مصر الآن؛ حيث تتقبل ما تسمي نفسها جبهة انقاذ مصر التي لم يسمع المصريون لها صوتا زمن الاستبداد البائد، بل كان معظم مكوناتها من أزلام مبارك وأعمدة نظامه الدكتاتوري.
وبعد أن سهل لهم الشعب الطريق، واطمأنوا أن لا تنكيل في اقبية السجون ومراكز التحقيق المظلمة في عهد الشعب المصري اليوم، حتى وهو في بداية ثورته التي لم تكتمل بعد، هاجموا الذين عانوا أكثر من ستين عاما متواصلة، وقضى بعضهم عقدين وثلاثة عقود في سجون النظام البائد منذ فاروق وحتى مبارك.
قرأت لأحد هؤلاء في صحفنا قبل ايام يتهكم ويحذر وينذر ويولول غيرة ليس على الاردن، بل يعرض قلمه حتى على دولة الكويت تأليبا للحركة الشعبية هناك لينال من توجهها الديمقراطي الذي سبق الجميع في السنين الماضية، ليقارن بين الاخوان في الكويت -على حد زعمه- وبين الحركة الاسلامية في الاردن، ولو تمتع بقليل من الموضوعية هو وامثاله لقال إنه ليس في الخليج العربي كله تنظيم للاخوان المسلمين، والدوائر الامنية العربية تعرف ذلك تماما، هو يعلم ويعرف ولكن كيف له ان يتم الصورة دون اختراع وافتراء وسعة خيال، يقول: «طول الله عمره»؛ ليبقى ناصحا برسم التأجير والتعاقد في الخليج، الاخوان في الاردن كالاخوان في الكويت في تعاملهم مع النظام.
يقول إن العقل المدبر في الساحتين واحد، وفي بطن التنظيمين محاولة للانقلاب على الدستور من خلال تحديد صلاحيات الملك والامير! وتعطيل المسار التشريعي برفضهم الدخول في الانتخابات من اجل القفز على السلطة! ويكمل ابداعاته في التعريض والتحريض على الحركة الاسلامية الراشدة، فيقول «حتى إنهم اخترعوا اسم حركة كفاية في الكويت وفي الاردن، وكذلك عارضوا قانون الصوت الواحد في البلدين»!
لم أفهم هذه الأخطار التي يحذر منها، وكيف يجعل منها خطرا يستحق هذا العويل! وهل المطالبة بالحرية وتعديل الدستور والحق في المشاركة والمقاطعة والاهتمام بحياة الناس ومصالحم، والاعتراض على القوانين المتخلفة بشكل ديمقراطي جريمة ام هي جهود تستحق التقدير! ولكن عين السخط تجعل الجميل قبيحا، والنور ظلاما، ويا ويحهم ما أعدلهم وأنزههم!!.
على حد علمي الاسلام لا ينحصر بالاخوان فقط !
من اسوا الامور تسييس الديانات .. السياسه تُدَّين ولكن الدين لا يُسيَّس.
فهذا اخواني
وذاك سلفي
وهذا تحريري
وذلك من اصول الدعوة
واكثرهم مجرد حجاره على رقعة شطرنج لا يملكون من امرهم شيئا حالهم كحال البقيه من الجماعات الاخرى موجودون لخدمة اهداف معينه .
وتوضيحا لكلام العموش وسبب استقالته هو وصول بعض افراد والمحسوبين على المخابرات الاردنيه لمناصب عليا في التنظيم ولكن كالعاده لا احد يجرؤ علي القول صراحة .
ابو عمار الجنيدي
ام يحيى
مارد85
aboshhab
شكرا شكرا على مروركم الكريم
حركة الاخوان حركة ربانية وهي حركة راشدة تحمل هم الاسلام والمسلمين بحق
وهي حركة منصورة باذن الله مهما ادلهمت حولها الخطوب
وهي تسير مع حركة التاريخ يذهب الطغاة ويبقى المصلحون
{ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون }
الكبار ومدرسة حسن البنا في محاضرة الدكتور صلاح عبد الحق
د. علي العتوم
استمعت يوم الثلاثاء مساءً بتاريخ 26/2/2013 في المركز العام للإخوان المسلمين بعمّان, للمحاضرة التي ألقاها الأخ الكريم الدكتور صلاح عبد الحق من جمهورية مصر العربية عن التربية الإخوانية التي أخذ بها الإمامُ حسنُ البنّا أتباعَهُ, حتى أضحوا نماذج فريدةً للجيل المسلم في هذا العصر. ومن هذا الجيل برز في هذه الدعوة الكريمة قادةٌ عِظامٌ, ضربوا المثل الأروع في الفَهم الزَّكِن للإسلام, والخلق الرفيع الذي يتحلّى به المسلم الحق, والثبات الوطيد على المبدأ حين تهتز القلوب وتضطرب, والوقفة الشهمة أمام الطاغوت عندما يتجبّر ويتنمّر, لهيله وهيلمانه, وحديده وناره, وسجونه وزنازينه, وهو شأن ما حدث لإخوان مصر أيّام الحكم الناصريّ الغاشم, فأحببت أنْ أكتب اليوم مقالاً عن هذه المحاضرة أتوقف عند محطّاتٍ فيها للعِظة والعِبرة, والإرشاد والتوجيه.
إنّ من الرجال الأفذاذ الذين يُقتدَى بهم في هذه الدعوة، على طريق الداعية الأكبر معلم البشرية, وهادي الإنسانية محمد بن عبد الله, عليه أفضل صلوات الله وسلامه، المرشدَ الأول حسن البنا الذي أنشأ دعوةً مُتَّبِعَة, ملأت الخافقين سمعةً طيبةً وأرَجاً عاطراً, وعُدَّتْ بحقٍّ دعوة الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري والعشرين الميلادي. هذا الرجل هو الداعية الكبير, والمرشد العظيم, والبنّاء العجيب الذي يخرج ليلة استشهاده لموعدٍ مضروبٍ في جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة, فتقول له زوجُه السيدةُ لطيفةُ الصُّوليّ، وهي تتوجس خِيفةً من مكيدةٍ تُدبّرُ لاغتياله في هذه الظروف: «إلى أين أيّها الأستاذ, وكلُّ الأمور كما يبدو مرتّبةٌ لاغتيالك؟!» فيقول: «حتى لا نترك للأمل مجالاً يفوت, في الصلاح والإصلاح, وضمِّ القلوب وجمع الصفوف», ثم ينشد البيتين اللذين أنشدهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عندما كان يُحَذَّرُ من مؤامرة اغتيالٍ، تُحاك له على يد عبد الرحمن بن ملجم الخارجي:
أيَّ يَوْمَيَّ مِنَ الْمَوْتِ أَفِرّْ
يَوْمَ لا قُدِّرَ أَمْ يَوْمٌ قُدِرْ
يَوْمَ لا قُدِّرَ لا أَرْهَبُهُ
وَمِنَ الْمَقْدُورِ لا يُنْجِي الحَذَرْ
لقد كان البنّا رحمه الله صادقاً مع الله فصدقه، ورزقه الشهادة، وسام اعتزازٍ على صدره الرحيب, وتاج فخارٍ على جبينه الوضّاء.
هذا الرجل الذي كتب تلميذه الصدوق سيد قطب عن عبقريته في الدعوة, وعظمة استشهاده, وأثر ذلك في خلود حركته, والبناء الشامخ الذي أقامه فاستعصى على الهدم والانتقاض، فقال: «لقد عرفت العقيدة الإسلامية كثيراً من الدعاة, ولكنَّ الدعاية غيرُ البناء. وما كلُّ داعيةٍ يملك أنْ يكون بنّاءً, وما كلُّ بنّاءٍ يوهَبُ هذه العبقريةَ الضخمة في البناءِ», واستأنف: «ويمضي حسن البنّا إلى جوار ربّه, يمضي وقد استكمل البناءُ أُسسَه, يمضي فيكون استشهادُهُ على النحو الذي أُريد له؛ عمليّةً جديدةً من عمليات البناء, عمليةَ تعميقٍ للأساس, وتقويةٍ للجدران. وما كانت ألف خُطبةٍ وخُطبة, ولا ألف رسالةٍ ورسالة للفقيد الشهيد لتلهب الدعوة في نفوس الإخوان, كما ألهبتها قطراتُ الدمّ الزكيِّ المُهَراقِ»، وأردف: «إنّ كلماتنا تظلُّ عرائِسَ من الشمع, حتى إذا مِتنا في سبيلها دبَّت فيها الروحُ, وكُتِبت لها الحياة». وهذا هو المعنى الذي عبّر عنه البنّا نفسُهُ رحمه الله, بقوله: «نحن قومٌ نُحسِنُ صناعَةَ الموتِ»!
ومن هؤلاء الشوامخ, المرشد الثاني حسن الهضيبي رحمه الله, الذي ضحّى بمنصبه الرفيع رئيسِ محكمة النقض والإبرام في مصر، ليكون الإمام الثاني بعد البنّا في أحلك الظروف وأقساها, وفي وقتٍ كان الناس في مصر يحرِصون أشدَّ الحرص على الوظيفة العامّة, فكيف إذا كانت بمثل هذه المنزلة من الوجاهة والشهرة. وهو الذي ثبت ثبات الرواسي على العوادي التي دُبِّرت له وللإخوان عهدَ عبد الناصر, فاجتازها، بثباته ورزانته وصبره وإيمانه، بكلِّ نجاحٍ. وأُدخل السجنَ فكان مثالاً للإباء ورباطة الجأش, يلبس أمام السجّانين أحسن ثيابه ليريهم من نفسه ومن دعوته قوّةً. وهو الذي كان يرفض أنْ يؤْثَرَ بأيّة منفعةٍ دون إخوانه في السجن مهما كانت حاجته إليها ماسّةً، والذي سُجِنَ بسببه كلُّ من كان يمتُّ إليه من أقربائه بصلةٍ، إمعاناً من الظلمة في إيذائه وإيذائهم, محاربةً للدين وتنفيراً من أهله, بل كان الظلمة، كما يقول الدكتور صلاح، يضعون معه مجموعة من الكلاب المُضرّاة, فما هزَّ هذا في جسده شعرةً, ولا أخذ من نفسه خَطْرَةً. وعندما طُلِبَ منه أنْ يكتب كتاباً يسترحم به الحاكمين ليخرج من هذا العذاب الذي هو فيه وإخوانه, قال: ما على هذا بايعنا, إّنما بايعنا على الموت!
ومنهم عمر التلمساني المرشد الرابع الذي كان ابن نعمةٍ ودلالٍ, وعزٍّ ومال, وجاهٍ وسلطان, ابن باشا أو عُمدة. وكان له سمتٌ خاص وهو يرفل في أثواب الترف وبلهنية العيش, حتى إذا انتظم في صفوف الإخوان ترك كلَّ خصوصياته, بعد أن كان لا يأكل إلاّ بإناءٍ خاصٍّ, ولا يلبس إلاّ لباساً خاصّاً, ولا ينام إلاّ على فراشٍ خاصٍّ. وكان له من لباس التأنّق ما هو معروفٌ به, وإذ لاحظ البنّا ذلك فيه وعرفه, خاطبه بقوله، وهو يستشرف فيه الأمل للدعوة, عندما يحلولك الظلام: «إنّني أعدُّك لغدٍ مشرق ويومٍ عظيمٍ». حتى إذا دار الزمان دورته, ووقعت الأيام الرهيبة في سجون عبد الناصر, وقد صقلته الدعوة, كان من أثبت الإخوان وأصبرهم, فاستبدل بكلِّ ذلك الدلال وتلك الحُلل, جفاء الحياة وشظف العيش وأسمال السجن. يشارك إخوانه كأحدهم مدّة سبعة عشر عاماً في زنزانة واحدة, يأكل ممّا يأكلون, ويشرب ممّا يشربون, وينام على ما كانوا عليه ينامون بكلِّ رضىً وارتياح.
أمّا السيد محمد حامد أبو النصر المرشد الخامس للجماعة, فقد كان في الصعيد وفي بلدته (منفلوط) من عِلية القوم وعُمد البلد أو باشاواته. له قصره المنيف وضياعه الواسعة, وعنده عمّاله ورجاله, حتى إذا أزمت الأزمة, وامتُحِنَ الإخوان على يد الطاغية, ضحّى بكلِّ شيءٍ من مال ومتاع وأهل وعيال في سبيل دعوته, حتى إنّه عندما جاء رجال الدولة ليعتقلوه, لم يخرج من بيته إلاّ بعد أنْ قرأ المأثورات، ورفض أن يتحرّك إلاّ أن يُقَيِّد الجلاوزةُ يديه, وهو يغادر بيته معتقلاً أمام الناس في الأحياء التي يمرُّ بها ليعلن لهم: أنّه وهو ابن الوجاهة يستهين بكلِّ ذلك في سبيل الله, مفضّلاً دعوته على كل شيء, بكل عزّةٍ وشممٍ. وبعد أن عمل الحكم الناصريّ الظالم كل جهده في إفساد أولاده عليه, إذ اتّخذوا طريقاً غير طريقه, وسلكوا نهج الحكومة, فارتفع شأنهم في مناصبها وأموالها وسعى الناس من بعدُ، أن يصلحوا بينهم وبينه, اشترط أحدهم للموافقة على هذه المصالحة أن يترك أبوهم دعوة الإخوان, فقال له بكلِّ عزّةٍ وأنفة: إذنْ، أنت ومالك وجاهك ومنصبك, تحت جزمتي (حذائي)!
وأمّا سيد قطب رحمه الله, فكما يقول الأخ الدكتور صلاح الذي عاش معه في السجن عشر سنين، فقد تحدّث عنه بالعجب العجاب من شدة الثبات, وصدق الفراسة والاستعلاء على الطاغوت, والتأبِّي على الإغراءات, إذ كلها عنده لعاعات تافهةٌ. وهو المأثورُ عنه، عندما طُلِب منه أن يقدّم كلمات استرحام للطاغية, ليُنْقَذَ من حبل المشنقة، قولُه: «إنّ إصبع السبّابة التي تشهد لله بالوحدانية عديد المرّات كلَّ يومٍ, لتأنَفُ أنْ تكتب كلمةً تقرُّ حكم طاغيةٍ». وقال لأخته حميدة، التي جاءت، بعاطفة الأخوة وحنان الشقيقة، تعرض عليه أن يكتب طلب استرحام وتقول، وهي تجهش بالبكاء: «إنّني أعلم أنّهم كذبة, ولكنْ لعلّ وعسى»، وهو يربِّتُ على كتفها: «لا تجزعي يا حميدة, إنّ المستقبل للإسلام, وإنّني لأرجو أن تعيشي حتى تري مصداق ذلك», ويؤكِّد، وهو يُعَدُّ لتقديمه إلى المقصلة: «إنّني لأشعر والله بصفاء وراحةٍ وانطلاقٍ لم أكنْ أشعر بمثلها من قبلُ», ويقول لإخوانه المحكومين معه: «سنلتقي غداً, على أنّ مَنْ يقبله الله منّا عليه أن يتشفّع لإخوانه». وقد كان رحمه الله يوصيهم، وهم في أقفاص السجن أمام الطغاة يحاكمون: «عليكم بقراءة سورة محمّد».
ويقول الأخ الدكتور صلاح، وقد سجن مع كثير من أعلام الدعوة وقادتها وغيرهم سنواتٍ عدداً: «لم نكن نشعر يوماً، ونحن في أوضاعٍ ميئوسٍ منها, إذ أنّ الحكم علينا جميعاً بالإعدام، كان قد يصدر بين لحظة وأخرى، بأنّنا في سجن أو في ضيق. ولم يكن يمرُّ علينا يوم أو ليلة لا نقرأ فيها المأثورات وورد الرابطة, وتلاوة القرآن, وقيام الليل, والذكر، وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة. ولم يكن يؤمّنا في الصلاة وفي القيام كبار الدعاة فقط, بل كان يؤمّنا بعض الإخوان ممّن كان يمتهن حرفة الفلاحة أو بيع اللبن, إذ يقرأ بنا السور الطوال على الرغم من ضآلة جسمه, وكثرة الندوب في جسده من شدة التعذيب, ويطيل حتى إنّ أحدنا وهو الدكتور عبد الرحمن بارود رحمه الله, سقط مرّةً على وجهه من طول القيام, فكسر أنفه, فما تضجّر أو تبرّم, إذ كان شعارنا كلنا: إنّنا نستخفُّ بوعيد الكتيبة لوعد الله سبحانه, ونرنو لجنّةٍ عرضها السماوات والأرض، أُعدّت للمتقين».
هكذا قضيناها أياماً في السجن وسنين, راضين عن أنفسنا وعن دعوتنا وعن أخوّتنا وعن قادتنا, حتى كتب لبعضنا الشهادة بعد أنْ صدقوا ما عاهدوا الله عليه, والبقية تنتظر رحمته, وهي قريب من المحسنين. وهذا كلُّه بفضل تربية الإخوان التي هي تربية الإسلام, والتخرّج في مدرسة الرجل الربّاني, والإنسان القرآني, حسن البنّا. فرحمه الله رحمةً واسعةً, وجزاه الله عنّا وعن المسلمين خير الجزاء. أمّا أنا، فأقول: أجل، وما أروع ما قال الحكيم:
وإذا كانَتِ النُّفُوسُ كِباراً
تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجْسامُ
وشكراً للأخ المحاضر الكريم، والله أكبر ولله الحمد.