تلاقي الارواح في المنام حقيقة وليس خرافة - تلاقي الارواح في المنام حقيقة وليس خرافة - تلاقي الارواح في المنام حقيقة وليس خرافة - تلاقي الارواح في المنام حقيقة وليس خرافة - تلاقي الارواح في المنام حقيقة وليس خرافة
ذكر الدكتور سهل العتيبي أستاذ العقيدة في جامعة الملك سعود في كتابه ( الرؤى عند اهل السنة والجماعة والمخالفين ) قولا تفصيليا لهذه المسألة الشائكة معتمدا على أقوال أهل العلم من السلف والأئمة فقال :
روح النائم تتعلق ببدنه من وجه ، وتفارقه من وجه ,هي تقبض وترسل كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة ..
وقدعقد ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح مسألة بعنوان ( هل تتلاقى أرواح الأحياء وأرواح الأموات أم لا؟)
ثم قال رحمه الله : (شواهد هذه المسألة وأدلتها أكثر من أن يحصي ها إلا الله تعالى والحس والواقع من أعدل الشهود بها ، فتلتقي أرواح الأحياء والأموات كما تلتقي أرواح الأحياء)
وقد قال الله تعالى : {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الآية :42]
ثم ذكر أثرا عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية أنه قال : بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها .
وأشار ابن جرير الطبري رحمه الله إلى هذا التفسير حيث قال : (ذكر أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام في تعارف ما شاء الله منها فإذا أراد جميعها الر جوع إلى أجسادها إلى أجل مسمى وذلك إلى انقضاء مدة حياتها
ونحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل ثم ذكر بعض الآثار بنحو ما قال ابن عباس رضي الله عنهما).
ويؤكد ابن كثير رحمه الله تفسير هذه الآية بذلك فيقول: "فيه دلالة على أنه تجتمع في الملأ الأعلى كما ورد بذلك الحديث المرفوع الذي رواه ابن منده وغيره ، وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ، ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين "
وقال بعض السلف : يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا وأرواح الأحياء إذا ناموا فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف ، فيمسك التي قضي عليها الموت ، التي قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى .
وقال السعدي - رحمه الله - في تفسير هذه الآية (وفي هذه الآية ، دليل على أن الروح والنفس جسم قائم بنفسه ، مخالف جوهره جوهر البدن ، وأنها مخلوقة مدبرة، يتصرف الله فيها بالوفاة، والإمساك، والإرسال).
وأن أرواح الأحياء تتلاقى في البرزخ ، فتتجمع فتتحادث فيرسل الله أرواح الأحياء ويمسك أرواح الأموات .
ولقد عقد السيوطي رحمه الله في كتابه " شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور " باب لهذه المسألة وذكر بعض الآثار التي ذكرها ابن القيم - رحمه الله- .
وممن فصل القول في هذه المسألة أيضا الإمام البقاعي رحمه الله في كتاب "سر الروح" مؤيدا ما ذهب إليه ابن القيم رحمه الله ,
وكذلك نعمان الألوسي رحمه الله في كتابه "الآيات البينات في عدم سماع الأموات " حيث قال : (هل تتلاقى أرواح الأحياء وأرواح الأموات؟).
ثم قال: "وجوابها نعم" ثم استدل بالآية السابقة وتفسير ابن عباس لها , ووجه استشهاد هؤلاء العلماء رحمهم الله ،هذه الآية على التقاء الأرواح .
أن النفس الممسكة هي من توفيت وفاة الموت أولا ، والنفس المرسلة من توفيت وفاة النوم ، والمعنى على هذا القول : أنه سبحانه يتوفى نفس الميت فيمسكها ولا يرسلها إلى جسدها قبل يوم القيامة ، ويتوفى نفس النائم ثم يرسلها إلى جسدها إلى بقية أجلها فيتوفاها الوفاة الأخرى , وعلى ذلك يكون معنى قوله تعالى : { فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ } أريد أن من مات قبل ذلك لقيت روحه روح الحي .
لكن ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ليس في هذه الآية دلالة على التقاء أرواح الأحياء والأموات فقال رحمه الله :
والقول الثاني : وعليه الأكثرون أن كلا من النفسين : الممسكة والمرسلة توفيتا وفاة النوم ، وأما التي توفيت وفاة الموت فتلك قسم ثالث وهي التي قدمها بقوله : {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ } وعلى هذا يدل الكتاب والسنة فإن الله قال : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } فذكر إمساك التي قضى عليها الموت من هذه الانفس التي توفاها بالنوم وأما التي توفاها حين موا فتلك لم يصفها بإمساك ولا إرسال ولا ذكر في الآية التقاء الموتى والنيام , وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح أن هذا القول هو اختيار شيخ الإسلام
ثم قال رحمه الله : والذي يترجح هو القول الأول لأنه سبحانه أخبر بوفاتين وفاة كبرى وهي وفاة الموت، ووفاة صغرى وهي وفاة النوم ، وقسم الأرواح قسمين قسما قضي عليها الموت فأمسكها عنده وهي التي توفاها وفاة الموت ، وقسما لها بقية أجل فردها إلى جسدها إلى استكمال أجلها وجعل سبحانه الإمساك والإرسال حكمين للوفاتين المذكورتين أولا.
فهذه ممسكة وهذه مرسلة ، وأخبر أن التي لم تمت هي التي توفاها في منامها فلو كان قد قسم وفاة النوم إلى قسمين وفاة موت ، ووفاة نوم لم يقل : {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا } فإنها من حين قبضت ماتت وهو سبحانه قد أخبر أنها لم تمت فكيف يقول { فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ } ثم قال رحمه الله : ولمن نصر هذا القول ، يعني به القول الثاني ، أن يقول قوله تعالى : { فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ } بعد أن توفاها وفاة النوم فهو سبحانه توفاها وفاة النوم اولا ثم قضى عليها الموت بعد ذلك ,
ثم ذكر ابن القيم رحمه الله نقلاً عن شيخه أن الآية تتناول النوعين فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "والتحقيق أن الآية تتناول النوعين ، فإن الله ذكر توفيتين ، توفي الموت ، وتوفي النوم، وذكر إمساك المتوفاة وإرسال الأخرى ومعلوم أنه يمسك كل ميتة سواء ماتت في النوم أو قبل ذلك ، ويرسل من
لم تمت.
وقوله تعالى : { يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا } يتناول ما ماتت من اليقظة وما ماتت في النوم
فلما ذكر التوفيتين ذكر أنه يمسكها في أحد التوفيتين ويرسلها في الأخرى، وهذا ظاهر اللفظ ومدلوله بلا تكلف .
وما ذكر من التقاء أرواح النيام والموتى لا ينا في ما في الآية ، وليس في لفظها دلالة عليه لكن قوله : { فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ } يقضي أنه يمسكها ولا يرسلها كما يرسل النائمة ، سواء توفاها في اليقظة أو في النوم ولذلك قال النبي " اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها ، لك مماتها ومحياها، فإن أمسكتها فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " فوصفها بأنها في حال توفي النوم إما ممسكة وإما مرسلة هذا ما يتعلق باستدلال العلماء هذه الآية على تلاقي الأرواح ،
أما استدلالهم بالأحاديث فقد ذكر منها ابن القيم - رحمه الله - ما ثبت عنه أنه قال : " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف " .
وقد ذكر القرطبي رحمه الله أنه قيل في معنى هذا الحديث ، تلاقي أرواح النيام والموتى وقيل غير هذا والله أعلم ..
موضوع غاية في الدقة والحساسية...بارك الله فيك أبو فارس.
اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها ، لك مماتها ومحياها، فإن أمسكتها فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين .