(فن الإبيـجـــرامـــــــــا).. تعريف به، ودعوة لإحيائه
(فن الإبيـجـــرامـــــــــا).. تعريف به، ودعوة لإحيائه - (فن الإبيـجـــرامـــــــــا).. تعريف به، ودعوة لإحيائه - (فن الإبيـجـــرامـــــــــا).. تعريف به، ودعوة لإحيائه - (فن الإبيـجـــرامـــــــــا).. تعريف به، ودعوة لإحيائه - (فن الإبيـجـــرامـــــــــا).. تعريف به، ودعوة لإحيائه
"كلمةإبيجراما Epigram كلمة مركبة في اللغة اليونانية القديمة من كلمتين هما epos و graphein، ومعناها: الكتابة على شيء. وفي البداية كانت تعني النقش على الحجر في المقابر، إحياء لذكرى المتوفى، أو تحت تمثال لأحد الشخوص."
"والإبيجراما في النقد الأدبي المقصود بها بصفة عامة القصيدة القصيرة التي تتميز بتركيز العبارة وإيجازها، وكثافة المعنى فيها، فضلا عن اشتمالها على مفارقة، وتكون مدحا أو هجاء أو حكمة.
وقد عرفها الشاعر الرومنسي الإنجليزي كوليردج بقوله:
إنها كيان مكتمل وصغير
جسده الإيجاز، والمفارقة روحه."
"وفي حدود ما أعرف لم يعرض أحد من الأدباء أو الكتاب العرب في الزمن القديم أو الحديث لهذا النوع الأدبي إلا طه حسين، وذلك في مقدمة كتابه "جنة الشوك"..."
"وقد أجمل طه حسين مقومات هذا النوع في القصر، ثم التأنق الشديد في اختيار الألفاظ، بحيث ترتفع عن الألفاظ المبتذلة، دون أن تبلغ رصانة الفحول من الشعراء، وأن يكون المعنى فيه أثرا من آثار العقل والقلب جميعا، وأخيرا أن تكون المقطوعة منه أشبه شيء بالنصل المرهف ذي الطرف الضئيل الحاد، قد رُكِّب في سهم رشيق خفيف، لا يكاد يُنزع عن القوس حتى يبلغ الرمية، ثم ينفذ منها في خفة وسرعة ورشاقة."
"كذلك فإن الإبيجراما في الشعر قد تتشكل أحيانا من جزء من القصيدة، يتمثل في بيتين أو رباعية دون أن يكون لها كيان مستقل.
ومن أمثلة ذلك قول الشاعر الإنجليزي بوب:
"إننا ننظر إلى آبائنا على أنهم أغبياء. وقد كبرنا على هذه الحكمة. ولا شك في أن أبنائنا الأحكم سينظرون إلينا النظرة نفسها".
ولعل هذا ما سمح لطه حسين أن يتمثل في الشعر العباسي على وجه الخصوص شيئا من الإبيجراما، وكان شعراء هذا العصر يكتبون الإبيجراما دون أن يدروا."
"ومن جهة أخرى ليس من الضروري أن تأخذ الإبيجراما الشكل الشعري، فمن الممكن أن تكون في عبارة نثرية كذلك. وقد عرف أوسكار وايلد بحصافته الإبيجرامية التي ينثرها في ثنايا مسرحياته وقصائده وحكاياته وخطاباته ومحادثاته. ومن أمثلة ذلك قوله:
"إن التجربة هي الاسم الذي يخلعه الناس على أخطائهم".
"الإنسان حيوان عاقل، يفقد طبعه دائما عندما يطلب منه أن يسلك وفقا لما يمليه العقل".
كذلك كان الكاتب الأمريكي مارك توين من أشهر من كتبوا الإبيجراما، ومن ذلك ما ورد في إحدى رواياته، حيث يقول:
"قليلة هي الأشياء التي يكون احتمالها أقسى من احتمال ما يحدثه مَثَل جيد من إزعاج."
"وعلى هذا الأساس يمكن أن يقال إننا نستطيع – بوصفنا قراء واعين بهذا النوع الأدبي – أن نستخرج من بعض ما نقرأ من النصوص الأدبية، الشعرية والنثرية، القديمة والحديثة، أمثلة تحقق – على نحو يتفاوت قلة وكثرة – نموذج الإبيجراما..."
".. لم يظفر الأدب العربي بأسره بنماذج تعلن عن وعي أصحابها به وبخصوصيته إلا على يدي طه حسين في كتابه الذي سلف ذكره "جنة الشوك"، والذي أفرده بكتاباته (إملاءاته) التي تحقق – في اعتقاده – نموذج الإبيجراما، والذي قدم له بمقدمة تدل على معرفة كاملة بأصول هذا النوع الأدبي التاريخية وشروطه الفنية. وكل ما هنالك أن طه حسين قدم إبيجراماته في الشكل النثري وليس الشعري."
"ومن نماذج إبيجراماته التي تستوفي – في تصوري – شروط هذا النوع قوله تحت عنوان "توحيد":
"قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: أليس مما يملأ القلوب غبطة والنفوس رضا أن نرى مصر تعمل على توحيد كلمة العرب؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: بلى!
وأدعى من ذلك إلى الغبطة والرضا أن توحد مصر كلمة أبنائها"."
"ولكن اللافت للانتباه في تجربة طه حسين هذه – بوصفها إدخالا واعيا لنوع أدبي بعينه في حقل الكتابة الأدبية – لم تجد من الأدباء – في حياة طه حسين وبعد وفاته – من يستأنفها ويضيف إليها ما يفرد لهذا النوع الأدبي مكانا في أدبنا المعاصر إلى جوار الأنواع الأدبية الأخرى، سوى تجربة قدمها فاروق خورشيد.
وهنا سأسمح لنفسي أن أقرر أنه إذا كان طه حسين قد قدم الإبيجراما النثرية فإنني في هذا الكتاب أعيدها إلى الشكل الشعري، مقدما منها مائة وستا وأربعين إبيجراما سبق أن نشر منها عدد يناهز المائة في بعض المجلات الأدبية، وفي مجلة "إبداع" القاهرية على وجه الخصوص، وذلك منذ منتصف الثمانينيات تقريبا من القرن العشرين."
==============
هذه أجزاء نقلتها – بتصرف بسيط – من مقدمة ديوان عز الدين إسماعيل (رحمه الله) "دمعة للأسى.. دمعة للفرح"، رأيت أنها تعرّف بفن الإبيجراما تعريفا وافيا.
وطبقا لكلام د. عز الدين إسماعيل، فإن الأدب العربي لم يشهد إلا ثلاث تجارب واضحة لكتابة الإبيجراما، هي تجربة طه حسين في كتابه "جنة الشوك"، وتجربة فاروق خورشيد، وتجربة د. عز الدين نفسه في ديوانه المذكور. وفيما عدا ذلك، فهناك الكتابات المتناثرة، التي يكتبها أصحابها، دون وعي بأنها تندرج تحت هذا النوع الأدبي.
أنقل لكم هنا بعض الإبيجرامات التي أعجبتني في ديوان د.عز الدين إسماعيل:
عذاب
- ما زلت تكابد، تشقى، حتى تنزف
أبدا لا تتوقف
لم لا ترتاح؟
- إني أحتمل شقائي
لكني لا أحتمل عذاب الراحة.
حوار
إذا عوى كلب تداعت الكلاب بالعواء
وعندما يصيح ديك تأخذ الديوك في الصياح
وكلما مضى حمار في النهق رجَّعت نهيقه الحمير
(أي حوار ذلك الذي يدور حولنا؟)
البحث
تبحث عن معنى ما تقرأ، ما تسمع
تبحث عن معنى الكائن والمتوقع
تبحث عن معنى ما تبصر أو تسترجع
لكن ما معنى أن تقضي عمرك
بحثًا عن معنى؟
خوف
- أنام لا أود أن أفيق
وإذ أفيق لا أود أن أنام
- أنت إذن بقدر ما تخاف الموت ترهب الحياة
انتظار
وطال العهد بالدنيا وبالأيام..
طال العهد حتى مُلَّ، ضاق بنفسه ذرعا
وبالأيام منتظرا – بال جدوى – مجئ الموت..
صار يظن أن الموت قد ماتا
============
والآن أعود لأقتبس دعوة د. عز الدين إسماعيل:
إننا نستطيع – بوصفنا قراء واعين بهذا النوع الأدبي – أن نستخرج من بعض ما نقرأ من النصوص الأدبية، الشعرية والنثرية، القديمة والحديثة، أمثلة تحقق – على نحو يتفاوت قلة وكثرة – نموذج الإبيجراما...
الله يعطيك العافية ......
نوع جديد من الادب العربي ... أول مرة أسمع به ...ويبدو أنه دخيل على الادب العربي ...ولكن بصراحة لا أجد أنه قد يشكل إضافة ....رغم عدم تخصصي أدبياً ..ولكن دعني أقول كهاوٍ و محب للأدب ..و متذوق أدبياً ...لم أجد فيه هذه النكهة الأدبية الممتعة ....
تحياتي يا د. محمد ...والله يعطيك الف الف عافية ....