عندما تبحث عن معنى كلمة " فضيلة" في أي قاموس، ستقف أمام عدة تعريفات.
مجمل هذه التعريفات ستخبرك بأن الفضيلة تتمثل في طهارة البدن والعقل والروح . وينعكس ذلك في قول الصدق وتجنب إيذاء الناس والبعد عن الرذائل، وقائمة أخرى طويلة .
هذه القائمة الطويلة وضعها الإنسان منذ يومه الأول بحثا عن حياة أكثر نقاء و أسمى هدفا . وهو مايتسق مع حقيقة الإيمان و الأديان التي تدعو كلها إلى الأمر ذاته .
لكن كثيرا ما ألح على رأسي سؤال :
هل يمكن أن يختلف معنى الفضيلة حسب المكان والزمان ؟
للوهلة الأولى أقول مجيبا على نفسي بأن الفضيلة لا تختلف أيا كان زمانها و مكانها .
لكني بعد أن فكرت في الأمر ، ونظرت و قرأت بعض ما نعيشه ، بت أقول بخلاف ذلك .. فالفضيلة تختلف في الزمان والمكان .
قد لا يكون الاختلاف جوهريا، لكنه موجود .
فالصدق فضيلة، سواء أكان الإنسان في باريس أو البرازيل .
لكن قد يكون الأمر مختلفا هنا أو في أي مجتمع عربي آخر .
كيف ذلك ؟
إذا قلنا إن التسهيل على الناس لقضاء حوائجهم يُعد فضيلة، فإن تسهيلا كهذا يُعد تسيبا و خروجا عن النظام .
إذا قلنا إن الستر على المخطئين فضيلة، فإنه في مجتمعنا تأييد للمنكر وتشجيع على الرذيلة، ويجب على من قبض عليه أن يشهر به " واللي مايشتري يتفرج " .
إذا قلنا إن الفضيلة هي محاربة الفساد والوقوف ضد المفسدين، فإنه يُعد في مجتمعنا عصيانا على ولي الأمر.
إذا قلنا إن الفضيلة في محاربة الظلم، فإنه في أدبنا، وكما قال المتنبي، من شيم ضعاف النفوس.
هناك أمثلة كثيرة يمكن أن تساق هنا .. لتؤكد على أن الفضيلة تختلف في الزمان والمكان .
لعلني أقول إن الظاهرة عامة في البلاد العربية، حيث الفضيلة ليست في سيادة القانون، إذ أن ذلك خضوع وضعف، بل هي في الفهلوة والذكاء والاحتيال على القانون.
عليه يجب أن يُعاد النظر في كل تعريف لمعنى الفضيلة تلقيناه في مدارسنا. فقد ثبت أن سقراط كان مخطئا، وأرسطو كان مخطئا، وابن رشد كان مخطئا، وابن حزم، وابن عمي وابن خالتي وأساتذتي كلهم.
فقد ثبت أن سقراط كان مخطئا، وأرسطو كان مخطئا، وابن رشد كان مخطئا، وابن حزم، وابن عمي وابن خالتي وأساتذتي كلهم.
هؤلاء على صواب و نحن من ابتعدنا عن الحقيقة و اصبحنا مخطئين, للاسف الشديد اصبحت الفضيلة في ايامنا هذه هبل و عبط وعكس الفضيلة من دجل واحتيال و نصب هو الشطارة و فهم الدنيا على اصولها وهذا ما نعانيه فعلا في حياتنا العملية فيكاد تقريبا الجزء الاكبر من الاعمال لا يدار الا من خلال الفهلوة الا من رحم ربي طبعا, ولو كنت افضل الموجودين في تخصصك ولكنك لا تمتلك اساليب فهلوتهم لانك طيب الاصل و المعشر و الاخلاق فلن تتقدم خطوة واحدة للامام في مجال سلمك الوظيفي الا اذا عملت مع الغرب الذي و للاسف يقدر معنى الفضيلة اكثر منا. هذه وجهة نظر من معاناة شخصية في الحياة العملية.