في ذكرى الإسراء والمعراج.. القدرة الالهية أوقفت الزمن وطوت المكان خلال الرحلة.. القرآن يؤكد هذه المعجزة
في ذكرى الإسراء والمعراج.. القدرة الالهية أوقفت الزمن وطوت المكان خلال الرحلة.. القرآن يؤكد هذه المعجزة - في ذكرى الإسراء والمعراج.. القدرة الالهية أوقفت الزمن وطوت المكان خلال الرحلة.. القرآن يؤكد هذه المعجزة - في ذكرى الإسراء والمعراج.. القدرة الالهية أوقفت الزمن وطوت المكان خلال الرحلة.. القرآن يؤكد هذه المعجزة - في ذكرى الإسراء والمعراج.. القدرة الالهية أوقفت الزمن وطوت المكان خلال الرحلة.. القرآن يؤكد هذه المعجزة - في ذكرى الإسراء والمعراج.. القدرة الالهية أوقفت الزمن وطوت المكان خلال الرحلة.. القرآن يؤكد هذه المعجزة
لايزال البعض يشكك في حادث الإسراء والمعراج، ويقلل من أهمية هذا الحدث التاريخي وتلك المعجزة الخالدة التي أرادها الله دعماً لرسوله الكريم في ظروف صعبة عاشتها الدعوة الإسلامية بسبب قسوة مشركي قريش .
هؤلاء المشككون لم يقرؤوا القرآن الكريم حق القراءة ولم يقفوا على الأحاديث النبوية الواردة في كتب السنة النبوية الصحيحة التي تسجل هذا الحدث، ولم يدركوا أن كتاب الله الخالد يدحض بكلمات بليغة وعبارات واضحة وحاسمة دعاوى المشككين في معجزة الإسراء والمعراج في كل عصر .
ونحن نعيش في رحاب هذه الذكرى علينا أن نتذكر ما أخبرنا به القرآن وما نقله الرواة الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسراء والمعراج، وأن نسأل العلماء: هل كان الإسراء برسول الله من البيت الحرام بالروح فقط كما يردد البعض؟ أم كان بالجسد والروح؟ وهل كان في اليقظة أم في المنام؟ وما الذي نخرج به من الإسراء والمعراج من دروس وعبر؟
المفكر الإسلامي والمفسر العلمي للقرآن، د .زغلول النجار، رئيس لجنة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر، طاف في كتب التفاسير المعتبرة ونقل لنا منها ما يؤكده القرآن وسجلته الأحاديث النبوية الصحيحة . . فقال: يروي بعض مؤرخي السيرة النبوية الشريفة أنه في يوم 27 من شهر رجب من السنة السابقة على هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي في حدود سنة 620م) طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حول الكعبة ليلاً وحيداً، ثم رجع إلى بيته وأوى إلى فراشه، وعند منتصف الليل جاءه جبريل عليه السلام وأخبره بأن الله سبحانه وتعالى يدعوه إلى السماء .
إلى سدرة المنتهى
تحرك الركب الكريم على البراق من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وصلى رسول الله ركعات في بيت المقدس ومعه الملائكة الكرام، ثم عرج به عبر السموات السبع حتى وصل إلى سدرة المنتهى، وهناك شاهد جنة المأوى، وراح يصعد حتى وقف بين يدي رحمن الدنيا والآخرة وسجد صلى الله عليه وسلم قائلاً: التحيات المباركات والصلوات الطيبات لله، فرد الحق عز وجل قائلا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فردت الملائكة على هذه التحية الربانية قائلة: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .
وقد جعلت هذه التحية بداية التشهد الذي يردده المسلمون في صلواتهم التي فرضها الله تعالى عليهم في هذا الموقف العظيم، وأوحى الله تعالى إلى خاتم أنبيائه ورسله ما أوحى، وكان من ذلك الصلاة المفروضة على المسلمين، كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة المباركة من آيات ربه الكبرى ما لم يفصح القرآن الكريم عن تفصيله، وإن ذكرت السنة النبوية المطهرة بعضاً منه .
وبعد رحلة التكريم الإلهي تلك، عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، حيث صلى بأنبياء الله ورسله إماماً، ثم عاد إلى مكة المكرمة ليجد فراشه لا يزال دافئاً، حيث أوقف الله تعالى له الزمن وطوى المكان، وعندما جاء الصباح حدث النبي صلى الله عليه وسلم بأخبار رحلته وذهب بها المشركون إلى أبي بكر رضي الله عنه فكان أول المصدقين بها، ومن هنا سمي باسم الصديق لقوله: إن كان قال ذلك فقد صدق، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك . لم نعهد عليه كذباً . ولكن المشركين ظلوا يتناقلون الخبر في سخرية وتعجب، وتحدى بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه الله تعالى له، وأخذ يصفه لهم وصفاً تفصيلياً، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ لما كذبتني قريش قمت في الحجر، فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه” .
وفي صبيحة ليلة الإسراء جاء جبريل عليه السلام ليعلم رسول الله كيفية الصلاة وأوقاتها، وكان صلى الله عليه وسلم قبل مشروعية الصلاة يصلي ركعتين صباحا ومثليهما مساء كما كان يفعل إبراهيم عليه السلام وفي ذلك يروي أصحاب السنن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: “جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصلّ الظهر حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر فقال: قم يا محمد فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه فقال: قم فصل المغرب، فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا غاب الشفق جاءه فقال: قم فصل العشاء، فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح فقال: قم يا محمد فصل الصبح . وقد بين هذا الحديث أول كل وقت”، وله بقية اشتملت على بيان نهاية الوقت، ومن تلك البقية أنه جاءه في اليوم التالي، وأمره بصلاة الظهر حين بلغ ظل كل شيء مثله، وأمره بصلاة العصر حين بلغ ظل كل شيء مثليه، وأمره بصلاة المغرب في وقتها الأول، وأمره بصلاة العشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، وأمره بصلاة الصبح حين أسفر جدا، ثم قال له: ما بين هذين وقت كله .
القرآن يصف الرحلة المباركة
الله سبحانه وتعالى لم يترك أمر هذه الرحلة المباركة مادة للجدال والسخرية من جانب مشركي قريش فوصفها وصفاً دقيقاً في قوله عز وجل: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير” .
والمعنى الذي ترشدنا إليه هذه الآية القرآنية بوضوح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أسري به سير به في جزء من الليل من المسجد الحرام الذي هو في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى الذي هو في فلسطين، والمسافة الطبيعية بين المسجدين كان يقطعها الراكب للإبل في مدة شهر أو أكثر .
وقد وصف المسجد ب”الأقصى” أي “الأبعد” لأنه أبعد المساجد التي تشد إليها الرحال بالنسبة إلى المسجد الحرام .
وقال بعض المفسرين إن الإسراء كان من بيت أم هانئ بنت أبي طالب وهنا يكون الإسراء أيضاً من المسجد الحرام حيث كان بيتها في محيط البيت العتيق، أي بالقرب منه .
وقوله سبحانه: “الذي باركنا حوله” صفة مدح للمسجد الأقصى، حيث أحاطه الله بالبركات الدينية والدنيوية .
أما البركات الدينية كما يقول العالم الأزهري د .أحمد عمر هاشم، أستاذ السنة النبوية، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر فمن مظاهرها أن الأرض المحيطة بالمسجد الأقصى قد جعلها الله سبحانه وتعالى مقراً لكثير من الأنبياء كإبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى .
أما البركات الدنيوية فمن مظاهرها كثرة الأنهار والأشجار والثمار والزروع في تلك الأماكن .
وقوله سبحانه “لنريه من آياتنا” توضيح للحكمة التي من أجلها أسري برسول الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى . . أي أسرينا بعبدنا محمد ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، ثم عرجنا به أي صعدنا به إلى السموات العلا، لنطلعه على آياتنا، وعلى عجائب قدرتنا، التي من بينها مشاهدته أنبياءنا الكرام، ورؤيته لما نريد أن يراه من عجائب وغرائب هذا الكون .
يقول د .هاشم: لقد وردت أحاديث نبوية صحيحة تنقل لنا بعض مشاهدات رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة المباركة، ومن ذلك ما رواه البخاري عن أنس بن مالك أن رسول الله قال: “ . . .ووجدت في السماء الدنيا آدم فقال لي جبريل: هذا أبوك فسلم عليه فسلمت عليه ورد عليّ آدم السلام فقال: مرحبا وأهلا بابني فنعم الابن أنت . . . .” .
وفي رواية للإمام أحمد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لما عرج بي ربي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم . . .” .
بالروح والجسد
وهنا يؤكد د .هاشم أن القرآن الكريم سجل لنا هذه الرحلة التاريخية المعجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كما نقلها لنا القرآن الكريم رحلة حقيقية، فإسراء الرسول من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومعراجه إلى السماوات العلا ثابت وفقا لما سجله القرآن في آيات سورة النجم، ولا يجوز لأحد أن يشكك في هذه الرحلة المباركة، وهي وإن كانت مدهشة لعقول البعض، فهي ليست خارج نطاق القدرة الإلهية .
ووفقاً لكلمات وأوصاف القرآن فقد تم هذا الإسراء بالروح والجسد، وليس بالروح فقط، كما قال البعض . فالحادث في نطاق القدرة الإلهية وقد صدّر القرآن وصف الرحلة المباركة بكلمة “سبحان” وتسبيح الخالق القادر لا يكون إلا عند ذكر الأمور العظيمة التي تتجلى فيها قدرته وعظمته . كما أنه سبحانه وتعالى أوضح الهدف من الرحلة بقوله “لنريه من آياتنا”، والرؤية للعبرة والاتعاظ والوقوف على القدرة لا تكون إلا في اليقظة . . وإذا كان هناك حديث صحيح يشير إلى أن هذه الرحلة قد وقعت مناماً، فهناك أحاديث أخرى صحيحة تؤكد أنها وقعت في اليقظة، وقد وفق العلماء بين هذه الأحاديث بقولهم: إن رسول الله قد شاهد بعض هذه الرحلة مناما ولما دهش مما شاهده أكد له خالقه أنه لا شيء يفوق قدرته، فكانت الرحلة في اليقظة تثبيتاً لفؤاد النبي، عليه الصلاة والسلام .
في ذكري الإسراء والمعراج: وحدة الأمة ونبذ الفرقة.. السبيل لنصرة المسجد الأقصي
أيام قليلة وتهل علينا ذكري الإسراء والمعراج التي كانت بمثابة تكريم للنبي صلي الله عليه وسلم وتفريجا لكربه بعد شدة إيذاء الكفار له وبعد وفاة زوجته وعمه أبو طالب, وفي الوقت الذي يتعرض فيه مسري رسول الله صلي الله عليه وسلم, إلي اعتداءات صهيونية متكررة, طالب علماء الدين بضرورة أن يكون احتفالنا بالعمل والجد وتوحيد الكلمة ونبذ الفرقة من أجل تحرير المسجد الأقصي الأسير في يد العدو الصهيوني الغاشم.
ويوضح الدكتور عبد الغفار هلال, الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية, أن رحلة الإسراء والمعراج هي تكريم للنبي صلي الله عليه وسلم وبيان لفضله لأنه في ذلك الوقت قد اجتمع عليه الأذي بعد وفاة زوجته السيدة خديجة ووفاة عمه, فكان صلي الله عليه وسلم في حاجة إلي النصرة الإلهية ولم يكن أعظم نصرا له من صعوده إلي الملأ الأعلي وكأن السماء تريد أن تقول للأرض إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد فهذه الرحلة بمثابة إعلان, مؤكدا أن للكون خالقا يدافع عن رسله, والذين آمنوا وكأنه يقول إنك يا محمد في كنف الرعاية والعناية الإلهية وأنه لن يضرك شيء وإن اجتمع عليك الكافرون وإن حاولوا إيذائك فلن يصلوا إلي غرضهم وكأن هذه الرحلة الربانية تأييد ونصر لدينه وشريعته علي الأرض وهي فوق أية قوة مهما تكن قدرتها, ولقد فرضت في هذه الرحلة الصلاة التي هي عنوان هذا الدين, بحيث إذا قامت قام الدين فكانت الصلاة عنوانا لتحقيق انتصار الإسلام ونشره عند الناس وكانت الرحلة دليلا علي قرب المصطفي من ربه إذ وصل إلي منزله لم يصل إليها ملك مقرب ولا نبي مرسل فلم يحدث لنبي غيره أن لقي ربه ذلك اللقاء المعجز بقطعه المسافات التي لا تقطع إلا في مليارات السنين في جزء صغير من الليل, كما قال تعالي سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير وكانت الرحلة عنوانا للنصر وعنوانا للقرب ودليلا علي أن هذا الدين لن يقف في طريقه أي عائق حيث قال تعالي: هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون.
وحول الدروس والعبر المستفادة من تلك الذكري العطرة قال الدكتور عبد الغفار هلال: إن الاعتماد علي الله أساس النجاح في العمل وأن الاتجاه إلي الله هو سبيل المظلومين وهذا الاتجاه يكون بالعمل وليس بمجرد الرجاء, وعلي المؤمن أن يراقب مولاه في عمله وفيما يفعله في حياته وألا يفعل إلا ما فيه طاعة لله ولا يأتي المحرمات أو ما يغضب الله, وان يعلم الجميع أن المسجد الأقصي هو بيت الله فهو ثالث الحرمين, وهو مكان البركة كما قال والذي باركنا حوله وليس معني حوله أن البركة علي مكان المسجد الأقصي بل البركة تعم المنطقة كلها ومن ثم لا يجوز التفريط في تحريره يجب تخليصه من براثن الاحتلال الصهيوني وكل مسلم مسئول مسئولية مباشرة عن تحرير المسجد الأقصي وإعادته إلي حضن الأمة الإسلامية.
من جانبه أكد الدكتور محمد الدسوقي, الأستاذ بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة, أن رحلة الإسراء والمعراج كلها دروس لو أن الأمة انتفعت بها كما ينبغي أن يكون الانتفاع لعم الخير الوفير لذلك.
وحول كيفية الاحتفال بهذه الليلة المباركة قال إنه يجب عدم الاكتفاء ببعض الخطب المنبرية والأحاديث الإذاعية والمقالات الصحفية إنما ينبغي أن ندرك أولا أن رحلة الإسراء والمعراج كانت صورة معبرة عن الارتباط الوثيق بين المسجد الحرام والمسجد الأقصي, حيث كان الأقصي هو القبلة الأولي لنحو16 شهرا ثم تحول المسلمون بعد ذلك إلي المسجد الحرام وهذا يعني أننا إذا كنا نحافظ علي المسجد الحرام وندافع عنه بكل القدرات فالأولي أيضا أن ندافع عن المسجد الأقصي من الصهيونية التي تخطط تخطيطا إجراميا من أجل القضاء علي المسجد ومدينة القدس وآثارها الإسلامية, ولا يكفي هنا الشجب والمظاهرات وحتي اللجوء إلي الأمم المتحدة فكل هذا لا يقيم له اليهود وزنا, وليس هناك من سبيل لحماية القدس مسجدا ومدينة إلا بجمع كلمة الأمة وإعداد القوة اللازمة لأن ما أخذ بالقوة لن يسترد بغير القوة, وإن لم نبدأ من الآن بالتخطيط العلمي للتعاون العسكري الكامل و الاستعداد لمواجهة الغطرسة الصهيونية, فإن اليهود علي المدي القصير سيحققون مأربهم العدوانية في هدم المسجد وبناء الهيكل المزعوم وأنا أقدر أن المواجهة العسكرية سيكون لها أبعاد خطيرة علي مستوي العالم الإسلامي ولكنه أمر لا مفر منه, فعلي العالم الإسلامي أن يتناسي مشكلاته الداخلية وخلافاته الحدودية وأن تجتمع كلمة الأمة لتحرير المسجد الأقصي.
د. حامد محمد شعبان
الإسراء والمعراج لم يكونا إلا تكريما ربانيا لا نظير له لمحمد صلي الله عليه وسلم, ومع التكريم العظيم توجيه رشيد, يضع بذور المستقبل, وتربية سامية تزكي الخلق, وتلهب الكفاح, وتنشر الأمن والخير والعدل والطهر والسلام, وتقدم جرعات مخلصة من فيض الإيمان, ونفحات مباركة من نور التقوي والعمل الصالح.
لقد مات أبو طالب عم الرسول صلي الله عليه وسلم, الذي كان يحميه من بطش المشركين الظالمين, وماتت زوجته خديجة التي كانت خير سند وخير عون وسكن, يداوي ما يلقاه من الأذي... وإيذاء الكفار للمسلمين, وتعرض الرسول لعواصف عاتية من البغضاء والافتراء والجحود والنكران, والبغي فخرج المصطفي صلي الله عليه وسلم إلي الطائف يدعو إلي الإسلام, فسلط الكفار سفاءهم يسبونه ويرمونه بالحجارة, ولم يكن أمامه إلا الله سبحانه, يرفع أمره إليه, ويشكو ظلم أهل الأرض ويقول: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي, وقلة حيلتي, وهواني علي الناس. يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين. وأنت ربي إلي من تكلني.. وعاد الرسول إلي مكة, منتظرا المدد والفرج, واستجابت السماء, وجاء المدد من ربه الذي لجأ إلي نور وجهه بالإسراء والمعراج, حيث أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي, بقوة الله سبحانه وقدرته في ليلة واحدة, وذلك أنه ركب البراق يشق عنان السماء في رحلة عجيبة, بدأت من المسجد الحرام بمكة إلي المسجد الأقصي بالقدس, ثم كان المعراج عقب هذه الرحلة, ليرتفع في طباق السموات حتي الوصول إلي مستوي تنقطع عنده علوم الخلائق, ولا يعرف كنهه أحد, فقد صعد إلي السماء السابعة, وإلي سدرة المنتهي, وعاد بعد رؤية آيات الله وتكريمه له إلي المسجد الحرام بمكة.
إن الرحلة المباركة, وما فيها من فتح أبواب السماء, وتدفق النفحات, ورؤية الآيات العظيمة لله, والاحتفال المجيد بالرسول صلي الله عليه وسلم, وإجلال منزلته الرفيعة تؤكد أنه إذا كان أهل الأرض قد تخلوا عنه, فإن ربه قد احتفل به في ملكوت السماء احتفالا لا مثيل له, علي الرغم من الشدائد والمشقات التي عاني من قسوتها, لأن المولي عز وجل دائما مع الذين اتقوا والذين هم محسنون, يكرم المناضلين المخلصين الصابرين, وهو يود أن يطمئن الرسول الكريم, ويدرك أن عناية الله معه, وأن نصيبه من رضوانه جزيل عظيم, أما مكانته فقد فاقت البشرية كلها, وتقدمتها إلي تفضيل لم يعطه الله سبحانه أحدا من خلقه, إنه بين الأنبياء والرسل معظم مميز, الكل يرحب به ويشهد له بالصلاح, حين جمعهم الله, ليستقبلوه, ويصلي بهم إماما, مؤكدا أن رسالته تحفظ وحدة دينية سامية, تقوم علي احترام المباديء المشتركة, وتصون تعاليم الهدي, ان الجمع بين المسجد الحرام والمسجد الأقصي يعني دعم الوحدة بين المسلمين, ويطالب بتحرير المسجد الأقصي من أيدي الصهاينة الغاصبين.
والواقع أن الاسراء والمعراج درس رائع للمناضلين والمخلصين, فإن الله ينصر من ينصره, ويعز جنده, ويهزم الظالمين, والمطلوب من المناضلين المجاهدين في سبيل الحق أن يثبتوا, وأن يعلموا أن صلابة يقينهم وروعة نضالهم دعائم لا يستهان بقوتها, فالعاقبة لهم, ولهم في رسول الله أسوة حسنة, لقد رأي من الآيات ما يذهب عنه الضيق والحزن, وخلال المعراج رأي الجنة ورأي النار وما فيهما, ومنحه ربه أشياء فوق مقدور عقول البشر, وفوق مقدور تصور البشرية كلها, ورأي الآية الكبري في السماء, وهي المرحلة الأخيرة للمعراج, التي لم يقدر عليها جبريل, ولا أحد من الملائكة, وانفرد الرسول بها, ثم فرضت الصلاة, وهي أعظم هدية نالها في الرحلة المباركة, فهي الصلة بين السماء والأرض, تربط العبد بربه, وتقدم له الفلاح والرشاد والطهر, ومنهج البناء السليم الشامخ الذي يتضمن كل معاني الصحة والسلامة والفوز, وينهي عن الفحشاء والمنكر, ويجمع أحكام الدين كله, ويقرر أنها إن صلحت صلح الدين كله, ولم يقف الأمر عند هذا الحد, فالمشاهد التي رآها الرسول فيها الكثير من التوجيه والعبر والتربية الرائعة, والمجال لا يتسع لذكرها, وحسبنا أن نشير إلي أنها ترفع منزلة المجاهدين في سبيل الله, وتحذر المتكاسلين عن الصلاة وخطباء الفتنة الذين يقولون ما لا يفعلون.
أما الحلال والحرام, فما شاهده المصطفي يدل علي أن الحلال طيب طاهر, وأن الحرام فتن ؟ أما الاخلاق, فهي الفضائل والمكارم والمحاسن, تدعو إلي الإيمان والتقوي, والعمل الصالح, وهل هناك أطيب وأحسن من ذلك؟!.
فسلام علي الإسراء والمعراج, وعلي المصطفي الهادي المبشر النذير, الداعي إلي الله بإذنه والسراج المنير, وعلي الصلاة التي فرضت, سبيل الفلاح, وزينة التقوي والصلاح.
مظاهر البركة حول الأقصى قد يخطيء بعض الناس في فهم البركة فيما حول المسجد الأقصى، فيقصرها على البركة الزراعية فهي الأرض التي تدر لبناً وعسلاً. صحيح أن هذه البركة موجودة لكنها بركة من بركات كثيرة، ومظهر من مظاهر البركة العديدة :
فهي مباركة بركة إيمانية، فللإيمان فيها وجود راسخ ثابت أصيل، قبل إبراهيم عليه السلام وبعده، وهي بلاد نبوات ورسالات، وهي مباركة بركة إيمانية قديمة ومعاصرة ومستقبلية، فتاريخها الأصيل هو تاريخ للإسلام والإيمان والعبودية لله.
وهي مباركة بركة جهادية حضارية حركية، فعليها كان يسجل التاريخ الإيماني منعطفاته الخطيرة وأحداثه العظيمة، وعليها كان يسجل التاريخ الجاهلي هزائمه ونكساته وزواله. التاريخ عليها حي فاعل متحرك لا يتوقف، وتُقدم أعوامه وشهوره وأيامه مفاجآت عجيبة وأحداثاً خطيرة ومعارك فاصلة، وزوال دول وأنظمة وولادة أخرى. عليها قُصم الرومان والفرس والصليبيون والتتار، وعليها سيقصم الله اليهود ويدمر كيانهم، وعليها سيقتل الله المسيح الدجال وعليها سيبيد الله جحافل يأجوج ومأجوج.
وهي مباركة بركة سياسية، فهي أرض الإبتلاء والإمتحان، وهي أرض الكشف والفضح، هي التي تكشف الخونة، وتفضح العملاء والرايات والشعارات والدعوات.
سر الربط بين المسجدين : ربطت سورة الإسراء ربطاً دقيقاً بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهناك سر بديع لطيف للربط بين المسجدين، فمن بعض حِكم هذا الربط :
1- المسجد الأقصى وما حوله شهد وجود رسالات سابقة، منها اليهودية والنصرانية، كان أصحابها هم الخلفاء على الناس، والأمناء على الدين والإيمان، والوارثين للأرض المباركة. والمسجد الحرام شهد بداية الرسالة الجديدة الخاتمة، وولادة الأمة الإسلامية أمة الخلافة والوراثة والأمانة. فبما أن الأمة الجديدة تقيم حول المسجد الحرام، فلا بد لها كي تحقق خلافتها وأمانتها على البشرية من أن تتملك ما حول المسجد الأقصى، وأن ترثه هي من الذين يقيمون حوله.
2 – أن السورة تريد من المسلمين أن يُحسنوا النظر للمسجد الأقصى وما حوله فهو مبارك ومقدس كبركة وقدسية المسجد الحرام وما حوله.
3 – تحذير المسلمين من المؤامرات المعادية ضد المسجدين، ومن أطماع الأعداء الكافرين في المسجدين، وأن الخطر الذي يتهدد المسجد الأقصى، هو الخطر الذي يتهدد المسجد الحرام. فلما أخذ الصليبيون الأقصى وما حوله، واستقروا فيه، توجهت أنظارهم وبرامجهم ومطامعهم نحو المسجد النبوي في المدينة المنورة، والمسجد الحرام في مكة المكرمة، فقام ” أرناط ، ملك الكرك الصليبي، بعدة محاولات لاحتلال بلاد الحجاز، كادت تنجح لولا أن الله هيأ لهذه الأمة صلاح الدين الأيوبي.
4 – أن السورة تقدم للمسلمين المستضعفين في مكة المحاربين هناك بشرى ربانية، بالفرج والنصر والتمكين، فستنتهي تلك المرحلة الحرجة التي يعيشونها في مكة، وسيكتب الله لهم التمكين، فيفتحون البلاد، ويصلون للمسجد والأرض المباركة، متابعين خطى رسولهم صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، ويفتحون تلك البلاد، ويقيمون عليها حكم الله، ويعيدون تشييد المسجد الأقصى وبناءه. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان ممهداً لفتح بلاد الشام، وكان إسراؤه إلى المسجد الأقصى إرهاصاً ربانياً بفتح المسلمين الحقيقي القادم لهذه الأرض.
فكان عبد الله بن مسعود - فيما بلغني عنه - يقول :
أُتي رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحُمل عليها الأنبياء قبله ، تضع حافرها في منتهى طرفها - فحُمل عليها ، ثم خرج به صاحبه ، يرى الآيات فيما بين السماء والأرض ، حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمُعوا له ، فصلى بهم . ثم أُتي بثلاثة آنية ، إناء فيه لبن ، وإناء فيه خمر ، وإناء فيه ماء . قال : فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فسمعت قائلا يقول حين عُرضت علي : إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته ، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته ، وإن أخذ اللبن هُدي وهديت أمته . قال : فأخذت إناء اللبن ، فشربت منه ، فقال لي جبريل : هُديت وهديت أمتك يا محمد .
.رواية الحسن عن مسراه صلى الله عليه و سلم :
قال ابن إسحاق : وحُدثت عن الحسن أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : بينا أنا نائم في الحجر ، إذ جاءني جبريل ، فهمزني بقدمه ، فجلست فلم أر شيئا ، فعدت إلى مضجعي ، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه ، فجلست ولم أر شيئا ، فعدت إلى مضجعي ، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه ، فجلست ، فأخذ بعضدي ، فقمت معه ، فخرج بي إلى باب المسجد ، فإذا دابة أبيض ، بين البغل والحمار ، في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه ، يضع يده في منتهى طرفه ، فحملني عليه ، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته .
وقال الحسن في حديثه : فمضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ومضى جبريل معه ، حتى انتهى به إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء ، فأمهم رسول الله فصلى بهم ، ثم أُتي بإناءين ، في أحدهما خمر ، وفي الآخر لبن . قال : فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إناء اللبن ، فشرب منه ، وترك إناء الخمر . قال : فقال له جبريل : هديت للفطرة ، وهديت أمتك يا محمد ، وحرمت عليكم الخمر . ثم انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى مكة ، فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر . فقال أكثر الناس : هذا والله الإمْر البين ، والله إن العير لتطرد ، شهرا من مكة إلى الشام مدبرة ، وشهرا مقبلة ، أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ، ويرجع إلى مكة ! قال : فارتد كثير ممن كان أسلم ، وذهب الناس إلى أبي بكر ، فقالوا له : هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة . قال : فقال لهم أبو بكر : إنكم تكذبون عليه ؛ فقالوا : بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ؛ فقال أبو بكر : والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يُعجبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ، فهذا أبعد مما تعجبون منه ، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ قال : نعم ؛ قال : يا نبي الله ، فصفه لي ، فإني قد جئته - قال الحسن : فقال رسول الله : فرُفع لي حتى نظرت إليه - فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصفه لأبي بكر ، ويقول أبو بكر : صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، كلما وصف له منه شيئا ، قال : صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، حتى إذا انتهى ، قال رسول الله لأبي بكر : وأنت يا أبا بكر الصديق ؛ فيومئذ سماه الصديق . قال الحسن : وأنزل الله فيمن ارتد عن إسلامه لذلك : ( وما جعلْنا الرُؤْيا التي أريْناك إلا فتْنة للناس والشجرة الْملْعُونة في الْقُرْآن ونُخوفُهُمْ فما يزيدُهُمْ إلا طُغْيانا كبيرا(60) ) .
. رواية عائشة عن مسراه صلى الله عليه و سلم:
قال ابن إسحاق : حدثني بعض آل أبي بكر : أن عائشة زوجة النبي كانت تقول : ما فُقد جسد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ولكن الله أسرى بروحه .
. رواية معاوية عن مسراه صلى الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق : وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس : أن معاوية بن أبي سفيان ، كان إذا سئل عن مسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قال : كانت رؤيا من الله صادقة .
(قصة المعراج)
الرسول يصعد إلى السماء الأولى ( حديث الخدري عن المعراج )
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري أنه قال : سمعت رسول الله يقول : لما فرغت مما كان في بيت المقدس ، أُتي بالمعراج ، ولم أر شيئا قط أحسن منه ، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حُضر ، فأصعدني صاحبي فيه ، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء ، يقال له : باب الحفظة ، عليه ملك من الملائكة ، يقال له : إسماعيل ، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك ، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك - قال : يقول رسول الله حين حدث بهذا الحديث : وما يعلم جنود ربك إلا هو - فلما دُخل بي ، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد . قال : أوقد بعث ؟ قال : نعم . قال : فدعا لي بخير ، وقاله .
. صفة مالك خازن النار
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله ، أنه قال : تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا ، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا ، يقول خيرا ويدعو به ، حتى لقيني ملك من الملائكة ، فقال مثل ما قالوا ، ودعا بمثل ما دعوا به ، إلا أنه لم يضحك ، ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره ، فقلت لجبريل : يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي ، ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم ؟ قال : فقال لي جبريل : أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك ، أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك ، لضحك إليك ، ولكنه لا يضحك ، هذا مالك صاحب النار .
. من صفات جهنم
فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : فقلت لجبريل ، وهو من الله بالمكان الذي وصف لكم ( مطاع ثم أمين ) : ألا تأمره أن يُريني النار ؟ فقال : بلى ، يا مالك ، أر محمدا النار . قال : فكشف عنها غطاءها ، فقال : ففارت وارتفعت ، حتى ظننت لتأخذن ما أرى . قال : فقلت لجبريل : يا جبريل ، مُرْه فليردها إلى مكانها . قال : فأمره ، فقال لها : اخبي ، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه . فما شبهت رجوعها إلا وقوع الظل . حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد عليها غطاءها .
. عرض الأرواح على آدم
و قال أبو سعيد الخدري في حديثه : إن رسول الله قال : لما دخلت السماء الدنيا ، رأيت بها رجلا جالسا تُعرض عليه أرواح بني آدم ، فيقول لبعضها إذا عُرضت عليه خيرا ويُسر به ، ويقول : روح طيبة خرجت من جسد طيب ؛ ويقول لبعضها إذا عُرضت عليه : أف ، ويعبس بوجهه ويقول : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث . قال : قلت : من هذا جبريل ؟ قال : هذا أبوك آدم ، تعرض عليه أرواح ذريته ، فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها . وقال : روح طيبة خرجت من جسد طيب . وإذا مرت به روح الكافر منهم أفف منها وكرهها ، وساءه ذلك ، وقال : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث .
. صفة أكلة أموال اليتامى ظلما
قال : ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل ، في أيديهم قطع من نار كالأفهار ، يقذفونها في أفواههم ، فتخرج من أدبارهم . فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة أمول اليتامى ظلما .
. صفة أكلة الربا
قال : ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون ، يمرون عليهم كالإبل المهيومة حين يُعرضون على النار ، يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا .
. صفة الزناة من بني آدم
قال : ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثـمين طيب ، إلى جنبه لحم غث منتن ، يأكلون من الغث المنتن ، ويتركون السمين الطيب . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء ، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن .
. صفة من نسبت ابنا لزوجها من غيره
قال : ثم رأيت نساء معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم .
قال ابن إسحاق : وحدثني جعفر بن عمرو ، عن القاسم بن محمد أن رسول الله ، قال : اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم ، فأكل حرائبهم ، واطلع على عوراتهم .
( تفاصيل صعود النبي في السموات وفق المصادر الإسلامية)
ثم رجع إلى حديث أبي سعيد الخدري ، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثانية ، فإذا فيها ابنا الخالة : عيسى بن مريم ، ويحيى بن زكريا ، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثالثة ، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك يوسف ابن يعقوب . قال : ثم أصعدني إلى السماء الرابعة ، فإذا فيها رجل فسألته : من هو ؟ قال : هذا إدريس - قال : يقول رسول الله : ورفعناه مكانا عليا - قال : ثم أصعدني إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية ، عظيم العثنون ، لم أر كهلا أجمل منه ؛ قالت : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبب في قومه هارون بن عمران . قال : ثم أصعدني إلى السماء السادسة ، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى ، كأنه من رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران . ثم أصعدني إلى السماء السابعة ، فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة . لم أر رجلا أشبه بصاحبكم ، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم . قال : ثم دخل بي الجنة ، فرأيت فيها جارية لعساء ، فسألتها : لمن أنت ؟ وقد أعجبتني حين رأيتها ؛ فقالت : لزيد بن حارثة ، فبشر بها رسول الله زيد بن حارثة .
( الرواية الإسلامية لفرض الصلاة في نهاية الرحلة)
قال ابن إسحاق : ومن حديث عبد الله بن مسعود ، عن النبي ، فيما بلغني : أن جبريل لم يصعد به إلى سماء من السماوات إلا قالوا له حين يستأذن في دخولها : من هذا يا جبريل ؟ فيقول : محمد ؛ فيقولون : أوقد بعث إليه ؟ فيقول : نعم ؛ فيقولون : حياه الله من أخ وصاحب ! حتى انتهى به إلى السماء السابعة ، ثم انتهى به إلى ربه ، ففرض عليه خمسين صلاة في كل يوم . موسى بن عمران يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام سؤال ربه التخفيف عن أمته في أمر الصلاة قال : قال رسول الله : فأقبلت راجعا ، فلما مررت بموسى بن عمران ، ونعم الصاحب كان لكم ، سألني كم فُرض عليك من الصلاة ؟ فقلت : خمسين صلاة كل يوم ؛ فقال : إن الصلاة ثقيلة ، وإن أمتك ضعيفة ، فارجع إلى ربك ، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت فسألت ربي أن يخفف عني وعن أمتي ، فوضع عني عشرا . ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك ؛ فرجعت فسألت ربي ، أن يخفف عني وعن أمتي ، فوضع عني عشرا . ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك ؛ فرجعت فسألت ربي ، فوضع عني عشرا . ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك ، كلما رجعت إليه ، قال : فارجع فاسأل ربك ، حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني ، إلا خمس صلوات في كل يوم وليلة . ثم رجعت إلى موسى ، فقال لي مثل ذلك ، فقلت : قد راجعت ربي وسألته ، حتى استحييت منه ، فما أنا بفاعل .
فمن أداهن منكم إيمانا بهن ، واحتسابا لهن ، كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة
اخوتي في الله تلك كانت قصة اسراء ومعراج خير البشر نبي الرحمة محمد -صلى الله عليه وسلم - هذه القصة مأخوذة من كتاب السيرة النبوية لابن هشام فارجو ان تكونوا استفدتم من القصة ولا تنسوا ان تدعو لي بدعوة في سهام الليل .
( سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى )
سبحان الله وبحمد سبحان الله العظيم
فعلا قصة الاسراء والمعراج لها وقع عظيم في قلوب اتباع النبي صلوات الله عليه
وكانت هذه الرحلة بمثابة تكريم لسيد الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
الا ان البعض تجده يخالف الرسول وصحبه في ذكرى هذه الليلة فتجدهم يخصون هذه الليلة بالذكر
دونما باقي الايام ويقيمون الحفلات والدروشة والاحتفالات وهذا كله لم يرد عن رسول الله ولا عن اتباعه واصحابه
حيث انهم اشد حبا للرسول منا ولم يفعلوا ذلك !!
قال ابن إسحاق : حدثني بعض آل أبي بكر : أن عائشة زوجة النبي كانت تقول : ما فُقد جسد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ولكن الله أسرى بروحه .
السلام عليكم
خطبتي اليوم عن الاسراء والمعراج
وان شاء الله ساعود للموضوع لانه هناك بعض الامور يجب ان توضح
فالاسراء كان بالروح والجسد لقول الله عزوجل
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
إبراهيم قال لابنه: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ .
وهناك فرق بين اسرى بعبده
وبين اني ارى في المنام
ساعود لتوضيح هذه المسالة
وللحديث عن الدروس والعبر من الاسراء والمعراج
احسن الله اليكم