جرت العادة أن يفرض المضيف أسلوب الضيافة على الضيف، ولكن وكما ذكرت في التقديم للمباراة، أن كرة القدم لا تقف كثيرا عند حدود المنطق، لا في التوقعات، ولا في النتائج، فسرعان ما وضعت الجوقة الخضراء، المضيف في أجواء موسيقاها، متيحة للجمهور فرصة نادرة، من التمتع بالإيقاعات اللحنية، التي تداول عزفها نخبة من كبار العازفين، يقودهم مايسترو أقل ما يقال عنه، أنه ملهم، يعرف ما يطرب وما يشجي في آن.
وبمهنية عالية تمكنت أنغام تلاميذ عدنان حمد من بسط أجوائها، على الأمسية، وراح أبو عمارة عازف الايقاعات الأول، يمارس هوايته في الاستمتاع بالكرة، وإسعاد المشاهدين، مدعما بخبرات أحمد الياس، و قفلات رجائي عايد وتكنيك المبدع حسن عبد الفتاح، ومداخلات توريس، وتألق شفيع، وحضور ساباستيان، ومتانة طارق خطاب، ودهاء الدميري، وحيوية القريشي، وقوة بهاء.. حتى الدقيقة السادسة عشرة من الكوبليه الأول، حين توج الفارق الفني بين الفريقين، من خلال كرة ضربت بقوة شباك صلاح مسعد. فيما واصل زملاؤه مسلسل تفوقهم، وسط حالة من إعجاب وذهول الحاضرين.
ولعل النجاح الذي حققه اللاعبون ، كان كافيا لإظهار نوايا المايسترو، وشخصيته الفذة، في تطوير أداء نسيج مجموعته الموسيقية إلى مستوى عال من التهديف، بمنحها الفرصة في التعبير عن ذاتها، محبذا عدم إجراء أي من التغييرات على الأقل في مطلع الكوبليه الثاني، حين احتفظ بنسقه من العازفين، مع زيادة في تردد الأوتار، لتبدو الجوقة أكثر صخباّ!
ويعود أبو عمارة، معلنا وبقوة مرة أخرى، أنه عازف مبهر، كاشفا عن نغمة عالية الدقة تابعها حسن عبد الفتاح، محرزا هدفا جميلا ثانيا!! ولم يكن الأمر محض صدفة إطلاقا، لأن مشاهد التفوق كانت مستمرة، والحيرة التي تملكت الجهاز الفني للفريق المقابل دفعته لمخالفة كل الأعراف الفنية بالدخول بين العازفين في مكانهم المخصص !
ورغم أن كل السيوف قواطع إن جُرّدت إلا أن (حسام) حسن عبد الفتاح قاطع في غمده، هذا الفنان فيما يبدو كانت منتشيا بالأجواء التي صنعها زملاؤه، ولم ينفك مفكرا في الظهور مرة أخرى في مشهد تسجيل الأهداف، فكان له ما تمنى -على حين كانت الرياح تأتي للحسين اربد بغير ما تشتهي السفن -، و أحرز هدفا ثالثا في الدقيقة 72، من قذيفة لا ترد.
أختم بحمد الله على ما تحقق من فوز، وبتوجيه الشكر للجهاز الفني والتدريبي، لجهودهم المبذولة، وللاعبي الفريق جميعا كل الحب والتقدير، وللجماهير التي كانت عنوانا من البارزة للمباراة، كما أحيّي نادي الحسين اربد على ما تحلى به لاعبوه وجمهوره من روح رياضية، عبرت عن مدى عمق العلاقة بين الناديين والمحبة التي تجمع بين الجمهورين الشقيقين.
أجمل ما في الوحدات الحالي إنني لم أعد أشعر بالقلق كلما مضي وقت المباراة سواء سجلنا مبكرا أو تأخرنا بالتسجيل ... حالة التوازن البدني والذهني والنفسي واضحة عند الجميع وهذا بحد ذاته نصف الانتصار والنصف الباقي هو التوفيق.