قتلتني يا صغيرة ... - قتلتني يا صغيرة ... - قتلتني يا صغيرة ... - قتلتني يا صغيرة ... - قتلتني يا صغيرة ...
على الركام جلستِ .. وفي عينيك نظرة لم استطع تبيان ما فيها جيدا, ليس عجزا مني وليس عدم قدرة لاحتوائها لكنني وجدتها نظرة قد اشتركت في تكوينها آلام كثيرة وأسرار أكثر .. أراها في عينيك حينا حيرة وأراها حينا حزنا ولوعة أو ربما انتظارا مملوءا بالشوق لعزيز غائب... قتلتني نظراتك وذبحتني دمعاتك يا صغيرتي , رأيتك تنظرين إلى نهاية الطريق بلهفة وبقلب واجف راجف متشوق ربما لصاحب الحضن الدافئ الذي طالما احتضنك ووضعك على السرير وتمدد بجانبك يلهو بخصلات شعر كالحرير , ووجه كوجه الشمس يردد لك أنشودة العصفور وأغرودة الفلاح في الصباح ... تتأملين ظهوره من وراء ركام بيت طالما زغرد فيه الفرح وطالما ضمخت أركانه رائحة المحبة وطالما تعالت فيه أصوات التهليل والتكبير والصلاة .... وطالما نثرت فيه الجدة من أنفاسها عبق الماضي والحاضر والمستقبل وزرعت في جوانبه شتلات زيتون ليشهد تراب الأرض بأنها عربية عربية " والتين والزيتون وطور سينين " ... تنتظرين وما من ظل أو من صوت أقدام ليشعرك بأنه قادم ..... أشعرها نظراتك حزينة ملوعة بفقد كل الأحبة الذين رحلوا وتركوك هنا يراودك الخوف عن نفسك وتستسلمين له بطواعية ورضوخ يأخذك إلى مهاوي الضياع وأنياب القسوة والوجع والدموع والحرمان ... وأحيانا أشعرها تتهمني وكل العرب عندما رأيناهم يقتلون فيك الحياة ويتحججون بأنك إرهابية وتحملين في يدك رصاصا وبندقية .. ولم نحرك ساكنا بل كنا نتفرج من على شاشات صماء وهم يدوسون أغراضك وسريرك وأمك وأبيك وبيتك نبكي قليلا ومن ثم نعاود الأكل والشرب وكأنه لم يكن ذلك المشهد إلا مجرد عرضا استعراضي لقوى طاغية تحاول إبراز ترسانتها أمامنا وتُظهر مدى قوتها على أطفال ليس ذنبهم إلا أنهم يُكبِّرون الله وليس ذنبهم إلا أنهم أطفال غزة .. نعم استعراض يا صغيرة ليس إلا ..... أيتها الصغيرة قتلتني نظرتك وجعلتني أكره نفسي تلك التي ما استطاعت أن تزيح عنك ظلما واحتلالا لجسد صغير وقلب كبير نفذه الغاصب بدون رحمة وبدون أي ذرة إنسانية أتعرفين بأنني شريكته في الجريمة نعم أنا شريكته بها !!!! بخلت بنفسي وجسدي عندما أزفت ساعة العطاء وتمترستُ وراء قلمي ذاك الذي لم يستطع إلا نزف بعض مداده على ورقة لا تشعر بالحياة ولا تعرف بأنك أنت فقط الكبيرة التي تعج شرايينها بدم الكبار الكبار وبنبضات الحياة ... يا طفلة غزة رأيتك اليوم من على ركام بيتك تنظرين إلى الخواء وحيدة فقتلتني وقتلتني وقتلتني ....
اليوم ...في غزة العزة وفي شرقها شن الغزاة الصهاينة هجوماً أدى إلى استشهاد خمسة اثنان منهم هم أطفال ..لعنة الله على صمتنا ..ويا ذلنا ويا عارنا ..
أحسنوا التخطيط ..عالم عربي قائم على جمر النار ..ومشغول بأوجاعه ...والامه ..ونسي أمّ أوجاعه ...غزة أرض العزة ..وفلسطين الأم باكية ...
ولا حول ولا قوة الا بالله ...
اختيار من تحت الركام ...ابداع اخر تنقلينه لنا يا أم حذيفة
دمت في حفظ الله و رعايته