بين الحج ويوم القيامة - بين الحج ويوم القيامة - بين الحج ويوم القيامة - بين الحج ويوم القيامة - بين الحج ويوم القيامة
بين الحج ويوم القيامة
د. راغب السرجاني
الحق أن أهم منفعة من منافع الحج أنه يذكّر الأمة كلها -الحجاج وغير الحجاج- بيوم القيامة؛ فوجه الشبه كبير جدًّا بين الحج ويوم القيامة.. الحاج يمرّ بأكثر من موقف يذكره بيوم القيامة، ثم يعود فيحكي لكثير من الناس هذه المواقف، فيتذكر الناس جميعًا يوم القيامة، ولن نجد في الأمة كلها أحدًا لا يعرف اثنين أو ثلاثة أو أكثر ممن حج، وحكى له عن المواقف التي مرّ بها في حجه.
وقد وضع الله محبة الحج في قلوب كل المسلمين؛ فتجد أن غالبية المسلمين لديهم الحرص الشديد على أن يحجوا، وعلى أن يودعوا الحجاج عند سفرهم ويستقبلوهم عند عودتهم، ويزوروهم، ويسمعوا منهم؛ ليبقى موسم الحج موسمًا لتذكير الأمة بهذه المنافع العظيمة وبيوم القيامة.
وقبل أن نذكر ملامح التشابه بين الحج ويوم القيامة ينبغي أن نقول: إن معظم الفساد والمعاصي التي تحدث في الأرض إنما تحدث بسبب نسيان يوم القيامة.. يوم الحساب الذي يُحاسَب فيه كل إنسان على ما قدّم في دنياه، منذ أولى لحظات التكليف إلى لحظة الموت، والله عز وجل يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26]..
فنسيان يوم الحساب كارثة عظيمة، ومصيبة كبيرة، ولو تذكّر الناس هذا اليوم لوُجِد "الحل" لكل المشاكل التي تعاني منها البشرية؛ ولذا كان أول ما ذكّر به النبي صلى الله عليه وسلم، يوم أن بدأ الدعوة في مكة، هو هذا اليوم.. قال: «والله لتموتُنَّ كما تنامون، ولتبعثُنَّ كما تستيقظون، ولتحاسبنّ على ما تعملون، وإنها لجنّة أبدًا.. أو نار أبدًا».
ذلك أن المرء إذا ظلّ متذكرًا ليوم القيامة، لبقي في باله أن هنالك يومًا سوف يُقدِّم فيه "كشف حساب" عن كل لحظة من لحظات عمره.. عن كل كلمة.. كل قرشٍ اكتسبه.. كل حركة، وكل سكَنة.. عن كل تعامل بينه وبين الناس.. وبينه وبين ربه سبحانه وتعالى..
فالحج صدمة كبرى تنبِّه الأمة كلها، توقظها من سباتها.. تذكِّرها بما كانت قد نسيته طويلاً.. وإذا تذكر المرء أنه محاسَب.. هل سيرتشي؟ هل سيظلم؟ هل سيسرق؟ هل سيعقّ والديه؟ هل سيتعدى على حقوق زوجته أو أولاده أو جيرانه... أو حتى من لم يعرفهم؟
قطعًا.. إن الإجابة بالنفي، وهكذا ندرك أن صلاح الأرض في تذكر يوم الحساب، فلنتذكر هذه الجملة جيدًا: صلاح الأرض -كل الأرض- في تذكر يوم الحساب.
لماذا هـذه الانهزامية يامسلمـون؟!
رزحان سليمان رزحان الغامدي/ لجينيات
13 ذو القعدة, 1434
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم :
الله كتب العزة لنفسه ولرسوله وللمؤمنين،قال تعالى (وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمنين) وقال تعالى : (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) ولكن مما يؤلم القلب أننا مع أننا نقرأ كتاب ربِّنا، إلاّ أننا لازلنا نلهث خلف الكفّار ليلاً ونهاراً، نبتغي عندهم العزة، والله قد أعزنا بهذا الدين، بعدما كنّا أمة تشرب الخمر وتأكل الميتة، وتسجد للحجر، فأعلاها الله ورفع شأنها، وجعلها أمةً قائدةً لامنقادةً لغيرها، وأمة رائدةً مرفوعة فلم نكن يوماًما خاضعين لأحد؟
نحن أمة متبوعة لاتابعة لاليهودي ولالنصراني، نحن أمةالجهاد فلم نخف من الأذلة الصاغرين الذين غضب الله عليهم وضرب عليهم الذلة، فلماذا هذا اللهث خلف الغرب، هل نبتغي عندهم العزِّة، هل أصابنا لوثٌ فكري، أو تخلفٌ عقلي، لماذا نترك كلام ربنا القائل (أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا) فالله أعطانا الغلبة والعِزة، فلماذا بني قومي إذا أصابنا أمرٌ من الأمور،فزعنا إلى مجلس أمنهم (الكاذب) وأسلمنا رقابنا وأنفسنا لهم لننتظر ماذا سيقررون لتحديد مصيرنا، عجيبٌ أمرنا، نستغيثُ بقومٍ يُكنّون لنا العداء،ولديهم من المطامع والعداء لنا مالايعلمه إلاّ الله قال تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير) أين نذهب من هذه الآية التي فضح الله فيها عدم رضاهم عنّا حتى نتبع ملتهم، قال تعالى (لكم دينكم ولي دين) وقال صلى الله عليه وسلّم (والذيي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني من هذه الأمة ثم لا يؤمن بما جئت به إلا وجبت له النار).
الا تخجل هذه الأمة من تركها لكلام ربِّها الذي يعلم حالهم (ألا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) إن أصابتنا مصيبة وحلت بنا كارثة فزعنا إليهم، نريد منهم المنعة والقوة، هاهي أحداث سوريا ونحن ننتظر ماذا سيقرر (أوبام) هل سيضرب بشار النصيري أم سيعدل عن قراره ؟ إنهم قد اتخذوا زعماء المسلمين (كلعبة الشطرنج) يحيكون الدسائس والخطط، فيُخلع هذا ويوضع هذا، من أجل تمرير أجنداتهم هاهي قضية فلسطين، ننتظر (تدخل الدول العظمى،لاعظّمها الله) لتحل قضيتنا (الأم) قضية أرض الإسراء والمعراج،قضية (فلسطين المغتصبة) هاهو القدس الأسير ينادي فلامجيب، هاهم اليهود يعملون ليل نهار.
بحفرياتهم ليبحثوا عن هيكل سليمان المزعوم، ونحن صامتون،إنهم يرعبدون في بلاد المسلمين، في العراق، وأفغانستان، دخلوا رغماً عن أنوفنا، وخرجوا يجرون أذيال الهزيمة، بعدما نصّبوا رؤساء (عملاء لهم) أمةُ هذا حالها لايرجى منها وربي فلاح، فما دام هذا حالنا من الخَوَرُ والانهزامية النفسية الداخلية، فهاهي الدساتير تُصاغ في دولٍ مسلمة لتناسب مايريده الغرب، والبقيّة ممن يدعون تطبيق الشريعة، فنحن نسمعُ بهذا ولكننا لم نره على أرض الواقع.
فلن نفلح ورب الكعبة وهذا حالنا مع عدوِّنا (إن الله لايغيّر مابقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم) وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
موقع عودة ودعوة
مأزق ثورة سوريا في ضوء صفقة الكيميائي - مأزق ثورة سوريا في ضوء صفقة الكيميائي - مأزق ثورة سوريا في ضوء صفقة الكيميائي - مأزق ثورة سوريا في ضوء صفقة الكيميائي - مأزق ثورة سوريا في ضوء صفقة الكيميائي
مأزق ثورة سوريا في ضوء صفقة الكيميائي
ياسر الزعاترة
25/09/2013
لم نكن في حاجة إلى صفقة الكيميائي التي تابعنا تفاصيلها مؤخرًا كي ندرك حجم المأزق الذي تعيشه الثورة السورية، وخلل ميزان القوى الذي يحول بينها وبين تحقيق الانتصار، على الرغم كم الإرادة التي يتمتع بها الثوار، وعلى الرغم من الصمود المذهل الذي أبداه الشعب السوري في مواجهة نظام دموي لا يرحم.
وفي حين يبدو البعد الأول للمأزق الذي تعيشه الثورة السورية هو البعد الداخلي؛ ممثلاً في استناد النظام إلى أقلية متماسكة تتحكم بالمؤسسة الأمنية والعسكرية، ومن حولها أقليات أخرى ينحاز أغلب أبنائها للنظام، فإن البعد الخارجي هو الأكثر وضوحًا على صعيد خلل ميزان القوى الذي منح النظام فرصة الصمود لعامين ونصف العام، على الرغم من الضربات التي تلقاها، وعلى الرغم من سيطرة الثوار على حوالي 60% من التراب السوري.
لقد تمتع النظام بحجم إسناد خارجي بالغ القوة والتماسك، ولولاه لما كان بوسعه الصمود كل هذا الوقت، وتتشكل عناصر ذلك الإسناد من دعم إيران وحلفائها (العراق وحزب الله بشكل خاص، مع مليشيات شيعية أخرى)، والذي تجاوز البعد العسكري المباشر (مقاتلين وأسلحة) إلى البعد الذي لا يقل أهمية ممثلاً في البعد الاقتصادي.
وحيث يعلم الجميع أنه لولا الأموال التي تتدفق من إيران لدعم النظام، ومن العراق أيضًا، لما كان بوسعه الصمود كل هذا الوقت، وصولاً إلى قدرته على الصرف على المجهود العسكري الرهيب، معطوفًا على مصاريف الدولة في ظل غياب عناصر الدخل الأخرى، أو أكثرها.
إلى جانب الدعم القادم من إيران وحلفائها يبرز الدعم الروسي، الذي تمثل في البعد العسكري؛ لكنه كان أكثر وضوحًا على الصعيد السياسي؛ حيث وقفت روسيا كسند سياسي عنيد وسط حالة تعددية قطبية منحتها فرصة التأثير الكبير في المشهد الدولي.
وقد جاءت قصة الكيميائي الأخيرة لتثبت أن روسيا تمثل بالفعل سندًا بالغ القوة والتأثير للنظام، حيث تمكنت من الناحية العملية من إخراجه من مأزق كبير يتمثل في ضربة عسكرية لم تكن في وارد إسقاطه؛ لكنها وضعته في حالة خوف حقيقي.
على أن الأهم من ذلك كله في عناصر المأزق الذي تعيشه الثورة السورية هو ذلك المتمثل في الدعم المحدود الذي تتلقاه، إذا حُسب بمنطق ميزان القوى مقارنة بالدعم الذي يتلقاه النظام؛ ذلك أن الجبهة التي تُحسب بوصفها داعمة للثورة تعيش تناقضات كبيرة تؤثر عليها وعلى واقع دعمها.
ليس من العسير القول: إن الدولتين الوحيدتين اللتين كانتا حريصتين على انتصار الثورة منذ الشهور الأولى لحمل السلاح هما تركيا وقطر، الأولى بسبب القطيعة التي فُرضت عليها مع النظام بعد تردد طويل؛ ومن ثَمَّ الاستنزاف الذي بدأ يطولها من استمرار الثورة دون حسم، والثانية بسبب انحيازها التقليدي إلى جانب الثورات.
ما عدا ذلك كانت للدول الأخرى حساباتها الخاصة في التعامل مع الثورة؛ فهي من جهة تريد العمل على تحجيم المحور الإيراني، فضلاً عن حاجتها لدعم الثورة في ظل انحياز شعبي داخلي عارم لها، وهي من جهة أخرى لم تكن تريد للثورة انتصارًا واضحًا يمنح دفعة للربيع العربي الذي كانت مواجهته هي أولويتها الرئيسة خشية وصوله إليها، لا سيما أن القوى التي تصدرت المشهد بعده هي القوى الإسلامية، وهي ذات القوى الأكثر فاعلية على صعيد الداخل عندها.
ولأن السياسة أولويات ولأن أولوية بعض داعمي ثورة سوريا هي مواجهة الربيع العربي، بينما تأتي إيران في المرتبة الثانية، فقد وجدت تلك الدول أن استمرار النزيف السوري يحقق الهدفين معًا؛ إذ يستنزف إيران من جهة، ولا يمنح ربيع العرب دفعة جديدة بانتصار الثورة بشكل واضح من جهة أخرى.
أما أمريكيًّا وغربيًّا لم تكن هناك إرادة -ولا في أي لحظة- لدعم الثورة على نحو يمنحها فرصة الانتصار؛ وذلك على الرغم من بعض الخطاب السياسي الذي يناصرها، إن كان بسبب تبني قيم الديمقراطية في الظاهر، أو كان بسبب الموقف من إيران.
وحين نتذكر أن أمريكا هي التي كانت تضغط دائمًا لمنع السلاح النوعي عن الثوار، فسيكون بوسعنا إدراك حقيقة الموقف الغربي التابع بشكل واضح لهواجس دولة الاحتلال، التي وجدت في ثورة سوريا ثقبًا أسود يستنزف إيران وحزب الله وتركيا وربيع العرب، ويخلق فتنة سنية شيعية تريحها من وجع الرأس الذي يتسبب به الجميع؛ بل يمهد الأجواء لتسوية سياسية مع الفلسطينيين تحقق أغلب مطالبها.
وقد ازداد موقف هذه الجبهة وضوحًا بعد صعود نجم الجماعات الجهادية في الثورة السورية، التي يمكن القول: إن دورها كان كبيرًا في مواجهة النظام؛ لكن تأثيرها السياسي كان سلبيًّا على المواقف الدولية وبعض العربية من الثورة.
في ظلِّ هذا الخلل في ميزان القوى بين الثورة والنظام وجدت الثورة نفسها في حالة من المراوحة والاستنزاف، الأمر الذي ينطبق على النظام، ولولا قوة الإرادة والعزيمة للثوار، وصمود الشعب لكانت الثورة في وضع أسوأ، لا سيما بعد أن دخل حزب الله والحرس الثوري ومليشيات شيعية على الخط في ميدان القتال.
والحال أن هذا المأزق الذي تعيشه الثورة لم يكن غائبًا عن وعي الكثيرين منذ البداية، وهو تحديدًا ما دفعنا إلى القول منذ الشهور الأولى لحملها السلاح: إننا أمام مشهد أفغاني بامتياز؛ سواء في بُعده المتعلق بميزان القوى وطبيعة الصراع، مع فارق غياب ما يعادل القوة الأمريكية في الحالة الأفغانية، أم في بعده المتعلق بمشاركة القوى الجهادية في الصراع، ويبدو أن هذا الأمر قد تأكد بشكل أكثر وضوحًا الآن، من دون أن يكون بوسعنا التكهن بالوقت الذي ستستغرقه المعركة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، لا سيما بعد تلاشي سيناريو الضربة العسكرية هو: إلى أين يمضي المشهد؟ وهل نحن إزاء سيناريو استنزاف طويل جدًّا، أم أن الحسم قد يكون قريبًا؟ وهل ثمة احتمالات أخرى؟
يبدو من الصعب الجزم بالقادم في المدى القريب؛ لكن احتمال الاستنزاف الطويل يبدو الأكثر ترجيحًا؛ إذ لن يسمح داعمو الثورة بحسم من قبل النظام بعد كل الذي جرى، وفي المقابل فإن احتمال أن يلقي هؤلاء بثقل أكثر وضوحًا لمنحها فرصة الانتصار لا يبدو قريبًا أيضًا في ظل الحسابات السياسية التي أشرنا إليها، وفي ظل المخاوف من دور الجماعات الجهادية.
الاحتمال الآخر يتمثل في أن يفرض المجتمع الدولي حلاًّ وسطًا يقبل به الروس، ويرضي الأمريكيين (ومن ورائهم الكيان الصهيوني)؛ حل يحركه هاجس الجماعات الجهادية أكثر من أي شيء آخر، وهو حل قد تدعمه تركيا وإيران تجنبًا لمزيد من الاستنزاف الذي تتعرضان له، وقد يكون حلاًّ برعايتهما -أيضًا- إذا ما تفاهمتا عليه.
الاحتمال الآخر الذي قد يأمل فيه كثير من السوريين يتمثل في أن تحسم الدول الداعمة للثورة أمرها، وتتخذ قرارًا واضحًا بإلقاء ثقلها في اتجاه الحسم، حتى لو أخذت هواجس الخائفين من الربيع العربي بالحسبان، بحيث يؤدي ذلك إلى تغيير كبير في ميزان القوى؛ ومن ثَمَّ تغيير متفق عليه يأخذ في الاعتبار مصالح الجميع، بعيدًا عن مطالب إيران وحلفائها، وبعيدًا عن الإملاءات الغربية والمطالب الإسرائيلية أيضًا.
نتحدث هنا عن البعد الخارجي؛ لأنه الأكثر تأثيرًا؛ لكن البعد الداخلي لا يقل أهمية بحال، ويتمثل في تفاهمات أكبر بين قوى الثورة وفصائلها؛ يقدم إسقاط النظام على أي هدف آخر، إلى جانب مساعٍ جادة لتفعيل البعد الشعبي للثورة، والذي غاب تمامًا في المرحلة الأخيرة، الأمر الذي ساهم عمليًّا في تغييبها كثورة شعبية، وحشرها في إطار من التمرد المسلح على نظام سياسي.
إذا لم يحدث شيء من ذلك، فإن خيار الاستنزاف الطويل سيبقى قائمًا إلى أمد لا يُعرف مداه؛ لكنه لن ينتهي أبدًا ببقاء بشار الأسد في السلطة، وحينها ستدرك إيران وحلفاؤها أية جريمة ارتكبوها بحق أنفسهم، وبحق سوريا وشعبها، وبحق الأمة بأسرها التي دخلت في مزاج حشد مذهبي غير مسبوق.
لقد جاء اتفاق الكيميائي ليفضح حقيقة النظام وداعميه، بخاصة إيران؛ فقد أسقط الاتفاق حكاية المقاومة والممانعة، وتبدَّى النظام وحلفاؤه على حقيقتهم كأصحاب مشروع طائفي لا صلة له بالمقاومة ولا بالممانعة، وقد أثبتوا قابليتهم لبيع كل شيء من أجل بقائه، وهم الآن بصدد تكرار اللعبة فيما يتصل بالملف النووي في إيران، ولا شك أن هذه الفضيحة سيكون لها دورها -أيضًا- في تحسين شروط المعركة، أقله من الناحية السياسية.
قصة إسلام أسد الله حمزة بن عبد المطلب - قصة إسلام أسد الله حمزة بن عبد المطلب - قصة إسلام أسد الله حمزة بن عبد المطلب - قصة إسلام أسد الله حمزة بن عبد المطلب - قصة إسلام أسد الله حمزة بن عبد المطلب
قصة إسلام أسد الله حمزة بن عبد المطلب
د. راغب السرجاني
إسلام أسد الله حمزة
في أثناء هجرة الحبشة أو بتعبير أدق: بين الهجرتين الأولى والثانية إلى الحبشة، كان قد حدث في مكة أمر جلل، كان بمنزلة حجر زاوية تَغيّر بعده مسار الدعوة تمامًا، واختلفت بسببه استراتيجية المؤمنين في جهادهم ضد أهل الباطل في مكة المكرمة، زادها الله تكريمًا وتعظيمًا وتشريفًا.
هذا الحدث كان إسلام حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله ، ثم إسلام عمر بن الخطاب بعده بثلاثة أيام، حدث ضخم، كان له رعد وبرق، وصدى مدوٍّ، ووقع مجلجل، فقد أسلما -رضي الله عنهما- في أواخر السنة السادسة من البعثة، وفي شهر ذي الحجة على الأرجح، وكانت قصة إسلامهما غاية في العجب، تظهر فيها بوضوح معاني الآية الكريمة: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56].
لقد أسلم كلا البطلين في أحوال لا يتوقع أحد من المسلمين أن يدخل الإيمان في قلب أيٍّ منهما.
أسلم أولاً حمزة بن عبد المطلب القرشي الهاشمي الشريف، وكان فارس قريش، وكان من أكثر الناس عزة ومنعة، وأقواهم بأسًا وشكيمة.
أبو جهل يتطاول على رسول الله
كعادته خرج حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله إلى الصيد، وفي مكة وفي ذات هذا اليوم مر أبو جهل على رسول الله وهو عند الصفا وحيدًا، فما كان من أبي جهل إلا أن تطاول على رسول الله بلسانه وسبه سبًّا مقذعًا، ورسول الله صامت لا يجيبه أو يرد عليه سبابه {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} [الفرقان: 63]، لكن أبا جهل لم يزده حلم رسول الله إلا اغترارًا وجهلاً، فما كان منه إلا أن حمل حجرًا وقذف به رأس رسول الله الشريفة، فشجَّه حتى نزف منه الدم -بأبي هو وأمي - بعدها انصرف أبو جهل -لعنه الله- إلى نادي قريش عند الكعبة، مفاخرًا يحكي ما فعل، وما تم بينه وبين رسول الله .
مكر الله وعينه التي لا تنام
كان لعبد الله بن جدعان أَمَة (وكانا كافريْن)، وكانت تلك الأمة قد رأت وسمعت ذلك الذي حدث بين رسول الله وبين أبي جهل لعنه الله، وبعد انتهاء الحدث جاء حمزة عم رسول الله من صيده، وبترتيب إلهي وقفت الجارية تقص ما حدث لحمزة، الجارية كافرة، ومولاها مثلها أيضًا، والذي تحكي له حمزة -أيضًا- كافر، لكن {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدَّثر: 31]. قالت الجارية: "يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفًا من أبي الحكم بن هشام؟ وجده هاهنا جالسًا فآذاه وسبه، وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه محمد لم يكلمه".
كان حمزة هو الوحيد الذي يدافع عنه من بين أعمامه، لكن أين بقية الأعمام؟ أين أبو لهب؟ إنه من أشد المحاربين له، لا أحد منهم يتذكر أخاه عبد الله والد محمد ، فهل إذا كان حيًّا كان سيحدث مثل هذا الموقف؟! وأين بنو هاشم وبنو عبد مناف؟ وهل يصل الموقف لأن يَضرب أبو جهل أشرف شرفاء بني هاشم وأشرفهم على الإطلاق؟! أوَ يصل الوضع إلى هذا الحد ونحن نشاهده بأعيننا؟!
الظلم الشديد الذي تفاقم ووصل إلى هذه الدرجة كان قد حرك هذه العواطف وتلك المشاعر والأفكار في قلب حمزة وعقله، مشاعر الحب لمحمد ، ولأبيه عبد الله الذي مات وترك محمدًا، وأيضًا مشاعر القبلية الهاشمية الشريفة، وكذلك مشاعر الغيظ والغضب من زعيم بني مخزوم، وأيضًا مشاعر النخوة تجاه نصرة المظلوم.
بعد سماع كلام الجارية تلك لم يجد حمزة نفسه إلا متجهًا نحو فعل غريب، ومدفوعًا وبقوة عجيبة تجاه عمل لم يفكر ولم يخطر ببال أحد أبدًا أن يقدم عليه، بل لم يفكر هو نفسه في أن يفعله، لقد انطلق حمزة -وهو الذي ما زال على دين قومه- إلى أبي جهل، حيث يجلس بين أصحابه وأقرانه وأفراد قبيلته في البيت الحرام، وقد نظر إليه ثم أقبل نحوه لا يقوى أحد على الوقوف أمامه، وأمامه تمامًا كانت نهاية خطواته، ثم ودون أدنى ارتياب أو تفكير رفع قوسه وقد هوى به على رأس أبي جهل في ضربة شديدة مؤلمة، شجت على أثرها رأسه وأسالت الدماء منها، لقد كان قصاصًا عادلاً، ضربة بضربة، ودماء بدماء، لكن فوق ذلك فإن الإهانة كانت غاية في الشدة لأبي جهل؛ حيث كانت هذه الضربة أمام أفراد قبيلته وعشيرته، بينما كان الذي حدث مع رسول الله بعيدًا عن أعين الناس.
لقد كان مثل هذا الرد في عرف الناس كافيًا لأن يُشفي الغليل ويريح الصدر ويسكن القلب، لكن حمزة ما زال ثائرًا، لم يُشف غليله بعدُ، ولم يُرح صدره ولم يسكن قلبه ولا سكنت جوارحه، أراد حمزة أن يكيد لأبي جهل بكل ما يستطيع، أراد أن يلقي في قلبه حسرة تدغدغ جوانبه وتشل أركانه، فكر حمزة، ما أشد ما يغيظ أبا جهل؟ وفي نفسه علم أنه الدين الجديد، إنه الإسلام، وعلى الفور ودون سابق تفكير أو تَرَوٍّ قال حمزة: "أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟! فرُد عليَّ ذلك إن استطعت".
انطلقت هذه العبارة من فم حمزة فوقعت كالقذيفة على قلب أبي جهل، لم يستطع بعدها أن يحرك ساكنًا، ألهته عن التفكير في الانتقام، وقد تضاءل حجمه حتى كاد أن يختفي وهو كبير الكافرين، حينها قام رجال من بني مخزوم يريدون أن ينتصروا لأبي جهل، لكنه خيفة منعهم ذلك، بل وهدأ ثائرتهم وقال: "دعوا أبا عمارة؛ فإني والله قد سببت ابن أخيه سبًّا قبيحًا".
لكن، ما الذي حدث من حمزة؟! أبهذه السهولة يدخل في دين الإسلام؟! أبهذه السهولة يقول وفي لحظة واحدة الكلمة التي لطالما رفض أن يقولها سنوات وسنوات؟!
سنوات ست كان يسمع حمزة عن الإسلام، سنوات ست لم تنقل حمزة من حال الكفر إلى حال الإيمان، بينما نقله هذا الحادث غير المقصود في عرف الناس، لقد دخل حمزة دين الإسلام رغمًا عن إرادته، لم يتروَّ في التفكير كعادته، خرجت الكلمة من فمه فما عرف كيف يستردها.
إسلام حمزة وسنن الله
يظن البعض أن حمزة قد أسلم مصادفة، لكن الحقيقة أن إسلامه ليس بالمصادفة، إنما هي سنة من سنن الله ، فالظلم الشديد إذا تفاقم أمره وطال ليله أعقبه نصر من الله ، ولا شك أن إيمان حمزة بن عبد المطلب كان نصرًا للدعوة، وإذا لم يكن هذا الظلم الذي وقع شديدًا ما لفت نظر حمزة، وما استطاع أن يحرك أشياء كثيرة جدًّا ما تحركت منذ سنوات ست، فهو تدبير رب العالمين، فكما يخلق من بين الفرث والدم لبنًا خالصًا سائغًا، يخلق من وسط الظلم عدلاً ونورًا، ومن وسط الاضطهاد والقهر والبطش نصرًا وتمكينًا، ولو كان أبو جهل يعلم أن مثل هذا سيحدث ما فكر ولو مرة واحدة في سب أو ضرب رسول الله ، لكنه تدبير رب العالمين {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].
فهي رسالة إلى كل الدعاة: لا تحبطوا من الظلم الشديد، فلعله الظلم الذي يسبق نصرًا عظيمًا للدعوة، ولعلها أحلك لحظات الليل سوادًا التي يأتي بعدها ضياء الفجر، فحين يتفاقم الظلم ما يلبث أن يولد النصر للإسلام والمسلمين.
صدق النفس وتحقيق الإيمان
بعد كلمته الكيدية السابقة لأبي جهل، وكرجل صادق مع نفسه ومع مجتمعه، لا يستطيع أن يرجع في كلمته، وفي الوقت ذاته لا يستطيع أن يدخل في دعوة لا يؤمن بها حقًّا، عاد حمزة إلى بيته وهو في صراع حميم مع نفسه، ماذا أفعل؟ ولمن ألجأ؟!
ولأن فطرته سوية وسليمة لجأ إلى الله ، فقد كان العرب في جاهليتهم يؤمنون بالله، وأنه خالق ورازق وقوي وقادر، يؤمنون بذلك كله لكنهم كانوا لا يحكّمونه في أمورهم، ويشركون به بعبادتهم الأصنام يتقربون بها إليه I زُلْفَى، لجأ حمزة إلى الله بما يشبه صلاة الاستخارة قائلاً: "اللهم ما صنعتُ إن كان خيرًا فاجعل تصديقه في قلبي، وإلاَّ فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجًا".
ولأن الله يريد به خيرًا هداه لأن يذهب إلى رسول الله خير طبيب ليعرض عليه أمره وما أهمه، وعنده قال حمزة: "يابن أخي، إني قد وقعت في أمر ولا أعرف المخرج منه، وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو، أرشد أم هو غيٌّ شديد؟ فحدثني حديثًا؛ فقد اشتهيت يابن أخي أن تحدثني".
وهنا أقبل عليه رسول الله وحدثه بما كان يحدثه به من قبل، فذكّره رسول الله ما كان يذكّره إياه، ووعظه ما كان يعظه به، وخوفه ما كان منه يخوفه، وبشره ما كان به يبشره، اللغة هي اللغة، والحديث هو الحديث، لكن الوعاء الذي يستقبل الفيض قد اختلف وتغير، وإنها للحظة هداية يختارها الله بحكمة بالغة.
سمع حمزة الكلمات التي طالما كان يسمعها كثيرًا، لكن هنا انبسطت أساريره، وانشرح صدره، وآمن من ساعته بصدق، وقال لرسول الله وبيقين صادق من قلبه: "أشهد أنك الصادق، فأظهر يابن أخي دينك، فوالله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول".
وسبحان الله! هكذا وفي لحظة واحدة أصبحت الدنيا كل الدنيا لا تساوي شيئًا في مقابل دينه الجديد الإسلام، ومن بعدها أصبح حمزة أسد الله.
انتقل بعدها حمزة ومن فوره من رجل مغمور في صحراء الجزيرة العربية يعيش فقط لحياته وملذاته، يخرج للصيد ثم يعود للطعام والنوم، إلى رجل قد أصبح كل همه أن يُعبّد الناس لرب العالمين، وأن يدافع عن دين الله وعن رسول الله وأن يُظهر الإسلام ويحمي المستضعفين، ولننظر كيف ترقّى في القدر من كونه سيدًا لمجموعة من الرجال في قرية لا تكاد ترى على الخريطة في فترة من عمر الدنيا لم تتجاوز سنوات معدودات، إلى كونه سيِّدًا للشهداء في الجنة، فقد أصبح حمزة سيدًا لكل الشهداء على مر التاريخ وإلى يوم القيامة، وقد خلد ذكره في الدنيا وخلد ذكره في الآخرة، وبحق لو نريد أن نعرف قيمة الإسلام، فلننظر إلى حمزة قبل الإسلام، ولننظر إليه بعد الإسلام.
فهذا هو الإسلام الذي صنع حمزة، وصنع أيضًا أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا وغيرهم على مر التاريخ. إذا كنا حقًّا نحتاج إلى رجال مثل حمزة فيجب علينا أن نأخذ الإسلام كما أخذه، ويجب أن نعيش الإسلام كما عاشه حمزة ، وعاشه كذلك كل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
فلسطين هل باعها أهلها واشتراها اليهود ؟! - فلسطين هل باعها أهلها واشتراها اليهود ؟! - فلسطين هل باعها أهلها واشتراها اليهود ؟! - فلسطين هل باعها أهلها واشتراها اليهود ؟! - فلسطين هل باعها أهلها واشتراها اليهود ؟!
فلسطين هل باعها أهلها واشتراها اليهود ؟!
أ. عيسى القدومي
من الأسئلة التي تتكرر على مسامعي وفي الأقطار العربية والإسلامية، القول: هل فعلاً أن الفلسطينيين باعوا أرضهم لليهود؟! البعض يسأل على استحياء، والبعض يقول تلك العبارة وكأنها من الثوابت والمسلمات التي لا مجال للنقاش حولها!!
ولا شك أن القول ببيع الفلسطينيين أراضيهم لليهود يعدُّ من أشهر وأنجح الأكاذيب التي راجت بدعاية إعلامية يهودية مُوجهة، فأشاعوا أنهم لم يأخذوا أرض فلسطين إلا بيعًا من الفلسطينيين، وشراء من اليهود. وهذا القول الذي سرى كالنار في الهشيم انطلى على الكثيرين حكامًا ومحكومين، ووجهاء وعقلاء، وأصحاب منابر وأقلام في مشارق الأرض ومغاربها.
حينما كنت أذكر الحقائق يستغرب البعض، بل يقول: هل تلك الإحصاءات والأرقام مثبتة فعلاً؟! ووصل الأمر بباحثة بريطانية اسمها روز ماري وقد عاشت وعملت بين أوساط الشعب الفلسطيني ومخيمات اللاجئين في لبنان قرابة ثلاثين عامًا، وسجلت من الوقائع والأحداث والشهادات، وصف انتشار تلك المقولة بالقول: "لقد آذى التشهير بالفلسطينيين أكثر مما آذاهم الفقر، وأكثر الاتهامات إيلامًا، كان الاتهام بأنهم باعوا أرضهم، أو أنهم هربوا بجبنٍ، وقد أدى الافتقار إلى تأريخ عربي صحيح لعملية الاقتلاع -التي لم تروَ إلا مجزأة حتى الآن- بالجمهور العربي إلى البقاء على جهله بما حدث فعلاً"، ووثقت ذلك القول بكتابها "الفلاحون الفلسطينيون من الاقتلاع إلى الثورة".
وتضيف روز ماري عن تلك الأكذوبة ومصدرها: "إن أكثر الاتهامات إيلامًا للفلسطينيين أنهم باعوا أرضهم لليهود.. وتلك الحماقة كررها على مسامعي صحافي معروف في صحيفة واسعة الانتشار عام 1968م".
وعن مصدر تلك الأكذوبة وغيرها من الأكاذيب صرح الشيخ محمد أمين الحسيني -رحمه الله- مُفتي فلسطين ورئيس الهيئة العربية العليا بأن: "المخابرات البريطانية وبالتعاون مع اليهود أنشئوا عدة مراكز دعاية ضد الفلسطينيين، ومن جملة ما أنشئوه من مراكز الاستخبارات والدعاية في الأقطار العربية، مركز للدعاية في القاهرة في شارع قصر النيل، ووضعوا على رأسه رجلاً بريطانيًّا، وملئوه بالموظفين والعملاء والجواسيس، وكان من مهام هذا المركز بث الدعاية المعروفة بدعاية الهمس، إضافةً إلى نواحي الدعاية الأخرى".
وللرد على تلك الأكذوبة، أعرضُ المراحل الأساسية التي مَرتْ للاستيلاء على أراضي فلسطين ونهبها، والتي لم تتوقف حتى الآن، ونبدؤها بأراضي فلسطين في ظل الحكم العثماني:
1- كانت فلسطين إحدى ولايات الدولة العثمانية الإسلامية طيلة أربعة قرون، وكانت قوانين الدولة تمنع بقاء اليهود في فلسطين أو حيازتهم لأراضيها، وقد تصدى السلطان العثماني عبد الحميد للأطماع الصهيونية في فلسطين ومحاولات الزحف اليهودي إليها بكل ما أُوتي من قوة ودبلوماسية أيضًا، ورفض أنواع الإغراءات المادية والمعنوية كافة؛ للمحافظة على المقدسات الإسلامية في فلسطين من السيطرة الصهيونية واليهودية عليها، الأمر الذي أدى به في النهاية بعد حكم استمر 33 سنة إلى فقدان عرشه، وعزله عن حكمه ونفيه، ويشهد له التاريخ أنه ظل حتى موته يدافع عن فلسطين ويرفض توطينها لليهود، ولم يرجع عن قراره.
غير أن الضغوط البريطانية على الدولة العثمانية أفرزت قانون "تصرف الأشخاص الحكمية" لعام 1910م الذي أعطى الشركات حق التملك والتصرف بالممتلكات غير المنقولة، وقد تمكنت المؤسسات الصهيونية من استغلال بعض بنود هذا القانون والتحايل غير المشروع على بعضها الآخر، لتجد لنفسها فرصة اقتناص أراضٍ في فلسطين، ونجحت الضغوط البريطانية في تغيير بعض القوانين العثمانية لتفسح المجال أمام المؤسسات الصهيونية، التي كانت الدولة العثمانية حريصة على عدم تمكينها من أراضي فلسطين، وتُوِّجت هذه الضغوط عام 1911م عندما منح الأجانب حق التملك والتصرف بالأراضي كالعثمانيين تمامًا في جميع الأراضي العثمانية -ما عدا منطقة الحجاز- بلا قيد أو شرط سوى ما يتعلق بالشئون الإجرائية والإدارية.
2- أخذ إنجاز المشروع الاستيطاني اليهودي في فلسطين في السير بوتيرة متسارعة، حيث تمكن اليهود بواسطة دعم بريطاني ضخم، وعن طريق التحايل على القوانين العثمانية، وبأساليب ملتوية، الأمر الذي أدى إلى اقتناص 650.000 دونم -والدونم ألف متر مربع- وتعدُّ بريطانيا مسئولة بالدرجة الأولى عن تسهيل حيازة هذه الأراضي لليهود، ويؤكد الشيخ محمد أمين الحسيني -رحمه الله- على تَسَرُّب الأراضي في عهد الحكـومة العثمانية إلى أيـدي اليهود، حيث يقول: "إن 650.000 دونم استولى عليها اليهود في عـهـد الحكومة العثمانية خـلال حقبة طويلة من الأراضي الأميرية بحجة إنعاش الزراعة، وإنشاء مدارس زراعية".
3- كان لبريطانيا الدورُ الأكبر في استعمار اليهود جزءًا من أرض فلسطين، وتشجيعهم على الهجرة غير الشرعية إليها، وحمايتها لليهود الذين رفضوا مغادرة فلسطين بعد تأديتهم طقوسهم الدينية -حيث كانت القوانين العثمانية تجبرهم على عدم الإقامة فيها- الأمر الذي فرض نواة الوطن "القومي اليهودي" على أرض فلسطين فوق هذه المساحة الضئيلة جدًّا، ولكنها كانت كافية لنمو هذا الجنين السرطاني، الذي تعهدته بريطانيا بكافة أصناف الرعاية، حتى استفحل خطره وانتشر وباؤُه مُدمِّرًا يعصف بفلسطين وشعبها.
وخلال عام 1855م تمكن "مونتفيوري" من شراء أول قطعة أرض في القدس كان من المفترض أن يبني عليها مستشفى، إلا أنه أقام بدلاً منها حيًّا سكنيًّا لليهود، وكان ذلك أول حي يهودي يُقام في القدس، وعُرِف باسم "حي مونتفيوري".
وحصل "أودلف كريمييه" النائب اليهودي في البرلمان الفرنسي عام 1868م على قرار من السلطان العثماني باستئجار (2600) دونم من الأراضي بالقرب من يافا لمدة (99) عامًا، وأسس الحاخام "هيرش" في عام 1864م جمعية استعمار أرض إسرائيل بالتعاون مع "التحالف الإسرائيلي العالمي"، وقد أقامت هذه الجمعية عام 1870م أول مدرسة زراعية يهودية في فلسطين تُدْعَى "مدرسة نيتر" عند مدخل مدينة يافا.
4- نجحت الصهيونية في عام 1913م بالاتفاق مع قادة الأتراك الاتحاديين في رفع القيود عن الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والسماح لهم بامتلاك الأراضي[1].
وفي مواجهة هذا الأمر قام الكثيرون من أهل فلسطين بالتصدى للهجمة الصهيونية الاستعمارية المتمثلة في الهجرة والاستحواذ على الأراضي، وتأسست في فلسطين في منتصف عام 1914م مؤسسات وطنية وخيرية في القدس؛ بهدف مقاومة المد الصهيوني في فلسطين، تدعو إلى مساندة الصناعات الوطنية ونشر التعليم من أجل مواجهة الأخطار التي تهدد الدولة، ومن هذه المؤسسات: (الجمعية الخيرية الإسلامية - وجمعية الإخاء والعفاف - وشركة الاقتصاد الفلسطيني العربي - وشركة التجارة الوطنية الاقتصادية). كما قام الطلبة الفلسطينيون بتأسيس (جمعية مقاومة الصهيونية) في الأزهر، وفي بيروت أسس طلبة نابلس (جمعية الشبيبة النابلسية)، وفي حيفا تأسست (جمعية المنتدى الأدبي).
أما النساء الفلسطينيات فقد أَسَّسن (جمعية الإحسان العام - وجمعية يقظة الفتاة العربية)، ونشطت اللجان والمؤسسات الفلسطينية خلال تلك الفترة في العمل لمواجهة الخطر اليهودي، وقامت بعمليات إحراق وتخريب المؤسسات الأجنبية والصهيونية التي كان يقيمها اليهود هناك، إلا أن اليهود عن طريق التحايل والدعم البريطاني والالتفاف على القوانين والأنظمة العثمانية التي كانت تمنع حيازة اليهود للأراضي في فلسطين، وزرع الموظفين العملاء والسماسرة الخونة، تمكنوا من اقتناص 650.000 دونم بحجة إنعاش الزراعة وبناء المستشفيات والجامعات، خلال الفترة الممتدة من 1850م إلى 1920م.
5- كان للإقطاعيين دور كبير في بيع الأراضي، حيث باعت الدولة العثمانية لكبار الملاك اللبنانيين والسوريين، القُرى والأراضي الفلسطينية التي عجزت عن تسديد ديونها؛ بسبب الضرائب الباهظة المستمرة التي فُرضت على تلك القرى، من قبل حكومة الدولة العثمانية.
وهكذا حصل كبار الملاك (الإقطاعيون) على الأراضي الفلسطينية كسلعة رائجة لزيادة أرباحهم في أواخر القرن التاسع عشر، وكان لهم حق الحيازة فقط دون حق الرقبة، أي حق الانتفاع بالأرض بيعًا ورهنًا وتوريثًا بما يقترب من الملكية، ولكن بشرط واحد هو عدم جواز تغيير طبيعة الأرض الزراعية، وذلك في مقابل سداد الديون المستحقة على هذه القرى والناجمة عن الضرائب المتراكمة، مع ضرورة إبقاء المنتفعين في أراضيهم. فقد تمكن الثري اللبناني "سرسق"[2] من شراء ستين قرية في سهل مرج بني عامر في فلسطين عام 1869م، وكان هذا السهل قد آل للدولة، عندما انتزعت ملكيتُهُ من قبيلة بني صخر؛ تسديدًا للديون المتراكمة عليها من الضرائب الكثيرة التي فرضتها عليهم الحكومة العثمانية، وحين وجد هؤلاء التجار من يدفع لهم أكثر باعوها لليهود..
وهذه الأراضي بيعت من قبل العائلات العربية غير الفلسطينية، ومنها: عائلات "القباني" و"التويني" و"الجزائري" و"سرسق" و"سلام" و"الطيان"، ومن بعض عائلات فلسطين "كسار" و"روك" و"خوري" و"حنا" وغيرهم. وتؤكد "روز ماري" التي جندت نفسها لتبيان الكثير من الحقائق حول اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، خلال ثلاثين سنة من الدراسة والتقصي أن: "عمليات البيع الكبيرة هذه -والتي كان أسوءُها ما قامت به عائلة سرسق البيروتية التجارية في أوائل العشرينيات من بيع 240 ألف دونم في سهل مرج بني عامر الخصيب- كان يمكن ألاّ تتم بعد السنوات القليلة الأولى من الانتداب؛ بسبب التنامي السريع للروح الوطنية، ومنذ ذلك الحين فصاعدًا، أصبح شراءُ الصهاينة للأراضي يواجِهُ من العقبات ما لم يخطر ببالِ مؤسسي الحركة الصهيونية".
6- بلغت مساحة الأراضي التي ساهم كبار الملاك بتحويلها لليهود 625.000 دونم طبقًا لما أوردته الوكالة اليهودية -وهو ما جاء في إحصاءات الوكالة اليهودية، صفحة 435 المطبوعة في عام 1947م- موزعة على النحو التالي: 400 ألف دونم في مرج بني عامر، و165 ألف دونم من أراضي الحولة، و32 ألف دونم في وادي الحوارث، و28 ألف دونم في أقضية الناصرة وصفد وعكا وبيسان وجنين وطولكرم. وبلغت مساحة الأراضي التي اشتراها اليهود من عرب فلسطين، وبعضها نتيجة قانون نزع الملكية وتنفيذًا لأحكام أصدرتها المحاكم المختصة، أو لظروف اقتصادية بالغة القَسْوة 261.400 دونم من مساحة فلسطين (27.000.000 دونمًا)، ويتضح من هذه الأرقام أن بعض الفلسطينيين باعوا -ومعظمهم تحت ظروف قاهرة- أقل من 1% من مجموع مساحة البلاد البرية.
وفي هذا المجال يبين الخبير الإنجليزي "فرانس" في تقريره، ويؤيده في ذلك "سمبسون" بقولهما: "إن بعض الأهالي اضطروا إلى بيع أراضيهم؛ إمَّا لتسديد ديونهم أو لدفع ضرائب الحكومة، أو للحصول على نقد لسدِّ رَمَقِ عائلاتهم".
ويؤكد "جون رودي" الحقيقة التالية: "لئن كانت هذه الأرقام توضح بجلاء أن بعض العرب، ولا سيما أولئك الذين يدعونهم إقطاعيين، يتحملون مسئولية مباشرة وشخصية عن استلاب الميراث الفلسطيني، فلا ينبغي للمحلل أن يغفل الحقيقة القائلة بأن الأكثرية الساحقة من العرب لم تقم ببيع أراضيها، حتى إن الكثيرين من أصحاب الملكيات الكبيرة مثل آل الحسيني، حافظوا على أملاكِهم مصونةً إلى النهاية".
بشائر السنن بزوال المحن
الخميس, 03 تشرين1/أكتوير 2013
د. أحمد الشوابكة
يُنْفِذ المولى سبحانه إرادته المطلقة في هذا الكون وفق وسائل عدّة، ندرك منها الإرادة الربانية النّافذة والمباشرة على قاعدة ( كن فيكون ) والمعجزة وهي خارقة للعادة يجريها على أيدي أنبيائه، أما أشهرها وأكثرها وأدومها فهي السنن والنّواميس، وهي قواعد ومعادلات تنظم حركة الكون بكافة مكوّناته بمنتهى الدقة والكمال والإتقان، ثابتة ومنتظمة ونافذة لا تتغير ولا تتبدّل ولا تتعطّل.
يُفيد تحرّيها والتعرّف عليها ومراعاتها في السير بمسالك الحياة الوعرة بأعلى درجات الامان والنجاح، وبأقل قدر ممكن من الخسائر والعثرات. والجهل بها أو تجاهلها مدعاة للعثار والفشل والهلاك.
نذكر هذا وأمامنا المشهد المصري بكل تجلّياته بعد وقوع الانقلاب العسكري؛ حيث العشوائية ومجافاة السنن والنواميس هي سيدة الموقف، والعلامة الفارقة في كل ما يتم رسمه من سياسات أو اتخاذه من مواقف وقرارات وممارسات وإجراءات على كافة الصعد ومختلف المستويات؛ مما يؤذن بأنّها فترة عابرة ومولود شائه لن يكتب لها الاستمرار ولا له البقاء.
إن العديد من المراقبين والمتابعين في داخل مصر وخارجها من أرباب الحجى والمنصفين وممّن يحكّمون العقل والضمير ويزنون الأمور بموازين السّنن والنواميس، يؤكّدون أن أوضاع مصر بعد الانقلاب تفتقر إلى أدنى درجات العقل والمنطق، وأنّها تسير نحو نهايتها وبخطىً متسارعة وتكاد لا تشبهها حالة لا في الزمن الحاضر ولا في الزمن الغابر.
إن توالي الأحداث وكثرتها وغرابتها مما لا يستوعبه عقل ولا يسعه منطق ولا تملك أمامها إلاّ أن تعدّها فترة جنون عابرة وسحابة صيف زائفة، سرعان ما تنتهي لتعود الأمور إلى نصابها.
ترى في مصر الانقلاب من ألوان العجب ما تحار في توصيفه هل هو أمر حدث أم كابوس نائم، عندما ترى أن رئيساً شرعياً منتخباً يُجرّم ويعزل ويسجن خلال ساعات، مقابل رئيس متّهم ومسجون يبرّأ ويطلق سراحه، عندما يُستبعد دستورٌ عُدّ من قبل لجنة منتخبة يرأسها عَلَمٌ قانوني كالغرياني تظهر فيه هوية مصر الإسلامية ويُستفتى عليه الشعب، ويُستبدل به دستور تعدّه لجنة معيّنة بلون واحد، يرأسها مَنْ أقصاه الشعب واستبعده في صناديق الاقتراع، ينزع عن مصر هويتها الإسلاميّة ويستبدل بها علمانية فاجرة، عندما تغدو الفضيلة رذيلة والرذيلة شعار القوم وناموسهم، عندما يُعتقل ويسجن الأصفياء والأتقياء ويسرح ويمرح البلطجيّة والأغبياء، عندما تُعدّ سياسة الاعتماد على النّفس خيانة ومد اليد لطويل العمر أو قصيره قمة الوطنية والأمانة، عندما ترى بريئاً يتّهم ومتّهماً يُبرّأ، وأميناً يُخوّن وخائناً يؤتمن، وصادقاً يكذّب وكاذباً يُصدّق، ومسالماً يُجرّم وإرهابيا وبلطجياً يُكرّم، عندما ترى هذا كلّه، لا تجد جواباً شافياً إلاّ فيما ضربه المولى عزّو جل أمثلة شافية في كتابه الكريم عن أمثال هذه الحالات ومصيرها، عندما يقول سبحانه ( ثم نُكسوا على رؤوسهم ) وفي قوله ( من قبل أن نطمس وجوهاً فنردّها على أدبارها ) وفي قوله ( أفمن يمشي مكباً على وجهه... ). فكما هي هذه الحالات مستحيلة الحدوث وإن حدثت فمستحيلة البقاء في عالم خلق الإنسان، فإنها أيضاً مستحيلة الحدوث وإن حدثت فمستحيلة الاستمرار في عالم السياسة والاجتماع، مما يؤكّد أن الحالة الحاضرة في مصر بعد الانقلاب وإن حدثت استثناءً فإنها يقيناً غير مؤهّلة للاستمرار وهي لا محالة إلى زوال.
كيف يستغل المربون أيام العشر؟ - كيف يستغل المربون أيام العشر؟ - كيف يستغل المربون أيام العشر؟ - كيف يستغل المربون أيام العشر؟ - كيف يستغل المربون أيام العشر؟
كيف يستغل المربون أيام العشر؟
خالد روشة
تعد أيام العشر من ذي الحجة فرصة تربوية يستطيع كل مربٍّ أن يستغلها في التوجيه إلى معالي الفضائل والأخلاق، كما يستطيع أن يجعلها منطلقًا صحيحًا لتجديد نفسي سنوي لمتربيه ومتعلميه على مستوى الإيمان والتوبة والعمل الصالح، ونحن نقترح أن يكون ذلك من خلال بعض المحاور الأساسية:
أولاً: صناعة البيئة الإيمانية:
فالمنهج الإسلامي يساعد المربي في تلك الأيام على تهيئة البيئة الإيمانية، وصناعة الجو الإيماني العام المؤثر في الأفراد المراد توجيههم.
فالصيام والتكبير والذكر وعدم الأخذ من الشعر أو الأظفار -للمضحين- وارتفاع أصوات التلبية من الحجيج في شتى الأماكن تنقلها الإذاعات ووسائل الإعلام، وشراء الأضاحي والاستعداد ليوم النحر، كل ذلك يساعد المربي على إكمال الجو الإيماني المطلوب.
ودور المربي هنا هو استغلال ذلك بأعمال دعوية تكون ذلك الجو الإيماني الصالح، فيدعو متربيه إلى لزوم المساجد لأوقات قد تطول بعض الشيء وينتظرون من خلالها الصلاة بعد الصلاة، ويتلون من خلالها القرآن، ويتحينون الفرصة عند الإفطار في كل يوم للدعاء الصالح والمناجاة.
كما يمكن المشاركة في بعض الأعمال الجماعية التي تنشئ روح التضحية والبذل كالاجتماع على صناعة طعام للصائمين، ودعوة الفقراء لذلك الطعام الذي قد أعدوه بأنفسهم وتعبوا في إعداده، وتعاونوا على الإنفاق عليه من أموالهم الخاصة.
كما يمكنه أن يجتمع بهم فيتلو عليهم آيات وأحاديث تأمر بالصدقة والبذل والعطاء وسير الصالحين في التصدق في سبيل الله، ثم يأمرهم بالخروج للتصدق (كل على حدة)، ويذكّرهم باستحضار النية الصالحة وإخفاء الصدقة.
كما يمكنه أن يذكرهم بحديث أبي بكر الصحيح يوم أن قام بأربعة أعمال صالحات، هي: الصيام، واتباع الجنائز، وعيادة المريض، والتصدق بصدقة، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال عنه لمّا عرف ذلك منه: «ما اجتمعن في رجل في يوم إلا غفر الله له». فيتشبهون بفعل أبي بكر -رضي الله عنه- في جمع تلك الأعمال الصالحات الأربع في يوم... وغير ذلك.
ثانيًا: الدعوة إلى تغيير النفس والخلق والعادات من السلب إلى الإيجاب:
تناسب هذه الأيام العشر أن يجدد المربي دعوته لمتربيه أن يقوموا بعملية تغيرية لأنفسهم وأخلاقهم السيئة أو السلبية وعاداتهم المرفوضة إلى نفوس نقية للخلق جميعًا، وأخلاق تتشبه بأخلاق نبيهم صلى الله عليه وسلم، وعادات إيمانية طيبة، خالعين أخلاق وعادات الجاهلية والنفعية وما يتعلق بحب النفس والرغبة في العلو على الآخرين.
وينبغي أن يوجه المربي توجيهه نحو ذم خلق الكبر والعجب، مذكرًا إياهم كيف أمر الشرع أن يستوي الناس في الحج في ثيابهم وسلوكهم وكلامهم وأهدافهم، وأن يتركوا الدنيا والعلو فيها، وكيف يستوون في الرغبة فيما عند الله يوم عرفة، فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح، كما يوجههم نحو السيطرة على النفس وعلى شهواتها ورغباتها وترك الترفه والتنعم ما استطاعوا إلى ذلك والاخشوشان؛ عملاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «البذاذة من الإيمان»؛ وتشبهًا بالمحرمين الذين لا يجوز لهم الترفه بحال، ولا التنعم بشيء من المتاع الممنوع منه المحرم، بل ضبط للنفس ورباطة للجأش وبُعد عن شهوات الفرج والجنوح نحو المعاصي }فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ{ (البقرة: 197).
ثالثًا: التوجيه نحو التعاون والاعتصام ووحدة الكلمة:
ففي العشر من ذي الحجة تبين معاني الاعتصام بحبل الله تعالى وعدم التفرق، فالمسلمون جميعهم كل عام يرغبون في حج بيت الله تعالى، والحجيج يمثلون أعظم الصور الواقعية من التعاون والاعتصام بذات المنهج وذات الهدف في مشارق الأرض ومغاربها، والذين لم يقدر الله لهم الحج لهذا العام فهو يشارك الحجيج مشاعرهم القلبية، وترفرف روحه من حولهم داعيًا ربه أن يلحقه بهم في قابل.
والمربي ها هنا يدعو متربيه إلى نبذ الخلاف والتفرق والسعي للوحدة، وعدم استحقار العمل الصالح من أحد أيًّا كان، ورؤية العاملين لله جميعهم على ثغور مستهدفة، فيدعو لهم، ويرجو لهم النصرة، ولا يخذلهم ولا يسلمهم، بل يدعو لهم وينصرهم بما استطاع، ويناصحهم فيما رآه خطأ منهم، ويوجههم بالحسنى فيما خفي عنهم.
إنها أيام صالحات مباركات ينتظرها المؤمنون الصالحون؛ ليخلعوا ربقة الارتباط بالدنيا عنهم ويتحرروا من قيد الشهوة وقيد الأماني البالية، ويسطروا سجلاًّ من نور، فلا مادية تكسر حاجز الشفافية، ولا معصية تدنس الطاعة، بل ذكر وخشوع وتوبة وبكاء، فيرون الكون كله حبورًا وشفافية، ويمتزج النور بالسعادة، والأمل بمعنى الصدق، وتصبح الجنة هي المطلب والإخلاص هو المرتجى، وحسن الظن بالله هو كهف الأمنيات.
الخلافة والخيميائي! - الخلافة والخيميائي! - الخلافة والخيميائي! - الخلافة والخيميائي! - الخلافة والخيميائي!
الخلافة والخيميائي!
<< الثلاثاء، 8 أكتوبر/تشرين الأول، 2013 حلمي الأسمر
الدستور
كثيرون يرتجفون هلعا فور سماعهم كلمة «خلافة» وبعضهم يغلظ القول ويشتط به الخيال فيبدأ بمهاجمة هذا «النظام» باعتباره عودة لعصور بائدة و «متخلفة» وكثيرون أيضا يربطون بين هذا المصطلح وبين تنظيمات بعينها رفعته عنوانا «أيديولوجيا» لها، ولكنه على كل الأحوال ليس ملكا لها ولا لغيرها، لأنه في كنهه كان أقرب ما يكون إلى النظام الدولي الذي كانت فيه الكلمة العليا للمسلمين، وقد جرى تدمير هذا النظام لإقامة نظام دولي آخر عنوانه «عصابة مجلس الأمن» بكل ما تحمل هذه العبارة من معاني الإجرام والسلب تحت التهديد باستعمال السلاح واستعماله فعلا لـ «تأديب» الدول «المتمردة» عليه ..!
من أهم ما قيل في التوصيف الدقيق لنظام الخلافة، ما جاء في موسوعة «مقاتل من الصحراء» الإلكترونية تحت بند «الديمقراطية في الإسلام» حيث تصف الخلافة، كنظام سياسي في الإسلام، بأنها نظام مستقل، إذا أشبهته بعض الأنظمة السياسية القديمة أو الحديثة في بعض نواحيه، فهذا لا يقرّبه منها، ولا يبعده عنها، وإنما يجعله نظاماً خاصاً قائماً بين النظم القديمة والحديثة. لا يمكن أن يكون ملكياً؛ لأن الخليفة يحكم الناس طول حياته، ولا جمهورياً لأنه يفترض أن يُنتخب انتخاباً، ولا اشتراكياً لأنه أمرَ بالعدل، والإحسان، والمساواة، ورعاية اليتيم، والفقير، والمسكين، وفرض الزكاة، ولا رأسمالياً لأنه احترم الملكية الفردية، ولم يلغ الغنى، وإنما الخلافة نظام ديني سياسي فريد، بين هذه النظم، لا يجوز أن يُطلق عليه اسم من الأسماء القديمة أو الحديثة، ولا يُسمى بغير اسمه. هذا ما يقرره العلم الخالص، وما تفرضه الدراسة المتجردة للإسلام، باعتباره نظاماً مستقلاً، بالمقارنة مع الأنظمة السياسية الأخرى، أضف إلى ذلك، إن هذه المصطلحات السياسية الحديثة، كالديموقراطية، والجمهورية، والاشتراكية وغيرها، أصبحت لها مدلولات خاصة لا تحيد عنها تقريباً، على الرغم من أن الملكية مثلاً مطلقة، ودستورية، وبين بين؛ والجمهورية برلمانية، ورئاسية، وشعبية ديموقراطية؛ وغير ذلك، والاشتراكية أنواع وطبقات، واختلاف في التطبيق. غير أن هذه المصطلحات جميعاً ترجع إلى أصل واحد، له تعريفات محددة في المعاجم السياسية، وفي الكتب التي يتداولها أهل الاختصاص. لذلك، فليس من العدل، ولا من العلم، أن يُسمى نظام عمره أربعة عشر قرناً، باسم حديث قد يتفق معه في أمور، ويختلف معه في أمور أخرى، وربما كانت مواضع الاختلاف، أكثر بكثير من مواضع الاتفاق.
من هنا، نشفق على من يهرفون بما لا يعرفون حين نستحضر هذا المصطلح، الذي جرى تشويهه أو تقزيمه أو وصمه بصفات يعلم أهل الاختصاص والعلم من الساسة والمفكرين أنها محاولات بائسة لدفنه وإقصائه عن مدى تفكير أهله، أو استحضاره مجددا، لأن ما قام بديلا عنه وعلى أنقاضه لم يكن غير نظام عصابات مسلحة للسلب والنهب، يجتمع ممثلوها ببذلات رسمية تفوح من ثناياها عطور فارهة فاخرة، وتختبىء في جيوبها سكاكين ومدى وجِلدات القراصنة التي كانوا يخفون بها عيونهم المصابة، والمثل الأقوى والأبرز على آلية عمل «عصابة» مجلس الأمن «الوسام» الذي خلعته على نظام بشار الأسد، بعد أن كان قاب قوسين او أدنى من عقاب مدمر، وإذ به يتحول بين ليلة وضحاها إلى «نظام شرعي» شريك، يشبه ما قام به نظامه عمل خيميائيي القرون الوسطى الذين اجتهدوا لتحويل المعادن الخسيسة الى ذهب، فالرئيس السوري –وفق تعبير صحفي عربي- أنجز المعادلة الخيميائية المستحيلة: قم بابادة شعبك بالسلاح الكيماوي فتتحوّل فجأة الى شريك دولي وبطل اعلاميّ، ناهيك عن رعاية قيام وتقوية كيان العدو الصهيوني على أنقاض وأشلاء أرض وشعب فلسطين!
الطفل والأضحية رؤية خاصة - الطفل والأضحية رؤية خاصة - الطفل والأضحية رؤية خاصة - الطفل والأضحية رؤية خاصة - الطفل والأضحية رؤية خاصة
الطفل والأضحية رؤية خاصة
معتز شاهين
إذا ما اقترن لفظي (أضحية وطفل)، سنجد معاني السعادة والفرح والبهجة على وجوه أطفال، وأطفال آخرون ستكتسي وجوههم بالضيق والحزن على فراق الصديق –أقصد بالطبع الخروف-.
فما السبب في اختلاف ردود فعل أولئك الأطفال عند ذبحنا للأضحية؟
السبب يرجع لنا نحن الكبار وطرق تعاملنا مع منظر ذبح الأضحية بالنسبة لأطفالنا؛ فالكثير من الآباء يجبر أطفاله الصغار على رؤية منظر الذبح؛ على اعتبار أن ذلك سيجعل منه رجلاً ويعزز من صلابته، ويكسب شخصيته قوة تجعلها ينضج سريعًا ليصبح رجلاً!! ناسين أو متناسين أن أعصاب ذلك الصغير ونفسيته قد لا تقدر على تحمل منظر الدماء والأشلاء، ويلحق بذلك كنتيجة طبيعية أن تنتاب الطفل مشاكل نفسية متعددة؛ وقد تصاحبه إلى أن يكبر.
فنجد بعضهم وقد أصابته كآبة، وآخرون يصيبهم حالة من الإغماء عند رؤيتهم مشهد الذبح والدم، وهناك من يبكي بكاءً شديدًا ويصيحون بأعلى صوتهم: (لقد قتلتم صديقي!!)، وأطفال قد تمتنع عن أكل لحم الخروف وفاء له، وقد يمتد ذلك الامتناع حتى يكبر وتصبح عادة عنده.
إن الصورة المثلى التي يأمل كل والدين أن يروا أطفالهم عليها، هي صورة الطفل المقدام الفرح الفخور لأنه يطبق شرع ربه وسنة نبيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ويشارك في إطعام الفقراء والمساكين.
ولكن كيف نصل بأطفالنا إلى تلك الصورة المثلى:
أولاً: يجب علينا اختيار الوقت الصحيح لمشاركة أبنائنا في عملية الذبح:
فيرى كثير من علماء النفس أن تعريض الطفل لمثل تلك المناظر -وهو لم يتعدى سن السادسة بعد- قد يؤدي لحدوث مشاكل نفسية يصعب حلها، ويؤكد ذلك د/ محمد الحامد -استشاري ورئيس قسم الطب النفسي بمستشفى جدة- قائلاً: "إن الأطفال ممن هم دون سن 6 سنوات، يفترض أن لا يشاهدوا مثل هذه المناظر، والتي تُخَزَّن في داخلهم على أنها نوع من أنواع العنف، قد تكون لها تأثيرات واضحة على الطفل وسلوكه في المستقبل؛ خاصة وأن الطفل في هذه المرحلة لا يميِّز بين الصح والخطأ، فمن الممكن أن يخزّن الصور التي يراها في الذبح دون أن تتوافق مع المعايير الأخلاقية والقيمية السليمة".
قد يقول قائل بأن ذلك يتعارض مع السنة المطهرة؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر السيدة فاطمة أن تقوم فتشهد أضحيتها؛ وأرد على ذلك قائلاً: أولاً هذا الحديث فيه ضعف، وقد ضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب. ثانيًا: حتى وإن صح الحديث فكلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- موجه إلى السيدة فاطمة -رضي الله عنها- وليس إلى الأطفال.
وفي ذلك أيضًا ترى الدكتورة أمل العرفج -داعية وأستاذ تفسير القرآن ورئيسة الإرشاد الأكاديمي بكلية الآداب بالدمام- "أنه لا يوجد توجيه ديني صريح بحظر أو استحباب رؤية الأطفال لمشاهد ذبح الأضحية، وقد يكون ذلك عائدًا لاهتمام الدين الإسلامي بمراعاة نفسية الأطفال الحساسة".
لذا أرى أنه لا يستحب أن يحضر ذلك المشهد الأطفال دون السادسة من العمر، ومن المعلوم في قصة فداء سيدنا إسماعيل –عليه السلام- أنه كان قد وصل لسن السعي -أي سن العمل وهو سبع سنين فأكثر- عندما أمر الله -عز وجل- أبيه إبراهيم -عليه السلام- بذبحه، قال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102].
ثانيًا: تهيئة نفسية الطفل لاستقبال ذلك المنظر؛ ويكون ذلك بعدة طرق:
- أولها تعريف الطفل لماذا نذبح الأضحية؛ فيمهد الأب لذلك بأن يحكي قصة سيدنا إبراهيم وولده سيدنا إسماعيل -عليهما السلام- لطفله، وكيف أنزل الله -عز وجل- كبشًا فداء لسيدنا إسماعيل؛ لذا نحن نضحي كل عيد؛ وأيهم أغلى عندك -أي الطفل- سيدنا إسماعيل أم الخروف؟!
- لا بُدَّ أن نفهمه بطريقة بسيطة أن هذا الحيوان خلقه الله لذلك، وإننا «هنوزعه لحمة» على الفقراء، ليفرحوا ويشعروا ببهجة العيد كما تشعر أنت بها، وإننا بذلك نطيع ربنا.
ثالثًا: التدرج مع الصغير في رؤية هذا المشهد؛ ففي عام نجعله يوزع معنا الأضحية على الأقارب والفقراء دون رؤية ذبحها، والعام الذي يليه نجعله يشارك في تقطيعها وتوزيعها أيضًا، ثم العام الأخير يشارك معنا في عملية الذبح من الألف إلى الياء.
رابعًا: إحضار الأضحية إلى البيت متأخرًا؛ حتى لا يرتبط بها أطفالك عاطفيًّا، فالبعض منا قد يحضر أضحيته قبل فترة من العيد، فيلعب معها الأطفال ويمرحون، وتصبح الأضحية مصدر سعادتهم وفرحتهم، ثم يجيء يوم العيد لينهي هذه البهجة من وجهة نظرهم.
ختامًا لا شك أنه توجد مظاهر إيجابية لرؤية الأطفال للأضحية خلال ذبحها؛ ولكن يشترط قبل ذلك البدء في الخطوات التدريجية التي ذكرتها، حتى نجد أطفالنا يوم العيد يسارعون فارحين مقبلين لتطبيق شرع ربهم وسنة نبيهم الحبيب، مكبرين بأعلى صوتهم ليشاركوا في عملية الذبح بدون حساسية أو خوف.
موضوع ممتاز للنقاش
واول مرة ارى مقالة تتطرق الى هاذا الموضوع
وبصراحه اصابني بالحيره
ويتطلب مني ان اقراءه عدة مرات حتى استطيع الرد
فلم استوعب معظم الموضوع بعد
لي عودة
إذا ما اقترن لفظي (أضحية وطفل)، سنجد معاني السعادة والفرح والبهجة على وجوه أطفال، وأطفال آخرون ستكتسي وجوههم بالضيق والحزن على فراق الصديق –أقصد بالطبع الخروف-.
فما السبب في اختلاف ردود فعل أولئك الأطفال عند ذبحنا للأضحية؟
السبب يرجع لنا نحن الكبار وطرق تعاملنا مع منظر ذبح الأضحية بالنسبة لأطفالنا؛ فالكثير من الآباء يجبر أطفاله الصغار على رؤية منظر الذبح؛ على اعتبار أن ذلك سيجعل منه رجلاً ويعزز من صلابته، ويكسب شخصيته قوة تجعلها ينضج سريعًا ليصبح رجلاً!! ناسين أو متناسين أن أعصاب ذلك الصغير ونفسيته قد لا تقدر على تحمل منظر الدماء والأشلاء، ويلحق بذلك كنتيجة طبيعية أن تنتاب الطفل مشاكل نفسية متعددة؛ وقد تصاحبه إلى أن يكبر.
فنجد بعضهم وقد أصابته كآبة، وآخرون يصيبهم حالة من الإغماء عند رؤيتهم مشهد الذبح والدم، وهناك من يبكي بكاءً شديدًا ويصيحون بأعلى صوتهم: (لقد قتلتم صديقي!!)، وأطفال قد تمتنع عن أكل لحم الخروف وفاء له، وقد يمتد ذلك الامتناع حتى يكبر وتصبح عادة عنده.
إن الصورة المثلى التي يأمل كل والدين أن يروا أطفالهم عليها، هي صورة الطفل المقدام الفرح الفخور لأنه يطبق شرع ربه وسنة نبيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ويشارك في إطعام الفقراء والمساكين.
ولكن كيف نصل بأطفالنا إلى تلك الصورة المثلى:
أولاً: يجب علينا اختيار الوقت الصحيح لمشاركة أبنائنا في عملية الذبح:
فيرى كثير من علماء النفس أن تعريض الطفل لمثل تلك المناظر -وهو لم يتعدى سن السادسة بعد- قد يؤدي لحدوث مشاكل نفسية يصعب حلها، ويؤكد ذلك د/ محمد الحامد -استشاري ورئيس قسم الطب النفسي بمستشفى جدة- قائلاً: "إن الأطفال ممن هم دون سن 6 سنوات، يفترض أن لا يشاهدوا مثل هذه المناظر، والتي تُخَزَّن في داخلهم على أنها نوع من أنواع العنف، قد تكون لها تأثيرات واضحة على الطفل وسلوكه في المستقبل؛ خاصة وأن الطفل في هذه المرحلة لا يميِّز بين الصح والخطأ، فمن الممكن أن يخزّن الصور التي يراها في الذبح دون أن تتوافق مع المعايير الأخلاقية والقيمية السليمة".
قد يقول قائل بأن ذلك يتعارض مع السنة المطهرة؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر السيدة فاطمة أن تقوم فتشهد أضحيتها؛ وأرد على ذلك قائلاً: أولاً هذا الحديث فيه ضعف، وقد ضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب. ثانيًا: حتى وإن صح الحديث فكلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- موجه إلى السيدة فاطمة -رضي الله عنها- وليس إلى الأطفال.
وفي ذلك أيضًا ترى الدكتورة أمل العرفج -داعية وأستاذ تفسير القرآن ورئيسة الإرشاد الأكاديمي بكلية الآداب بالدمام- "أنه لا يوجد توجيه ديني صريح بحظر أو استحباب رؤية الأطفال لمشاهد ذبح الأضحية، وقد يكون ذلك عائدًا لاهتمام الدين الإسلامي بمراعاة نفسية الأطفال الحساسة".
لذا أرى أنه لا يستحب أن يحضر ذلك المشهد الأطفال دون السادسة من العمر، ومن المعلوم في قصة فداء سيدنا إسماعيل –عليه السلام- أنه كان قد وصل لسن السعي -أي سن العمل وهو سبع سنين فأكثر- عندما أمر الله -عز وجل- أبيه إبراهيم -عليه السلام- بذبحه، قال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102].
ثانيًا: تهيئة نفسية الطفل لاستقبال ذلك المنظر؛ ويكون ذلك بعدة طرق:
- أولها تعريف الطفل لماذا نذبح الأضحية؛ فيمهد الأب لذلك بأن يحكي قصة سيدنا إبراهيم وولده سيدنا إسماعيل -عليهما السلام- لطفله، وكيف أنزل الله -عز وجل- كبشًا فداء لسيدنا إسماعيل؛ لذا نحن نضحي كل عيد؛ وأيهم أغلى عندك -أي الطفل- سيدنا إسماعيل أم الخروف؟!
- لا بُدَّ أن نفهمه بطريقة بسيطة أن هذا الحيوان خلقه الله لذلك، وإننا «هنوزعه لحمة» على الفقراء، ليفرحوا ويشعروا ببهجة العيد كما تشعر أنت بها، وإننا بذلك نطيع ربنا.
ثالثًا: التدرج مع الصغير في رؤية هذا المشهد؛ ففي عام نجعله يوزع معنا الأضحية على الأقارب والفقراء دون رؤية ذبحها، والعام الذي يليه نجعله يشارك في تقطيعها وتوزيعها أيضًا، ثم العام الأخير يشارك معنا في عملية الذبح من الألف إلى الياء.
رابعًا: إحضار الأضحية إلى البيت متأخرًا؛ حتى لا يرتبط بها أطفالك عاطفيًّا، فالبعض منا قد يحضر أضحيته قبل فترة من العيد، فيلعب معها الأطفال ويمرحون، وتصبح الأضحية مصدر سعادتهم وفرحتهم، ثم يجيء يوم العيد لينهي هذه البهجة من وجهة نظرهم.
ختامًا لا شك أنه توجد مظاهر إيجابية لرؤية الأطفال للأضحية خلال ذبحها؛ ولكن يشترط قبل ذلك البدء في الخطوات التدريجية التي ذكرتها، حتى نجد أطفالنا يوم العيد يسارعون فارحين مقبلين لتطبيق شرع ربهم وسنة نبيهم الحبيب، مكبرين بأعلى صوتهم ليشاركوا في عملية الذبح بدون حساسية أو خوف.
المصدر: موقع المسلم.
بوركت أخي الكريم على هذا الاختيار الرائع فنحن في أمس الحاجة لمثل هذا النوع من التوعية اتجاه ابنائنا ,,,
يبدو في المقال أن مشاهدة الأطفال لعملية الذبح تؤثر على سلوكهم في المستقبل و أتوقف قليلا هنا حيث يتبادر الى ذهني أن ابني علاء بأعوامه الأربعة قد شاهد مرتان عملية الذبح وهو لا يهاب أبداً بل على العكس تماماً,,, و أعود لأتساءل كيف لي أن أتدارك ما حدث ؟