يتظنى من الكآبة إذ يبـ *** ـدو لعيني مصبح أو ممسي
37
مزعجا بالفراق عن أنس إلف *** عز أو مرهقا بتطليق عرس
38
عكست حظه الليالي وبات الـ *** ـمشتري فيه وهو كوكب نحس
39
فهو يبدي تجلدا وعليه *** كلكل من كلاكل الدهر مرسي
شكرا سامبا على القصيدة التي احبها جدا ..لا اعلم لم تختار دوما من القصائد ما يروق لي
دمتم بعز
سبحان الله القلوب عند بعضها
انا ايضا احب المواضيع التي تكتبها
وابحث عنها دائما
حكم زهير بن ابي سلمى مع الشرح - حكم زهير بن ابي سلمى مع الشرح - حكم زهير بن ابي سلمى مع الشرح - حكم زهير بن ابي سلمى مع الشرح - حكم زهير بن ابي سلمى مع الشرح
دراسة أدبية لحِكَم زهير بن أبى سلمى
النـص:
ثمانينَ حولاً لا أَبـالَـكَ يَسـْأَم
1- سئمتُ تكاليف الحياة ومـن يـَعِـشْ
ولكنني عن علم ما في غـدٍ عـَمِ
2- وأعلمُ ما في اليومِ والأمـسِ قَبْـلَهُ
وإنَّ الفتى بعد السـفاهةِ يَحـْلُم
3- رأيت سِفَاهَ الشيْخِ لا حلـمَ بعـده
يُضَرَّسْ بأنيابٍ ويُـوطـأْ بمَنْـسِمِ
4- ومن لا يصانِـعْ فـي أمـورٍ كثـيرة
على قومه يُسْتَغْن عنه ويُـذْمَـمِ
5- ومن يكُ ذا فضل فيبـخل بفضـلـهِ
يُهدَّمْ ومن لا يظلِم الناسَ يُـظْـلَمِ
6- ومن لا يَذُدْ عن حوضـه بسـلاحـهِ
ولو رامَ أسباب السـماء بِـسـُلَّمِ
7- ومن هاب أسباب المنـايـا يَنَلـْنـَهُ
يطيعُ العوالي رً كِّبَتْ كُـل لَهـْذَم
8- ومن يَعْصِ أطـراف الزِّجـَاجِ فَإنَّـه
إلى مُطْمَئِنِّ البِرَّ لا يَـتَجَمـْـجَم
9- ومن يُوفِ لا يُذْمَمْ ومـن يُفـْضِ قَلْبُهُ
يَفِرْهُ ومن لا يَتقِ الشَّتْـمَ يُشــْتَم
10- ومن يَجْعَلِ المَعرُوفَ من دونِ عِرْضهِ
يَعُدْ حمدُهُ ذمّـاً عليـه ويَـنْـدَمِ
11- ومن يجعل المعروفَ في غـير أهْـلِهِ
ومن لا يُكَرِّم نَفْسـَهُ لـم يكـَرَّم
12- ومن يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عدوّاً صديقَـة
ولا يُعْفِهَا يوماً من الـذُّلِّ يَسـْأَمِ
13- ومن لا يَزَلْ يَسْتَرْحِلِ النّاسَ نَفْسَـهُ
وإن خالها تخفى على الناس تُعْلَمِ[1]
14- ومهما تَكُن عند امرىءٍ من خَلِيقَـةٍ
1- شرح الأبيات:
(1) سئمت: مللت. تكاليف: جمع تكلفة وهي المشقة.
لقد مللت مشقة الحياة وتعبها، ومن عاش مثلي ثمانين سنة لابد أنه سيسأم البقاء في هذه الدنيا.
(2) إن علمي مربوط بما رأيته في الماضي وما أراه في وقتي الحاضر، وأما المستقبل فإنه محجوب عني فكأني بالنسبة له الأعمى الذي لا يبصر ما أمامه.
(3) عندما يصاحب السفه شاباً فإنه يمكن تقويمه، وأما الشيخ عندما يصاحبه السفه فمن الصعب تقويمه وتعديله.
(4) يضرس: يعضض. المنسم: طرف خف البعير.
لابد من مداراة الناس في كثير من الأمور، ومن لم يفعل ذلك فسوف يصله الأذى والشر وربما ناله البطش.
(5) من أعطاه الله الغنى والمال فبخل به ولم ينفقه في وجوهه بل حفظه ولم يعط القريب فإن ذلك القريب سيستغني، وسيصل الذم ذلك المانع لماله.
(6) من تجرأ الناس على حقوقه فنالوا منها، ولم يستطع منعهم فإنهم سيستبيحون ما بقي منها لأن الناس لا تردعهم إلا القوة وقوله "ومن لا يظلم الناس يظلم" نظرة جاهلية.
(7) أسباب: نوا حي.
إن من خاف من الموت لن ينفعه ذلك، ولو حاول الهروب إلى السماء، لأن الموت سيلاقيه لا محالة.
(8) الزجاج: جمع زُجّ وهو أسفل الرمح. العوالي: جمع عالية وهي أعلى الرمح التي يكون فيها السنان. اللهذم: الحاد.
إن من عارض الصلح سيصطلي بنار الحرب، وسوف تناله السنان الحادة التي تمزق جسده.
(9) يفض: يصبر ويطمئن. لا يتجمجم: لا يتردد في الصلح.
إن من أوفى بما وعد به لن يصل إليه الذم ومن اطمأن قلبه إلى طريق البر والخير فإنه لن يتردد في تنفيذ الصلح ونبذ الحرب.
(10) يفره: لا ينقصه.
إن من أراد أن يكون عرضه مصوناً فعليه ببذل المعووف، أما من يعرض نفسه للسباب فإن الذم سيصله.
(11) والباذل للمعروف يجب عليه أن يضعه في من يستحقه لأن بذل المعروف في غير أهله لا يعقبه إلا الذم وندامة باذله.
(12) إن الغريب قد يغتر بالناس فيظن أعداءه أصدقاء له، وإن من أذل نفسه فقد أتاح لغيره أن يذله ويستصغر شأنه.
(13) إن من جعل نفسه عالة على الناس لا يتعفف ولا يترفع وإنما يرمي بنفسه في مواضع الإهانة من كانت هذه صفته فإن الناس سيملونه.
(14) خليقة: طبيعة.
إن طبيعة الإنسان وسجيته التي جبل عليها لابد أن تظهر للناس مهما حاول صاحبها إخفاءها.
2- المناسـبة:
كان زهير بن أبي سلمى المزني نازلاً في بني مرة من ذبيان، وقد نشبت حرب ضروس بين ذبيان وعبس عرفت بحرب داحس والغبراء اصطلى زهير بنارها هو وغيره من بني ذبيان وقد استمرت تلك الحرب عشرات من السنين، وقد مالت عبس في نهاية تلك الحرب إلى السلم ووافق ذلك رغبة من بني مرة الذبيانيين، فسعى رجلان فاضلان في الصلح بين عبس وذبيان، والرجلان هما هرم بن سنان والحارث بن عوف، فجمعا الديات التي بلغت ثلاثة آلاف بعير، فأعجب زهير بهذين الرجلين ومدحهما بقصيدة طويلة هي معلقته، وقد ختمها بهذه الحكم التي أوردناها والتي يحث معظمها على الصلح.
3- دراسة الأفكـار:
أفكار زهير بن أبى سلمي فما حكمه هذه هو خلاصة تجاربه ونظرته للحياة والناس، وهي أفكار سائدة في المجتمع فهو لم يأت بجديد، وإنما الذي فعله هو لفت النظر إليها. والشاعر ماهر في استخلاص ما يهم الناس من تجاربهم الكثيرة ولذلك جاءت أفكاره مطابقة للواقع، فهي حقائق ثابتة مسلم بها. فهو يرى أن الإنسان يمل من الحياة عندما يبلغ ثمانين سنة، وذلك تعبير عن الضجر الذي يحس به الشيخ الكبير، والإنسان يعلم ما في اليوم والأمس ولا يعلم ما في المستقبل.
ومداراة الناس ضرورة لابد منها، والخوف من المنية لا يدفعها، وجعل المعروف في غير أهله يعود على صاحبه بالضرر، وطبيعة الإنسان يعلمها الناس لا محالة.
فزهير صادق فيما قال، والدليل على صدقه أن هذه الحكم جربها الناس فعرفوها وهو واحد منهم، مر عليه وضع المعروف في غير أهله، وجرب مداراة الناس ورأى أنها أصلح من مصادمتهم ومعارضتهم فصدق الشاعر فيما قال تشهد له الوقائع.
وهدف زهير من طرح هذه الحكم الرقي بالمجتمع الذي يعيش فيه، فهو يريد أن يفهم مجتمعه الواقع على حقيقته ليتجنب الضرر قبل أن يقع فيه، فزهير يحب لقومه أن يتركوا بعض العادات السائدة من التطاول ومعارضة الحق والسير في طريق الباطل، فحذيفة بن بدر الذبياني عارض الصلح مع عبس وتطاول فكانت نهايته القتل في يوم الهباءة عندما قتله قيس بن زهير العبسي وهذا هو ما عبر عنه زهير في قوله:
يطيع العوالي ركبت كل لهذم
ومن يعص أطراف الزجاج فإنه
وقد كان لزهير ما أراد فقد أثرت حكمه في ذلك المجتمع وأصبحت دروساً تعظ الناس وتبعدهم عن الشر وتقربهم للخير.
وعندما ننظر في الأبيات التي تجمع هذه الحكم لا نجد بينها رابطاً، فيمكن أن نقدم ونؤخر في الأبيات بسهولة فلا يتأثر المعنى العام، ولكن الشيء الذي يجمع هذه الحكم هو المُثُل العُلْيا السائدة في القبائل العربية في العصر الجاهلي. وحكم زهير هذه تتميز بوضوحها فهي أفكار واضحة لا لبس فيها ولا غموض وليست قابلة للتأويل.
وهذه الأفكار هي عصارة الفكر الجاهلي جمعها زهير في هذه القصيدة.
4- الأسـلوب:
الألفاظ هي اللبنات التي تكون الأسلوب، فإذا أحسن الشاعر اختيار الألفاظ فإن أسلوبه سيبنى على أساس متين، وزهير هو شاعر الصنعة في العصر الجاهلي يعرف كيف ينتقي ألفاظه، فقد اختار ألفاظاً سائرة بين الناس ومفهومة، وترفع عن الألفاظ المبتذلة. كما أنه تجنب الألفاظ التي لا يفهمها الكثير من الناس، وإذا كان قد أتى بشيء منها مثل (يضرس، منسم، الزجاج، لهذم، يتجمجم) فإن هذه الألفاظ قليلة بالنسبة لألفاظ القصيدة كلها.
أما التراكيب؛ فقد سبك الشاعر ألفاظه في تراكيب محكمة وتلك التراكيب ربط بعضها في بعض؛ بحيث كونت أبياتاً لا نرى فيها خللاً ولا فجوات وهذا هو السبب الذي جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "كان زهير لا يعاظل في كلامه".
أي إنه يصْنَعُ تراكيبه بطريقة تفرض احترام شعره على القارئ، فتراكيب زهير ليس فيها تعقيد ولا إدخال تركيب ليس له حاجة، ولا نجد تركيباً مبتذلاً أو يشتمل على خطأ نحوي، وإنما نجدها تراكيب تشملها أصالة الشاعر.
وأسلوب الشاعر تتوافر فيه اللباقة، فهو يتوخى سلوك الطريق السهل، ومن الطرق التي سلكها في أسلوبه طريق التشويق فقد اعتمد على الشرط في كثير من أبياته فجعل القارئ ينتظر الجواب دائماً.
وآخر ما نقوله في أسلوب زهير إنه أسلوب انتقيت ألفاظه وأحكمت تراكيبه، وسلم من الحشو والغرابة، والإسفاف، فهو من الأساليب المصنوعة البعيدة عن الارتجال والتسرع، وإذا تذكرنا عمل زهير في قصائده وأنه يبقيها عنده سنة كاملة يستبدل كلمة بأخرى أو تركيباً بآخر ظهر لنا أن جودة أسلوبه لم تحصل له بسهولة وإنما هي ناتجة عن صنعة زهير المشهورة.
جرير والفرزدق والأخطل
سئل خالد بن صفوان - وهو علاّمة بليغ فصيح- عن الفرزدق وجرير و الاخطل .. فقال : اما افخرهم فخرا واوزنهم شعرا واركبهم وعرا, واشردهم مثلا واحسنهم ملامة, السامي اذا افتخر والطامي اذا زخر فالفرزدق ...
اما اغزلهم بيتا واقلّهم قوتا , والقريب المأخذ والماجد الخضرم , والذي اذا مدح رفع واذا هجا وضع فالاخطل ...
واما ارقهم شعرا واغزرهم بحرا واهتكهم سترا , واشدهم اذى , واحسنهم عتابا فجرير ...
الاخطل هو اقدمهم في الشعر , وهو شاعر بني تغلب في وقته , وكان شاعر بني تغلب قبله كعب بن جعل , فلما حضرته الوفاة قال : يعزّ عليّ يا بني تغلب ان اموت وليس فيكم شاعر يذبّ عنكم بعدي ... فقالوا له قومه : هناك غلام نصراني منّا قد أنجب في الشعر . قال : اّتوني به ... فأتوه بالاخطل . فلما راّه قال : ان كنت تحسن الشعر فاهجني ... فاخذ كل واحد منهما يهجو الاخر الى ان قال الاخطل ابياته المشهورة والتي عدها العرب من اعظم ما قيل في الهجاء ... حيث قال :
وسميت كعبا بشر العظام *** وكان أبوك يسمّى الجعل
وأشبهت أمّك لم تعدها *** وفي ذاك عار لمن قد عقل
وأصبحت تحتل من وائل *** محل القراد من است الجمل
فقال له كعب : عليه لعنة الله , وعلى من جاء به , هذا شاعركم من بعدي ...
اما الفرزدق فكان جدّه سيدا في قومه , وكان من استجار بقبره لم يعد عليه احد , وفي ذلك قال الصلتان العبدي -شاعر- :
ويرفع من شعر الفرزدق انه *** ينوء بقوم للخسيسة رافع
وقد طلب من الصلتان ان يحكم بين جرير والفرزدق , ففضل الفرزدق بقومه وجرير بشعره , فرضي الفرزدق بحكم الصلتان وقال :
انما الشعر مروءة من لا مروءة *** له وهو أحسن حظّ الشريف
اما جرير فغضب من الحكم وقال :
بكيت , ولم أملك سوابق عبرة *** متى كان حكم الله في كرب النخل
قال التنوخي : ان شعر الفرزدق أصلب من شعر جرير , وجرير أرق شعرا و أغزر بحرا .. و مما قيل فيهما : ان الفرزدق ينحت من صخر ... وجرير يغرف من بحر. وفي هذه حكاية , وهي ان الفرزدق قدم المدينة فنزل على الاحوص الانصاري -شاعر اموي- وطلب الفرزدق غناءا ... فأخرج الاحوص جاريته فأخذت تتغنى وتقول :
ألا حيّ الديار بسعد اني *** أحب لحبّ فاطمة الديارا
اذا ما حلّ أهلي يا سليمى *** بدارة صلصل شحطوا المزارا
يحن فؤاده والعين تلقى *** من العبرات جولا و انحدارا
فقال الفرزدق : يا أهل القرية , ما أرق شعركم , وأظرف كلامكم . قالوا : أتدري لمن هذا الشعر ؟! فقال : لا . قالوا : انه لجرير ... قال : قاتله الله , ما أحوجه من عفته الى فحولة شعري ... و أحوجني الى رقة شعره مع غزلي .
ومن غرائبهما انهما سبق ان قالا ابيات لبعضهما دون ان يعلما ... فقد سبق ان قال الفرزدق ابيات عندما كان عند سليمان بن عبدالملك وسقط سيفه عندما امره سليمان ان يقتل الاسير وبلغت القصة الى جرير وهو في اليمامة فقال كأني بالفرزدق سيقول هذه الابيات ولما وصل راوية جرير الى الشام كان الفرزدق قد قال مثل ما قال جرير ... فبلغ ذلك سليمان بن عبدالملك فضحك وقال : والله لا أحسب شيطانهما الا واحد .... :
وكان جرير والفرزدق مع تساببهما قد تعاهدا على ألاّ يهجو أحدهما الاّخر اذا مات صاحبه , فمات الفرزدق أولا , فقال جرير :
مات الفرزدق بعد ما جدّعته *** ليت الفرزدق كان عاش قليلا
ثم قال والله لا أزيد على هذا البيت شيئا البتة , ثم أخذ يرثيه وقال : والله انه ما تصاول فحلان فمات أحدهما الاّ كان الاّخر سريع اللحاق به . وفعلا لم يلبث جرير الا قليلا ولحق بصاحبه .. وهذه ابيات جرير في رثاء الفرزدق وامعن في البيت الاخير :
لعمرِي لقد أشجي تميما وهـداها *** على نكبات الدهرِ موت الفرزدق
عشـية راحـوا للفـراق بنعشـه *** إلى جدث في هوّة الأرض معمق
لقد غادروا في اللحد من كان ينتمي *** إِلىكلّ نجم في سماء محـلق
ثوى حامل الأثقال عن كلّ مغـرم *** ودامغ شيطان الغشوم السمـلق
عمـاد تمـيم كلها ولسانـها *** وناطقها البذاخ في كل منـطق
فمن لذوِي الأَرحامِ بعد ابن غالب *** لجار وعان في السّلاسل مـوثق
ومن ليتـيم بعد مـوت ابن غالب *** وأمّ عيـال سـاغبِيـن ودردق
ومن يطلق الأسرى ومن يحقن الدما *** يداه ويشفي صدرحران محنق
وكـم من دم غال تحـمّل ثقـله *** وكان حمولا في وفاء ومصدق
وكم حصن جبّارِ همـام وسوقة *** إِذا مـا أتـى أبـوابه لم تغـلّق
تفـتّح أبـواب المـلوك لوجـهِه *** بغيـرِ حجاب دونـه أو تمـلّق
لتـبك عليه الانس والجـنّ إذ ثوى *** فتى مضرٍ في كلّ غرب ومشرق
فتى عاش يبني المجد تسعين حجّه *** وكان إلى الخيرات والمجد يرتقي
فمـا مات حتى لم يخـلّف وراءه *** بحـية واد صـولة غير مصـعق
جرير والفرزدق والأخطل
سئل خالد بن صفوان - وهو علاّمة بليغ فصيح- عن الفرزدق وجرير و الاخطل .. فقال : اما افخرهم فخرا واوزنهم شعرا واركبهم وعرا, واشردهم مثلا واحسنهم ملامة, السامي اذا افتخر والطامي اذا زخر فالفرزدق ...
اما اغزلهم بيتا واقلّهم قوتا , والقريب المأخذ والماجد الخضرم , والذي اذا مدح رفع واذا هجا وضع فالاخطل ...
واما ارقهم شعرا واغزرهم بحرا واهتكهم سترا , واشدهم اذى , واحسنهم عتابا فجرير ...
الاخطل هو اقدمهم في الشعر , وهو شاعر بني تغلب في وقته , وكان شاعر بني تغلب قبله كعب بن جعل , فلما حضرته الوفاة قال : يعزّ عليّ يا بني تغلب ان اموت وليس فيكم شاعر يذبّ عنكم بعدي ... فقالوا له قومه : هناك غلام نصراني منّا قد أنجب في الشعر . قال : اّتوني به ... فأتوه بالاخطل . فلما راّه قال : ان كنت تحسن الشعر فاهجني ... فاخذ كل واحد منهما يهجو الاخر الى ان قال الاخطل ابياته المشهورة والتي عدها العرب من اعظم ما قيل في الهجاء ... حيث قال :
وسميت كعبا بشر العظام *** وكان أبوك يسمّى الجعل
وأشبهت أمّك لم تعدها *** وفي ذاك عار لمن قد عقل
وأصبحت تحتل من وائل *** محل القراد من است الجمل
فقال له كعب : عليه لعنة الله , وعلى من جاء به , هذا شاعركم من بعدي ...
اما الفرزدق فكان جدّه سيدا في قومه , وكان من استجار بقبره لم يعد عليه احد , وفي ذلك قال الصلتان العبدي -شاعر- :
ويرفع من شعر الفرزدق انه *** ينوء بقوم للخسيسة رافع
وقد طلب من الصلتان ان يحكم بين جرير والفرزدق , ففضل الفرزدق بقومه وجرير بشعره , فرضي الفرزدق بحكم الصلتان وقال :
انما الشعر مروءة من لا مروءة *** له وهو أحسن حظّ الشريف
اما جرير فغضب من الحكم وقال :
بكيت , ولم أملك سوابق عبرة *** متى كان حكم الله في كرب النخل
قال التنوخي : ان شعر الفرزدق أصلب من شعر جرير , وجرير أرق شعرا و أغزر بحرا .. و مما قيل فيهما : ان الفرزدق ينحت من صخر ... وجرير يغرف من بحر. وفي هذه حكاية , وهي ان الفرزدق قدم المدينة فنزل على الاحوص الانصاري -شاعر اموي- وطلب الفرزدق غناءا ... فأخرج الاحوص جاريته فأخذت تتغنى وتقول :
ألا حيّ الديار بسعد اني *** أحب لحبّ فاطمة الديارا
اذا ما حلّ أهلي يا سليمى *** بدارة صلصل شحطوا المزارا
يحن فؤاده والعين تلقى *** من العبرات جولا و انحدارا
فقال الفرزدق : يا أهل القرية , ما أرق شعركم , وأظرف كلامكم . قالوا : أتدري لمن هذا الشعر ؟! فقال : لا . قالوا : انه لجرير ... قال : قاتله الله , ما أحوجه من عفته الى فحولة شعري ... و أحوجني الى رقة شعره مع غزلي .
ومن غرائبهما انهما سبق ان قالا ابيات لبعضهما دون ان يعلما ... فقد سبق ان قال الفرزدق ابيات عندما كان عند سليمان بن عبدالملك وسقط سيفه عندما امره سليمان ان يقتل الاسير وبلغت القصة الى جرير وهو في اليمامة فقال كأني بالفرزدق سيقول هذه الابيات ولما وصل راوية جرير الى الشام كان الفرزدق قد قال مثل ما قال جرير ... فبلغ ذلك سليمان بن عبدالملك فضحك وقال : والله لا أحسب شيطانهما الا واحد .... :
وكان جرير والفرزدق مع تساببهما قد تعاهدا على ألاّ يهجو أحدهما الاّخر اذا مات صاحبه , فمات الفرزدق أولا , فقال جرير :
مات الفرزدق بعد ما جدّعته *** ليت الفرزدق كان عاش قليلا
ثم قال والله لا أزيد على هذا البيت شيئا البتة , ثم أخذ يرثيه وقال : والله انه ما تصاول فحلان فمات أحدهما الاّ كان الاّخر سريع اللحاق به . وفعلا لم يلبث جرير الا قليلا ولحق بصاحبه .. وهذه ابيات جرير في رثاء الفرزدق وامعن في البيت الاخير :
لعمرِي لقد أشجي تميما وهـداها *** على نكبات الدهرِ موت الفرزدق
عشـية راحـوا للفـراق بنعشـه *** إلى جدث في هوّة الأرض معمق
لقد غادروا في اللحد من كان ينتمي *** إِلىكلّ نجم في سماء محـلق
ثوى حامل الأثقال عن كلّ مغـرم *** ودامغ شيطان الغشوم السمـلق
عمـاد تمـيم كلها ولسانـها *** وناطقها البذاخ في كل منـطق
فمن لذوِي الأَرحامِ بعد ابن غالب *** لجار وعان في السّلاسل مـوثق
ومن ليتـيم بعد مـوت ابن غالب *** وأمّ عيـال سـاغبِيـن ودردق
ومن يطلق الأسرى ومن يحقن الدما *** يداه ويشفي صدرحران محنق
وكـم من دم غال تحـمّل ثقـله *** وكان حمولا في وفاء ومصدق
وكم حصن جبّارِ همـام وسوقة *** إِذا مـا أتـى أبـوابه لم تغـلّق
تفـتّح أبـواب المـلوك لوجـهِه *** بغيـرِ حجاب دونـه أو تمـلّق
لتـبك عليه الانس والجـنّ إذ ثوى *** فتى مضرٍ في كلّ غرب ومشرق
فتى عاش يبني المجد تسعين حجّه *** وكان إلى الخيرات والمجد يرتقي
فمـا مات حتى لم يخـلّف وراءه *** بحـية واد صـولة غير مصـعق
منقوووول
يعطيك العافية أخي أبو عدي ..
جميل أن نعرف على هؤلاء الشعراء ..ولو لمحة بسيطة ...
شكراً لك ...
بسم الله الرحمن الرحيم
القصيدة التي قتلت صاحبها
نقلتها لعيون عشاق الوحدات
وتحيه خاصة( لصمت البشر)
اود أن افرد بعض الاشرعة وان القي الضؤ علي احدي روائع الشعر العربي الجاهلي علها تفتح مداخل رحبة من التناول والمشاركة والاضافة واثراءً للنقاش . اذ وقع اختياري لقصيدة معينة لما فيه من سحر بياني عالي ودقة متناهية في الوصف والتصوير وايضا لما بها من قيم رفيعة شكلتها القصيدة وما صاحبتها من ظروف فالي مابها .
ماهي قصيدة اليتيمة ؟ ولماذا سميت بهذا الاسم ؟ وفي من واين قيلت ؟ وفي اي العصور والحقب التاريخية ؟
اولاً سميت بهذا الاسم لعدم معرفة قائلها أي او لانها لم تسمع أو لم تقرا مباشرة من فم شاعرها الحقيقي وهي قيلت في العصر الجاهلي , في ارض اليمن السعيد .
وقيلت في احدي حسناوات اليمن والتي كانت ممن يعتلون عرش الملك في ذاك الزمن السحيق وكانت الملكة دعد فضلاً عن كونها ملكة فتاة فائقة الجمال والحسن وتتمتع بذكاء وقاد وحس ادبي مرهف .
ولكونها غير عادية في كل شئ اتت بكل غريب وخروج عن العادات والتقاليد التي كان يؤسس لها المجتمع ولكونها ملكة من سلالة ملوك .
الغريب انها عندما عزمت ان تتزوج اعلنت ان مهرها هو اجمل قصيدة شعر تقال فيها ( لا ان تتزوج وفق بروتكول العرش )
تقاطر علي قصرها الشعراء من كل اصقاع الجزيرة العربية , من نجد وتهامة والحجاز والشام وايضاً من اليمن , وصار القصر لفترات طويلة عبارة عن مهرجاناً شعري
وكانت تجلس علي عرشها ويأتي كل شاعر يقول قصيدته وهي تنصت اليه بامعان وعندما يفرغ من من القائه تصمت ثم تطرق واخيراً تقول ليس بعد . أي ان صاحب الحظ الذي بالضرورة صاحب القصيدة الاجمل لم ياتي بعد .
وهكذا الي ان اصبح الصبح يوما واجتمع مجلس الشعر وبدأ الالقاء , فاخذ احد الشعراء يقرأ
دعد وماحفلت الا بحر تلفهفي دعد فالوجه مثل الصبح مبيض والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استحكما حسـنا والضد يظهر حسنه الضد
واستمر في الوصف والغزل ماشاء ان يستمر الي ان وصل لآخر بيت في قصيدته الطويلة بعد وصلت
الي ذروة طربها من رصانة القصيدة وبلاغتها ولم يخفي طربها من بيت لاخر حتي وصل للبيت الذي
يقول .
فان تتهمي فتهامة موطني أو تنجدي يكن الهوي نجد
في اشارة الي اقليمي نجد وتهامة والي انه قادم من نجد ولما كان في ذلك الزمان لسان اهل تجد يختلف عن لسان اهل تهامة في نطق الجيم ( جيم عادية النطق والاخري جيم معطشة )
وهنا تجلي ذكاء هذه الملكة وفطرتها , وصاحت وقالت له انت قاتل بعلي في اشارة الي ان من القي هذه القصيدة ليس من تهامة لاختلاف النطق وبالتالي صاحبه الحقيقي ليس بحاضر وبما انها من اجمل ماسمعت في وصفها فلابد ان من القاها علي مسامعها لا محالة قد قدر بشاعرها الحقيقي ليفوز بها.
ظل مكبلا ومعذبا الي ان لقي حتفه , وفي سؤال حرسها عن من هو صاحبها اعترف في اخر لحظات قبل ان ليفظ اخر انفاسه بانها ليست من نظمه وعنما هم بذكر صاحبه لفظ نفسه الاخير ولم يستطع نطقه وسميت اليتيمة ومن الروعة حقا في الوفاء ان دعد آلت علي نفسها الا تتزوج طيلة حياتها وفاء لم دفع حياته بسببها والي ان ماتت ولم تتزوج .
أشكرك أخي ابو عدي على هذا الاهداء ..وصراحة أثارني الفضول لأبحث عن هذه القصيدة وسبب مسماها باليتيمة ...
فوجدت هذه المعلومات عن قصيدة "دعد" القصيدة اليتيمة ...
اود أن افرد بعض الاشرعة وان القي الضؤ علي احدي روائع الشعر العربي الجاهلي علها تفتح مداخل رحبة من التناول والمشاركة والاضافة واثراءً للنقاش . اذ وقع اختياري لقصيدة معينة لما فيه من سحر بياني عالي ودقة متناهية في الوصف والتصوير وايضا لما بها من قيم رفيعة شكلتها القصيدة وما صاحبتها من ظروف فالي مابها .
ماهي قصيدة اليتيمة ؟ ولماذا سميت بهذا الاسم ؟ وفي من واين قيلت ؟ وفي اي العصور والحقب التاريخية ؟
اولاً سميت بهذا الاسم لعدم معرفة قائلها أي او لانها لم تسمع أو لم تقرا مباشرة من فم شاعرها الحقيقي وهي قيلت في العصر الجاهلي , في ارض اليمن السعيد .
وقيلت في احدي حسناوات اليمن والتي كانت ممن يعتلون عرش الملك في ذاك الزمن السحيق وكانت الملكة دعد فضلاً عن كونها ملكة فتاة فائقة الجمال والحسن وتتمتع بذكاء وقاد وحس ادبي مرهف .
ولكونها غير عادية في كل شئ اتت بكل غريب وخروج عن العادات والتقاليد التي كان يؤسس لها المجتمع ولكونها ملكة من سلالة ملوك .
الغريب انها عندما عزمت ان تتزوج اعلنت ان مهرها هو اجمل قصيدة شعر تقال فيها ( لا ان تتزوج وفق بروتكول العرش )
تقاطر علي قصرها الشعراء من كل اصقاع الجزيرة العربية , من نجد وتهامة والحجاز والشام وايضاً من اليمن , وصار القصر لفترات طويلة عبارة عن مهرجاناً شعري
وكانت تجلس علي عرشها ويأتي كل شاعر يقول قصيدته وهي تنصت اليه بامعان وعندما يفرغ من من القائه تصمت ثم تطرق واخيراً تقول ليس بعد . أي ان صاحب الحظ الذي بالضرورة صاحب القصيدة الاجمل لم ياتي بعد .
وهكذا الي ان اصبح الصبح يوما واجتمع مجلس الشعر وبدأ الالقاء , فاخذ احد الشعراء يقرأ
دعد وماحفلت الا بحر تلفهفي دعد فالوجه مثل الصبح مبيض والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استحكما حسـنا والضد يظهر حسنه الضد
واستمر في الوصف والغزل ماشاء ان يستمر الي ان وصل لآخر بيت في قصيدته الطويلة بعد وصلت
الي ذروة طربها من رصانة القصيدة وبلاغتها ولم يخفي طربها من بيت لاخر حتي وصل للبيت الذي
يقول .
فان تتهمي فتهامة موطني أو تنجدي يكن الهوي نجد
في اشارة الي اقليمي نجد وتهامة والي انه قادم من نجد ولما كان في ذلك الزمان لسان اهل تجد يختلف عن لسان اهل تهامة في نطق الجيم ( جيم عادية النطق والاخري جيم معطشة )
وهنا تجلي ذكاء هذه الملكة وفطرتها , وصاحت وقالت له انت قاتل بعلي في اشارة الي ان من القي هذه القصيدة ليس من تهامة لاختلاف النطق وبالتالي صاحبه الحقيقي ليس بحاضر وبما انها من اجمل ماسمعت في وصفها فلابد ان من القاها علي مسامعها لا محالة قد قدر بشاعرها الحقيقي ليفوز بها.
ظل مكبلا ومعذبا الي ان لقي حتفه , وفي سؤال حرسها عن من هو صاحبها اعترف في اخر لحظات قبل ان ليفظ اخر انفاسه بانها ليست من نظمه وعنما هم بذكر صاحبه لفظ نفسه الاخير ولم يستطع نطقه وسميت اليتيمة ومن الروعة حقا في الوفاء ان دعد آلت علي نفسها الا تتزوج طيلة حياتها وفاء لم دفع حياته بسببها والي ان ماتت ولم تتزوج .