رسالة لأصنام العرب الذين بكوا على سقوط الفرعون مبارك ...
الدكتور راجح السباتين
إن ما رأيناه من ثورة الشعب المصري البطل أمس كان جزءا من غضبة جيل غائبٍ لم يُؤخذْ رأيه في شاردةٍ أو واردةٍ عندما اتّفق سادته مع "الصهاينة و الأمريكان " على رسم مستقبله .... إنها ثورة الجيل الذي نام ثم استيقظ ليجد نفسه في أحضان عدوّه، وسلاسل العبوديّة محيطة بجسده المُنهك الضعيف من كل ركنٍ وزاويةٍ... وإنما هي رسالة نبثها إلى كل الأصنام الباكين على رحيل (مبارك) باسم الشباب المصريين الأحرار الذين يعيشون مجرّدين من كلّ شيءٍ على هامش الحياة. نبثّها باسم كل شريفٍ رافضٍ انتزع حروفَ مستقبله من بين كلمات سطور "السادة العبيد" الكبيرة المتزاحمة.
يا هؤلاء، يا مَن خَنتم الأمانة ونقضتم العهد مع كلِّ شيءٍ يتصل بالضمير من قريبٍ أو بعيدٍ، ماذا ستكسبون غداً عندما يقوم الناس لربّ العالمين؟؟ وبماذا ستجيبونه عندما يسألكم لماذا أحللتم أنفسكم دار البوار وكنتم من الهالكين؟؟
أيها "السادة العبيد"، ما النّفعُ الذي ستعود به عليكم صكوك التآمر على الناس في ليلةٍ صبُحها يوم القيامة، حيث لا مكان للاختباء أو الفرار؟؟ حروف غدركم ناءت بها السطور، وعجزت شياطين الأرض عن الإتيان بنصوصٍ فيها من القذارة ربعُ ما في نصوصكم! تخجل الأرض من زرعكم، زرع الأذى والكفران!! ويخجل الزرع من ريحكم، ريح العقم والسواد!! أخرُجوا من هذه الأرض أو عودوا إلى ملّة أهلها التي حفظتهم طيلةَ هذه السنوات التي تعاقبت من عهد أبيهم آدم حتى يومنا هذا ... أيها الناس، وعودُ الله وُعود محبّةٍ وأشجار طيبٍ أصولها ثابتةٌ وفروعها في السماء، أمّا وُعود هؤلاء فوعودُ ذُلٍ وأشجارُ خُبْثٍ هشّةُ الأصول منكسرةٌ سهلةُ الاقتلاع.
أيها "السادة العبيد" هزّوا الأذناب واقرعوا الأجراس، وأطفئوا هذه الشموع التي صنعتموها من لحم شعوبٍ فقيرةٍ متهالكةٍ، واسمروا ما شئتم على أنغام القهر والأنين في عهد الصّمت العربيّ المُطْبق. افرحوا ما شئتم يا رماد البشرية الضعيف، فريحُ الله قد هَبّتُ ريحُ الله قادمةٌ لتشتدّ بكم وتشتدّ حتى تجعل كل ذرةٍ فيكم تتمنى لو أنّ بينها وبينكم بُعد المشرقين المذهل.
جيلُ الغد قادمٌ بفؤوس المجد ليحطّم هذه الأصنام التي أنتم لها عاكفون، وستسقط أصنامكم وتتهاوى قطعاً من السّراب عند أقدام جيل الثورة الآتي، وسيبكي عندها كبير أصنامكم بدموعٍ حارةٍ مُحرقةٍ سالت بعد فوات الأوان. ولسوف تغشى وجوهكم قطعٌ من الليل مظلمة. حينها تنقلب قمم سلامكم إلى قيعان من النيران المتأججة التي لا يُسكِتها سوى أمرٍ من ربَ العالمين، هو الربّ الذي تكلّمتم باسمه في بلاد "سادتكم العبيد" مع أنّه منكم بريء. هو الربّ الذي تركتم عهده وراء ظهوركم وظلمتم عباده وأشبعتموهم ألماً وكفراً وقهراً. لقد كنّا شهوداً عليكم عندما فعلتم ذلك أفلا تذكرون؟؟ ألا تذكرون أننا قلنا لكم يومها: لن تحزننا أقوالكم؛ ذلك أنّنا نوقن بأن العزّة لله جميعاً وبأنّ أثواب الذلّ التي حكتموها لنا لا لن يلبسها أحدٌ سواكم.
إننّا نعلن رفضنا لواقعكم ووقائعكم وتوقيعاتكم على صكوك العبوديّة التي لا تفتؤون تحلمون أن تجعلوها قلائد في رقابنا. ولهذا؛ لأننا ارتضينا لأنفسنا أن نكون في صفّ الله تعالى لا في صفّ غيره، فإنّ العاقبة لنا وإنّ الله مُعزُّنا ومُذِلُّكم ومُلبسكم أثوابكم ومُسقيكم ماء ذلكم فهنيئاً لكم ذلك، هنيئاً لكم.
أيّها الناس، إننا على عهد الله باقون، إنّنا نبحث عن يومٍ أفضل ومستقبلٍ تُفتِّتُ أنواره تلال هذا الظلام الذي تراكم. يا مَنْ اتخذتم القرار بالسباحة ضَدّ التيار وأكّدتم عزمكم على رفض الانجراف والتبعيّة مدّوا أيديكم إلينا.
إلينا يا من رفعتم رؤوسكم في زمن المذلّة والنكوص على الأعقاب. هيا بنا سويّاً لنسحق العبيد الذين لبسوا الأقنعة وتجمَّلوا بثياب الحرير وظنوا أنّ الخلق لا يعرفون مَنْ يكونون؟ ومن أيّ أصلٍ ينحدرون؟ ولأيّة سلالةٍ من الممثلين ينتسبون؟؟؟
هيا بنا لنسحق الأقزام المتعملقين في عالمٍ تتراقص أخيلةُ الفناء أمام ناظريه في أيامه الأخيرة هيّا بنا، هيّا بنا.