يعد مندلسون رائدا لحركة الإصلاح الديني اليهودي حيث تأثر بأيديولوجية الاستنارة والتفتح والعقلانية , وبالمقابل كان شديد التمسك بعقيدته اليهودية والحرص على التراث الديني اليهودي، وأعطت ترجمته لأسفار موسى الخمسة إلى الألمانية دفعة قوية لأنصار التنوير، فقد كان لها نفس الأثر في التنوير اليهودي الذي كان لترجمة لوثر للإنجيل في التنوير المسيحي ,حيث كسرت أمواج الجيتو العقلي ,وقدمت البديل عن الدراسة اليهودية التقليدية والتراثية التي تستند إلى التلمود، وأحدثت في تراث الحاخامية وسلطانها ذات الشرخ الذي أحدثه لوثر في الكنيسة وتراثها الطقسي . وبتأثير روسو قامت مؤسسات تعليمية تخدم الأهداف الجديدة وتعلم اللغات الحديثة والرياضيات ودروس المواطنة والأخلاق والسلوك , محل التعليم اليهودي التقليدي , كما قُدّم الكتاب المقدس ومبادئ الدين اليهودي بفهم ليبرالي ( [38] ) .
أنصبت جهود مندلسون على محاولة الملاءمة بين عقيدة الأجداد وعصر التنوير وتطهير الدين اليهودي من المحتوى العرقي الذي احتفظ به منذ أصوله البعيدة، مع الحرص على نقاوة العقيدة الموسوية وجوهرها الأخلاقي,وتأسست أول معابد الإصلاح في هامبورج عام 1818م ,وكسب تيار الإصلاح والاستنارة اليهودية الانجلو-ساكونية ,وغمر غرب أوروبا بكاملها. لقد أصبحت قضية الأخلاق والقيم هي الوجه البارز لفلسفة التنوير عموما بعد أن افلت الفرد من سلطان البابوية والحاخامية وأصبح العقل والفردية والانسانية هما أساس السلوك ومعيار القيم.
واعتبر مندلسون الدين مسألة عقيدة لا دخل للدولة بها ,ودعا إلى فصل الدين عن الدولة و إعطاء اليهود حقوقهم كاملة باعتبارهم مواطنين في أوطانهم، وهدم بذلك المفهوم العبراني التراثي الذي يوحد بين العقيدة اليهودية والشعب اليهودي ويجعل من إسرائيل شعب الله المختار الذي يحركه الأمل المسيحاني للعودة إلى صهيون . فاليهودية عنده عقيدة دينية وليست شعبا ( [39] )