قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل.
ذكر الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر شطرا من كلام شيخ الإسلام ثم قال : ((( ورغم وضوح هذا المنهج وظهوره وكثرة عوائده وفوائده إلا أنه قد ظهرت في زماننا هذا من بعض الأفراد والجماعات مواقف مخذولة وآراء مرذولة تدعو بلا حياء إلى السكوت عن أهل البدع والأهواء وعدم التحذير منهم ، وزعموا أن هذا هو النهج الأقوم والطريق الأحكم ، وقالوا : في هذا رأب للصدع ولم للشمل وتوحيد للصف وجمع للكلمة . وما من ريب أن هذا منهج باطل ، أضراره كثيره وأضراره جسيمة على الإسلام والسنة ، وفيه أعظم تمكين لأهل البدع والأهواء في نشر ضلالهم وباطلهم ، وهو منهج منحرف عن الكتاب والسنة.
قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل.
سبحان الله اليوم كنت اتحدث مع اخ مصري عن هذا المنهج وان مناظرة الشيعه افضل من السكوت عليهم
قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل.
وقال الفضيل رحمه الله : " ومن انتهر صاحب بدعة آمنه الله يوم الفزع الأكبر ومن أهان صاحب بدعة رفعه الله في الجنة مائة درجة فلا تكن صاحب بدعة في الله أبدا " اهـ.
ابو فارس للاسف انت تبيح لنفسك ما لا تبيحه لغيرك ,,,,,, وتحب مصادرة اراء الاخرين ,,,,,, احترم راي الاخرين حتى يحترموا ارائك
ليس من ينتقدك معناه انه يكرهك او ضدك ,,,,, بل قد يكون ذلك انه يحب لك الخير
فمن اخ كبير لك مجرب في الحياة اكثر منك انصحك ان تفكر الف مرة قبل ان تقول رايك في اي موضوع ,,,,,, وتذكر "مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد"
ولن ازيد ,,,,, دمت بحفظ الله
ابو فارس للاسف انت تبيح لنفسك ما لا تبيحه لغيرك ,,,,,, وتحب مصادرة اراء الاخرين ,,,,,, احترم راي الاخرين حتى يحترموا ارائك
ليس من ينتقدك معناه انه يكرهك او ضدك ,,,,, بل قد يكون ذلك انه يحب لك الخير
فمن اخ كبير لك مجرب في الحياة اكثر منك انصحك ان تفكر الف مرة قبل ان تقول رايك في اي موضوع ,,,,,, وتذكر "مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد"
ولن ازيد ,,,,, دمت بحفظ الله
ابو فارس عرف الفتوى ؟
ما هي اقسام التوحيد وهل جمعتها سورة ما ؟
ما هو حكم اطلاق اللحيه ؟
ما هو حكم مباريات كرة القدم ؟
هل تؤمن ان لكل عالم شذوذ ؟
هل لو شذ عالم ما بقضية ما فهل نقول انه عالم شاذ
ما الفرق بين الداعيه والعالم ؟
ما هو حكم التدخين ؟
متى تتوقع ترجع للاردن نهائي ؟
الفتوى لغة :اسم مصدربمعنى الإفتاء.والجمع : الفتاوى . والفتاوي ,يقال :افتيته فتوى وفتيا , إذا اجبته عن مسألته . والفتيا :تبين المشكل من الأحكام , وفاتو إلى فلان : تحاكموا اليه وأرتفعوا إليه في الفتيا (لسان العرب ,والقاموس المحيط). وفي قوله تعالى((ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن
)النساء 127 . قال ابن عطيه :اي يبين لكم حكم ما سألتم .قوله (فيهن) اي يفتيكم فيما يتلى عليكم .المحرر الوجيز4/241الطبعه الأولى بقطر. أما الفتوى في الإصطلاح,فقد عرفهاالعلماء بتعريفات عديدة:- قال القرافي :-الفتوى عن حكم الله تعالى في الزام أو إباحه-الفروق4/53 وقال ابن الصلاح((قيل في الفتيا:إنهاتوقيع عن الله تبارك وتعالى))-ادب المفتي والمستفتي72 وعرفها بن حمدان الحراني الحنبلي بقوله((تبيين الحكم الشرعي عن دليل لمن سأله عنه))شرح المنتهى3/456,مطبعةانصار السنه
اقسم التوحيد اجبنا عليها في مشاركة سابقه .. لا اعلم ان كان هناك سورة ما تناولتها جميعا
الأصلُ أنَّ أعراض المسلمين مصونة، وحرمتهم ثابتة؛ {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب: 58]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحشر: 11]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمُ من سلِم المسلمون من لسانه ويده"[1]، وفي الأدب المفرد بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس المؤمن بالطعّان، ولا اللعّان، ولا الفاحش، ولا البذيء"[2]، فدل ذلك على أن ترك الطعن واللعن والفحش والبذاء واجبٌ، وأن مقارفتها حرام؛ فإن تقريرَ امتناعِ اسمِ مسمَّى أمرٍ أمرَ الله به ورسولُه، كنفيه، وهذا لا يكون إلاّ إذا ترك ما يجب[3]، بل قال صلى الله عليه وسلم صريحاً: "بحسْب امرئ من الشر أن يحقِر أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه"[4]، وهذه الحرمة مغلّظة؛ قال صلى الله عليه وسلم: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ليبلغ الشاهدُ الغائب"[5]، فقرَنَ بين هذه الثلاثة، وجميعُها من الضروريات التي جاء الشرع بحفظها، وجميلٌ بأناس تعظيمُ حرمة الدم، وحرمة المال، وقبيحٌ بهم إهدارُ قرينتهما الثالثة.
ولما كانت الاستطالةُ في عرض المسلم بهذه المثابة، بيَّن عليه الصلاة والسلام حكم المتجرئ عليها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق"[6]، وقد دل هذا والآثار قبله على أن بعض الطعن من كبائر الذنوب؛ قال الهيثمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة التاسعة والثمانون، والتسعون، والحادية والتسعون بعد المائتين: سبُّ المسلم والاستطالة في عرضه، وتسبب الإنسان في لعن أو شتم والديه وإن لم يسبهما، ولعنه مسلماً[7].
وقد صرّح كثير من أهل العلم بأن سب المسلم كبيرة... وإذا سب المسلم ففيه التعزير، وحكى بعضهم الاتفاق عليه. قال الشافعية والحنابلة: والتعريض كالسب[8].
قال بعض أهل العلم: "سب المسلم بشتمه والتكلم في عرضه بما يعيبه بغير حق حرامٌ بإجماع الأمة وفاعله فاسق"[9].
ولعظم شأن الاستطالة باللسان في عرض المسلم قالوا: إن الإساءة لمسلم بالسب والشتم الفاحش لا تجوز ولو للإمام على وجه التعزير، قال بعض الفقهاء: " لا يجوز للإمام أو غيرِه التأديب باللعن والسب الفاحش وسب الآباء والأمهات ونحو ذلك. ويجوز التأديب بقوله: يا ظالم يا معتدي ونحوه"[10].
بل لاينبغي للمالك أن يعاقب مملوكه بالشتم؛ قال الإمام أحمد: ولا يشتم أبويه الكافرين، ولا يعود لسانه الخنا والردى، ولا يدخل الجنةَ سيءُ المَلَكَة؛ وهو الذي يسيء إلى مماليكه.
فـ"من ارتكب شيئاً من التحقير مما هو ممنوع، كان قد ارتكب محرماً يعزَّر عليه شرعاً تأديباً له. وهذا التعزير مفوض إلى رأي الإمام، وَفق ما يراه في حدود المصلحة وطبقاً للشرع، .. وأحوال الناس فيه مختلفة، فلكل ما يناسبه منه"[11].
"وما قدح في الأعراض من الكلام نوعان:
أحدهما: ما قدح في عرض صاحبه ولم يتجاوزْه إلى غيره، وذلك شيئان: الكذب، وفحش القول.
والثاني: ما تجاوزه إلى غيره، وذلك أربعة أشياء: الغِيبة، والنميمة، والسعاية، والسب بقذف أو شتم.
وربما كان السب أنكاها للقلوب وأبلغها أثراً في النفوس. ولذلك زجر الله عنه بالحد تغليظاً وبالتفسيق تشديداً وتصعيباً"[12].
والشتم –كما ذكر ابن وهبان- لا يخلو إما أن يكون بما فيه، أو بما ليس فيه. في وجهه، أو في غيبته.
فإن كان بما ليس فيه، فهو كذب وافتراء، فيفسق به، سواء كان في وجهه، أو في غيبته.
وإن كان بما فيه في غيبته فهو غيبة، وإنها توجب الفسق.
وإن كان في وجهه ففيه إساءة أدب، وإنه من صنيع رعاع الناس وسوقتهم الذين لا مروءة لهم ولا حياء فيهم، وإن ذلك مما يسقط العدالة.
وكذا إذا كان السب باللعنة والإبعاد مما يفعله من لا خلاق لهم من السوقة وغيرهم، ومما يؤيد ذلك ما ورد في الحديث: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر"...[13].
وإذا تقرَّر هذا الأصلُ عُلِم أن كل كلام قبيح كالقذف فما دونه من الاستخفاف وإلحاق نقص بالمخالف سب لا يجوز، بل ينبغي أن يعزر فاعله.
وقد روى ابن حزم: عن بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلد رجلاً أن دعا آخر يا ابن المجنون[14].
ولما سبق تحدث الفقهاء في تقدير هذه التعزيرات ومن ذلك ما نقله في المسائل الملقوطة[15] قال:
- لو قال رجل لرجل: ... يا خائن، أو يا ثور، أو يا حمار، أو يا ابن الحمار... فإنه يعزر قاله ابن رشد [ص78].
- من قال لرجل: يا مجرم، ضُرِب خمسة وعشرين، وكذلك إن قال له: يا ظالم، ولم يكن كذلك ضرب أربعين، ولو قال له: يا سارق ضرب خمسة وعشرين [ص81].
- ومن تكلم في عالم بما لا يجب فيه حد، ضرب أربعين سوطاً [ص82].
- ومن قال لرجل يا فاسق، ضرب ثمانين سوطاً [ص83].
- وكل من آذى مسلماً بلسانه بلفظ يضره ويقصد أذاه فعليه في ذلك الأدب البالغ الرادع له ولمثله، يقمع رأسه بالسوط، أو يضرب رأسه بالدِّرَّة، أو ظهره بالدرة، وذلك على قدر القائل وسفاهته، وعلى قدر المقول فيه [ص83].
- وإذا قال الرجل لصاحبه: الله أكبر عليك! فإنه يعزّر، إلاّ أن يعفو عنه خصمه [ص84].
- ويؤدب في سائر الشتم نحو: يا كلب، يا خنزير، يا حمار، وما أشبه ذلك [ص84].
فعلى الحاكم أن يعزر المعتدي، وذلك من جملة إقامة شرع الله، وإصلاح ذات البين. وهذه دعوة لتطبيق الشريعة درءاً للفتنة عن أهل السنة، وفرضاً لصيانة اللسان بوازع السلطان، بيد أن المنتصف للسنة ينبغي أن يتجرد حال دعواه من الانتصار للنفس فذلك أكمل، {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} [الشورى: 41].
ولا يعارض هذا أمر الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وهذا الأمر محكم على الصحيح من قولي أهل العلم، قال ابن القيم رحمه الله: "(وأعرض عن الجاهلين) يعني: إذا سفه عليك الجاهل فلا تقابله بالسفه، كقوله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} [الفرقان: 63]، وعلى هذا فليست بمنسوخة، بل يعرض عنه مع إقامة حق الله عليه، ولا ينتقم لنفسه"[16]، فندبت الآيتان إلى ترك المقابلة بالسيئة، ولم تندبا إلى ترك إقامة حكم الله بالحد أو التعزير، وقيدت الأولى الندب إلى العفو إذا اقترن به الإصلاح قال الله تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40]، مع ترخيص التي تليها في المقابلة بالمثل.
غير أنه ينبغي أن يُفرق بين من كانت البذاءة ديدنه، والفجور في الخصومة شأنه، وبين من ندت منه كلمة، فمثل هذا ينبغي أن تقال عثرتُه، وتغتفر زلته، فمثل هذا يعظه الإحسان، وغالباً ما يفيء إلى الاعتذار سريعاً، ما دام حي الضمير، يقظ الإحساس، وإن لم يكن من طلاب العلم الشريف، وأما إن كان ديدنه الإساءة فرفعه إلى القضاء من جملة ردع الجاني وإقامة الشرع.
ومن المواطن التي قد تجوز فيها الإساءة، الإساءة للمرء وتنقصه على سبيل المعاقبة بالمثل ما خلت عن محظور كالقذف، والتكفير، ولعن والديه؛ فقد قال الله تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} [الشورى 40-41]، فجوز الاقتصاص بالعدل، وندب إلى الفضل، وقال صلى الله عليه وسلم: "المُستَبَّان ما قالا فعلى البادئ، ما لم يعتدِ المظلوم"[17].
ومن المواطن التي يجوز فيها بعض الانتقاص الداخل حيز السب، الوصف بالظلم والفسق ونحوهما من الأسماء الشرعية، فهذه يجوز إنزال حكمها على المعين الذي قارف ظلماً أو فسقاً، بشرطين:
الأول: أن يكون ذلك لمصلحة، لا على سبيل التفكه بعرضه والتندر به، قال القرافي: "سألتُ جماعة من المحدثين والعلماء الراسخين في العلم، عمن يروي قوله صلى الله عليه وسلم: (لا غيبة في فاسق)، فقالوا لي: لم يصح، ولا يجوز التفكه بعرض الفاسق، فاعلم ذلك فهذا هو تلخيص الفرق بين ما يحرم من الغيبة وما لا يحرم"[18].
الثاني: أن تتوافر فيه شروط إنزال ذلك الاسم، وتنتفي عنه موانعه، أما إذا لم تتوافر الشروط وترتفع الموانع فلا؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله: "هذا مع أنى دائماً، ومن جالسني يعلم ذلك مني؛ إني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير، وتفسيق، ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية، التي من خالفها كان كافراً تارة، وفاسقا أخرى، وعاصياً أخرى، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية، والمسائل العملية"[19].
ولا يعني تسويغ الإساءة في نحو هذه المواطن أن الحبل متروك على الغارب، فإنها إن صدرت ممن ليس أهلاً لها، ولم تكن له على الناس ولايةٌ تخوله أن يقول ما قال على سبيل صحيح، فللمعتَدَى عليه بالسب أن ينتصف قضاءً، فليست المجازاة بالمثل دعوى مقبولة إن لم تشهد لها الأدلة، وتحفها قرائن الأحوال، وتقدير ذلك يرجع إلى القاضي. وأما الدعوة إلى التورع في مثل هذا، ومراقبة الله فيما يقوله المرء، فليست راجعة إلى أن أمر الانتصاف من المتنقص موكول إلى ورعه، بل ليصلح المرء شأنه مع ربه، وإن استحق العقوبة الدنيوية بتعديه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو 1/13 (10)، ومسلم من حديث جابر 1/65 (41).
[2] الأدب المفرد 1/116 (312).
[3] ينظر الإيمان الكبير ص10 وما بعدها، وهو في المجموع 7/14 وما بعدها.
[4] صحيح مسلم 4/1986 (2564).
[5] متفق عليه من حديث أبي بكرة، ينظر البخاري 1/37 (67)، وغير موضع، ومسلم 3/1305 (1679).
[6] متفق عليه رواه البخاري في الصحيح 1/27 (48)، وفي غير موضع، ومسلم 1/81 (64).
[7] 2/92 وما بعدها.
[8] الموسوعة الفقهية 24/141.
[9] الموسوعة الفقهية 21/272.
[10] تنظر الموسوعة الفقهية 16/328.
[11] الموسوعة الفقهية، 10/230.
[12] أدب الدنيا والدين ص323-324.
[13] نقله عنه ابن نجيم في البحر الرائق 7/89-90.
[14] ينظر المحلى 12/222-223، وقد ضعفه ابن حزم رحمه، لثلاثة: لأنه مرسل، ولأنه من طريق سالم بن غيلان التجيبي قال: "وهو مجهول لم يعدل"، ولأن يونس بن عبد الأعلى أحفظ من سحنون وقد رواه موقوفاً. والأظهر أنه حديث حسن، أما دعوى الإرسال فلا تسلم فالسند صحيح متصل وجهالة الصحابي لا تضر، والأصل في مثل هذا الاتصال عند الجمهور، وأما كون يونس بن عبد الأعلى أحفظ من سحنون فحق، بيد أن سحنون لم يتفرد به فقد رواه حماد بن يحيى عن ابن وهب كما رواه سحنون مرفوعاً؛ جاء ذلك في معرفة الصحابة لأبي نعيم، وأما دعوى جهالة سالم بن غيلان فقد جرت على رمزه رحمه الله في نعت من لم يعرف بها، ولينظر تعليق ابن حجر في لسان الميزان 1/180 ترجمة إسماعيل بن محمد الصفار، وقد عدل سالمَ بن غيلان الإمامُ أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم، قال الذهبي: صدوق، وقال ابن حجر ليس به بأس.
[15] المسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة، لإبراهيم بن فرحون الابن.
[16] مدارج السالكين، 2/305.
[17] مسلم 4/2000 (2587).
[18] أنوار البروق في أنواع الفروق 4/208.
[[19] ينظر المجموع 3/229.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد:
فقد كان مِن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يعفو عن الإساءة، ويغفر الزلَّة، ويتحمل جفاء الجفاة؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيٌّ فجبذ بردائه جبذةً شديدة، قال أنس - رضي الله عنه -: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أثَّرتْ بها حاشيةُ الرداء؛ من شدة جبذته، ثم قال: يا محمدُ، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أَمَر له بعطاء"؛ (رواه البخاري: 6088، ومسلم: 1057).
فتأمَّلوا حال هذا الأعرابيِّ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكتفِ بتنبيهه بالكلام؛ بل جبذ بردائه جبذة شديدة، أثَّرت في صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ناداه باسمه كما ينادي بعضَ أولاده، وقد أَمَر الله أن يشرَّف ويعظَّم ويُدعَى باسم النبوة والرسالة، وهو مع ذلك كله لم يتلطَّف في طلب مسألته؛ بل قال: يا محمد، مُر لي من مال الله الذي عندك، فلسانُ حاله: الفضل والمنة لله لا لك، ومع ذلك الجفاء في القول والفعل يضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه، ويأمر له بالعطاء، فهذه صورة من صور: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حَسَنَ المعاملة مع الخصوم، فيدفع بالتي هي أحسن، ويعفو عن الإساءة؛ فعن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب على حمار على قطيفة فَدَكِيَّةٍ، وأردف أسامةَ بنَ زيد وراءه، يَعُود سعدَ بن عبادة - رضي الله عنه - في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: حتى مرَّ بمجلسٍ فيه عبدالله بن أُبيِّ بن سلول، وذلك قبل أن يُسلم عبدالله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المجلس عبدالله بن رواحة، فلما غشيتِ المجلسَ عَجَاجَةُ الدابة خَمَّر عبدالله بنُ أُبيٍّ أنفَه بردائه، ثم قال: لا تُغبِّروا علينا، فسلَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبدالله بن أبي بن سلول: أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا، فلا تؤذِنَا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك، فمَن جاءك فاقصص عليه، فقال عبدالله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغْشَنا به في مجالسنا، فإنَّا نحبُّ ذلك، فاستبَّ المسلمون والمشركون واليهود، حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حتى سكنوا، ثم ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - دابتَه، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة - رضي الله عنه - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا سعدُ، ألم تسمع ما قال أبو حباب - يريد عبدَالله بنَ أبي - قال كذا وكذا))، قال سعد بن عبادة - رضي الله عنه -: يا رسول الله، اعْفُ عنه واصفح، فوالذي أنزل عليك الكتابَ، لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البُحَيْرَةِ على أن يتوِّجوه فَيُعَصِّبُوهُ بالعصابة، فلما أبى اللهُ ذلك بالحق الذي أعطاك الله، شَرِقَ بذلك، فذلك فَعَل به ما رأيت، فعفا عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم"؛ (رواه البخاري: 4566، ومسلم: 1798).
فيُعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ أعداء الإسلام باللِّين، ويكنيه بأحبِّ الكُنَى إليه، بأبي الحباب؛ مداراةًَ له، واستمالة لقلبه، ويعفو عنه ويصفح، أين نحن من هذا الخُلق النبوي في تعاملنا مع إخواننا وأحبابنا، حينما نختلف في أمر من الأمور الدينية، من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، من الأمور الاجتهادية، أو الأمور الدنيوية البحتة، المبنية على النظر المحض، أو التجارِب الشخصية؟
فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حليمًا مع خصومه، مع يقظته لما يحيكونه ضده، مما لا يرضي من القول والعمل؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان اليهود يسلِّمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون: السام عليك، ففطنت عائشة - رضي الله عنها - إلى قولهم، فقالت: "عليكم السام واللعنة"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مهلاً يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله))، فقالت: "يا نبي الله، أولم تسمع ما يقولون؟!"، قال: ((أولم تسمعي أني أرد ذلك عليهم، فأقول: وعليكم؟!))؛ (رواه البخاري: 6395، ومسلم: 2165)، فردَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إساءتَهم، ودعا عليهم بالموت، من باب رد الاعتداء بالمثل، من غير خروج عن حد الاعتدال، فملك نفسَه، وصان لسانه عن السب والشتم لهؤلاء المعتدين.
فمَلَك النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك شغافَ قلوب أعدائه؛ بحُسن خلقه، ولطيف معاملته، حتى دعاهم هذا الخُلقُ العظيم إلى قبول الحق، والدخول في الإسلام، أو كف الشر عن المسلمين في كثير من الأحيان، وهذه مقاصدُ عظيمةٌ للشارع؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: قاتَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُحَارِبَ خَصَفَةَ (أي غزوة ذَاتِ الرِّقَاعِ) بنخل، فرأَوْا من المسلمين غِرَّةً، فجاء رجل منهم يقال له: غَوْرَث بن الحارث، حتى قام على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف، فقال: مَن يمنعك مني؟ قال: ((الله))، قال: فسقط السيف مِن يده، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((مَن يمنعك؟))، قال: كن خيرَ آخذٍ، قال: ((تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟))، قال: أعاهدك على ألاَّ أقاتلَك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، قال: فخلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبيلَه، فجاء إلى قومه، فقال: جئتكم من عند خير الناس"؛ رواه الحاكم (3/ 29)، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، وأصل الحديث في "الصحيحين".
فلم يكن يثأر لنفسه أو يغضب لها؛ بل كان يعفو ويصفح في حقوقه، أما في حقوق الخالق، فكان يغضب ويثأر إذا انتُهكت محارم الله، فعفوه وغضبه - صلى الله عليه وسلم - لله، فهذا أعلى مراتب الكمال في العبودية.
فهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعامله مع الناس، المداراةُ لا المداهنة، فالمداراة صفة مدح، والمداهنة صفة ذم؛ فالمداري يتلطف بالشخص، حتى يستخرج منه الحقَّ، أو يردَّه عن الباطل، والمداهن يتلطف بالشخص ولا يريد أن يكدره، حتى لو أدى ذلك إلى إقراره على باطله، وتركه على هواه.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين، ومَن تَبِعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين،
وبعد فيا إخوتي:
إن الواحد منا لا يخلو ممن يخالفه الرأيَ، ويختلف معه في بعض الأمور، وهذه من المواطن التي يَفرح الشيطان بها؛ ليؤجج فيها العداوةَ بين المؤمنين، فَهَمُّه التحريشُ بينهم، وبث العداوة والبغضاء بينهم، حينما أَيِسَ من إغوائهم؛ فعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن الشيطان قد أيس أن يَعبدَه المصلُّون في جزيرة العرب، ولكنْ في التحريش بينهم))؛ رواه مسلم (2812)، ولنا في كتاب ربنا - عز وجل - وسنة نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - الدواءُ الناجع لعلاج هذا التحريش.
فمِن ذلك قولُ ربنا - عز وجل -: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]، فحين تحصل إساءةٌ ممن نتعامل معهم، ندفع بالتي هي أحسن، فنقابل الإساءةَ بالإحسان، والعبوسَ بالابتسامة، والإعراضَ بالسلام والتحية.
أخي: حين يأتي الشيطان ليوغر صدرك على أخيك المسلم، ويوسوس لك، ويذكِّرك بقوله فيك، وإساءته في حقك، وربما تجاوز الأمر إلى تفسير أقواله وتصرفاته، وحَمْلها على أسوأ المحامل، فإذا استجبتَ له زادت العداوة، وتمكَّن منك عدوُّك، فكُن منه على حذر، وعامِلْه بنقيض قصده، فأعلِنْ لعدوِّك مسامحتَك لأخيك، وعفوَك عنه؛ بل راغم عدوَّك، وادعُ لأخيك في سجودك، واعلم أن الأمر ثقيل على النفس في البداية، لكن عاقبته جنة معجلة في الدنيا قبل الآخرة، من راحة بال، وسرور، وصفاء نفس، وطهارة قلب، ولذة طاعة، وحلاوة إيمان.
اعلم - أخي: أن المسألة تحتاج إلى صبر في المدافعة بالتي هي أحسن؛ تَعَبُّدًا لله، فقد تطول المدة، ويوسوس لك الشيطان بأنه سيزداد في غيِّه وعداوته، أو ربما ظن أنك ضعيف، أو خائف منه، أو محتاج إليه، أو غير ذلك من الشُّبه التي يلقيها إليك الشيطانُ، لكن تذكَّرْ قولَ اللطيف الخبير: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35]، فلا يفعل ذلك الضعيفُ؛ بل شخصٌ قوي الإرادة، ملَك نفسَه، وقهر شيطانَه، شخص حكم الله - عز وجل - له بأنه محظوظ وافر السعادة في الدنيا والآخرة.
أخي: إذا اتَّقَيْتَ الله في مَن لم يَتَّقِِ الله فيك، وصبرتَ على أذاه، ولم تتعدَّ حدودَ الله في مَن عاداك وأساء إليك - كانت لك العاقبة في الدنيا والآخرة، تذكَّر قصةَ يوسف الصدِّيق - صلى الله عليه وسلم - وما مرَّ به من ابتلاءاتٍ في الشدة والرخاء، وصبرَ واتَّقى ولم يتجاوز حدودَ ربه، فآثره الله على مَن كاد له، وكانت العاقبة له: {قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90]، والأمر ليس خاصًّا بالصدِّيق: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ}، فهذا عام في كل مَن يتقي ويصبر.