المرأة المسلمة في عيون أهل الغرب .. شبهات و ردود - المرأة المسلمة في عيون أهل الغرب .. شبهات و ردود - المرأة المسلمة في عيون أهل الغرب .. شبهات و ردود - المرأة المسلمة في عيون أهل الغرب .. شبهات و ردود - المرأة المسلمة في عيون أهل الغرب .. شبهات و ردود
الدكتور راجح السباتين
المرأة المسلمة في عيون أهل الغرب..شبهات و ردود
هنالك تساؤلاتٌ مغرضةٌ يذكُرها الغربيّون والأجانبُ غير المسلمين ويستندون إليها في كلِّ مجلسِ نقاش يُذكر فيه موضوع "الإسلام والمرأة". ولقد عمدتُ باختصار شديد إلى ذكر هذه الاعتراضات مع الردود الشافية عليها لعلّها تسهِمُ، إلى حدّ ما، في توضيح بعض الصور وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي يجهل الكثيرون من غير المسلمين حقيقتها، ولقد حصرتها في ثلاثة عشرَ اعتراضاً وتساؤلاً…
أولاً: قضيّة تعدّد الزوجات
يجهل الكثيرون من غير المسلمين لماذا يبيحُ الإسلام للرجل أن يتزوج أربع زوجاتٍ، ويقولون: إنّ هذا التعداد تترتب عليه آثار سلبيّة كثيرةٌ منها: أنه يصنع الغيرة والكراهية بين الزوجات، كما أنّه يرهقُ الرجل من الناحية المالية، ويُضعف علاقته بزوجته الأولى…
الرّدُّ الأوّل: إنّ الإسلام عندما أباح تعدد الزوجات وضع له شرطين؛ أما الأول فهو وجود قدرة مالية وجسدية عند مَن يريد التعداد. والثاني هو العدل بين الزوجات في المعاشرة والمعاملة والإنفاق. فإن انعدم أحد هذين الشرطين أصبح التعداد مرفوضاً ووجبَ على الرجل أن يقتصر على زوجة واحدة، قال الله تعالى في الآية الثالثة من سورة النساء: (فإن خِفتُم ألاّ تعدلوا فواحدة…).
ولقد جاءت إباحة الإسلام لتعدّد الزوجات متوافقةً مع الحاجات المتجدّدة المتزايدة، واستجابة للأسباب الكثيرة التي قد تدفعُ الرجل للتعدد وهذه الأسبابُ تندرجُ تحت التصنيف الآتي:
أسبابٌ عامّة: وهي الأسباب التي تتعلق بحاجة الأمة وعموم الناس، كتعرض المجتمع لظروف قاهرة تضطرّه إلى الأخذ بمبدأ التعدد؛ ومثالُ ذلك زيادة عدد النساء على عدد الرجال زيادةً عظيمةً بسبب موت الرجال في معارك كبيرة أو حروب أو كوارث طبيعية عظمى… فلو أن الحكومة الألمانية، على سبيل المثال، طبّقت الأخذ بمبدأ تعدد الزوجات لما عانت من كل الفساد الاجتماعي والأخلاقيّ الذي ساد فيها بُعيدَ الحرب العالمية الثانية، حيث ظهر السّحاق (Iizbian) وانتشر بصورة مخيفة بعد موت أعداد هائلة من الرجال في الحرب، وبعد كثرة اجتماع النسوة والتصاقهنّ ببعضهنّ تحت غطاء واحد في الملاجئ أثناء الحرب.
أسبابٌ خاصّة: وهي التي تتعلّقُ بحاجات الأفراد وأوضاعهم الخاصّة والتي منها:
أ. عقمُ الزوجة وعدم قدرتها على الإنجاب مع رغبة الزوج في إنجاب أولادٍ يخلفونه ويحملون اسمه ورسالته في الحياة.
ب. مرضُ الزوجة مرضاً مُعدياً أو مُنفّراً لا يستطيع الزوجُ بسببه أن يعاشرها معاشرة الأزواج، خصوصاً إذا كان هذا المرضُ مستحكماً لا يمكنُ الشفاءُ منه، أو يمكنُ ولكن بعد زمنٍ طويل جداً.
ج. زيادة القدرة والطاقة الجنسية عند بعض الأزواج الذين قد لا يكتفون بامرأة واحدة، تحيضُ وتلدُ ممّا يحولُ دون التقائه بها التقاء الأزواج، فيقعُ في الحاجة إلى امرأة أخرى في هذه الحالة.
الرّدُ الثاني: أيّهما أفضل؟ أن يُباح للرجل الزواج بأكثر من واحدةٍ تربطهُ بهنّ علاقةٌ شرعية قانونيةٌ واضحةٌ منضبطةٌ أم أن يُمنع من ذلك ويُلزمَ بزوجةٍ واحدةٍ قد لا ينسجمُ معها بعد حين فتقعُ بينهما مشاكلات ومتاعب تدفعه للبحث عن قضاء شهوته بطرقٍ محرّمةٍ لا قانونيّةٍ ولا أخلاقيّةٍ كاتخاذه الصّاحبات والعشيقات ممّا يؤدي بالتالي إلى فساد الأخلاق وشيوع الرذيلة وكثرة أبناء الزّنا واللقطاء في المجتمع، على نحو ما نراه في المجتمعات الغربيّة المعاصرة؟؟؟
ثانياً: قضيّة المُهور
فالمهر يكاد يكون أمراً معدوماً في عقود الزواج في الدول غير المسلمة، واعتراضُ الغربيين على المهر نابعٌ من اعتقادهم بأنّ إلزام الرّجل بدفع المهر لزوجته يُرهقه ويُتعبه ويسهمُ في وضع العقبات أمام الزوجين في بداية حياتهما. هذا إضافةً لكون المهر ثمناً للزوجة في كثير من الأحيان…
الرّدُّ الأول: إنّ المهر في الإسلام إنّما هو في حقيقته هديّة يقدّمها الرجلُ لزوجته، قال تعالى: (وآتوا النساء صدقاتهنّ نحلة) (من الآية 4/ النساء).
والدليلُ على أنّهُ هدية أنّه لا يُشترط أن يكون نقوداً بل يجوز أن يكون غير ذلك كأن يكون المهرُ حديقةً أو خاتماً أو بضع آياتٍ من القرآنِ على القولِ الذي ذهب إليه بعضُ العلماء… فالمهر من وجهةِ نظر الإسلام فيه تحقيقٌ لمصلحة الزوجين، وتوضيحُ ذلك ما يلي:
الجزء المقدّمُ من المهرِ (المعجّل): إنّما هو مبلغٌ من المال يعطيه الرجلُ لزوجته لتستعين به على شراء ما يلزمها من الملابس والحاجيّات والأغراض البيتيّة، بحيث تكون جاهزةً ومُكتفيةً تماماً من الجوانب كُلِّها قبل لقاء زوجها.
الجزء المؤخّر من المهر (المؤجّل): إنّما هو ضمانٌ للمرأة وسلاحٌ ضد نوائب الدّهر، خصوصاً إذا لم تجدِ المرأةُ مَن يعيلها بعد الطّلاق، فتستعينُ بهذا المؤخر وتستفيد منه فتنفق على نفسها أو على من تعولهم.
الرّدُ الثاني: إنّ المبالغة في المهور ورفعها إلى حدود غير معقولة هو الذي يجعلُ منها ثمناً للزوجة في بعض الأحيان. صحيحٌ أن الإسلام لم يضعْ للمهر حداً في أكثره إلا أنّهُ حثّ على التخفيف عن الأزواج وشجّع على التيسير في المهور، وجعل التيسير على الزوج والتسهيل عليه في المهر سبباً ليبارك اللهُ في الزوجة، قال رسول الله : (أقلُّكنّ مهوراً أكثركنّ بَركة).
الرّدُّ الثالثُ: أن يقوم الرجل بدفع المهر وتجهيز متطلبات الزواج من سكنٍ ولباسٍ وأثاثٍ خيرٌ للمرأة من أن تقوم هي بالدّفع من مالها الخاص لتشاركه في هذه المشتريات والمتطلّبات وتتحمّل هذا الضّغط والعبء الكبير الذي ارتأى الإسلامُ أن يُريحها منه.
ثالثاً: قضية الطّلاق. واعتراضُ غير المسلمين على الطّلاق يقعُ على وجهين:
الوجه الأول: يقول به أولئك الذين لا يسمح دينُهم بالطّلاق أبداً؛ فهم يرفضون السماح بالطلاق ويقولون: إنّه تدميرٌ للأسرة وهدمٌ لها وسبب في شقائها وتعاستها.
الوجه الثاني: ويقول به أولئك الذين يسمح لهم دينهم بالطّلاق؛ فهم يعترضون على جعل الإسلام للطلاق بيد الرجل ويقولون: إن عدم السماح للمرأة بإيقاع الطلاق دليلٌ على احتقارها، ومنعُها من تطليق نفسها بنفسها يعكس حقيقةً مضمونها أنّ الرجل أفضل من المرأة. !!!
الرّدُّ الأول على أصحاب الوجه الأول: ماذا غير الطّلاق يمكن أن يكون حلاً لأُسرة تعيش في شقاء دائمٍ وعذابٍ مُستمرٍ؟ اشتدّ فيها الخلافُ بين الزوجين ولم تُجدِ كلُّ محاولاتِ وأساليبِ الإصلاح نفعاً معهما؟؟ وماذا غيرُ الطّلاق يمكن أن يكون حلاً لإنقاذ الأطفال في أسرة تعيشُ مشكلاتٍ بهذا الحجم؟؟ وماذا غيرُ الطلاق يمكنُ أن يعطي الطرفين فرصةً لبدايةٍ جديدةٍ في حياة أخرى بعيدةٍ عن المشاكلِ البعدَ كلّه؟؟؟
الرّدُ الثاني على أصحاب الوجه الأول: إنّ الإسلام يرفض كلّ الرفض، عند وقوع المشاكل الزوجية، أن يكون الطلاق أولويّةً أو حلاً مبكّراً سريعاً. وقد سعى الإسلامُ في الكثيرِ من تعليماتهِ وتشريعاتهِ إلى أن يخطو الزوجانِ، وبالذات الرجل، خطواتٍ هامّةً لحلِّ المشكلات الزوجية وتجاوزها، ومن هذه التعليمات والتشريعات:
• أن يصبرَ الزوجُ على زوجته إن هي أكثرت من الأفعال التي يكرهها.
• أن ينصحها ويتحدث إليها بمودّة وأسلوبٍ حسنٍ لتغيّر ما تقوم به من أفعال يكرهها.
• أن يهجرها في المضجع، إن هي أصرّت على السيئ من تصرّفاتها.
• أن يضربها ضرباً غير مؤلم، ولا مهين ولا جارح بحيث تفهمُ من ذلك أنّها وصلت إلى مرحلة تستحقُّ فيها العقاب. (وسآتي على التفصيل في قضية الضرب لاحقاً).
• أن يلجأ إلى عرض المشكلة على مَنْ لهم خبرةٌ وعندهم حكمةٌ في التعامل مع مثل هذه القضايا من أقاربه وأقاربها، وهذا ما سمّاه الإسلام (التّحكيم)، قال تعالى (وإن خفتُم شقاقَ بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، وإن يريدا إصلاحاً يوفّق اللهُ بينهما، إنّ الله كان عليماً خبيرا). (من الآية 35/النساء).
يتبيّن لنا بوضوح ممّا سبق أن الطلاق في نظر الإسلام، هو آخرُ الحلول التي يُصار إليها بعد استنفاذ كلّ ما سبق من خطوات ووسائل إصلاح…
الرّدُ الأول على أصحاب الوجه الثاني: إن أولئك الذين يعترضون على جعل الإسلام للطلاق بيد الرجل ويعترضون على عدم كون المرأة شريكاً في حقّ إيقاع الطلاق يجهلون أمرين اثنين؛ أولهما أن الإسلام أعطى المرأة حقّ تطليق نفسها بنفسها أو المطالبة بالطلاق في حالات كثيرة سآتي على ذكرها في الكلمات القادمة. أمّا الأمرُ الثاني الذي يجهلهُ هؤلاء فهو الأسباب الكامنة وراء إعطاء الزوج حق إيقاع الطلاق. ولإزالة هذا الغموض فإنني سأفصّل القول في العناوين الثلاثة التالية:
العنوانُ الأول: حقُّ المرأة في طلب الطلاق.
أعطى الإسلام للمرأة حقاً كاملاً في طلب الطلاق والتفريق في حالاتٍ منها:
• عندما يسيءُ إليها الزوج بصورةٍ لا تحتمل، وتكرر هذه الإساءة؛ ومثال ذلك أن يُكثر الزوج من شتمها أو ضربها أو يتعمّد إهانتها سواءٌ أكان هذا الإيذاءُ في نفسها أو في دِينها.
• عِندما يعجزُ الزوج عن الإنفاق عليها ولا يقدر على توفير أسباب الحياة الكريمة من مأكل وملبسٍ ومشربٍ ومكان سكن.
• عندما يغيبُ الزوجُ عنها غَيبة طويلةً تتضرّرُ فيها بسبب غيابه.
• عندما يُصابُ الزوجُ بمرضٍ معدٍ أو مُنَفّرٍ لا يستطيعُ بسببه أن يعاشر زوجته معاشرة الأزواج خصوصاً إذا كان هذا المرض مستحكماً لا يمكن الشفاء منه، أو يمكن ولكن بعد زمن طويل جداً.
العنوان الثاني: (حقُّ المرأة في تطليق نفسها بنفسها).
وهذه الحالة تتعلّق بالشروط التي توجدُ في عقد الزواج، كأن تشترطُ المرأةُ على زوجها شرطاً مكتوباً في العقد مفاده أن يكون حقّ التطليق بيدها لا بيده. وقد ذكر بعض العلماء هذه المسألة وقالوا: إنّ العبارة التي توقعُ بها المرأةُ الطلاق هي (طلّقتُ نفسي منك) وبغضّ النظر عن اختلاف العلماء في كون هذه العبارة تقعُ طلاقاً بائناً بينونة صغرى أو بينونة كبرى، فالمهمّ فيها أنّ الإسلام منحَ للمرأة هذا الحقّ…
العنوان الثالث: (حقُّ المرأة في أن تكون شريكاً في إيقاع الطلاق).
وقد ناقش العلماء الذين بحثوا في هذه المسائل هذا الموضوع تحت عنوان (المخالعة) أو (الخُلع) وهي اتفاق الزوجين على الطلاق بناءً على طلب المرأة شريطة أن تقوم بدفع مبلغٍ من المال للزوج يعادل أو يقارب ما كان دفعه لها من مهرٍ مقدّمٍ أو ما لحقه من خسارةٍ ماليةٍ بسبب دفعه للمهر المقدم وزواجه من هذه المرأة. والمرأة العاقلة لا تلجأ لمثل هذا الطلب في الطلاق على العموم إلا في حالاتٍ قليلة محدودة أبرزُها خوفها من التقصير في واجباتها تجاه زوجها وذلك عندما تكرهه وهو غيرُ مقصّر في حقها أو مؤذٍ لها. وسبب هذه الكراهية راجعٌ للزوجة أولاً وأخيراً ولا ذنب للزوج فيه، كأن تشعر بأنها أساءت الاختيار ولم تقدر على الانسجام معه، وما إلى ذلك من الأسباب الخاصة بالزوجة. فالمرأة في هذه الحالة، وكما نرى، تكون شريكاً في إيقاع الطلاق وذلك لأنها هي التي طلبته ورغبت فيه ولجأت إليه، ولأنها هي التي دفعت للزوج العوضَ المالي اللازم لإيقاع الطلاق.
الردُّ الثاني على أصحاب الوجه الثاني: ويتمثّل هذا الرد في بياننا للأسباب التي لأجلها جعل الإسلامُ الطلاقَ بيد الرجل، وهذه الأسباب هي:
1. إن الرجل هو الذي يتحمل الأعباء المالية التي تنجم عن إيقاع الطلاق والتي منها:
أ. قيامُه بدفع القسم الثاني من المهر (المؤخر).
ب. قيامه بالإنفاق على زوجته المطلّقة طيلة فترة حملها إن كانت حاملاً وطيلة فترة إرضاعها إن كانت مُرضعاً وطيلة فترة حضانتها للأطفال إن كان عندها أطفال صغار في سن الحضانة من هذا الزوج الذي طلقها.
وبالتالي لنْ يقدم الرجل على التلفظ بلفظ الطلاق إلا بعد أن يأخذ بعين الاعتبار والاهتمام والحُسبان كل ما سبق من التزامات وأعباء مالية.
2. طبيعة الرجل المتمثلة في أنه يُحكّم العقل في الخلافات الأسرية، فلا يُقدم على الطلاق إلا إذا كان مضطراً بعكس المرأة التي تتميز غالباً، بتحكيم العواطف عند الخلافات الأسرية، ومن ثمّ تندم حين لا ينفع الندم.
رابعاً: تسودُ عبارة في الأوساط الغربية غير المسلمة مفادها أن المرأة في الإسلام مواطنة من الدرجة الثانية؛ ذلك أنها ممنوعة من أن تبيع وتشتري ومن أن تنزل إلى السوق…
الردُّ: إن الإسلام أعطى المرأة الحرية التي حلمت بها طوال حياتها مذ وطأت أقدامُ آدم وحواء، عليهما السلام، الأرض إلى يومنا هذا. ومن ذلك أنه أعطاها الحرية في البيع والشراء والحرية في الخروج إلى الأسواق، مع مراعاتها للضوابط الشرعية في مسألة الاختلاط. والدليل على إباحة الإسلام لممارسة المرأة البيع والشراء ولإباحة خروجها للسوق ما يلي:
الدليل الأول: إذنُ النبي لنسائه بالخروج إلى السوق لقضاء حاجاتهنّ وذلك واضحٌ في قوله عليه السلام لزوجته سودة بنت زمعة بعدما نزلت الآيات التي تفرضُ الحجاب بفترة قصيرة (إنه قد أذن لكنّ الله أن تخرجنَ لحوائجكنّ). وهذا الحديث صحيح أخرجهُ الشيخان.
الدليل الثاني: إن السبب المباشر لحرب النبي مع يهود بني قينقاع استهزاء بعضهم بامرأة مسلمة جاءت لتشتري بعض الذهب من سوق المدينة الذي كان يُسيطر عليه اليهود آنذاك وقتلهم للمسلم الذي هبّ لنجدتها والدفاع عنها. والقصة مشهورة في كتب السيرة والصحاح. وشاهدنا في هذه القصة أن هذه المرأة المسلمة كانت تشتري في السوق. أمّا قضية البيع فهي جزء من العمل وهذا يقودنا للحديث عن النقطة الخامسة ألا وهي موقف الإسلام من عمل المرأة.
خامساً: تنتشر في أوساط الغربيين غير المسلمين عبارة مفادها أن الإسلام لا يسمح للمرأة بالخروج من بيتها لأجل العمل.
الردّ: إن الأصل في هذه المسألة أن تكون المرأة المسلمة في غير حاجة للعمل، وذلك لأن الإسلام يسّر لها مّن يُنفقُ عليها ويلبّي متطلّباتها ويقضي حاجتها طيلة حياتها الممتدة من الميلاد إلى الموت؛ فالوالدان مُلزمان بالإنفاق عليها طيلة مكوثها في بيتها. وبعد زواجها يُلزمُ الزوج بالإنفاق عليها وهي زوجةٌ له وأمّ لأولاده. ثم إنّ الأولاد مُلزمون بالإنفاق عليها وعلى زوجها عندما يكبران ويتقدمان في السن. ولكنّ هناك استثناءات لهذا الأصل، وهذه الاستثناءات هي التي تدفعُ المرأة، غالباً، للعمل ومن هذه الاستثناءات أن تكون المرأة في حاجة ماسّة وضرورة ملحّة للعمل ومن ذلك أن تعمل لتنفق على نفسها أو على أسرتها أو على أهلها عند عدم وجود مَنْ يقوم بالإنفاقِ عليها أو عليهم، أو في حال وجوده مع قدرته على العمل وعدم وجودِ دخل له أو عند وجود دخل له ولكنّ هذا الدخل غيرُ كافٍ لإعالتهم وسدّ احتياجاتهم ويوقعهم في الحاجة إلى سؤال الناس خصوصاً في زماننا هذا الذي غابت فيه الحكومات الإسلامية التي تعمل على سد حاجات الأفراد وتقطّعت فيه وشائج القُربى وصلة الأرحام ولم ينهض الأخ لمساعدة أخيه، ولا القريبُ الغني لمساعدة قريبه الفقير أو المحتاج، إلا مَنْ رحمَ ربّي وما أقلهم في هذه الأيّام!! أضف إلى ما سبق أن هذه المرأة لربما كانت ذات معرفة وعلم يحتاجُ إليه الناس فلماذا نحرم الناس من علمها؟؟ ولربّما ساهم عملها في رفع الحرج عن بعض الناس بل في الحد من الاختلاط في بعض الحالات وأذكرُ على سبيل المثال لا الحصر أن تكون هذه المرأة معلّمة أو ممرضة أو طبيبة أو مُرشدة اجتماعية أو نفسية أو مُشرفة رياضية يتعلق إشرافها بشؤون النسوة والبنات كقيامها بتعليمهنّ السباحة أو الإسعاف الأولي وما يندرجُ في هذا القبيلُ… وللذين يتساءلون عن الكيفية التي قد يحدّ بها عملُ المرأة من الاختلاط أقول: إن عمل بعض النساء قد يساهم في الحد من بعض الاختلاط على النحو التالي:
إن أردنا ألا تذهب المرأة إلى طبيب الأمراض النسائية والتوليد فيتوجب علينا أولاً أن نعمل على إيجاد طبيبات ماهرات في هذا المجال. وإن أردنا ألا يشرف الممرضون الرجال على المريضات من النساء فيتوجب علينا أولاً أن نعمل على إيجاد نساء ممرضات ماهرات، وإن أردنا ألا تختلط بناتُنا بالمعلمين فيتوجبُ علينا أولاً أن نعمل على إيجاد المدرسات ذوات الكفاءة، أي أننا في الحالات كلّها بحاجة إلى نساء عاملات.
إنني، من خلال كل ما استعرضتهُ ووقفتُ عليه وتتبعته من آراء الأساتذة والعلماء الذين أسهبوا في الحديث عن عمل المرأة المسلمة وشروطه وضوابطه، أراني قد وقفتُ على جملة من الاعتبارات التي تجعلُ عمل المرأة المسلمة مُباحاً إذا كان ضمن أطر وضوابط أبرزها ما يلي:
1. أن يكون عملُها لحاجة ملحة ماسة تتعلق بها أو باحتياج الناس إليها وبالتالي فإن عملها لمجرد التسلية أو قضاء الوقت غيرُ جائز.
2. أن لا تفوّت بعملها هذا فرص العمل على الرجال، ذلك أنّ الرجال أولى منها بالعمل، لما يقعُ على عواتقهم من التزامات تجاه أسرهم وأنفسهم.
3. أن يكون العملُ متوافقاً مع تركيبتها وطبيعتها الأنثوية، وبالتالي فإن اشتغالها في الوظائف التي هي من اختصاص الرجال وحدهم غير جائز لما ينبني عليه من ضرر نفسي أو جسدي يلحقُ بها، كأن تعمل في الحدادة أو البناء أو تقطع الأحجار…
4. أن تحافظ على لباسها الشرعي الساتر للعورة كلها.
5. أن لا يكون في عملها اختلاطٌ بالرجال إلا إذا اقتضت الضرورة الملحة ذلك، وأن تدفع من الاختلاط بالرجال كل ما تستطيعُ، وذلك لما للاختلاط من شرورٍ ومفاسد وآثام.
6. أن لا يؤدي انشغالها بالعمل إلى التقصير في واجباتها الزوجية.
7. أن لا يؤدي انشغالها بالعمل إلى التقصير في واجباتها المتعلقة بتربية أولادها وبناتها وإعطائهم أكبر قدرٍ ممكن من الرعاية والاهتمام.
سادساً: يقولُ الغربيون: إن المرأة المسلمة حبيسة البيت؛ فإنها تمنع من الخروج إلا بإذن زوجها وموافقته.
الردُّ الأول: لقد أعطى الإسلام المرأة حقوقاً كثيرة، لكنّه وفي الوقت ذاته فرضَ عليها واجباتٍ، ومن هذه الواجبات ألا تغادر البيت، إلا بإذن زوجها فهذا الأمرُ واجبٌ تقابله حقوق كثيرة.
الردُّ الثاني: إن ذهابها بإذن زوجها يضمنُ لها رضا زوجها التام عنها، وفي ذلك أجرٌ لها عند الله تعالى عظيمٌ جداً. ولا يخفى على كل عاقل معنى رضا الزوج عن زوجته وانعكاساته العديدة التي تعودُ على جوّ الأسرة بمزيد من المحبة والألفة والسعادة والسكون.
الردُّ الثالث: لا يصحُّ أن يتصور عاقلٌ أن إذن الزوج كإذن حارس السجن أو سيدّه وأنّ المرأة هي السجين الذي في الداخل، فالعلاقة الزوجية كما يراها الإسلام ويشرعها أرقى من ذلك بمئات الدرجات، فهي حبٌّ وتفاهم قبل أن تكون أي شيء آخر. ثم إن الأذن المطلوب ليس بالضرورة أن يكون صريحاً مباشراً فلربما كان ضمنياً، وتوضيحُ ذلك أن الكثير الكثير من الرجال متفقون مع نسائهم على أن تخرج المرأةُ من بيتها عندما تُريدُ ذلك وتحتاجه دونما حاجة لإذن صريح من زوجها لأنها تعلمُ أنّه لنْ يمانع في ذلك إذا علم أنها خرجت. ولعلّ كلامي هذا لا يقعُ بعيداً عمّا ذكره العلماء في مسألة تشابهُ إلى حدٍ بعيد هذه المسألة ألا وهي "تصرّف المرأة بمال زوجها بعلمه وإذنه الصريح أو السكوتي".
وأعتقدُ أن هذا الإذن الضمني من أكبر الدلائل على انسجام الزوجين وتفاهمهما وعلى مدى الثقة التي بينهما.
ولئن جئنا إلى مزيد من حرية الرأي والتعبير فإنني أرى، من وجهة نظري الخاصة، أن للزوج الحق في معرفة أين تذهب زوجته، ولكن لا حقّ له في أن يمنعها من الذهاب إلا لما منعها منه الله تعالى أو نبيّه بمعنى أن منعهُ لها من الخروج من البيت ينبغي أن يكون مُبرراً له الأسباب المقنعة والدوافعُ المقبولة وإلا فإن ذلك يدلُّ وجودِ حالةٍ مرضيةٍ نفسيةٍ أو اجتماعيةٍ عند الزوج يتوجب عليه أن يعمل على علاجها وبالسرعة القصوى.
سابعاً: يقولُ بعض الغربيين: إنّ من الأدلة على كون المرأة مواطنة من الدرجة الثانية في الإسلام سَيرُها خلفَ زوجها في الشّارع.
الرّد: إن هذا سلوكٌ خاطئ وطريقة خاطئة للسير في الشارع مردّها إلى بعض العادات والتقاليد والأعراف (التي أرى أنها مرفوضة) وليس لهذه الطريقة في السّير في الشارع أيّ حكم شرعي من القرآن الكريم أو السّنة النبوية الشريفة، والله تعالى أعلم.
ثامناً: مما يقلق الغربيين من غير المسلمين فهمهم الخاطئ لقوله عن النساء إنهنّ "ناقصاتُ عقلٍ ودين" وهم يرون أن هذا القول يدلُّ وبشكل واضح على احتقار صريح للمرأة.
الرّد: ليسَ المقصود من ذلك أن المرأةُ أقل ديناً من الرجل أو أن عقلها أصغرُ من عقله لا. ولعلّ ذكرنا للنص الكامل للحديث الشريف الذي أخذت منه عبارة "ناقصات عقل ودين" يوضّح المقصود مِنْهُ تماماً.
فقد أخرج الإمام البُخاري في صحيحه في كتاب (الحَيض) عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله في أضحىً أو فطرٍ إلى المُصلّى فمرّ على النساء، فقال: يا معشر النساء تصدّقن، فإني أُريتُكنّ أكثرَ أهلِ النار. فقلنَ: وبمَ يا رسول الله؟ قال: تُكثرن اللعن وتكفرنَ العشير. ما رأيتُ من ناقصاتٍ عقلٍ ودينٍ أذهبَ للبِّ الرجل الحازم من إحداكنّ. قُلن: وما نقصانُ ديننا وعقلنا يا رسول الله؟؟ قال: أليسَ شهادةُ المرأة مثلَ نصف شهادة الرجل؟ قلنَ: بلى. قال: فذلك من نقصان عقلها. أليسَ إذا حاضتْ لم تُصلّ ولم تَصُم؟؟ قلنَ: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها.
فالمرأة ناقصة دين بالمقارنة مع الرجل أي أن أداءها للعبادات وبالذات الصلاة والصوم أقلُّ وأنقصُ وسببُ ذلك الدورة الشهرية التي تصيبُ المرأة فإنها تُسقطُ عنها الصلاة وتُسقطُ عنها الصوم، ومع أن المرأة مطالبة بقضاء الصوم بعد طُهرها إلا أنها غيرُ مطالبة بقضاء الصلاة وهذا يرجحُ كفّة الرجل على كفّتها في مجال العبادات والتي هي تعبيرٌ عن كلّ ما يُنظمُ علاقة الإنسان بالخالق سبحانه وتعالى.
أما نقصانُ العقل، فليسَ المقصود منه أن الرجل أكثرُ فهماً أو علماً أو ذكاءً من المرأة لا، ولكن الحديث جاءت إشارة لحقيقة علمية أثبتها العلماءُ مؤخراً مفادها أن المرأة أسرعُ في الحفظ من الرجل، ولكنّها أسرعُ منه في النسيان. ولعلّ هذا هو السبب الذي لأجله جعل الإسلامُ شهادة المرأة نصف شهادة الرجل عند الشهادة على العقود أو البيوع وما إلى ذلك، فالمرأة، كما ذكرتُ، أكثرُ نسياناً من الرجل ولهذا كانت شهادته عند العقود والمعاملات تعادل شهادة اثنتين من النساء، قال الله تبارك وتعالى (واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجلٌ وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضلّ إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى… الآية) من الآية 282/سورة البقرة.
ومن نقصان عقل المرأة كذلك أنها أسرعُ في تحكيم عاطفتها من تحكيمها لعقلها. ولأتمّ شرح المقصود الصحيح من الحديث فإنني أراني بحاجة لتوضيح معنى (تكفرن العشير) الوارد في الحديث الصحيح السابق، وقد ورد هذا المعنى أكثرُ تحديداً وتوضيحاً في حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الله ابن عباس - رضي الله عنهما-أن الرسول قال عن النساء: يكفرن العشير و يكفرن الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهنّ الدهر كله ثم رأتْ منك شيئاً قالت: ما رأيتُ منكَ خيراً قط.
تاسعاً: قضية الحجاب:
فكثيرٌ من الغربيين غير المسلمين يتساءلون عن سبب لبس المرأة المسلمة للحجاب ويقولن في التعليق على ذلك: إن نساء المسلمين يلبسن الحجاب، وهنّ مغطياتٌ من رؤوسهنّ حتى أصابع أقدامهنّ وأنّ سبب هذه التغطية هو وجودُ عيوبُ في أجسادهنّ، كما أنّ المرأة المسلمة متقوقعة ومحصورة خلف الحجاب.
الرد الأول: إن المرأة المسلمة تلبسُ الحجاب امتثالاً لأمر دينها الذي يفرضُ عليها ذلك تماماً كما يفرضه دين المسيحية على أتباعه من النساء، فالإسلام لم يكن الدين الوحيد الذي خاطب أتباعهُ بالحجاب بل إن الشريعة المسيحية كانت أسبق منهُ إلى ذلك. والأدلة على كلامي هذا مأخوذة من الإنجيل على النحو التالي:
أولاً: ورد في الإنجيل "العهد الجديد" في رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس الإصحاح 10+11 ما يلي:
• إذا كانت المرأة لا تُغطي رأسها فأولى بها أن تقص شعرها، ولكن إذا كان من العار على المرأة أن تقص شعرها أو تحلقه، فعليها أن تغطي رأسها.
• لذلك يجب على المرأة أن تغطي رأسها علامة الخضوع من أجل الملائكة.
• فاحكموا لأنفسكم هل يليقُ بالمرأة أن تصلي لله وهي مكشوفة الرأس!
ثانياً: ورد في الإنجيل في رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس الإصحاح (2).
وأريدُ أن تلبسَ المرأة ثياباً فيها حِشمة، وأنْ تتزين زينة فيها حياءٌ ووقارٌ، لا بشعرٍ مجدولٍ وذهبٍ ولآلئ وثيابٍ فاخرةٍ، بلْ بأعمالٍ صالحةٍ تليقُ بنساءٍ يعشنَ بتقوى الله.
ثالثاً: ورد في الإنجيل في رسالة القدّيس بُطرس الرسول الأولى للمسيحيين في شمالي آسيا الصغرى، إصحاح (3).
وكذلك أنتنّ أيتها النساء… لا تكن زينتكنَّ خارجيةً بضفَر الشّعر والتحلي بالذهب والتأنّق في الملابس، بل داخلية بما في باطن القلب من زينةِ نفسٍ وديعةٍ مُطمئنة لا تفسد، ثمنها عند الله عظيم.
وفي نهاية هذا الرد الأول أقول: إن أبرزَ الشواهد التي نراها على أرض الواقع والدالة على وجوب لبس النساء المسيحيات للحجاب لبسُ الراهبات له، ولئن كان الغربيّون من غير المسلمين يَعجبون من لبس المسلمات للحجاب فلماذا لا يعجبون قبل ذلك من لبس الراهبات المسيحيات له؟؟
الرّد الثاني: لماذا يؤمن الغربيون من غير المسلمين بأن التعري حرية شخصية ولا يؤمنون بأنّ التغطّي حرية شخصية؟؟ ولماذا تقبلُ بعض الحكومات الأوروبية بوجود ممثّلين للشاذين جنسياً وتجعل لهم مقاعد خاصة في مجالسها التشريعية والبرلمانية ولكنها لا تقبلُ أنْ تدخل طالبة جامعية مسلمة في فرنسا إلى حرم الجامعة إلا إذا خلعت حجابها أولاً؟؟
أوليست فرنسا هي التي أنجبت "فولتير" و "مونتيسكيو" ومعظم روّاد النهضة والتجديد الفكري في أوروبا؟؟ أوليستْ فرنسا هي التي أنجبت الذين قادوا الثورة ودمّروا سجن "الباستيل" واستعلت على جاراتها الأوروبيات بما سادَ فيها من أفكار "الحرية" و "حقوق الأفراد"؟؟؟ أليستْ هي ذاتها فرنسا اليوم التي استوعبت كل أنواع الثورة والتجديد والحرية ولكنّها عجزت عن استيعاب "الحجاب"؟ أم أن الحرية عندهم مفهومة مقبولة إلا إذا مارسها المسلمون؟؟ (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر). (من الآية 118/آل عمران)
الردُّ الثالث: إن التغطية لا يصح أن يُفهم منها الانحصار والتقوقع أو التخلف. لأنها تقعُ على الرأس ولا تقعُ على الدماغ ولذلك فهي لا تمنعُ من التفكير أو الإبداع!!!
عاشراً: يقول الغربيون من غير المسلمين: إن المسلمين يعاملون زوجاتهم بقسوة ويضربوهنّ أحياناً كثيرة فيكونُ الرجلُ هو السيد في البيت وتكون المرأة هي العبد الذي ينتظر العقاب البدني إن عصى الأوامر، حتى أن القرآن الذي يدين به المسلمون قد سمحَ في بعض آياته للرجال بضرب نسائهم.
الرد الأول: إن هذا سلوك بعض الأفراد المسلمين وليسَ سلوك الغالبية منهم وبالتالي لا يصح ولا يجوز تعميمهُ ووصف المسلمين كلّهم به، والأمرُ كما نرى لا يعدو كونه أغلوطة من أغلوطات التعميم المتسرع.
الردّ الثاني: إن هؤلاء الأفراد لا يفقهون معنى الزوجية في الإسلام، وهم بطبيعة الحال لا يصلحون لأن يكونوا أنموذجاً يُقاس عليه.
الردُّ الثالث: الأحكام الشرعية والتعاليم الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ترفضُ كل الرفض وبصورة واضحة وصريحة القسوة في التعامل مع الآخرين وبالذات في التعامل مع النساء، وعلى العكس من هذا التصرف نلحظُ بوضوح حثّ الإسلام على اللطف والرفق في التعامل مع البنات والنساء، ومن ذلك:
1. قال رسول الله : لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنساتُ الغاليات. أخرجهُ الإمام أحمد في سنده.
2. قال رسول الله : إنّما النساء شقائقُ الرجل. أخرجه الترمذي والدارمي وأبو داوود والإمام أحمد في سنده.
3. قال رسول الله : لا يجلدُ أحدكم امرأته جلدَ العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم. أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن زمعة رضي الله عنه في كتاب النكاح/باب ما يُكرهُ من ضرب النّساء.
ولربما يسأل سائل: كيف يصح بعد هذه الأحاديث كلها أن نفهم قول الله تعالى في الآية 34 من سورة النساء (واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ)؟؟ إن المقصود من الآية السابقة، والله أعلم بما يريد، أن النساء المترفعات عن أزواجهنّ التاركات لأمرهم إنما تُعالجُ مشكلتهنّ بالوعظ والكلمة الحسنة الطيبة فإن لم يجدِ ذلك فبالجهر في مكان النوم (المضجع) وإنْ لم يُجدِ ذلك فبالضرب ضرباً غير مؤلم ولا مُهين ولا جارحٍ بل يكون ذلك بأن يضرب الزوجُ زوجته بمنديل أو قميص رقيق ليسَ لذات الضرب ولكنْ لتشعر الزوجة أنها وصلت في عنادها ونشوزها إلى مرحلة تستحق فيها أن تضرب (على النحو الذي ذهبت إليه الأغلبية الساحقة من المفسرين في تفسير وشرح هذه الآية). وقد أخرج البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها: (ما ضرب رسولُ الله امرأةً له ولا خادماً قطّ… الحديث).
حادي عشر: من العبارات الشائعة في بلاد الغربيين (إنْ لمستَ امرأة مسلمة فإنك سوف تموت). أي أن المسلمين شديدو الحساسية تجاه الشرف وأنّ نساءهم يبالغن في قضايا الحياء والخجل ولذلك لا يتخذن الأصدقاء والأصحاب من الرجال.
الردّ الأول: لربّما يشكلُ فهم هذه النقطة نوعاً من الاستغراب أو الاستهزاء في مجتمع كالمجتمع الغربي الذي لا يعني فيه العرضُ والشرف الشيء الكثير، فاتخاذُ الأصحاب والصاحبات والعشيقات يُعتبر متطلباً أساسياً من متطلبات العصر والحياة هناك؛ فإن الأخَ لا يحرك ساكناً ولا يغضب أو يتضايق عندما يرى أخته تخرج مع صديقها كل حين وحين، وكذا الحالُ بالنسبة للأب وللأم فهما يريان أن اتخاذ ابنتهما للأصحاب أمرٌ عادي لا غرابة فيه، بل أبعدُ من ذلك فهم يرون أن الفتاة التي تبلغ سن السادسة عشرة، وليس لها صاحب إنما هي فتاة انطوائية أو معقدة أو تعاني من نقص ما!! ولعلّ الأمر الذي ترفضه فطرة الإنسان الشريف وتستهجنه أن هذه الصحبة والعلاقة إنما تقوم وتنبني على اعتبارات كثيرة خاطئة أبرزها الحرية المطلقة في ممارسة الفتاة للجنس مع من ترغب إذا بلغت سن السادسة عشر، ولا ضَيرَ في ذلك طالما أنه يتمّ برضاها وموافقتها، أضف إلى ما سبق أن القانون في تلك المجتمعات كلّها يوفر للفتاة هذه الحرية ويقوم بحمايتها وبمعاقبة من يتدخل أو يحاول منعها من ممارسة هذه الحرية وهذا الحق الشخصي!!!.
وأظنّ، بعد ذكر هذه المتداخلات الكثيرة، أننا نفهم لماذا يستغرب أهل الغرب من غير المسلمين من حياء المرأة المسلمة و (عذارتها) ورفضها لاتخاذ الأصحاب؛ ذلك أن هذا أمر قلما يألفونه في حياتهم وقلّما يرونه في مجتمعاتهم…
الردّ الثاني: إن الغيرة على العرض والشرف واجبٌ على كل مسلم. ولا تقتصر هذه الغيرة على أختِ المسلم من أمه وأبيه بل تتعداها إلى وجوب الغيرة على عِرض كل فتاة أو امرأة مسلمة في كل مكان حتى أن رسول الله وهو قدوتنا ومثلنا الأعلى كان أغيرَ الناس على عرض المسلمات. وقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث سعد بن عبادة-رضي الله عنه- أن رسول الله وسلم قال: أتعجبون من غيرة سعد؟؟ لأنا أغيرُ منه، والله أغيرُ مني.
الرّد الثالث: إن تعاليم الإسلام للمرأة في هذا الموضوع وما ماثله إنما تضمنُ لها العفة والرفعة على عكس ما نراه في المجتمعات غير المسلمة من استهلاك المرأة وابتذال كرامتها وجسدها وأحاسيسها ومشاعرها.
ثاني عشر: يعيبُ الغربيون من غير المسلمين على المرأة المسلمة كثرة الإنجاب وعدم تحديد النسل.
الرّد: لقد أباحت الشريعة للمرأة أن تتفق مع زوجها على تنظيم الأسرة (تنظيم النسل) خصوصاً إذا كان الحملُ المتتابع يُتعبها جسدياً ونفسياً أو يؤدي إلى مواليد ضعاف أو إذا كان الزوجان يرغبان في المباعدة بين فترات الحمل ليأخذ كل طفلٍ مولود حقه من العناية والرعاية مع وجود النية في الإنجاب بعد فترة زمنية محددة. وقد بحث الفقهاء المسلمون هذه المسألة تحت عنوان "العزل"، وخرجوا باتفاقٍ كامل على إباحته إن كان بتراضي الزوجين وفيه تحقيق مصلحة للأسرة، ولا خطر فيه على الأم ولا على المواليد المرجو قدومهم. وأصل هذه الإباحة مأخوذٌ من حديث رسول الله الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه قال: كُنا نعزلُ على عهد رسول الله فبلغ ذلك نبي الله فلم ينهنا.
وقبل أن أنتقل للحديث عن "تحديد النسل" فإنني أرى أنه من المفيد أن أؤكد على أن الإسلام إنما أباحَ تنظيم النسل بالوسائل المشروعة فقط، ومن الأمثلة على هذه الوسائل:
1. العزلُ: ويقصد به أن يقذف الرجل ماءه خارج فرج زوجته عند الجماع لكي لا تصل النطفة إلى الرحم فيحدث الحمل.
2. استخدام الرجل للعوازل المطاطية الشفافة اللزجة.
3. استخدام المرأة للموانع التي تثبتُ في عنق الرحم (اللوالب).
4. استخدام المرأة للإبر الطبية المخصصة للمباعدة بين فترات الحمل. ما لم يكن في ذلك أي ضرر لجسم المرأة أو خطر قد يلحقُ بها أو بالجنين المتوقع قدومه أو بقدرتها على الحمل والإنجاب مرة أخرى على نحو ما تتسببُ به بعض أنواع الإبر من عقم مؤقت أو دائم أو ما تتسبب به بعض أنواع حبوب منع الحمل من تشويه للأجنة في بطون أمهاتهم.
ويفهم مما تقدم أن الإسلام أباح تنظيم النسل وفق الشروط السابقة واللهُ تعالى أعلم.
أما عن تحديد النسل، والذي يقصدُ به اكتفاء الزوجين بعدد محدد من المواليد مع وجود النية لعدم الإنجاب مرة أخرى دون وجود سبب شرعي ضروري فهو تحديدٌ حرامٌ لا يقبلهُ الإسلام. ولعل رفض الإسلام لتحديد النسل عائدٌ إلى الأسباب التالية:
أولاً: إن من الحكم التي لأجلها شرع الله الزواج، والله أعلم بمراده، الإنجاب وامتداد النسل وتكثير عدد عباد الله ليتمكنوا من عمارتها وإقامة شرعه فيها. وتحديد النسل يناقض هذه الحكمة.
ثانياً: لأن تحديد النسل يتعارض مع الحكمة التي لأجلها اختار الله تعالى هذه الأمة لحمل الإسلام ولنشر الدعوة إليه وتبليغها للناس كافة. وكما هو معلوم فالدعوة إلى الإسلام فرضٌ على كل قادرٍ على القيام بها. ونشرها يحتاجُ لأكبر عدد ممكن من الدّعاة، وتحديدُ النسل، كما نعلم، يؤدي أول ما يؤدي إلى تقليل العدد.
ويُفهم من النقطتين السابقتين حرصُ الإسلام على تكثير أعداد المسلمين، وهذا واضحٌ في قوله : تزوجوا الودود الولود، فإني مُكاثرٌ بكم الأمم. أخرجه أبو داوود في السنن كتاب النكاح.
وفي قوله : تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى. أخرجه البيهقي في السنن.
فتكثير نسل المسلمين إنما هو امتثال لأمر رسول الله وإحياءٌ لسُنّته في الدنيا وإقرارٌ لعين الرسول يوم القيامة ورفعٌ لشأنه أمام بقية الأنبياء والأمم.
ثالثاً: إن في تحديد النسل، على المدى البعيد، حرماناً للمجتمع من الطاقات البشرية الإنتاجية.
رابعاً: إن الأغلبية العظمى من الذين يلجؤون إلى تحديد النسل إنما يدفعهم إلى ذلك الاعتبارُ المالي الاقتصادي الناتج عن محدودية دخلهم أو ضعف إمكاناتهم الاقتصادية. وقد عاب القرآنُ الكريم على أهل الجاهلية منذُ مئات السنوات هذا الفعل المتمثل في قتلهم لمواليدهم خوفاً من الفقر، قال تعالى (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ نحنُ نرزقهم وإياكم، إن قتلهم كان خطئاً كبيراً) (الآية 31/سورة الإسراء) فقد تكفل الله تعالى برزق عباده أجمعين، فهو الخالق الرازق المحيي المميت. وتحديد النسل في عصرنا الحاضر إنما هو قتلٌ للذرية وامتدادُ النسل، ويتمثل ذلك في تحديده وحصره بعددٍ قليل من المواليد.
أضف إلى ما سبق أن كثيراتٍ من اللواتي يقدمن على تحديد النسل لا يترددن في إجهاض أجنّتهنّ إذا حدث وتمّ عندهنّ حملٌ بطريق الخطأ لم يتوقعنه ولم يحسبن حسابه. وقد اتفق الفقهاء على أن الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين يعدّ جريمة وقتلاً للنفس وذلك بعد مضي مائة وعشرين يوماً على الاجتماع بين الزوجين أي بعد تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس. كما أن أغلب الفقهاء ذهب إلى القول بأن إجهاض الجنين قبل نفخ الروح فيه حرام أيضاً وحجتهم في ذلك أن التخليق يبدأ في النطفة بعد أن تستقر في الرحم، ودليلهم على ذلك الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث حذيفة بن أُسيد - رضي الله عنه-أن النبي قال: إذا مرّ بالنطفة اثنان وأربعون ليلة، وفي روايةٍ بضعٍ وأربعون ليلة، بعثَ الله مَلكاً فصوّرها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها.
ولكنّ هناك استثناءات لهذا الحكم الشرعي تفرضها الضرورة؛ أي أن هناك حالات يجوز للمرأة فيها أن تُجهض جنينها فيها ومن ذلك حدوث خطرٍ داهمٍ يتهدد حياة الأم من استمرارها في حمل الجنين الذي في بطنها.
ثالث عشر: يقول الغربيون من غير المسلمين: إن من الأدلة على التمييز والاضطهاد الذي ألحقهُ الإسلام بالمرأة منعها من تولي رئاسة الدولة أو الجهاز القضائي أو الجيش وقد ورد على لسان رسول الإسلام محمد أنه لنْ يُفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة.
الرّد: نعم لقد منع الإسلام المرأة من تولي هذه المناصب الثلاثة الحساسة، ولكن هذا المنع لم يأت هكذا دون فائدة أو حكمة، بل إن له من الحكم الكثيرة ما يُثبت صحة هذا التشريع وفوائده الجمة التي لا تتبدى للدارس أو الناقد إلا بعد حين… ولقد جاء هذا التشريع بعدم أحقية المرأة في تولي هذه المناصب الثلاثة في زمن كانت فيه رئاسةُ الدولة تقتضي أن يكون الحاكم أول من يرأسُ الجيش ويقوده في الحروب وأنْ يكون على اتصالٍ دائم لا ينقطعُ مع الشعب (الرّعية) يتجول في البلاد ويتفقد أحوال الناس ويقفُ على مطالبهم ويعمل على تلبية احتياجاتهم، وكذا الحالُ بالنسبة لقائد الجيش الذي يجبُ أن يكونَ على اتصالٍ دائمٍ مع جنوده في مواقعهم وأماكن تدريبهم وخدمتهم، يُشرفُ على تسليحهم وتدريبهم و تجهيزهم بكل المعدات الحديثة المتطورة… وكذا الحال بالنسبة للقاضي الذي يشترط فيه أكثر ما يُشترط أن يكون مُلماً بأوضاع الناس وأحوالهم في عصره وبيئته ومُحيطه، قادراً على الموازنة بين الأدلة وترجيح المُناسب منها. لهُ رأيهُ السديد وبصيرته النافذة وعينه الناقدة، بعيداً عن الوقوع تحت تأثير مشكلاتٍ المتخاصمين والتعاطف مع أي منهم. ولئن كان منعُ الإسلام للمرأة من تولي أي من هذه الرئاسات الثلاث قد شُرّع في تلك الأيام التي كانت الحياة فيها تتصف بالبساطة وقلة المتطلبات ويُسر العيش فإن منعها من تولي هذه المناصب في أيامنا المعاصرة أولى؛ فأيامنا تتصف بالتعقيد والصعوبة وكثرة المتطلبات والاحتياجات والمشكلات الدقيقة التي لم تخطرْ على بالِ إنسان في العُصور السابقة.
ولمن يعشقون البحث عن الأسباب والدوافع، أقول: إن من الحكم والأسباب التي لأجلها منع الإسلامُ المرأة من تولي هذه المناصب ما يلي:
أولاً: تعرّض المرأة للدورة الشهرية (الحيض) وما يتركه ذلك عليها من آثار تعب جسدي ومن اضطراب وعصبية وبالذات في بداية الدورة؛ فلربما تُقدم المرأة، إن كانت رئيسة للدولة، وهي في ظرفٍ كهذا على اتخاذ قرارٍ غير سليم وغير متوازن لربّما يكلّف الدولة ثمناً باهظاً. أضف إلى ذلك أن ظروف الدولة (وبالذات السياسية والعسكرية والاقتصادية) قد تفرضُ على الرئيسة اتخاذُ مثل هذا القرار وهي في مثل هذه الحالة، فتكون النتيجة ما لا يُحمد عُقباه…
ثانياً: لربّما تجبرُ هذه الظروف ذاتُها رئيسة الدولة على اتخاذ مثل هذا القرار أثناء ولادتها وما يُرافقها من آلام وعُسرٍ واضطراب.
ثالثاً: نفاسُ المرأة (تواصل نزول الدم منها بعد الولادة) الذي قد يطولُ ويطول يحولُ، وبشكلٍ واضحٍ، دون ممارستها لمهامها كرئيسة للدولة مما قد يوقعُ الأمة في الفوضى أو الاضطراب، خصوصاً وأنّ هناك مُعارضة (مفترضة الوجود) تنتظر انتكاسها أو سقوطها لحظة بلحظة. والكلُّ يعلم أن نائب الرئيسة (المفترض الوجود هو الآخر) لن يقدر بحال أن يحل مكانها أو ينوب عنها في اتخاذ القرارات التي تمسّ وجود ومصير الأمة.
رابعاً: قد تصلُ المرأةُ إلى رئاسة الدولة في سنٍ متأخرة ينقطعُ فيها عنها الحيض، على نحو ما ذُكر من أعمار النسوة القليلات اللاتي استلمن مقاليد السلطة في القرن الماضي، وهذا السن (سن اليأس) من شأنه أن يؤثر على سلامة قراراتها وذلك راجعٌ إلى اختلاف التركيبة النفسية والعاطفية والجسدية للمرأة في هذه السن. ولئِن قال قائل: إن هناك مجالس تشريعية وبرلمانية عُليا ودُنيا تُعينُ رئيسة الدولة على اتخاذ القرار وتعمل على تصويبها فإنني أقول: إن هذه "البرلمانات" والمجالس في الأغلب الأعظم لها صفة الشورى بالنسبة للحاكم وليس لها سُلطة مُلزمة له؛ أي أن الرئيسة في حالة اختلافها مع مجلس الشورى أو النواب، تفعل ما تريده وما يحلو لها دون أن يقدروا على منعها.
خامساً: إنْ كان غيرُ المسلمين يؤمنون بصحة وصواب تولي المرأة لمنصب رئاسة الدولة ويُؤمنون بحكمتها وقدرتها على إدارة مثل هذا المنصب والنجاح فيه فلماذا إذاً لم يصل لهذا المنصب في بلادهم سوى عدد قليل من النسوة لم يتجاوز العشر سيدات خلال الألفيّ سنة الماضية؟؟؟ إن هذا العدد القليل جداً يعكسُ بكل صراحة ووضوح أحقية الرجل في تولي هذا المنصب ويزيدُ من مصداقية وصواب التشريعات الإسلامية.
سادساً: إن كثيرين من الجنود يرفضون الانقياد لأوامر امرأة ترأسهم، وهذا الرفض نابعٌ من فطرة الرجل وطبيعته؛ فهو يرفض الانقياد لامرأة تحكمه.
سابعاً: إن كان غيرُ المسلمين يؤمنون بصحّة وصواب تولي المرأة لمنصب قيادة الجيش، فلماذا إذاً لم تصل أي امرأة لمثل هذا المنصب في بلادهم خلال الألفي سنة الماضية؟؟؟ لماذا لا نرى في بلادهم رئيسات لسلاح الجو والطيران؟! لماذا لا نرى في بلادهم رئيساتٍ لسلاح البحرية؟؟ لماذا لا نرى في بلادهم الطيّارات العسكريات؟ لماذا لا نرى في بلادهم النسوة اللاتي يتولين قيادة السفن الحربية والغواصات؟؟ لماذا؟؟؟ لأن القرآنُ حقٌ وما خالفهُ باطل… لأنه ما ينطقُ عن الهوى، إنْ هوَ إلا وحيٌ يوحى… لأنها فطرة الله التي فطر الناس، لا تبديل لخلقِ الله…
ثامناً: إن المرأة المسلمة أشد حياءً من الرجل، وقد يدفعها استغلال البعض لهذا الحياء أو قيامهم بتخجيلها وهي قاضية إلى إصدار أحكام غير سليمة وذلك بهدف إرضائهم أو إسكاتهم.
تاسعاً: عاطفة المرأة وتركيبتها النفسية تجذبها للوقوع تحت تأثير مشكلات الناس المتخاصمين ومعاناتهم والتعاطف معهم، وهذا كله يؤثر على سلامة أحكامها كقاضية تعملُ على حل مشكلات الناس.
عاشراً: إن عدم تقنين العقوبات بشكل كافٍ في أيامنا يزيدُ من صعوبة الأمر بالنسبة للمرأة عند توليها القضاء. كما أن المشكلات التي لم يأت بحكمها نصٌّ شرعي آخذةٌ في النمو والازدياد وخصوصاً في أيامنا هذه.
حادي عشر: ألم يخطر ببال أي من هؤلاء غير المسلمين، الذين ينادون بتولية المرأة هذه الرئاسات الثلاث الحساسة، أن يسأل نفسه: لماذا لم يجعل الله النبوة في النساء؟؟؟ ولماذا حصر اللهُ تعالى النبوة في الرجال وحدهم دون النساء؟؟ أعتقدُ أن الأسباب (1-9) السابقة كافيةٌ للإجابة عن هذا السؤال. واللهُ تعالى أعلمُ بمراده وهو تعالى أعلمُ حيث يجعلُ رسالته…