بينما نحن جلوسٌ بأمانِ الله، إذ طلعَ علينا رجلٌ عبيطٌ بحمّالاته، نعرفه جميعاً ولا يجهله منا أحد!
فقيلَ لنا: أتعرفونه؟
قلنا : نعم، هذا إبراهيم عيسى، ومعه شلّة حسب الله، فما الذي جمعَ المتعوسَ على خايبِ الرَّجا؟
فقيلَ : قد أنشأوا مركزاً أسموه تكوين!
فقلنا: وما يُريدون؟
فقيلَ: جاؤوا يخترعون لكم ديناً!
ستُحدِّثكم حمّالةُ الحطبِ التي كانت معهم سافرةً أن الحجابَ ليس واجباً على النّساء، وأن الإيمانَ في القلبِ، وأننا لا نعلمُ من أقرب إلى اللهِ الراقصة على المسرحِ، أم تلك التي تسعى بين الصّفا والمروة! وأن التي تلبس البكيني على الشاطىء قد تكون أكثر إيماناً من تلك المنتقبة التي تنتقل كالخيمة في الطُّرقات! هذا تعبيرها وهذا منطقها!
أنتَ ليس عليك أن تدخل في قلوب النّاس، إياك أن تُشكك في إيمان الزاني وشارب الخمر وآكل الرّبا، ولكن هم لهم أن يُشككوا في إيمانك ولو كنت واقفاً في المحراب! أنت لا تعلمُ ما في قلوبِ النّاس ولكنهم يعلمون ما في قلبك!
سيُحدّثونكم أن الأحاديثَ مكذوبة، وأنه لا شيء اسمه السُّنة، وأننا لا نحتاجُ أبا حنيفة ومالكاً والشافعيّ وأحمد، ولكننا نحتاج إسلام البحيري لنفهم القرآن كما أُنزل!
سيُحدّثونكم أن السيرة حكايا مُختلقة، وأن الإسراء والمعراج أسطورة، وشقُّ القمر خُرافة، ستخرجُ سجاحُ من بينهم لتتساءل: لمَ لمْ تدعُ خديجة بنت خويلد بناتها من زواجها قبل النبيِّ صلى الله عليه وسلم هنداً وهالة إلى الحجاب!
لم تكن تعلم أن هنداً وهالة ابنا أبي هالة هما أولاد ذكور ولسنَ بناتاً، وأن ظاهر الاسم قد يخدعُ الجاهل، فينقلبُ السّحر على الساحر!
سيُحدّثونكم أنّ الرّبا ضرورة اقتصادية!
سيحدّثونكم أنّ خمر اليوم ليس هو خمر الأمس، هذه مشروبات روحيّة، اشربْ وحلّقْ!
سيحدّثونكم أنّ كلّ المؤمنين بأديانهم سيدخلون الجنة ولو عبدوا الفئران والبقر!
سيحدّثونكم أنه لا شيء يُثبت أن قرآن اليوم هو ذاته القرآن الذي أُنزل!
سيحدّثونكم أن الصلاة مجرّد حركات وأن الإيمان في القلب، فصلِّ بقلبك كما شئت!
سيحدّثونكم أن الإنسانيّة دين فاعتنقوها ثم اعتنقوا بعدها ما شئتم من الأديان، وحين يختلفون معكم سيبيحون قتلكم وسحلكم، المخالف لهم لا تنطبق عليه شروط الآدميّة!
عندما انتهى أبو بكر الجزائريّ رحمه الله من باب إثبات وجود الله، كتبَ كلاماً اقشعرَّ له بدني، قال: اللهمّ إن شفيعي عندك، ووسيلتي إليك في العفو عني، ما علمتَه مني من شعور بالحياء والخجل وأنا أُدلل عليكَ، وأبرهن على وجودك، وأنت الظاهر الذي لا تخفى، والموجود الذي أوجدَ الوجود!
وأنا أيضاً يا رسول اللهِ كالجزائريّ أعتذرُ وآسفُ أنه قد جاء يوم احتجتُ فيه أن أكتب لمسلم عن الإسلام، عن بعثتكَ وعصمتكَ وسُنتكَ وشريعتك، وليس لي من عزاءٍ غير قولك: فليُغيّره بيده!
أشهدُ أنّ السنوات الخداعات التي أخبرتنا بها قد أتتْ!
وأشهدُ أنّكَ هيّأتنا!
وأشهدُ أنكَ رسول الله!