ملاك في وجه النار والثلج - ملاك في وجه النار والثلج - ملاك في وجه النار والثلج - ملاك في وجه النار والثلج - ملاك في وجه النار والثلج
على عجل ترجلت من سيارتي قاصدا جدران بيت تقيني زمهرير برد يطاردني كظلي وسقف يستر رأسي المتصحرة من لسع حبات المطر
ترددت طويلا قبل ان اخلع ملابسي لأستبدلها بأخرى فوخز البرد قد اصاب اطرافي حتى ظننت انها خرجت من الخدمة وما عادت تؤدي وظائفها المعتادة.
فركت يدي تراقصت مكاني وانا لا أجيد فن الرقص، استجمعت قواي ونجحت اخيرا فيما أردت.
طلبا للدفء اعددت لنفسي قهوة حملتها بلطف الى جانب سريري، القيت بنفسي على السرير فأصدر صريرا حادا وكأنه يئن من وجودي ويلعنه ،تدثرت بغطاء سميك، اشعلت سيجارة وعاجلتها بجذب نفس عميق من احشاءها المشتعلة اتبعتة بجرعة كبيرة من القهوة لعلها تسكت عواء البرد المسافر في اعماقي.
حسناً فعلت فقد بدأت الحياة تدب في أوصالي والدفء يغازل اطرافي المنهكة من شدة البرد.
كعادتي أدرت التلفاز على وجهتي المفضلة وبدأت اشاهد
قتل،مات،انتحر،فجر، دمر، شرد، قصف، غدر.
تباً لهكذا أخبار من الألف إلى الياء دامية.
قلت لنفسي ما من جديد وهممت باغلاق التلفاز والفرار من لون الدم للنوم عساه يحمل حلم أبيض.
آخر مشهد رأته عيناي كان لطفل ملاك يقف بثبات عجيب تحت وابل من رقاقات الثلج المنهمر
لم ترتعد فرائصه كما فعلت،بدا لي عملاق يكبر ويكبر ويكبر وانا امامه قزم، قزم في رجولتي، قزم بأنانيتي المفرطة بهروبي الجبان ، قزم بحجم رقاقة ثلج لم يعرها انتباها وهي تهوي تحت نعليه.
صغرت في نظر نفسي كما صغرت في عينيه.
لعنت الجدران والسقف
لعنت القهوة والسيجارة وبائع الأخبار والتلفاز وما التحفت.
:
أيها الملاك الطاهر البريء علمني كيف اتغلب على ضعفي
علمني كيف أكون بحجم عينيك،بحجم نعليك.
علمني كيف أحترم نفسي علمني أيها الصنديد قصائد العزة التي رضعت.
شردوك والسماء تمطر حمم نار وثلج
حلق السماء يختنق بطائرات حقدهم
وجه الأرض يشتعل بنار همجيتهم
حتى شرق الجرح بالدم
ووحدك من بقي شامخا في وجه أعاصير النار والبرد أسطورة
كيف فعلت...؟
في عينك ألف لعنة ولعنة تطاردنا مع كل نفس يشق طريقه فينا
قزمتنا بل أبنت حقيقة نجاهد ان نخفيها
أنا نمور ورقية لا قيمة لها
بالت عليها ثعالب الروس أمام ناظريك.
كنا قديما نحاول الرسم بقلم الرصاص على أوراق بيضاء كانت مجموعة في دفتر واحد يطلقون عليه دفتر الرسم .
قليلون جدا منا من فهم الدرس جيدا وانطلق بعدها خاطا وراسما ما حلا له على تلك القطعة الناصعة البياض ، وكا ن يرفض أن يرسم على قطعة علاها شيء يخدش بياضها ، حتى منهم من احترف ذلك وأبدع ، وصار الرسم عنده مهنة يعتاش منها.
كنا قديما ، وصرنا اليوم جميعا نحترف الرسم بالدماء على كل الأشياء إلا على دفتر الرسم الأبيض..
ومضينا نتراشق الكلمات بقطرات الدماء.
كل ذلك يحدث في ذات الوقت الذي يقف فيه ذلك الطفل عاريا من كل الأشياء إلا من الكرامة ومن الرجولة ومن الثياب التي تستر ما تبقى له من جسد يحاول به أن يشكل معنى آخر للحرية التي احترقت بلده بالكامل لأجلها.
يا هذا !
أي طقوس للدقة والوصف بهذا التفصيل في لغتك ؟!
يعجبني في قلمك كله دون أن أترك شيئا منه لفرصة أخرى ، لأنني على يقين بأنني سأعجب به أكثر في المرة المقبلة.
كل ذلك يحدث في ذات الوقت الذي يقف فيه ذلك الطفل عاريا من كل الأشياء إلا من الكرامة ومن الرجولة ومن الثياب التي تستر ما تبقى له من جسد يحاول به أن يشكل معنى آخر للحرية التي احترقت بلده بالكامل لأجلها.
سنة ولت وأخرى أطلت برأسها
والفتى يتأرجح على خط واهي بين الحياة والموت
سنة والصبي ينجو من حمم الراجمات والقاذفات
سنة والصبي يصحو على ميعاد بالحياة ولكن ليس معها
سنة والصبي المعجزة يعبر البرد ,يدوس الحر ويبصق الخريف أملاً بالربيع الذي لم يأتي
سنة ولت وأخرى أطلت والوجع ما زال وجع.
يا هذا أتراه كفر بنا
أتراه يعبأ بمرور الأيام وتعاقبها كما نفعل
اتراه احتفل بقدوم رأس سنة مدبب دك عنق ليله بصاروخ حقد فمزقه أشلاء أم تراه ودع رأس سنة عجفاء أذاقتة من الويلات ما جعل عيناه متحجرة كأحجار براقة نفيسة بلا حياة
أقسم وأجزم أن الألم الساري في جسده كتيار صاعق أفقده الإحساس بمن فارق وبمن أتى فكيف لمثله أن يحصي الأيام.
هل زاره حامل الهدايا وإن فعل فماذا أهداه
أتراها حزمة حطب أم برميل موت أسقطه عليه من علياء السماء
:
للصبي لا زلت توجعني