إلى الذين أسرفوا في غيّهم .. الأعراب الذين شرذموا الأمّة العربية .. و كانوا التيْس المستعار لسفارات الكيان الصهيوني في الدول العربية .. و الذين يشرعون أسنانهم الجرادية تقريظاً في وحدة الأمة حتى وصلوا إلى شرعنة الإحتلال لفلسطين بصفقاتهم المعهودة ...
الوشم على ساعد الشاب .. الذهب في عنق الصبيّة .. البرواز المطرّز في صدر البيت .. الجنّة المحفورة في القلب و الأرض الثابتة مكانها .. كاملة واحدة واقفة كرسم لوتد في الخريطة .. تثبت اليقين أو تُقطّع الأفّاقين ...
فلسطين بكل ترابها التاريخي .. بشفتها البحرية الحمراء في أم الرشاش .. حتى جيدها الأبيض في الناقورة .. مشنشلة بجواهر التاريخ و الأسطورة من حيفا و عكا و يافا و غزّة .. بكامل القلاع الثابتة كتضاريس حورية من هضاب عسقلان و جبل الخليل و قمّة المكبر و تلال الجليل و بطن مصقولة بسهل إبن عامر .. سُرّتها ناصرة المسيح .. دمعتها طبريا و عينها القدس .. و الأغوار مكمن وجهتها درب الفدائيين الأوائل .. تاجها الجولان و ماستها لبنان .. حضنها عماد المسيح و شرفتها الواد المُقدّس طوى ...
فلسطين التي لا تُغتال .. لا تموت بالسُمّ و لا يزوّرها الوهم .. فلسطين التي دانت رقاب ملوك لقدميها .. و جاعت إمبراطوريات لتشرب من عذبها .. وقف ( تحتمس الثالث ) مرتاعاً من أرض اللبن و العسل و السُمّ الزعاف لجيشه الأسطورة .. حافراً على جدران قبره كيف لم يتسع بسببها قصره ( محاربو البحار البالستيون ) .. رجال أشدّاء قلوبهم عامرة .. مراسهم لم يلن .. لكن أرض اللبن و العسل كانت تستحق كل هذا ...
على عنقها الذي يرفع حضارات و يُذلّها تكسّرت رقبة ( نابليون ) .. و لرفعة بابل حارب فيها ( نبوخذ نصّر ) .. و بيراعها خطّ ( حامورابي ) شرائعه ...
من بحرها خرج اللون الأوّل .. أرجوانياً فاقعاً خالداً كنعانياً .. من بطنها الأخضر طلع ( هانيبعل ) مُذلّ روما و مُخرّب شوارعها .. فاتح أيبيريا و إفريقيا و رافع مجد كنعان من طرابلس الشرق إلى طرابلس الغرب و حتى شواطىء إسبانيا و تُخوم الألب .. موّحد العرب الأول من سوريا إلى المغرب .. و مدشناً البحر الأبيض بحيرة كنعانية أو تكاد ...
لفلسطين الكنعانية السورية العربية .. إمتداد دالية اليمن و عنقود الشام .. إنتهاءاً بيمّ الصحراء و إرتفاع الكُفّ تحت عرش الله .. تِيه ( آدم ) و إسترخاء ( حوّاء ) .. هجرة ( إبراهيم ) و ترانيم الجلجثة .. خيبة ( موسى ) و الصفعة على خد ( هارون ) .. شُهرة الخُرافة في ( سليمان ) و حكمة ( داوود ) المُلفّقة .. مغارة ( لُقمان ) و عريشة ( هاشم ) .. شجرة ( دانيال ) و أيكة ( شُعيب ) .. لؤم ( سارّة ) و ليل ( هاجر ) البشارة .. مرآة ( يوسف ) و مربط خيول الله المحمّدية ...
لشواطئها الممتدة من غزّة إلى الإسكندرون .. لعمقها المنسوج من كنعان و آشور و بابل و آرام و سومر يدين مجد ( هيلاس الأوّل ) .. الهمج الشُقر زُرق العيون .. بلاد الصخور العالية و أشجار الزيتون المهاجرة .. آكلوا هوام الأرض العذراء .. حتى لقّحها ( محاربو البحر ) و شيّدوا فيها مناجم الحضارة و البطولة .. من أسبارطة العسكر إلى أثينا الحكمة كانت الخلاصة الإغريقية من حبوب الطلع ( البالستية ) ...
خمرة فتح ( إسكندر ) و هزيمة ( كوروش ) .. كآبة ( ريتشارد ) و مهد ( فيليبوس ) .. لعنة ( اسخريوط ) و عرش ( حيرد ) و سحر ( المجوس ) ...
مائها خمر و حنظلها عنب .. عرش آلهة و أساطير .. سفناً و قلماً و لحن .. فرساً و رمح و لون .. وثنيون و ملحدون و موحدون ...
إنها فلسطين يا مساقط السرخسيات .. الشجرة الأفنان .. الأيكة الممدودة من كف الله .. بدء الكلمة و سدرة المنتهى ...
الذكورة فيها فداء .. سريرها صليب .. و الموت لأجلها قلائد الرجال ...
الأنوثة منها أضلاع البروج .. الرحم فينوس حبلها السري ديمومة الإنتماء .. و القطع حد الخائن .. النفس عبق التاريخ .. همس ريح تقتلع الخيم و الشقوق صراخهن و النظرات أزميرلدية .. لا يضيرهن من خان أو عادى من ورائهن و لا نفخ الوزع على نارهن ...
فلسطين الأكبر الأعلى .. المصعد إلى الله و دوّامة الملائكة .. الولادة فيها بشارة و الإنتماء إليها فكرة .. و فهمها عصعص البعث في الحضارة ...
مشيمتها لو تعرفون غطاء الخيبة .. و قصعة الدول .. تاريخها ليس برج إسمنت مصعده غريب .. إنتمائها ليس جواز سفر .. و لا تنفث من مؤخرتها الغازات .. و لا آبارها سواد ...
إنها الحضارة الحاضرة أعلى على الفهم من الأعراب العابرة .. شوكها خبز تطحنه طفلة و تصيّره بعرقها العجوز عجين .. و أين يرقص الحسّون تنفجر عين و تولد على شطّها حور عين ...
قُرّيصها صابون .. حُمّيضها ليمون .. شُبّيطها حُريّقها و مُرّيرها حلقوم ...
زعترها عطر .. ميرميتها صلاة فجر .. صبارها أسوار .. تينها قناديل ليل .. ليمونها أقراص النحل .. بلحها و حام مريم و اليانسون نكهة عطر ...
يا سُقّط البشر .. السحالي على أفخاذ البعير .. مثل فلسطين كمثل جبل قاف .. ثباتها لم يكن يوماً رهيناً لتلال الرمل .. فلسطين الشمس لا ينفع معكم دونها ستار ...
أما من خان .. أما من باع .. من ألقت عليه العهد و هو زنيم فما هو إلا السخام على مرجل نارها .. فتمسّحوا منه و له .. فإن النهر لم يجف و اليمّ يموج و النار عمودها أعلى .. و لله فيها كان أوّل من كفر و صلّى ...
كلمات الرائع .. محمد لافي الجبريني ...
كتبها عندما قُدمت خارطة فلسطين مُجزأة مُقزّمة في إفتتاح دورة الألعاب الرياضية في قطر ...
أهديها لهم مرة أخرى هم و الفراعنة .. في ظل تخاذلهم و خنوعهم و صمتهم و دعمهم لحرب الصهاينة على غزّة العزّة ...
إلا من رحم ربي ...