عندما ينمو زهر الحنون يشتد احمراراً واخضراراً في المدى الأبيض والحبيبات السوداء يكون هناك قد نبت علم فلسطين
قصص الشهداء هي ليست لهم بل لنا نحن الذين لا زلنا صغار امام تضحياتهم امام بطولاتهم امام دمهم
هذه زاوية ستكون مخصصة لتخليد شهدائنا الأبرار من خلال سرد قصص استشهادهم والمشاهد الآخيرة من حياتهم
يا إلهي ...ما أروع هذه المقدمة وما أروع المضمون وما أروع التالي ...
أين نحن أخبرينا يا أخت القضية ...أخبريني أين أنا من هؤلاء ... انهم غصن الزيتون الواقف للأبد في وجه الريح و الظلام ... انهم اخر كرامتنا و آخر شرفنا ...
انهم اخر الحروف الطاهرة "شهداء" ...
انهم الأحياء و نحن هنا أموات أموات أموات ...
فقد قال تعالى : " وَلاَ تَحسَبَنَّ الَّذِينَ قتِلوا فِي
سَبِيلِ اللهِ أَموَاتًا بَل أَحيَاءٌ عِندَ رَبِّهِم يرزَقونَ "
فارس عودة (1985 - 2000) طفل فلسطيني قتلته نيران الجيش الصهيوني قرب معبر كارني في قطاع غزة بينما كان يرمي الحجارة خلال الشهر الثاني من انتفاضة الأقصى ويذكر هذا البطل الصغير بكونه تصدى لدبابة إسرائيلية بحجارته الصغيرةوأثارت هذه الصورة المجتمع الدولي وتصدرت صفحات الصحف والمجلات العالمية حينها.
قال الصبي فارس عودة 15عاما لأصدقائه قبل موته انه يريد ان يصبح شهيدا للقضية الفلسطينية، وكان له ما أراد، فقد قتل برصاصة أطلقها جندي يهودي وترك ينزف حتى الموت قتل فارس في شهر بعد بضعة أسابيع فقط من عيد ميلاده الـ15، غير ان هناك صورة نادرة ستظل تخلد ذكراه يظهر فارس في هذه الصورة بجسده النحيف وقامته القصيرة يرتدي سترة واسعة وهو ينحني الى الوراء لقذف حجر باتجاه دبابة إسرائيلية لا تبعد عنه سوى حوالي 15 ياردة فقط.
اصبح فارس أسطورة فلسطينية ورمزا للشجاعة تكن له كل الاطراف التقدير، كما ان التلفزيون الفلسطيني يردد اسمه باستمرار اما الملصقات الكبيرة التي تحمل صوره، فتنتشر في كل مكان من الأحياء الى جدران معسكرات اللاجئين في قطاع غزة وعلى جنبات مباني مكتب الضفة الغربية ة قطاع غزة.
تقول انعام عودة 40 عاما، والدة فارس، ان قلبها ينفطر عندما ترى صورته لكنها تؤكد انها فخورة به وانها تعتبره بطلاً لأنه كان يقف متحديا أمام دبابة وتضيف انعام انها عندما ترى أقرانه عائدين من المدرسة لا تتمالك نفسها وتنفجر باكية وتتابع وهي تبكي بصوت منخفض انها قالت لجيرانها انها تخشى ان يكون فارس قد استشهد للا شيء وتخشى ان يعود كل شيء الى سابق عهده ويكون كل ما حدث انها فقدت ابنها.
انضم فارس الى كوكبة الفتية الفلسطينيين الذين قتلوا في الانتفاضة مثل محمد الدرة الذي قتل في 30 سبتمبر أيلول برصاص القوات الإسرائيلية وهو يحاول الاحتماء بوالده، ويتوقع البعض ان يخلد اسم فارس للأبد كرمز للشجاعة والبطولة لم تطأ قدما فارس أي مكان خارج حدود غزة، كما لم يسمعه أحد وهو يتحدث في السياسة كان فارس يحب الدخول في المخاطر، فقد قفز مرة لمسافة ثمانية أقدام من سطح منزله الى منزل ابن عمه المجاور وفي الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت في 28 سبتمبر أيلول الماضي وجد فارس أكبر مخاطرة كان يتسلل من المدرسة بعد الحصص الصباحية ، وعندما لا يكون هناك قتال مع القوات الإسرائيلية في نقطة نتساريم المعزولة مع الجنود الإسرائيليين يتجه صوب نقطة عبور كارني التي يسيطر عليها الإسرائيليون أرسل مدير المدرسة مذكرات الى والديه، وكان والده يعاقبه على التغيب عن المدرسة اما والدته، فكانت تبحث عنه في مواقع الاشتباكات وكثيرا ما وجدته في الخطوط الأمامية على بعد امتار فقط من القوات الإسرائيلية والدبابات مع بضعة صبية هم الأكثر شجاعة أو الأكثر تهورا، أو الاثنين معا.
وتقول والدة فارس انه كان يتمنى الاستشهاد، مؤكدة انه لم يكن يحب الشهرة، بل على العكس من ذلك، إذ انه كان يخشى التصوير والظهور أمام الكاميرات خشية ان يراه والده ويعاقبه على ذلك وتضيف انها أعادته الى البيت يوما من وسط الاشتباكات وقالت له إذا كنت تريد ان تشارك في الرشق بالحجارة فلا مانع لكن من الأفضل ان تتخذ ساترا ثم لماذا انت دائما في المقدمة متقدما حتى على من هم أكبر منك سنا، إلا ان فارس رد بأنه لا يخاف.
وحاول والده، فائق، كل ما في وسعه فلم يضرب فارس فقط، طبقا لما روته أمه، بل ضربه بعنف لإلقاء الحجارة كما ان فائق، وهو طاه في مطعم، حبس فارس في حجرته لكنه تمكن من الهرب عبر النافذة ونزل مستخدما أنبوب المجاري وفي أول نوفمبر تشرين الثاني وبعد شهر من المصادمات قتل شادي، ابن عم فارس الذي التحق بالشرطة الفلسطينية، في مواجهات في غزة وقالت انعام ان فارس عندما سمع بما حدث اقسم على الانتقام لموته وذهب الى جنازة شادي ووضع صورة له في إكليل الزهور وقال ان هذا الإكليل سيكون إكليله أيضا.
وفي ساعات متأخرة من الليل كان والدا فارس يتحدثان بهدوء في حجرتهما وذكر والده انه يشعر بالخوف على فارس وتتذكر انعام انها كانت تقول أخشى من حدوث شيء سيئ وكان الأولاد يتوقفون أمام المنزل لتحذير انعام ان فارس ذهب مرة اخرى الى معبر كارني لقذف الحجارة وازداد قلقها خاصة انه كان يأكل القليل ويقضى يومه يتسلل وسط نيران الأسلحة، واصبح هزيلا للغاية .
وتقول من المؤكد انني ذهبت للبحث عنه اكثر من 50 مرة، ذهبت في أحد الأيام ثلاث مرات وكنت اجلس، أحيانا، لتناول طعام الغداء، وقبل ان ابدأ الأكل يحضر بعض الأولاد ويقولون ان فارس في كارني يلقي الحجارة واترك معلقتي واهرع للبحث عنه وقتل فارس في 9 نوفمبر في معبر كارني بعد عشرة أيام من التقاط الصورة الشهيرة له وهو يقذف دبابة اسرائيلية بحجر فقد أطلق عليه النار وهو ينحني لالتقاط حجر، طبقا لما ذكره أصدقاؤه ـ بالقرب من دبابة إسرائيلية، ولم يتمكنوا من سحب جثته الى سيارة إسعاف لأكثر من ساعة وأعلن المستشفى وفاته لحظة وصوله .
بالنسبة للفلسطينيين فارس بطل، شجاع، ونموذج ولكن ليس بالنسبة لامه التي قالت وهي تبكي فارس كان صبيا يحبني محبة شديدة دمه يساوي الكثير جدا .
تقول انعام عودة والدة الشهيد فارس عودة لقد اصبح فارس اكثر تعلقا بي قُبيل استشهادة فقد كان اذا عاد من المدرسة ولم يجدني يبحث عني في كل ارجاء البيت او عند الجيران وقد قال لي يوما في وقت عودتي ارجوك لا تخرجي فأنا لا احب دخول البيت دون ان تكوني فيه
في يوم استشهاده قبل ذهابه للمدرسة ذهب الى اخيه المعاق وقد قام بتحميمه وحضر له الأفطار وكانه يودعه بذلك وذهب بعده الى المدرسة لم يحضر من موادها سوى ثلاث حصص ثم عمد الى الجدار يريد التسلل للخارج ويحث صديقيه للذهاب معه ويحاولان ثنيه عن لرأيه فقال لهم من اراد الذهاب معي هيا ومن لم يرد فليبقى كالجبناء فذهب صاحبيه معه واشتدت المواجهات والتي كان فيها في مواجهةالدبابة الإسرائيلية في ثبات فاصطاده رصاصة قناص صهيوني حاقد سقط فارس فحاول اصدقاؤه اسعافه لكن الدبابة الحاقدة كانت لهم بالمرصاد كلما اقتربوا ضربتهم واذا ابتعدوا توقفت حتى تأكدوا من موته
يقول احد اصدقاءه لوادة فارس ستبقى حسرة في قلبي ما حييت لقد استشهد فارس امام اعيننا ولم نستطع ان نقدم له شيئاً حتى محاولة اسعافه حرمنا منها
مش عارف شو أحكي ,,, والله رجل بشعب كامل
ابن الخامسة عشر من العمر ,,, أظنه يعي أن الحجر لن يفعل شيئا أمام الدبابة ,,, لكن هو يعي تماما ما تفعل الإرادة مقابل الترسانة
نضب الحبر من محبرتي ,,, بل تخرج الكلمات حمما من حنجرتي
كل ما نادت فلسطين ,, تلقى رجال المخلصين ,,, من عياش ومحيي الدين وفارس عودة وأمثاله
يحيى عبد اللطيف عياش (1966_ 1996) لم يكن يحيى عياش إنساناً عادياً ولا شخصاً محدود القدرات والمواهب بل كان رجلا صلباً مؤمناً ورعاً تفيض نفسه بالإيمان وتعمر روحه بالصفاء والنور والتقوى
برع يحيى عياش في صنع المتفجرات والعبوات الناسفة واستطاع إبتكار طرق مختلفةللتفجير وإجادة التحرك والأختفاء, إنجازات المهندس التي انهكت الإحتلال واجهزته الأمنية جعلته المطلوب رقم واحد للإجهزة الأمنية الصهيونية والتي طارده خلال 5 سنوات ومما ساعد يحيى عياش على التحرك هو ان الصهاينة يعرفون يحيى عياش كأسم فقط ولا يعرفون شكله لذلك عمد الصهاينة الى مراقبة بيت اهله عله يأتي لزيارتهم يوما ولكن رغم هذه الحرية كان يحيى حذراً جدا
مرات كثيرة انجى الله يحيى من الموت في حي القصبة في نابلس او في حي الشيخ رضوان في غزة
تسلل يحيى عياش الى غزة بعد ان كان وجوده في الضفة يمثل خطراً كبيراً عليه وقد تبعته زوجته بعد فترة قصيرة حيث كانت اقامته عند صديق دراسته اسامة حماد والذي بقي عنده حوالى 6اشهر لم يكن اسامة يعلم ان خاله كمال حماد عميلا للموساد الإسرائيلي عندما اخبره ان يحيى عياش في بيته اقنع كمال حماد ابن اخته اسامة بالعمل لديه في شركة القاولات التي يملكها وبعد فترة احضر له هاتف نقال وقال هذا من اجل العمل , كان يحيى عياش بدوره حنونا على واليه فلم يطق صبرا واعطاهم رقم الهاتف الأرضي لبيت اسامة حتى يتسنا لهم الحديث معه والإطئنان عليه ولان الشبكات كانت سيئة تخلى يحيى عن حذره واعطاهم رقم الهاتف النقال , قبل اغتيال يحيى عياش باسبوع طلب كمال حماد الهاتف من اسامة بحجة ان الهاتف بحاجة الي تصليح فما كان من اسامة الى اعطاءه اياه
3_1_1996 كان موعد وصول عبد اللطيف الأبن الثاني ليحيى الى الدنيا وقد كان بالمصدفة في زيارة الى زوجته وقد ولد الصغير على يديه و صباح يوم الجمعة 5_1_1996 اتصل كمال حماد باسامة وقال له لمذا تغلق الهاتف النقال هناك عميل يريد التحدث اليك واراد والد يحيى مهاتفة ابنه للتهنئة بالمولود الجديد اتصل على الهاتف الأرضي فردت عليه زوجة وما ان اخبرها انه والد يحيى عياش حتى قطع الأرسال فعاود والد يحيى الأتصال على الهاتف النقال وهذه المرة رد عليه اسامة فاخبره ان يحيى نائم وسيوصل الهاتف له في الحال اوصل اسامة الهاتف الى يحيى واخبره انه والده واستدار اسامة للخروج من الغرفة بعد دقيقة سمع صوت انفجار وشيء رطب على ظهره وعندما استدار وجد يحيى وقد تهتك دماغه وطارت اصابع يديه وهو لا زال جالسا في سريره اصاب اسامة بالذهول وسارعت الأذاعة الإسرائيلية بأذاعة الخبر الذي وقع كاصدمة على الشعب الفلسطيني خاصة من كانوا يسكنون الى جوار يحيى ولم هويته الى بعد الإغتيال كمال حماد بدوره سارع الى الهروب الى امريكا تاركا كل مشاريعه خوفا من نقمة الناس التي هاجمت بيته حال معرفتها انه السبب
مات يحيى لكنه يبقى في القلوب يكبر ويعيش يجعل الأصرار فينا مقاومة مات يحيى ولكن بقي ما علمنا اياه كيف نعشق الوطن وكيف نصنع الحرية
الله عليك يا وطن
أبو البراء حكاية أمة وليس حكاية شعب واحد فقط
كنت أظن أني المتيم الوحيد في هذه الشخصية إلى أن اعتمرت عنه فقرأت لأحدهم موضوعا رأيت فيه أنه قد حج عن الشهيد بإذن الله يحيى عياش ,,, عندها علمت بأن عياش بأمة وليس بشعب