عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-2011, 01:45 PM   رقم المشاركة : 1
مي هديب
غير مسجل/ ضيف
رقم العضوية : 
افتراضي رداً على كلام في فلسفة العصيان المدني.. لمحمد لافي

رداً على كلام في فلسفة العصيان المدني.. لمحمد لافي - رداً على كلام في فلسفة العصيان المدني.. لمحمد لافي - رداً على كلام في فلسفة العصيان المدني.. لمحمد لافي - رداً على كلام في فلسفة العصيان المدني.. لمحمد لافي - رداً على كلام في فلسفة العصيان المدني.. لمحمد لافي

في العدد 713 الصادرة لهذا اليوم 8/3/2011 في جريدة الوحدات، كتب محمد لافي تحت عنوان كلام .. في فلسفة العصيان المدني، ولي عدة نقاط على المقال سأحاول قراءتها ضمن رؤية مغايرة.

النقطة الأولى:
في لمحة تاريخية سريعة استعرضت المقال نشأة اللاعنف أو العصيان المدني ضمن الرؤية الغاندويية، كما أرى تسميتها، بمقابل عدم طرح العنف الثوري، وهو المنطوي تحت لواء الفكر اللينيني الماركسي في إدارة الصراع وحصره في حركات التحرر ضد التدخل العسكري الأجنبي، بينما فكرة العنف الثوري التي نادى بها لينين " فلادمير إليياتش أوليانوف " فهي ملخص التجربة البعدية التي خاضها المثقف الإيطالي في صراع المجتمع الإيطالي فيما عرفه غرامشي بالمثقف العضوي، وهو صراع قادته البلشفية ضد المنشفية حتى تقرر ديكتاتورية البرولتاريا، وطبعا نحن هنا نتحدث عن نشأة مصطلحين، وليس نشأة الفعل نفسه.

أما عن نشأة الفعل نفسه فهي أبعد زمنيا وتجريبيا على المستوى الإنساني من كلا الشخصين لينين كان أو غاندي، بما يؤتي إلى الرجوع إلى الحراك الثوري الذي قاده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته وفي نهايتها، فهو بدأ باللاعنف أو العصيان المدني من خلال الدعوة في سنين بعثته ومن خلال خلق حراك مدني رافض للواقع، وترقية المجتمع من بدواته إلى تكريس مفهوم المكان الحضاري بشكل أو بآخر، لذا فنحن إن كنا نتحدث عن نتائج العنف واللاعنف فنحن نجده في التاريخ مكرراً ذاته ليس ضمن العجلة كما قال بها إبن خلدون، بل ضمن التراكم والخلالية في التنظير الماركسي عند كارل ماركس أو الوجودي عند جان بول سارتر.

النقطة الثانية:

هناك تقليل من دور اللاعنف أو العصيان المدني وترجيع الأمور إلى واقع تراجع الإستعمار الكلاسيكي المتمثل في بريطانيا العظمى في الحالة الهندية، بما يشعر القارئ بأن المهاماتا غاندي كان من دعاة السلام المجرد مع آخرين دون التطرق إلى فلسفته في طرح العصيان المدني أو اللاعنف وهنا ولننصف الرجل نقول أن المهاماتا غاندي تمثل فيما يلي من إنجازات ورؤى وهي:

- كان معظم رفض اللاعنف من المهاماتا غاندي موجهاً للأمة الهندية بالقدر الأول قبل الإحتلال الإنجليزي المتمثل في بريطانيا العظمى، فهو كرس كثيراً من وقته كي يرفض دعوات الإنفصال التي قدمها سلوك الاحتلال على طبق من ذهب وغذاها داخل صفوف الأمة الهندية، خلال سني إحتلاله المباشر.

- أثمرت ثورة غاندي عن عدة نتائج هي فكرية بالدرجة الأولى وهي مقدمة لأي مقاومة توجه ضد التدخلات الأجنبية في الأمة الهندية وكانت النتائج كالتالي:

1- إعادة الثقة إلى أبناء الجالية الهندية المهاجرة وتخليصهم من عقد الخوف والنقص ورفع مستواهم الأخلاقي.
2- إنشاء صحيفة "الرأي الهندي" التي دعا عبرها إلى فلسفة اللاعنف.
3- تأسيس حزب "المؤتمر الهندي لنتال" ليدافع عبره عن حقوق العمال الهنود.
4- محاربة قانون كان يحرم الهنود من حق التصويت.
5- تغيير ما كان يعرف بـ"المرسوم الآسيوي" الذي يفرض على الهنود تسجيل أنفسهم في سجلات خاصة.
6- ثني الحكومة البريطانية عن عزمها تحديد الهجرة الهندية إلى جنوب أفريقيا.
7- مكافحة قانون إلغاء عقود الزواج غير المسيحية.

- لم يرفض المهاماتا غاندي العنف في المقاومة فهو القائل أيضاً بموازاة اللاعنف "إنني قد ألجأ إلى العنف ألف مرة إذا كان البديل إخصاء عرق بشري بأكمله" وهنا نجد أن المهاماتا غاندي في دعوته للاعنف لم يركز على المحتل بقدر ما كان يخوض في الضمير الجمعي للشعوب الخارجية، وهي أدوات يستطيع أي مثقف أن يعزف عليها في الخارج.

ربما من خلال كل ذلك نجد أن المهاماتا غاندي كان رجل استشرافياً في عمله، ينظر إلى أبعد مما هو واقفٌ عليه، ويعلم الواقع جيداً ويعلم كم يستطيع أن يصمد في وقته ولكن كان يعلم تماماً كيف يعبر عبر الأجيال لتشكيل هوية أمة هندية ترفض التدخل الأجنبي وتحاول بناء دولة بعيداً عن هيمنة، وهذا بحد ذاته كان نتاج نهائي لثورته، ولو بعد حين؛ بالمحصلة لا يوجد هناك من أي ثورة قادرة على حصد النتائج في سنين معدودة، فهي تحتاج زمنها ووقتها الطبيعي والأصيل حتى تصل إلى مبتاغاها، وللأسف فإن كاتب المقال تعامل مع الحالة الهندية بنفس القدر الذي تعامل فيه كارل ماركس مع الحالة الشرقية العمومية من خلال الدراسات الاستشراقية وكان مثالي لا مادياً في حديثه عن الشرق والصراع الطبقي فيه.


النقطة الثالية:

كل العاملين في السياسة لديهم مجموعة أحلام، وهم إن وصلوا إلى حراك تعدى بنائهم الأساسي إدعوا بأن هناك حراك جماهيري يأخذ بفكرتهم، ويتعاطى معها، وهذا بحد ذاته حراك ينتقل عبر التاريخ بسبب الممارسة الفوقية للعمل السياسي، الإدعاءات المثالية التي لن يوجد من سيدعي غيرها، فمن غير المعقول أن يأتي مثلٌ للرجعية العربية ويخاطب الجماهير ويقول لها أنا سأقمعكم، بل سيقول أنا الحرية، أنا الأخلاق، أنا أي شيء فضفاض وهذا ما يعيب القيادة السياسية من معارضة وموالاة، وهي إشكالية الطرح الغير واقعي، وربما لأن عدم النضج السياسي يجعل من العاملين في مجال السياسة يرفعون شعارات عريضة ليست على قدر من ملامسة الهم الفردي والجمعي، وبقولك أن حالة الثورتين المصرية والتونسية قد ذهبت إلى إيجاد مجموعة تريد التنظير إلى العصيان المدني فأنت تمحو تاريخاً بطريقة أو بأخرى مارس خلالها الطرفين مجموعات من أشكال اللاعنف والعصيان المدني في شعارات بسيطة وواقعية وملامسة لفهم الجماهير قارءة كانت أو غير ذلك؛ ولست أفهم لمَ ذهبت لفرض التلبس بالأمركة الثقافية على كلتا الثورتين، فنحن إن أردنا أن نستوعب مفهوم الحراك المدني نجده في الثورات الأوروبية والتي من المنطق هي أقرب إلينا من أمريكا في تأثيرها الثقافي والتناص الثقافي السائد، بحكم القرب الجغرافي وبحكم الحكم العسكري السابق، بحق أود أن أجد مجموعة إجابات لديك عن النقاط المطروحة، لأنها تدفع بالقارئ العادي للتفكير بأن هناك يدٌ عليا أكبر من الجماهير في خلق حراكها الشعبي الذاتي لرفض الواقع وتغييره، ضمن منطلقات لا علاقة لها بواقعها الثقافي، وكأن الحرية والمساواة والعدل والكرامة هي مفاهيم تنحصر ممارسة على شعوب دون أخرى.