يقترب موعد انطلاق قطار مباريات دوري المحترفين لكرة القدم، والفرق تسابق الزمن وتتحدى الصعوبات، وفي مقدمتها الأزمة المالية التي ترخي بظلالها على جميع الأندية، فيما تتباين الأهداف والطموحات في المنافسات، وكذلك في سلوكها نحو التسلح بالصفقات المحلية والأجنبية، وأخرى تعول على أبنائها وما تملك من خامات، أو ما أفرزته فرق فئاتها العمرية من مواهب، لتجد الاختلاف يفرض نفسه على ميزان الاستعدادات تأهبا لخوض غمار منافسات الدوري، والتي تدور رحى جولاتها في الثامن من نيسان (إبريل) الحالي.
واعتبارا من اليوم وعلى مدار 3 حلقات، سيتم استعراض تحضيرات 4 من فرق دوري المحترفين.
الوحدات.. شخصية البطل
الوحدات الذي يظهر بشخصية البطل، وهو الذي يرفع لواء الدفاع عن لقبه المتوج به في الموسم الماضي، عمد إلى إرساء قواعد الاستقرار في جهازه الفني بقيادة عبدالله أبو زمع، وجهازه الطبي ولاعبي الفريق بنسبة 85 %، وعزز خطوطه ببعض الصفقات المحلية والمحترفين، حين استقطب لاعب العقبة ولاعبه السابق أحمد هشام، ولاعب شباب الأردن خالد عصام، ونجح في تجديد عقود لاعبيه المنتهية، إلى جانب استقطاب المحترف اللبناني أحمد زريق الذي شاركه منافسات درع اتحاد الكرة، حين حل فيه "الأخضر” وصيفا للوافد الجديد فريق الجليل، وبحث عن تدعيم مقدمته الهجومية، بصفقة اللبناني سوني سعد مؤخرا، ومحتفظا بورقة المحترف السنغالي عبد العزيز نداي، والأخير ساهم كثيرا بفوز فريق الوحدات بلقبي درع اتحاد الكرة، ودوري المحترفين، وتوج هدافا للدوري برصيد 17 هدفا في الموسم الماضي، في الوقت الذي خرجت العديد من الأسماء بداعي الإعارة، لاسيما شاهر شلباية إلى فريق السلط، ثائر سمرين إلى العقبة، فيما أنهى عقود سليم عبيد، يزن ثلجي والمحترف السوري فهد يوسف بالتراضي.
ولعل الهزة القوية التي تعرض لها فريق الوحدات في الموسم الحالي، حين تنازل عن لقب درع اتحاد الكرة للوافد الجديد فريق الجليل بفارق ركلات الترجيح بعد التعادل 1-1، في انطلاق الموسم الجديد، جاءت في وقتها لاستيقاظ منظومة فريق الكرة، من النوم على "سرير” الثقة الزائدة لدى أغلب نجوم الفريق، ولانطلاق نحو واقع جديد ملؤه الاجتهاد والعمل، لاستعادة قوة البطل، ورتب أوراقه سريعا خاصة في ظل انطلاق بقية المسابقات المحلية، لاسيما كأس الكؤوس في الرابع من نيسان (إبريل) المقبل، والدوري في الثامن في الشهر ذاته، والدفاع عن سمعة الكرة الأردنية، حين يمثلها في أقوى المنافسات القارية على مستوى الأندية، وخوضه غمار التحدي الكبير في دوري أبطال آسيا، ومقارعته السد القطري، النصر السعودي، والفائز من العين الإماراتي وفولاذ الإيراني، ضمن المجموعة الرابعة التي تقام مبارياتها في السعودية خلال الفترة 13-30 الشهر الحالي.
"الهزة” القوية، وسخط الجماهير الوحداتية، استوعبتها الهيئة الإدارية والجهاز الفني في جلسة طارئة، وتم استثمارها لرفع معنويات لاعبي الفريق وتأنيبهم، ودفعهم على طريق نفض غبار الترهل، والبحث عن إسعاد الجماهير الوحداتية بشتى الطرق، ليبدأ فريق الوحدات مرحلة جديدة من الاستعدادات وخوض العديد من المباريات المحلية، وإن بقي "شبح” الضائقة المالية يخيم في كل مكان، وهو ما دعا الجهاز الفني إلى الاستعاضة عن المعسكر الخارجي الذي كان مقترحا في الإمارات، إلى معسكر داخلي سرعان ما تم إلغاؤه لذات الأسباب المالية، ليمشي الفريق رغم الصعوبات بثقة على طريق الطموحات المحلية والخارجية.
"المارد الأخضر” الذي ينظر من عيون جماهيره، كغيره من الأندية الجماهيرية، والتي لا ترضى إلا برؤية فرقها على منصات التتويج، وهو الذي يمضي إلى مصالحة جماهيره، بالبحث عن لقب كأس الكؤوس في مباراة استهلالية الموسم أمام الجزيرة يوم الأحد المقبل، وبعدها يخلد للراحة في ثلاث جولات بسبب مشاركته القارية، حين يستهل مشواره في الجولة الرابعة بمواجهة الجليل عند الساعة العاشرة والنصف من مساء الرابع من أيار (مايو) المقبل على ستاد عمان الدولي، وينشد الطيران على "أجنحة” المعنويات العالية بضم لقب كأس الكؤوس للمرة 14 في تاريخه، للهبوط على أرض العودية بثقة وتفاؤل لممثل الكرة الأردنية أمام خيرة الأندية العربية والقارية.
الوحدات الذي عاش ظروفا مالية صعبة، حرمته من الاستعداد المثالي على خلاف ما ظهر عليه في الموسم 2020، حين استعد بمعسكر الإمارات، ما يزال يتسلح بثقة الفريق الأكثر جاهزية، بحسب ما تضمه صفوفه من لاعبين محليين ومحترفين من الخارج، وإن تدرب بالفترة الماضية بصفوف منقوصة، بسبب وجود 7 من لاعبيه في المنتخبين الأولمبي والأول، عانى من رفض الأخيرين من إعطائه لاعبيه، ليستعد بصفوف مكتملة للاستحقاقات المحلية والخارجية، إلا انه يتسلح بوقفة أنصاره وجماهيره العريضة، والثقة بقدرات لاعبيه للمرور نحو أهداف الموسم الكبيرة محليا وقاريا.
الجزيرة.. آمال ومنغصات
يظهر فريق الجزيرة مستندا على جدار عراقته المنيع، وما قدمته القلعة الحمراء للكرة الأردنية من نجوم وإنجازات على مدار تاريخ طويل وحافل، ورغم المنغصات التي حفرت الكثير من الموانع في طريق استعداداته المثالية لاستحقاقية كأس الكؤوس أمام الوحدات، ودفع طموحاته لتجاوز حاجز الوصافة الذي اصطدم فيه بالموسم الماضي، ووقف عنده في مرات عديدة بالسنوات الأخيرة، لاسيما حين صدر قرار التحفظ وحجز ممتلكاته، وما صاحبه من إضراب جماعي للاعبين عن التدريبات مطالبين بمستحقاتهم المالية، ولم تثن تلك التحديات الصعبة والضائقة المالية الخانقة، أبناء الجزيرة أو كما يحلوا لجماهير الكرة الأردنية تسميتهم بـ”الشياطين الحمر”، بالنهوض بقوة واستئناف تدريباتهم بعد انقطاع، والبحث عن موطئ قدم لهم على منصات التتويج المحلية رغم أنف الظروف المعقدة.
الآمال الجزراوية تواجه المنغصات والصعوبات، ليمضي مركب الجزيرة بقيادة "الربان الماهر” الوطني أمجد أبو طعيمة، وهو القابض على جمر بدوافع الانتماء للقلعة التي قدمته لاعبا في ميادين الكرة الأردنية، رغم عدم استلامه لمستحقاته منذ فترة زمنية ليست بالقليلة، ويقود أبناءه في سباق مع الزمن للوصول إلى الجاهزية المطلوبة، مع بدء العد التنازلي لاستحقاقه الأول المتمثل بمباراة كأس الكؤوس، معولا على ثقته بلاعبيه لتأكيد المقولة: "الإنجاز يولد من رحم المعاناة” في ملاعب الكرة المحلية.
يتكلم فريق الجزيرة بلغة الاستقرار، والانسجام بين لاعبيه المتواجدين بنفس الحلة منذ الموسم الماضي، وإن كان فقد قبل انطلاق مسابقة درع اتحاد الكرة، محترفيه الليبي عبدالعاطي العباسي والبرازيلي ليو والسوري أحمد ذيب، وكذلك ركائزه المحلية لاسيما حارس المرمى نور بني عطية لانتهاء إعارته من الفيصلي، واحتراف نجمه محمود مرضي، ويئن تحت مطالب أندية المقدمة في ضم أبرز نجومه كل من نور الدين الروابدة، عبدالله العطار، إلا أنه عازم على الاحتفاظ برموز كتيبته بحثا عن واقع تنافسي، وألقاب محلية طال انتظارها بالرغم من ملامستها في أكثر من موسم.
ولعل الاستقرار يبرز أحد اهم الأسلحة لدى فريق الجزيرة ومديره الفني
أبو طعيمة، رغم أن استعداداته لم تكن مثالية، على خلاف ما شهده الموسم الماضي، إلا أنه نجح في تقديم توليفة منسجمة ومتناسقة بين عناصر الشباب والخبرة، ولديها الكثير من الحلول على أرض الملعب، دفاعيا وصناعة ألعاب وهجوميا، ورغم معاناته بالموسم الماضي من ذات المأزق المالي، وتفاقم مشاكله التي أدت إلى وجود هيئة إدارية مؤقتة لإدارة شؤونه، إلا أنه برز رقما صعبا في المنافسات المحلية، وقدم الجزيرة كرة سلسة وشاملة، وبقي على بعد خطوات من المنافسة على لقب الدوري، قبل أن يفقد بوصلة الانتصارات في الأمتار الأخيرة، وهو ما يدفع جماهير النادي الوفية إلى إطلاق العنان لطموحاته بالموسم الكروي الجديد، رغم ظروف النادي والفريق الصعبة، بهدف ظهور الجزيرة منافسا عنيدا على الألقاب المحلية للموسم الحالي.
سحاب يسلك مسارين
سحاب الذي نجح على تجاوز ظروفه الصعبة في الموسم الماضي، خرج من عنق "زجاجة” الهبوط، والبقاء بين أندية المحترفين لموسمين متتاليين لأول مرة في تاريخه، يوجه خطته الفنية بقيادة المدير الفني المجتهد إسلام ذيابات، نحو منافسات المحترفين عبر مسارين متوازيين، أولهما نحو الظهور المشرف بما يليق باسم النادي، وتقديم مستوى جيد بين "الكبار”، والثاني يتلخص في بناء فريق يخدم النادي لسنوات، يعتمد على ما يقدمه النادي ومدينة سحاب من مواهب كروية، وينطلق من تجربته الناجحة إلى حد كبير-على حد تعبير المدرب ذيابات-، في منافسات درع اتحاد الكرة حين اعتمد على عدد كبير من اللاعبين الواعدين، إلى جانب 3 أو 4 أسماء من الخبرة، وظهر الفريق بشكل يبشر ببناء قاعدة متينة من البيانات الفنية، تمهيدا لتنفيذ فكرة الإحلال والتجديد على أرض الواقع لفريق سحاب.
واستفادت منظومة نادي سحاب الإدارية والفنية من تجربة الموسم الماضي، وما واجه مسيرة النادي من أزمات مالية عصفت بطموحاته، وأربكت حساباته حتى في ترتيب أوراقه للموسم الحالي، خاصة في ظل الأزمة المالية العامة التي تضيق الخناق على أندية المحترفين، وزادت تبعياتها في ظل جائحة كورونا، ما جعل المنظومة السحابية تنفذ حقيقة المثل القائل "على قد لحافك مد رجليك”، في تجديد عقود لاعبي الفريق الذي يضم أسماء خبرة وواعدي فئات النادي العمرية.
وتبرز العديد من الأسماء المعروفة في تشكيلة فريق سحاب لخوض غمار المنافسة في دوري المحترفين، لاسيما حارس المرمى محمد خاطر وأشرف المساعيد (من السلط)، سليم عبيد (من الوحدات)، وسام دعابس (من معان)، يزن دهشان (من الأهلي)، والتعاقد مع المحترف الإنجليزي رايان ويليان الذي يلعب بالمركز (9) خلف المهاجم، إلى جانب اسمائه المعروفة التي يتقدمها ابناء النادي أحمد أبو جادو، ويزن النعيمات، فيما يفتقد جهود لاعبه سالم الزيود الذي أجرى عملية الرباط الصليبي مؤخرا، فيما كان من أبرز العناصر التي غادرت صفوفه، خلدون الخزام، أسامة سريوة، محمود البصول، إبراهيم الخب، محمود الحوراني، حيدر الجعافرة، رأفت الربيع، وحاتم أبو خضرة.
البقعة… البحث عن الذات
يبحث فريق البقعة –القديم الجديد في منافسات المحترفين-، عن ذاته مرتديا ثوب "الحصان الأسود” الذي عرف به طوال سنوات تواجده بين الأضواء، وإن غادرها مكرها قبل موسمين، إلا أنه عاد بقيادة متخصص الصعود إلى الأضواء، المدير الفني للفريق إبراهيم حلمي، الذي وجد نفسه مكبلا بذات الظروف المالية التي تكبل تحركات وطموحات أندية المحترفين عامة، ويزداد قيدها خنقا لاحلام البقعاويين نحو المنافسة وتعزيز الصفوف، تبعا لخضوع نادي البقعة تحت وطأة قرار الاتحاد الدولي بمنعه من التعاقدات تبعا للشكاوى المرفوعة بحقه من مدربين ولاعبين محليين وأجانب خلال سنوات سابقة.
البحث عن الذات، أحد الأسلحة التي يشهرها ربان سفينة "البقعة” حلمي، الذي وضح رؤيته مع فريق البقعة بمباركة مجلس إدارة النادي، بالبحث عن الثبات والتشبث بنقاط كل مباراة من مباريات الدوري، متجها إلى انهاء مرحلة ذهاب المحترفين بأقل نزيف من النقاط، ما يمنح إدارة النادي وقتا إضافيا لترتيب أوراقها المالية، وسداد ما عليها من التزامات والبحث عن إنهاء قرار منع النادي من التعاقدات، بما يدفع الفريق الى تعزيز صفوفه بحسب المراكز التي يحتاجها، والتي تدعم حظوظ الفريق بتحقيق هدفه المعلن بالثبات وتجديد عقده لموسم آخر مع "المحترفين”.
ويرفع البقعة في منافسات دوري المحترفين للموسم الحالي، شعار "صنع في البقعة”، محافظا على ذات الشكل من اللاعبين، ومتوقفا عند أفضل العناصر في فئاته العمرية "15 و17 سنة”، لإكمال توليفته من اللاعبين، ضمن تكلفة مالية لا تزيد على 15 ألف دينار، تغطيها إلى حد كبير دفعات اتحاد الكرة، في الوقت الذي يراهن فيه البقعة على انخفاض معدل أعمار لاعبيه، وحماسهم وحيويتهم وما يملك من واعدين في المنتخب الأولمبي، واسماء الخبرة المعروفة في صفوف الفريق، ويمر في استعداداته التي يرتفع فيها مؤشر الأداء من مباراة ودية إلى أخرى، ويحاول تنفيذ معسكر داخلي خلال الأيام المقبلة، يزيد من جهوزية الفريق نفسيا وبدنيا فنيا، مع بدء العد التناولي لانطلاق قطار مباريات المحترفين.